كتبت "الشرق الاوسط":   تمايز رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط منذ بدء حرب غزّة عن عدد كبير من الأفرقاء اللبنانيين بتأكيده "الوقوف إلى جانب الجنوبيين في لبنان وكل من يتعرض للاعتداء من قبل إسرائيل"، وإعطائه تعليمات لأهل الجبل لاستقبال النازحين.   لكن هذه "المواقف الوطنية" التي لاقت ردود فعل إيجابية في بيئة الحزب وحلفائه، قابلتها رسائل واضحة من قبل جنبلاط والقياديين في حزبه لجهة الدعوة لعدم زج لبنان في الحرب، وهو ما يعكس تموضعاً ثابتاً بالنسبة إلى "الاشتراكي" حيال رفض السلاح خارج الدولة، وبالتالي لا ترتبط بالقضايا الداخلية اللبنانية ولا تغيّر منها شيئاً، حسب تأكيد "الاشتراكي".

وكان جنبلاط أعلن أنه نصح بشكل رسمي وغير رسمي "حزب الله" بألا يُستدرج الى الحرب، وانتقد كلام رئيس كتلته النيابية محمد رعد عن أنه آن الأوان لزوال إسرائيل، واصفاً إياه بـ"غير المفيد"، وقال: "من حقي أن أخاف على المواطن اللّبناني، وفي النهاية إذا كان قدرنا حرباً جديدة، فيجب علينا توحيد أنفسنا وترك السجالات الداخلية التي عشناها في الملف الرئاسي لنتفرغ إلى حماية المواطن"، ومن ثم عاد جنبلاط وأثنى على خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله وكلامه حول الحرب في غزة وتدخل الحزب، واصفاً إياه بالموزون والواقعي. ومع تأكيد النائبين في "الاشتراكي" هادي أبو الحسن وبلال عبدالله على أن مواقف الرئيس السابق للحزب هي وطنية بامتياز مرتبطة بالوضع الحالي، ولا تنسحب على القضايا السياسية الداخلية التي يختلف حولها مع "حزب الله"، يعوّل البعض على أن مواقف جنبلاط من شأنها أن تبدّل في طبيعة هذه العلاقة في المرحلة المقبلة. ويقول أبو الحسن لـ"الشرق الأوسط": "موقفنا ينطلق من المشهد الإقليمي المتفجر حيث تقوم إسرائيل بإبادة غزة، الذي من شأن تداعياته أن تنعكس على باقي الساحات في المنطقة، وسبق أن بعثنا رسائل للحزب لعدم جرّ إسرائيل للمواجهة، وبالتالي ذلك لا يبدّل من مقاربتنا للقضايا الداخلية التي لا تزال كما هي، إنما الوضع الحالي يتطلب تواصلاً مع مختلف الأفرقاء". الموقف نفسه يعبّر عنه النائب بلال عبدالله، ومع تأكيده على أهمية القضية الفلسطينية المترسخة بالضمير والوجدان بغض النظر عن "حركة حماس" وغيرها، يقول: "منذ أكثر من أسبوعين أعطى رئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط تعليماته وبدأنا العمل على خطة طوارئ عبر إنشاء خلايا للأزمة بالتنسيق مع اتحاد البلديات وكل الأحزاب في منطقة الشوف، وعلى رأسها (حزب الله) وحركة (أمل)، حيث نتشارك في اجتماعات دورية، لا سيما أن الحزب يملك الإمكانات اللوجستية اللازمة". ويجدد عبد الله تأكيد ما قاله جنبلاط بالقول: "من اليوم الأول للحرب تمنى رئيس الحزب ألا نستدرج إلى مواجهة شاملة، لأن لبنان في وضع لا يحسد عليه في غياب مقومات الصمود، ولكن في الوقت نفسه في حال وقعت الحرب سنكون إلى جانب أهلنا، وهذا الشعار بالتأكيد ليس إعلامياً، وهو ما يعكسه العمل على الأرض الذي أنجزناه". وعما إذا كان يغيّر هذا التعاون من طبيعة العلاقة مع "حزب الله" التي تشوبها خلافات حيال قضايا داخلية عدة من السلاح والانتخابات الرئاسية وغيرها، يؤكد عبد الله: "موقفنا وطني بامتياز، وليست له علاقة بالحسابات السياسية الكبرى، ولا ينعكس على موقفنا من القضايا الداخلية"، مضيفاً: "لا يزال موقفنا نفسه حيال ضرورة التقارب والتوافق لانتخاب رئيس للجمهورية، وإن كنا نتمنى أن يتجاوز الجميع هذه الانقسامات وننجز الانتخابات الرئاسية"، معتبراً أنه من الغباء التفكير بربط نتائج الحرب في السياسة، ويقول: "من يراهن على أن إسرائيل تميز بين مناطق وأخرى هو مخطئ، والاستثمار في السياسة ينم عن سطحية في التفكير".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

