سودانايل:
2025-05-21@02:05:19 GMT

نظرة سوسيولوجية لتجربة محمد الأمين الفنية

تاريخ النشر: 17th, November 2023 GMT

فُجِع غالب أهل السودان برحيل الفنان محمد الأمين، فقد ظل الأستاذ ومنذ زمن طويل نجم لامع في سماء الإبداع الغنائي.. ويكاد المرء يشعر بتفرد أعماله الغنائية من حيث الكلمات والألحان الموسيقية. فهو واحد من قلة قليلة من المغنين الذين ينطبق عليهم مصطلح موسيقار Musician ذلك لأنه يمتلك خاصية فريدة في التلحين وصياغة الجُمل الموسيقية، فضلاً عن إجادته العزف على آلة العود.

. فكما كان نجم للحفلات العائلية (الأعراس) فقد كان أيضا حتى قبيل إندلاع حرب أبريل الغشوم (فنان شباك) وقد كانت حفلاته العامة تشهد حضوراً جماهيرياً طاغياً من مختلف الفئات العمرية والخلفيات الثقافية.
سيظل إرث الأستاذ الموسيقي واللحني محط إهتمام دارسو الموسيقى من الأجيال القادمة على درب الأكاديميا... غير أنه يظل محل إهتمام تخصصات أكاديمية أخرى فمن منظور علم الإجتماع على سبيل المثال، فإن الأستاذ يشكل مادة لدراسة ظاهرة المبدع الملتزم بقضية الفن وما يحمله الفنان من رسالة تنويرية وجمالية ووطنية ومن قيم تسهم في المعمار الثقافي الكلي لأمة قيد التشكل.. فبرغم أن كاتب هذا المقال لديه مآخذ على موقف الأستاذ السلبي من ديكتاتورية نظام الإنقاذ، بل ومؤاخذة حارقة في أنه لم يحتف حتى بسقوطها الداوي في أعظم ملحمة ثورية في تاريخ السودان الحديث قياساً بما قدمه من إبداعات ملهمة عند سقوط الديكتاتوريات الفجة في أكتوبر 1964م ومارس - أبريل 1985، ومع ذلك يمثل الأستاذ الراحل ظاهرة فنية مبدعة وملهمة في آن معاً... فهو إنسان مجد وملتزم بمعيار يكاد يتطابق بمستوى الكلمات إن كانت تخاطب الوجدان رومانسياً أو تدفع نحو ذلك الشعور الطاغي الذي يحرك الإنسان للتحرر من اغلال الديكتاتورية فهو يجهد نفسه في أن تجد تلك الكلمات قوالب لحنية تناسب معانيها.. وفي ذلك جانب مهم من نجاح تجربة الأستاذ الفنية غير أن هنالك جانب أكثر أهمية في البُعد المجتمعي وهو معنيٌ بالشكل والمظهر العام، فالأستاذ كشخصية فنية لم يكن يظهر إلا في هندام كلاسيكي محترم يليق ويتناسب ومكانته كأحد أبرز وجوه الغناء السوداني في الوقت الذي حافظ فيه على الهيئة التي خلقه الله بها. وهنا قد تبدو مفارقة غريبة أن يكون الفنان أصلع الرأس. (فالصلعة) عند أهل الفن وخاصة المغنين تشكل لهم هاجساً ومنغصاً وخصماً على شكل الإطلالة التي يرومون الظهور بها أمام جمهورهم.. غير أن الأمر عند الأستاذ أبو الأمين فيما كان واضحا لم تشكل له هاجسا وفيما يبدو أنه لم يحفل بها كما حفل بتقديم نوع راقي من الفن.. وهذه واحدة من أهم الدروس الصامتة التي قدمها الأستاذ لأجيال الفنانين من بعده... فقد أخذ نفسه بمنهج صارم لتقديم نفسه كما يحب أن يراه الناس فناناً مبدعاً ملتزماً رسالة مجتمعية ترقى وترتقي بالذوق العام.
إن سيرة ومسيرة هذا المبدع من المنظور السيوسولجي تُقاس بما أحدثه من أثر وما خلفه من إرث تحتفي به الأجيال في تعاقباتها التاريخية المتصلة وهذا ما أفلح فيه الأستاذ أبو الأمين تماماً إذ يمكن النظر الي أن من أُعجبوا بفنه هم جيل آباء وأجداد اليوم ممن كانوا شباب في عقود الستينات والسبعينات والثمانينات وأبناؤهم من الجيل الصاعد الحالي الشباب الذين يتزاحمون على حفلاته العامة. وعند تعاقب الأجيال بتوارث الإعجاب والمحبة بأثر مُلهِمات الفنان الغنائية تتجمع روافد الخلود والبقاء بسر إلهي غريب في مسيرة لا نهائية، لا يقطع إنتظام سريانها الرقراق إرتحال الفنان المبدع من الوجود فتتحقق فيه مقولة (الراحل المقيم).
على عموم الأمر وسط الهرج والمرج الذي أخذ يتسيّد الساحة الفنية من ظهور يحتفي بوجه الفنان وتسريحة شعره، وكم الزخارف والكريمات والمساحيق التي تضفي على البشرة لوناً غير ذلك الذي فُطرت عليه، وعمليات الحَقْن تبرز معالم غير تلك التي ورثها الشخص من جِبلّته وأجداده الأولين المُستكنّة في شفرتهم الوراثية... فالفنان أو الفنانة على عهد الهرج والمرج السائد يتحور أو تتحور في غضون أعوام معدودة لهيئات مختلفة هيهات أن تفرز منها صاحب أو صاحبة الوجه الأصلي عند ظهوره/ها الأول.. في حين أن تطور المسيرة الفنية لهم لا يكاد يُرى له أثراً إلا بما يُقاس بملْكَةٍ غاية في البؤس قوامها هزُّ الأجساد وتسميم الأرواح.
د.محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عمان الأهلية تنظّم ورشة عمل حول (البلوك تشين) بالتعاون مع مركز الأمن السيبراني لإتحاد الجامعات العربية

