"نعم نفتخر بما فعلناه في قطاع غزة، وقد جعلنها أكبر مقبرة جماعية للفلسطينيين عبر التاريخ"، هذا كان خلاصة ما جاء بتقرير صحيفة وللا العبرية، والتي رصدت الأرقام الخاصة بشهداء سكان قطاع غزة، وقارنتها بضحايا المواجهات العسكرية الفلسطينية منذ بدء المواجهات في نكسة 1984.

وبحسب الصحيفة العبرية، فإنه لا يمكن تجاهل الأرقام لعدد قتلى فلطسين، حتى من لا يؤمن ببراءة هؤلاء المواطنين داخل إسرائيل، فإذا استمر القتال بهذا المعدل فإن عدد القتلى الفلسطينيين سيتجاوز العدد المتراكم في كل حروبهم ضد إسرائيل وكل جولات القتال مجتمعة.

 

 

تصريح وزير الزراعة الإسرائيلي واقع .. 11.500 شهيد

 

وجاء بتقرير الصحيفة العبرية، أن تصريح وزير الزراعة، آفي ديختر، حول "نكبة غزة"، برغم أنه كلاماً غير ضروري ويضر بالدعاية الإسرائيلية، لكن على الأقل من ناحية واحدة، يمكن لديختر أن يدافع عن نفسه ويقول: "لقد قلت الحقيقة حول عدد القتلى الفلسطينيين"، فمن الواضح أن هناك أبرياء، أو على الأقل ما يسمى عادة "غير المتورطين" بين القتلى، فأولئك الذين، حتى في ظل الافتراض بأن وفاتهم كانت نتيجة ثانوية لنشاط حيوي ومنقذ للحياة، لم يكونوا هم الهدف.

وفي الأيام الأولى من القتال، أحصت تصريحات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي عدد الطلعات الجوية، وأطنان المتفجرات، وأكثر من ذلك، لكن من الممكن أن تكون القصة الحقيقية، تلك التي سيتردد صداها لفترة طويلة بعد انتهاء الانفجارات، وهي أن عدد الضحايا، وفقا للبيانات التي نشرها الفلسطينيون، يقدر عدد القتلى (بما في ذلك الإرهابيين، حتى كتابة هذه السطور) بنحو 11.500 شخص، وهذا الرقم بالطبع ليس نهائيا، حيث أن بعض الجثث لا تزال تحت أنقاض المباني، لذلك من الممكن أن يكون العدد أعلى من ذلك.

 

 

 

أكبر عدد من الفلسطينيين يموتون في التاريخ

 

وتتفاخر الصحيفة العبرية بعدد ضحايا الحرب الحالية، وتوضح أنه لم يحدث قط، بما في ذلك حرب 1948 والنكبة، أن قُتل أكثر من بضعة آلاف من الفلسطينيين في أي حرب أو جولة قتال، فإذا كنت تحاول بالفعل التحقق والمقارنة، فهناك حدث واحد فقط يقترب من حيث عدد الضحايا من أرقام الأيام القليلة الماضية في غزة - وهو في الواقع لم يحدث من قبل حكومات إسرائيل وجيشها، ولكن من قبل جنود الجيش البريطاني خلال الثورة العربية التي اندلعت عام 1936، وهو رقم لن تسمع عنه في تقارير هيئة الإذاعة البريطانية.

وحتى لو أخذنا حدثا دمويا آخر من التاريخ الفلسطيني، مجزرة صبرا وشاتيلا، العمل الانتقامي الذي نفذته القوات المسيحية في مخيمات اللاجئين في منطقة بيروت عام 1982، فإن عدد القتلى هناك كان أقل بكثير، ورغم أن الآراء منقسمة للغاية، فالمسيحيون يزعمون أن العدد كان بضع مئات، بينما يزعم الفلسطينيون أنه وصل إلى أكثر من 2000، لكن على أية حال، حتى التقدير الأعلى متواضع مقارنة بآلاف الفلسطينيين الذين قتلوا في الحملة الحالية.

