اكتشاف أقرب كوكب بحجم الأرض من مجموعتنا الشمسية
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من منظار هابل الفضائي التابع لوكالتي الفضاء الأميركية والأوروبية، من تأكيد وجود أقرب كوكب بحجم الأرض يدور حول نجم آخر غير الشمس، ويقع الكوكب على مسافة 22 سنة ضوئية فقط من الأرض.
واكتُشف هذا الكوكب -الذي سُمي "إل تي تي 144 إيه سي"- أول مرة بواسطة القمر الصناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة التابع لناسا في عام 2022، لكن لم يتمكن العلماء وقتها من تأكيد حجمه، وظنوا أنه أرض فائقة بكتلة تساوي 1.
لكن مع القياسات الدقيقة للبيانات الصادرة من منظار هابل، تبين أن هذا الكوكب ذو كتلة تساوي فقط 1.07 مرة من كتلة الأرض، وبالتبعية فهو قريب منها في الحجم، وهو كوكب صخري، لكنه قريب جدا من نجمه ويدور حوله مرة كل عدة أيام فقط، وتبلغ حرارة سطحه نحو 260 درجة، بحسب الدراسة التي نشرها هذا الفريق في دورية "ذا أستروفيزياكال جورنال".
عبور الكواكب
ويصل العلماء لتلك البيانات عن طريق عبور الكواكب، ولفهم الفكرة تخيل أنك تمسك بين أصبعيك حبة بازلاء، ثم قمت بتمريرها أمام مصباح حجرتك المعلق بالسقف، هنا ستلاحظ أن كمّ الضوء الخارج من المصباح قد انخفض قليلا بمرور تلك الحبة.
والأمر ذاته يحدث في دراسات عبور الكواكب، حيث يستمر المنظار في مراقبة أحد النجوم مدة من الزمن، فإذا لاحظ انخفاضا في إضاءته بشكل دوري فذلك يعني مرور كوكب أمامه، وتساعد بيانات مثل سرعة العبور وكمّ انخفاض الضوء في تحديد مدار هذا الكوكب وحجمه.
وبالطبع فإن ذلك يتطلب دقة شديدة لم يمتلكها القمر الصناعي لمسح الكواكب الخارجية العابرة التابع لناسا، وهو ما دفع الباحثين لاستخدام منظار هابل لرصد هذا النجم، والتأكد من الحجم الدقيق للكوكب، بحسب بيان رسمي صادر من منظار هابل.
عالم عجيبوبحسب الدراسة، يدور الكوكب "إل تي تي 144 إيه سي" حول قزم أحمر، وهو أحد أنواع النجوم القزمة التي تكون بكتلة أصغر بكثير من شمسنا، واذا كانت الشمس بحجم كرة قدم وبيضاء اللون، فإن هذا النجم سيكون بحجم كرة تنس طاولة وبلون أحمر.
والعجيب في الأمر أن هذا النجم جزء من نظام مكون من 3 نجوم قزمة حمراء تدور حول بعضها البعض، ولو كانت هناك حياة على "إل تي تي 144 إيه سي" -وهذا غير وارد بالمرة- فسيرى الناس هناك الشروق 3 مرات والغروب 3 مرات.
وبسبب قربه النسبي من الشمس، يأمل العلماء في دراسة هذا العالم العجيب بدرجة أكبر من التفصيل مستقبلا، وبخاصة وأن طريقة العبور السالف ذكرها تتيح للعلماء كذلك دراسة الغلاف الجوي الخاص بالكوكب وفحص مكوناته بدقة، وربما يساهم جيمس ويب في هذه المهمة.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
شخصيات « خيالية» في كوكب آخر!
لعبت وسائل الإعلام دورًا بارزًا في تسليط الضوء على بعض الأشخاص، وصورتهم على أنهم نوابغ عصرهم، ليس في مجالات تخصصاتهم الحقيقية فحسب، بل امتد تأثيرهم إلى إصدار الفتاوى والرأي في ميادين متعددة تتجاوز خبراتهم الحقيقية.
كما دفعت وسائل التواصل الاجتماعي هذه الشخصيات إلى الادعاء بـ«المعرفة والنبوغ في كل المجالات»، ولذا أصبح يتهافت الناس على الاستماع إليهم ومتابعة ما يهرفون به من جميع الاتجاهات.
فتكثر المحاضرات والندوات والمداخلات، ويصدقون أنفسهم بأنهم يمتلكون كل المعلومات التي يريد المتابع لهم معرفتها، يرفعون رايات الفخر والاعتزاز عندما يلتف حولهم البسطاء، ويتذمرون عندما ينتقدهم شخص مطّلع، ولا يترددون في مهاجمته في محاضراتهم ولقاءاتهم. وعندما يتيقن الشخص منهم بأنه قد أخطأ، وبأن كل ما أورده في حديثه هو مجرد «خزعبلات وخرافات»، يسعى إلى التنصل مما أورده، مدّعيًا أنها كبوة، وأنه بريء مما قاله كـ«براءة الذئب من دم ابن يعقوب»!
