تواجه أوكرانيا صعوبات متزايدة بسبب اعتمادها على توريد الأسلحة والذخائر الغربية، وهو ما يزيد من تفاقم المشكلة، بسبب إدارة أسطول من المعدات غير المتجانسة (أكثر من عشرة أنواع من المركبات المدرعة، والمدافع، وأنظمة AA، وما إلى ذلك)، والتى يطرح مشكلة تدريب العاملين على صيانتها وتوافر قطع الغيار اللازمة لها.

إضافة إلى ذلك، يعتمد استبدال المعدات الجديدة أو الحصول عليها كليًا على الولايات المتحدة التى تعدل حجم ونوعية ووتيرة العرض حسب رغبتها، كما أعلن فى ١ نوفمبر ٢٠٢٣ لمجلة "الإيكونوميست" رئيس الأركان الأوكرانى الجنرال فاليرى زالوزني.

حيث قال: "من خلال الحد من إمدادات أنظمة الصواريخ بعيدة المدى والدبابات، سمح الغرب لروسيا بإعادة تجميع صفوفها وتعزيز دفاعاتها بعد الاختراق المفاجئ فى منطقة خاركيف فى الشمال وخيرسون فى الجنوب فى نهاية عام ٢٠٢٢. لقد كانت الأكثر أهمية بالنسبة لنا فى العام الماضي، لكنها وصلت هذا العام فقط"، كما يقول.

وبالمثل، فإن طائرات F-١٦، المقرر إطلاقها فى العام المقبل، أصبحت الآن أقل فائدة، كما يشير الجنرال، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن روسيا قامت بتحسين دفاعاتها الجوية، ويحذر: يمكن لنسخة تجريبية من نظام الصواريخ S-٤٠٠ الروسية أن تصل إلى ما هو أبعد من مدينة دنيبرو على الأقل.

وأخيرًا وليس آخرًا، مع قرب نهاية عام ٢٠٢٣، فإن الغرب أفرغ مخزونه من الذخيرة، وخاصة القذائف، ولن يتمكن من إنتاجها بمعدل الاحتياجات الأوكرانية على الأقل حتى عام ٢٠٢٥.

روسيا وصناعة الأسلحة

فى المقابل، أصبحت صناعة الأسلحة الروسية منذ عام ٢٠١٨ هى الثانية فى العالم من حيث صادرات الأسلحة بعد الولايات المتحدة ومتقدمة بفارق كبير عن بريطانيا وفرنسا، خاصةً أن أرقام معهد ستوكهولم الدولى لأبحاث السلام لا تأخذ فى الاعتبار  مبيعات الأسلحة إلى الصين وكوريا الشمالية، بسبب عدم وجود بيانات موثوقة.

خلال هذه الفترة، مثلت مبيعات الأسلحة هذه أكثر من ضعف إجمالى نفقات معدات الجيش الروسى وأنظمة الأسلحة المعنية، خاصة الأسلحة البرية من الجيل الأحدث والأكثر كفاءة من الأسلحة الموجودة فى الخدمة مع القوات البرية فى فبراير ٢٠٢٢.

بالإضافة إلى ذلك، بالنسبة للبلدان التى تقيم موسكو معها علاقات طويلة الأمد مثل الهند والصين اللتين اشترتا ٤٠٪ من الصادرات الروسية خلال هذه الفترة، سُمح للمصنعين الروس بتزويدهم بتراخيص التصنيع. وهذا يتيح لروسيا أن تتمتع بقدرة إنتاجية على أراضيها وبين عملائها أكبر بكثير من احتياجاتها فى وقت السلم. كما يوفر هذا الوضع مزايا حاسمة فى زمن الحرب.