#سواليف

نظّم #مركز_الأمن_السيبراني في #جامعة_عمان_الأهلية، بالتعاون مع مركز الأمن السيبراني في اتحاد الجامعات العربية، وبالشراكة مع عدد من المؤسسات الأكاديمية والصناعية المحلية والدولية، ورشة عمل متخصصة بعنوان:
“Blockchain, Cybersecurity, and Machine Learning: Strategic Synergies”
وذلك خلال الفترة من 14 إلى 15 أيار 2025 في فندق موفنبيك – عمّان.
جاءت هذه الورشة ضمن رؤية الجامعة الاستراتيجية الهادفة إلى ترسيخ مفاهيم التكنولوجيا الحديثة، ومواكبة التحولات المتسارعة في سوق العمل الرقمي، حيث ركزت على استكشاف آفاق التكامل بين تقنيات البلوك تشين، والأمن السيبراني، وتعلم الآلة، ودورها في معالجة التحديات المتزايدة في البيئة الرقمية العالمية.
وأُقيمت الورشة برعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور ساري حمدان، وشهدت حضوراً واسعاً من ممثلي جامعات محلية ودولية، إلى جانب نخبة من المتخصصين والخبراء من مؤسسات صناعية وتكنولوجية مرموقة.
وافتُتحت الورشة بكلمة ترحيبية ألقاها الأستاذ الدكتور محمد القطاونة، عميد كلية تقنية المعلومات في الجامعة، رحّب خلالها بالمشاركين من مختلف القطاعات، مشدداً على أهمية هذه اللقاءات في تعزيز تبادل الخبرات والتجارب، وبناء جسور تعاون بين القطاعين الأكاديمي والصناعي.
وتولّى تنظيم وإدارة الورشة كلا من: الأستاذ الدكتور محمد القطاونة والدكتور أحمد الشمايلة والدكتور مالك العيسى.
فيما أدار جلساتها كل من الأستاذ الدكتور عبد الرحمن حسين والدكتور أحمد الشمايلة، حيث اشتملت على سلسلة من المحاضرات والنقاشات المتخصصة، قدّمها نخبة من الأكاديميين والخبراء، منهم: الأستاذ الدكتور أحمد الدبعي والأستاذ الدكتور محمد القطاونة والدكتور أحمد الحياصات والدكتور مالك العيسى والمهندسة نداء الشافعي والمهندس آدم القرعان والسيد أكرم أبو الفيلات.
وفي ختام الورشة، تم تكريم عدد من الجهات الداعمة والمشاركين المتميّزين، من خلال تقديم دروع تقديرية، تعبيراً عن الشكر والتقدير لإسهاماتهم الفاعلة في إنجاح هذا الحدث العلمي المتخصص.

مقالات ذات صلة تكريم كلية التمريض في عمان الأهلية باحتفالية مستشفى الاستقلال 2025/05/18

مقالات مشابهة

  • صنعاء.. مناقشة عدد من المشاريع الخدمية والإجراءات الفنية لتطوير الأداء بالمحافظة
  • رئيس جامعة أسيوط يترأس لجنة اختيار عميد كلية علوم الرياضة بالجامعة
  • رئيس جامعة أسيوط يترأس لجنة اختيار عميد كلية التربية الرياضية
  • رئيس جامعة أسيوط يترأس لجنة اختيار عميد كلية الخدمة الاجتماعية
  • مؤتمر "الإبداع والهوية - صوت الشعوب".. في احتفال القومي للمسرح والموسيقي والفنون الشعبية باليوم العالمي للتنوع الثقافي
  • «إكستند» تعلن تشكيل مجلس إدارتها الجديد لتعزيز النمو والتميز المؤسسي
  • في عيد ميلاده الـ67.. أحمد آدم “القرموطي” الذي صنع اسمه بالضحك والدراما(بروفايل)
  • في ذكرى رحيله الـ15.. عبدالله فرغلي “الأستاذ” الذي صعد من فصول اللغة الفرنسية إلى قمة المسرح والسينما (تقرير)
  • غسان حسن محمد.. شاعر التهويدة التي لم تُنِم. والوليد الذي لم تمنحه الحياة فرصة البكاء
  • عمان الأهلية تنظّم ورشة عمل حول (البلوك تشين) بالتعاون مع مركز الأمن السيبراني لإتحاد الجامعات العربية