المحفظة الفارغة.. رسالة غامضة تستهدف عناصر حزب الله

أضفت بعض التفاصيل على الرسالة طابعًا شخصيًا ومستفزًا للجمهور المقرّب من حزب الله، وجعلتها تبدو كأنها موجّهة إلى الفرد مباشرة وضمن سياقه اليومي.

تفاعل روّاد مواقع التواصل في لبنان مع محتوى نشرته صفحة تزعم انتماءها لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد)، تضمّن فيديو دعائيًا مُنشأ بتقنيات الذكاء الاصطناعي موجَّهًا بشكل مباشر إلى عناصر حزب الله.

يبدأ الفيديو بمشهد لشابٍ ذي بشرة سمراء ولحية، يرتدي بزةً عسكرية باللون الزيتي، مع وشاح أصفر وغطاء يشبه الكوفية الفلسطينية.

وفي اللقطة التالية، ينظر الشاب إلى الكاميرا بملامح عابسة، ثم يفتح محفظته الشخصية التي تبدو خالية تمامًا من النقود، لتظهر على الشاشة عبارة باللهجة العامية تقول: "حتى مصاري ما في عندُن بعدك الك؟". ويأتي ذلك في سياق سخرية من الضائقة المالية التي يُقال إن التنظيم يواجهها في ظل التطورات السياسية والعسكرية الأخيرة في المنطقة.

يشارك عناصر حزب الله في مراسم تشييع رئيس أركان الحزب، هيثم طباطبائي، وذلك في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، الاثنين، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2025. Hussein Malla/ AP

لمشاهدة الفيديو

يتحوّل المشهد بعدها إلى شارع في أحد الأسواق الشعبية اللبنانية، حيث يسير الشاب بين حشد من المارة الذين تظل وجوههم غير واضحة، بينما تُعرض عبارة: "حزبك عم يضعف مع الوقت، تنطرش لحتى كل إشي يتدمر". تليه لقطة مقرّبة ليد تضع خاتماً، ثم تُفتح نافذة على الشاشة مع عرض يحمل عبارة: "تعال واستغل الفرصة. هلق عنا عرض قيم الك!".

لماذا كانت الرسالة مستفزة؟

تميز المقطع باستخدام مدروس للألوان (مثل اللون الزيتي للبزة والأصفر للوشاح)، والملابس (الكوفية والخاتم)، وخلفية الشوارع الشعبية المألوفة، والإضاءة الصفراء التي تعطي شعورًا بالإعياء والضعف، وصولاً إلى السمات الجسدية للشخصية المجسدة (لحية الشاب، والبشرة السمراء والملامح العربية)، لتشكل هذه التفاصيل إيحاءً مقصوداً نحو ما يمكن تسميته "الواقعية المصطنعة".

منحت التفاصيل الرسالة طابعًا شخصياً ومستفزًا للجمهور القريب من الحزب، وجعلتها تبدو وكأنها تخاطب الفرد مباشرة في سياقه اليومي.

وقد تفاعل مع المحتوى مؤيدو حزب الله وخصومه على حدٍ سواء، داخل لبنان وخارجه. فيما تباينت ردود الأفعال بين التهديدات والغضب من جانب المؤيدين، وبين السخرية والتعليقات الساخرة على الحزب من جانب المعارضين، خاصة في ظل الضربات الأمنية الكبيرة التي تعرّض لها في أيلول (سبتمبر) الماضي، والتي كشفت عن اختراقات عميقة في بنيته الأمنية.