وهكذا، لاستبدال المعدات التى دمرت فى ساحة المعركة، وتزويدها بالذخيرة وتجهيز جيش جديد، الجيش الذى أعاد الروس إنشاءه بفضل تعبئة ٣٠٠ ألف جندى احتياطي، تمكن القادة الروس من الاستفادة من الزيادة فى الإنتاج المخطط لجيشهم من ثلاث روافع أخرى:

١) تأخروا بسبب "القوة القاهرة" فى تسليم المواد المنتجة لعملائهم وأعادوا توجيهها إلى جيشهم؛

٢) قاموا بشراء معدات تم إنتاجها بموجب ترخيص من الدول التى تقيم معها موسكو علاقات استراتيجية طويلة الأمد مثل الهند والصين. وهكذا فى الهند، أكبر مشتر للأسلحة الروسية، أنتجت شركة هندوستان للملاحة الجوية المحدودة (HAL) الهندية بموجب ترخيص أكثر من ٢٠٠ مقاتلة ثقيلة من طراز Su-٣٠MKI منذ عام ٢٠٠٠ باستخدام الألومنيوم والتيتانيوم الذى تزودها به روسيا.

وهذا هو الحال أيضًا بالنسبة لكوريا الشمالية، التى شحنت أكثر من مليون قذيفة إلى روسيا منذ أغسطس الماضي، وفقًا لسيول. وقال البرلمانى يو سانج بوم إن جهاز المخابرات الوطنى يقدر أنه تم إرسال ما يقرب من مليون قذيفة إلى موسكو. وتقوم كوريا الشمالية بتشغيل مصانعها بكامل طاقتها لتلبية الطلب من روسيا.

٣) أعادوا شراء المعدات أو قطع الغيار من عملائهم التى سلموها لهم بالفعل: "سعت روسيا لاستعادة أجزاء من الأنظمة الدفاعية التى صدرتها إلى دول مثل باكستان وبيلاروسيا والبرازيل، فى إطار محاولتها تجديد المخزونات الضخمة من الأسلحة التى أنفقت على الحرب فى أوكرانيا. وفى أبريل، طلب وفد من المسئولين الروس الذين زاروا إحدى هذه الدول من رئيسها إعادة أكثر من ١٠٠ محرك مروحية روسية تحتاجها موسكو للحرب فى أوكرانيا، حسبما قال ثلاثة أشخاص مطلعين على المفاوضات. وأضافوا أن رئيس تلك الدولة وافق، ومن المتوقع أن يبدأ تسليم حوالى ١٥٠ محركًا فى ديسمبر".

وعندما نضيف هذا العامل الحاسم، إلى المزايا الاستراتيجية والتكتيكية التى تتمتع بها روسيا، والبلاء الأخلاقى والشخصى للجيش الأوكراني، والصراع فى الشرق الأوسط الذى بدأ فى ٧ أكتوبر والذى يقسم الاهتمام وكذلك المساعدات المأمولة وفى سياق الانتخابات الرئاسية الأمريكية حيث وصف مرشح جمهورى زيلينسكى بأنه "نازي"، فإن عام ٢٠٢٤ يعد بأن يكون دراماتيكيًا بالنسبة لأوكرانيا.

لذا لا ينبغى لنا أن نطرح السؤال التالي: هل تخاطر أوكرانيا، برفضها التفاوض الآن على أساس المقترحات الروسية، بخسارة المزيد من الأراضى فى عام ٢٠٢٤؟

الجنرال جان برنارد بيناتيل: قائد عسكرى سابق، حاصل على الدكتوراه فى العلوم السياسية، وكانت أطروحته للماجستير فى مجال الفيزياء النووية.. ومؤلف ستة كتب جيوسياسية منها: «تاريخ الإسلام الراديكالى ومن يستخدمه».. يستعرض بخبرته العسكرية وبما لديه من معلومات مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية.. ويخلص إلى أنه قد لا يكون أمام كييف لإنقاذ نفسها، سوى القبول بالمفاوضات على أساس المقترحات الروسية.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: صناعة الأسلحة الصراع الأوكراني حرب استنزاف جان برنارد بيناتيل روسيا أکثر من

إقرأ أيضاً:

بالأرقام.. دراسة مثيرة تقارن بين القدرات العسكرية لروسيا وأوروبا

سلّط تقرير نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية الضوء على دراسة أصدرها المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، تتضمن مقارنة على الصعيد العسكري بين روسيا ومجموع الدول الأوروبية الـ30 الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو).