 

 

أكبر من مجموع قتلى حروب إسرائيل منذ 1948

 

 

وتتحدث الصحيفة العبرية، أن قدسية الحياة ليست واحدة بين الطرفين، ومع التوضيح أن الجانب الذي يقاتل ضدنا في غزة ليس له معنى كبير بالنسبة للحياة البشرية، فإن هذه الأرقام لا تزال مجنونة لدرجة أن هناك احتمال أنه بحلول الوقت الذي ينتهي فيه القتال، سيتساوى عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الحملة الحالية، وعدد الذين ماتوا في جميع جولات القتال مع إسرائيل منذ أجيال.

فسوف يكون إجمالي شهداء غزة في تلك الحرب، أكثر مما حدث في حروب 1948، وعمليات الانتقام، وقادش، والأيام الستة، والاستنزاف، ويوم الغفران، والحربين في لبنان، وجميع عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي بما في ذلك الجدار الواقي، والرصاص المصبوب، والجدار الصخري، وحراسة الجدران والمزيد (بالطبع، معظم القتلى في الحروب هم من جيوش العدو، ومعظمهم من المصريين والسوريين والأردنيين - أي ليسوا فلسطينيين).

 

قتلهم من بدأ الحرب .. هذا تبرير إسرائيل لجرائمهم 

 

وبحثا عن تبرير تلك الجرائم، تحدثت الصحيفة العبرية عن مسئولية حماس عن تلك الأرقام الكبيرة من القتلى، تحت مبدأ "قتلهم من بدأ الحرب"، وبحثا عن شخص يتحمل المسئولية، فقد قالت الصحيفة أن السنوار هو المسئول عن قتلى شعبه، فقد جلب السنوار على الفلسطينيين أكبر كارثة في تاريخ شعبهم.

ووصف التقرير ما يحدث في قطاع غزة بـ"النكبة"، حيث تقول أن نتائج تلك الحرب لن تكون قاصرة على القتلى فقط، ولكن تحويل من تبقى من أهل غزة إلى لاجئين، ولا تزال تجربة وطنية أكثر صدمة في ذاكرتهم الجماعية، ولكن من حيث الأرقام، فإن هذا بالتأكيد يمثل نكبات متكررة لغزة، والسبب في ذلك هي حماس.

 

 

غزة أصبحت مقبرة

 

ونقول الصحيفة العبرية: "حتى لو قبلت الافتراض بأن جزءاً كبيراً من القتلى هم بشر، وحتى لو كنت تعتقد أن بعضاً من الآخرين يتحملون بعض المسؤولية تجاه حكومة حماس، التي تتمتع بنسب عالية من الدعم بين السكان المحليين في غزة، حتى عندما تكون كذلك، يفترض أنه حتى أولئك الذين ماتوا دون ذنب، فهم بمعنى ما نتاج ثانوي لفعل غير مطلوب وأخلاقي منها، فإن الأعداد التراكمية للقتلى في غزة لا تصدق".

 

ومن الممكن أن الأرقام ليست كل شيء، فها نحن على سبيل المثال - على الأقل هذا هو الشعور في هذه اللحظة - سنواصل الحداد على قتلى إسرائيل  7 أكتوبر، وسنذرف دمعة على كل قتيل انضم إلى القائمة منذ ذلك الحين (معظمهم من مقاتلي جيش الدفاع الإسرائيلي)، والذي يبلغ عدده حاليا بضع عشرات منذ بدء المرحلة البرية من القتال) - فمع ذلك، عندما تدير نظرك من مستوطنات الجنوب الغربي، نحو غزة، قد لا ترى البحر، لكنك بالتأكيد ترى مدن الخراب، قبر أكبر جماعة لجماعة في فلسطين بالتاريخ"، وبعد التفاخر الإسرائيلي بتلك الجرائم، تقول: "المكان الذي تحول فيه حكم حماس من مصيبتنا إلى مصيبتهم".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الصحیفة العبریة عدد القتلى أکثر من فی غزة فی ذلک

إقرأ أيضاً:

كيف تغير التكنولوجيا استراتيجيات الحرب وأدواتها؟

يدلل هجوم المسيرات الأوكراني الأخير على المطارات الروسية على التحولات الجذرية التي تدخلها التكنولوجيا المتقدمة على الحرب واستراتيجياتها وأدواتها.