Related اغتيال "الشبح".. "عبد الله" والمهمة السرّية التي مهّدت طريق الموساد إلى عماد مغنيةالموساد يتّهم الحرس الثوري الإيراني بالوقوف وراء شبكة دولية لاستهداف مصالح يهودية وإسرائيلية"خطر على الأمن القومي".. جدل في إسرائيل بعد تعيين غوفمان على رأس الموساد محتوى الصفحة

لم يقتصر نشاط الصفحة على هذا الفيديو، فقد نشرت محتوى آخر يُظهر تل أبيب في ليلة مضيئة مع عبارة: "يا أهل البيت – منتشرف فيكن وبدنا نستقبلكوا!"، مصحوبةً بهاشتاغ #لبنان.

وقد بدا أن هذا المنشور محاولةً لتوجيه خطاب مباشر إلى الحاضنة الشعبية الرئيسية لحزب الله (الطائفة الشيعية في لبنان)، باستخدام مصطلحات وعبارات مألوفة في أدبياتها الاجتماعية.

كما نشرت الصفحة فيديو آخر يحثّ عناصر الحزب بصورة مباشرة قائلاً: "انتوا عارفين أنه في بعد حلول غير عمليات التجميل. احكوا معنا بدل ما تتخبوا وتهربوا. ما بضبط تضلوا مختفيين لآخر الحياة".

تطوّر الخطاب والنشاط

يُظهر تتبّع سجلّ منشورات الصفحة أنّ نشاطها بدأ عام 2018 عبر محتوى متفرّق باللغتين الإنكليزية والعربية، قبل أن تنتقل لاحقًا إلى نشر منشورات باللغة الفارسية حتى عام 2023.

ومنذ ذلك الحين، تحوّلت الصفحة بشكل ملحوظ إلى التركيز على الخطاب باللغة العربية، مستهدفةً في البداية الجمهور اللبناني العام، ثم تضييق دائرة خطابها لتصبّ في بيئة حزب الله وأنصاره، قبل أن تصل مؤخراً إلى خطاب مباشر وموجه بالاسم إلى "عناصر" الحزب.

الضائقة الاقتصادية

على الرغم من أن النشاط الاستخباراتي الإسرائيلي في لبنان ليس جديدًا، فإنّ التدهور الاقتصادي الحاد الذي يمرّ به البلد شكّل عاملًا حاسمًا في توسيع هامش الاختراق وفتح قنوات جديدة أمام محاولات التجنيد.

وبحسب مصادر لبنانية، تنوّعت أساليب الاستهداف لتشمل عروض سفر مجانية أو منخفضة التكلفة إلى دول أوروبية، وفرص عمل مغرية مصدرها جهات غير معروفة، إضافة إلى محاولات التواصل مع أشخاص يتبنّون مواقف ناقدة لحزب الله، مستغلّين الضائقة المعيشية واليأس الذي يطغى على شريحة واسعة من اللبنانيين.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • ر بو عاصي: لا توازن قوى مع إسرائيل والتفاوض ضرورة لحماية لبنان
  • حزب الله من رسالة البابا إلى زيارة السفارة البابوية… تأكيد كيانية لبنان
  • ترامب "مستاء" من مواقف أوكرانيا وروسيا حيال خطة إنهاء الحرب
  • جنبلاط: الجيش يقوم بعمل جبّار في الجنوب
  • «حزب الأمة» يدين قصف سوق كتيلا ويدعو لحماية المدنيين
  • إسرائيل: التطورات على الحدود مع حزب الله تتجه نحو التصعيد
  • على صلة بحزب الله وايران.. اليكم آخر المعلومات عن ناقلة النفط التي احتجزتها أميركا في الكاريبي
  • قطيعة بين حزب الله وفرنسا؟
  • غرفة العمليات المركزية بحزب العدل تواصل متابعتها للدوائر الملغاة بالمرحلة الأولى
  • المحفظة الفارغة.. رسالة غامضة تستهدف عناصر حزب الله