على مدار الأيام والشهور، تظهر لنا شخصيات تثير الجدل في بعض المجتمعات، تحمل خلفيات علمية متواضعة، لكنها تنطلق في رحلة البحث عن مكانة مرموقة في المجتمع، حتى وإن كان ذلك على حساب مبادئ وقيم كثيرة.
هدفها الأساسي هو توسيع دائرة تأثيرها وانتشارها، فتتنقل من قناة تلفزيونية إلى أخرى، ومن برنامج إلى آخر، إلى أن تُحاصر فكريًا وعلميًا، فتجدها تتملص وتدور في فلك بعيد عن الحقيقة.
مثل هؤلاء لديهم حسابات شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي تُدار من قِبل مجموعة من الأشخاص، يعملون ليل نهار على استقطاب ملايين المشاهدات والاشتراكات من أجل تحقيق مبالغ مالية ضخمة.
أغلبهم إن لم يكن جميعهم، ينتقون حديثهم من خلال ملامسة جراح الناس ويبدون تضامنهم معهم، يسوقون أنفسهم على أن كل علوم الدنيا بين أيديهم، بينما يقول المولى عز وجل: «وفوق كل ذي علم عليم»، أي فوق كل عالم من هو أعلم منه، حتى ينتهي ذلك إلى الله.
ادعاء المعرفة والريادة في كل المجالات أمر مرفوض عقليًا، لكنه أصبح شيئًا واردًا ودارجًا بين فئة من الناس التي تدعي المعرفة والدراية. وهذا التداخل في مجالات العلم والتخصصات أحدث نوعًا من «الجدل والجدال معًا»، فالإنسان مهما حاول التقاط خيوط العنكبوت، فإنه لن يستطيع جمعها، لكن هؤلاء المدّعين يعرفون كيف تؤكل الكتف، وكيف يحصلون على الأموال، حتى وإن أصبح «المحظور متاحًا، والجهل معرفة».
لن نذهب مباشرة إلى شخصية جدلية بعينها بقدر ما سنتحدث بشكل عام، فهناك خط فاصل ما بين تخصص معين والتخصصات الأخرى. فمثلًا، رجل الدين أرى بأنه منوط به وعظ الناس وإظهار الجوانب الإيمانية وإبراز أهميتها، بالمقابل عليه أن يُبعد نفسه عن الأمور الأخرى مثل الإفتاء في الأمور الطبية، والنزاعات السياسية، والتأثيرات الاقتصادية؛ لأن لكل مجال قادته وخبراؤه الذين يمتلكون مفاتيح فهم أسراره، ولا ينبغي الخلط بين التخصصات أو تجاوز حدودها..
إذن، لا يناط به الحديث الإنشائي الذي يجذب الناس إليه وينسبون ما يقوله إليه بفخر واعتزاز. فلكل مهنة إنسانية مكانتها وخصوصيتها التي يجب احترامها، ولا ينبغي خلط الأمور أو تحويل هذه المهن إلى مجرد أدوات للبحث عن المال والشهرة!
أيضًا، من الملاحظ في وقتنا الراهن، كثرة الأشخاص الذين يقتحمون مجال الإعلام من نافذة وسائل التواصل الاجتماعي، ويُطلقون قنواتهم وصفحاتهم الإلكترونية عبر الإنترنت، ويُعرّفون أنفسهم بأنهم إعلاميون مخضرمون في كل المجالات!
إذًا أصبح من الضروري أن يكون هناك تنظيم وترتيب، وفصل الأشياء عن بعضها البعض، وعندما تكتمل الصورة في هذا الشأن، سيصبح كل مجال أو تخصص له إطاره المحدد. ففي غياب هذا الفصل الواضح، وتداخل الأدوار بين «الغرباء والمتطفلين» على مجالات العمل، لن تُحقّق الجهود إسهامات علمية حقيقية، بل ستسود حالة من الارتباك وظهور مفاهيم مغلوطة ومشوّشة، ولن يكون هناك إسهام حقيقي منشود، بقدر ما سيحدث بلبلة وظهور مفاهيم مغلوطة وخاطئة، فالنوايا الحسنة ليست كفيلة بوصول الشخص إلى الأهداف أو النتائج الصائبة بل لابد من العلم والاختصاص والالتزام بالمجال المناسب لضمان تقدُّم حقيقي ومستدام.