فبعملية استخباراتية جريئة، أدخل الأوكرانيون في شاحنات نقل عديد المسيرات إلى الأراضي الروسية، وتجاوزوا بذلك خطوط الدفاع الجوي التي عادة ما تعمل لرصد وإسقاط الأجسام المعادية على الحدود وعلى مسافات بعيدة عن المواقع الحيوية، ثم أطلقوها ومن مسافات قريبة بحمولتها المتفجرة لمهاجمة المقاتلات والقاذفات الروسية الرابضة في المطارات فدمروا وأعطبوا 40 وأظهروا قدرتهم على نقل العمليات العسكرية إلى العمق الروسي.

وبينما تقترب الخسائر المادية لروسيا، وفقا للتقديرات الأولية، وبسبب التكلفة الباهظة للمقاتلات والقاذفات من 7 مليارات دولار أمريكي، لم يتحمل الطرف الأوكراني الكثير نظرا للكلفة المحدودة للمسيرات والتي باتت تستخدم على نحو يومي في الحرب بين البلدين.

بذلك تكون التكنولوجيا المتقدمة، والتي تطورت معها المسيرات كسلاح جوي فعال وفتاك، قد قدمت للبلد الأصغر والأضعف عسكريا في الحرب الروسية-الأوكرانية الفرصة لتجاوز اختلال موازين القوة وتوظيف أداة رخيصة الثمن لتدمير أسلحة باهظة الكلفة وتغيير معادلة العمق الروسي الذي لا يمس في مقابل الأراضي الأوكرانية المستباحة. فقد مكنت التكنولوجيا، ومعها بالقطع الكفاءة الاستخباراتية، أوكرانيا من توجيه ضربة مؤلمة لروسيا في مطاراتها الواقعة في العمق السيبيري.
تغير التكنولوجيا المتقدمة من معادلات استراتيجية أخرى وتعيد ترتيب أهمية الأدوات العسكرية المستخدمة في الحروب بين البلدان
وبالمثل، تغير التكنولوجيا المتقدمة من معادلات استراتيجية أخرى وتعيد ترتيب أهمية الأدوات العسكرية المستخدمة في الحروب بين البلدان وتزيد في جميع الأحوال من قدراتها التدميرية. ليست تكنولوجيا الحرب في القرن الحادي والعشرين تكنولوجيا أقل دموية من سابقاتها، بل على العكس فهي تنشر الدماء والدمار على نحو أوسع نظرا للكلفة المحدودة لأدوات كالمسيرات التي يستخدمها الأوكرانيون في أوروبا ودول كإسرائيل وإيران في الشرق الأوسط وحركات اللادولة كالحوثيين وتسمح للأطراف الأضعف في معادلات القوة من تجاوز اختلال القدرات العسكرية بتوجيه ضربات من نوعية هجوم المسيرات الأوكراني أو من نوعية المسيرات والصواريخ التي يطلقها الحوثيون.

ولا يقل عن هذا الأمر خطورة ما ترتبه استخدامات الذكاء الاصطناعي فيما خص الحروب والصراعات العسكرية. فقد تطورت قدرات كرصد وتحديد مواقع ومهاجمة العناصر البشرية والمقومات المادية للدول وحركات اللادولة، على النحو الذي أظهرته ضربات إسرائيل المتتالية ضد إيران وحركة حماس وحزب الله اللبناني وجماعة الحوثي في اليمن. هنا أيضا لا يرادف التقدم التكنولوجي التراجع في خرائط الدماء والدمار الناجمة عن الحروب، بل يعني في التحليل الأخير وبسبب القوة المفرطة المزيد من القتل والتشريد.

فالقوة المفرطة التي تمكن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الدول من الاستحواذ عليها تغري بالتوسع في الحروب والصراعات العسكرية وإطالة أمدها (على النحو الذي آلت إليه الأمور بين روسيا وأوكرانيا وتتواصل به الحرب في غزة) وتغري أيضا بالتوسع في استهداف العناصر البشرية والمقومات المادية لدى الأطراف المعادية (على النحو الذي تمارسه روسيا يوميا بتدمير البنى التحتية الأوكرانية وتستخدمه إسرائيل ضد حماس وحزب الله).

وما بين تغيير التكنولوجيا المتقدمة لاستراتيجيات الحروب وأدواتها، بعد أن صارت المسيرات التي لا تكلف سوى آلاف الدولارات قادة على تدمير مقاتلات وقاذفات بمليارات الدولارات (الهجوم الأوكراني الأخير) وبين القوة المفرطة التي تمكن استخدامات الذكاء الاصطناعي الدول من الاستحواذ عليها ومن توظيفها في سياق عمليات استخباراتية مدبرة (عملية الباجر التي نفذتها إسرائيل ضد عناصر حرب الله) تتصاعد عالميا سباقات تسلح محمومة ولهاث محموم أكثر خلف أسلحة الدمار الشامل دون خطوط حمراء.

وحتما ستتمثل نتائج تلك التطورات الخطيرة في اتساع نطاقات الحروب والصراعات العسكرية وارتفاع مناسيب الدماء والدمار، وفي إبعاد دول هي في أمس الحاجة إلى تخصيص إمكاناتها للعمل التنموي والأمن الإنساني ولجهود التكيف البيئي وللطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر عن كل ذلك والزج بها إلى أتون سباقات التسلح وجنون أسلحة الدمار الشامل.

وإذا كان القليل من بين دول عالم اليوم لا يعاني من محدودية الإمكانات المادية ويستحوذ على ما يكفيه لإطلاق جهود التنمية المستدامة وتطوير تسليح جيوشه (دول الخليج خاصة السعودية والإمارات نموذجا) فإنه كان من الأجدر بالدول هذه والأفضل لها أن تبتعد عن سباقات التسلح وأن توجه الموارد الموظفة لشراء الأسلحة إلى مساعدات تنموية لجوارها المباشر والإقليمي (وهو فيما خص السعودية والإمارات دول شبه الجزيرة العربية والشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير المصدرة للنفط أو الغاز الطبيعي).

ليست الأزمة الحادة التي تتعرض لها منظومة العلاقات الدولية في 2025 وحسب من صناعة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولا من نتاج التعريفات الجمركية التي يفرضها على الشركاء والمنافسين على حد سواء، بل هي أيضا ترتبها التغيرات المتسارعة التي تأتي بها التكنولوجيا المتقدمة إلى ساحات الحروب والصراعات العسكرية وتزيد من حدتها الأبواب التي صارت مشرعة لجحيم سباقات التسلح والقوة المفرطة وأسلحة الدمار الشامل.

القدس العربي

مقالات مشابهة

  • جنازة الناطق الرسمي باسم القصر تخلق استنفاراً بمقبرة الشهداء
  • جماعة إرهابية تعلن مسئوليتها عن هجوم في مالي
  • الجيش الأمريكي يكشف عن أكثر العمليات كثافة قتالية في التاريخ
  • كيف تغير التكنولوجيا استراتيجيات الحرب وأدواتها؟
  • الجيش الأمريكي: واجهنا في البحر الأحمر واحدة من أكثر العمليات كثافة قتالية في التاريخ
  • نزوح أكثر من 5 آلاف عائلة فلسطينية من مخيمي نور شمس وطولكرم
  • زيلينسكي: عملية شباك العنكبوت أكبر ضربة أوكرانية ستُخلد في التاريخ
  • أكبر الانتصارات في نهائي دوري أبطال أوروبا عبر التاريخ
  • القناة 12 العبرية: رد حماس على وسطاء التهدئة لم يُنقل بعد إلى إسرائيل
  • «حشد»: إسرائيل تواصل ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية الأكثر بشاعة في التاريخ