وفي حين تسعى القارة العجوز إلى تسريع إعادة التسلح وتعزيز صناعاتها الدفاعية في ظل العلاقات المتوترة مع روسيا، حاول خبراء المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية في دراسة تحمل عنوان "أوروبا وروسيا: تقييم موازين القوى"، الإجابة على السؤال التالي: في حال وقوع مواجهة، ما وزن القوات العسكرية الأوروبية الموحّدة مقارنة بروسيا؟

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2أوكرانيا تضرب أهدافا إستراتيجية بروسيا ومفاوضوها يتوجهون لواشنطنlist 2 of 2كاتبان روسيان: استمرار الحرب يحقق مكاسب لنخب وشركات غربيةend of list

وحسب الكاتب، فقد اعتمد مؤلفا الدراسة إيلي تينينباوم وديميتري مينيك، على قاعدة بيانات "التوازن العسكري" الصادرة عن المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية، والتي ترصد القدرات العسكرية لأكثر من 170 دولة.

الإنفاق العسكري

حسب تقديرات عام 2024، بلغ الإنفاق العسكري الروسي نحو 13 تريليون روبل، أي ما يعادل 145 مليار دولار.

وتؤكد الدراسة أنّه "مقارنة بالقوة الشرائية في الدول الغربية، يصل هذا الرقم إلى نحو 460 مليار دولار، أي ما يقارب إجمالي الإنفاق العسكري للدول الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو في العام ذاته".

القوات البرية

في حال نشوب مواجهة برية، تتمتع روسيا بتفوق واضح في عدد القوات، إذ يناهز قوام قواتها البرية نحو 950 ألف جندي، مقابل 750 ألفا لقوات الدول الأوروبية التابعة للناتو.

وترى الدراسة أن قوة أوروبا تكمن في الميزة النوعية لقواتها بفضل إتقانها للتكتيكات المشتركة بين الأسلحة وتأهيل أفرادها على مختلف المستويات.

روسيا تعد "قوة نووية عظمى"، إذ تمتلك نحو 1700 رأس نووي إستراتيجي جاهز للاستخدام. في المقابل، تعتمد أوروبا على المظلة النووية الأميركية

القوات الجوية

وبحسب لوفيغارو، يؤكد المعهد الفرنسي أن أوروبا تتفوق على روسيا في المجال الجوي كما ونوعا، حيث تمتلك أوروبا أكثر من 1500 طائرة مقاتلة، مقابل أقل من 1000 طائرة روسية.

ومع ذلك، يتعين على أوروبا -وفقا للدراسة- معالجة بعض الثغرات، لا سيما مخزون الذخيرة والتعامل مع الدفاعات الجوية للعدو.

تفوق بحري

تضيف الدراسة أن أوروبا تتمتع بتفوق نوعي بحريا، حيث تمتلك نحو 100 سفينة كبيرة، أي 3 أضعاف ما تمتلكه البحرية الروسية.

إعلان

لكن المشكلة -حسب مؤلفي الدراسة- أن روسيا محاطة بعدة بحار ضيقة (البحر الأسود وبحر البلطيق وبحر بارنتس)، وهي جغرافيا يصعب معها تحويل هذا التفوق إلى ورقة حاسمة.

وترى الدراسة أن نقطة قوة روسيا على الصعيد البحري هي أسطول غواصاتها التي تشكل "تهديدا جديا" بالنظر إلى القدرات الأوروبية المحدودة في مجال مواجهة الغواصات.

الفضاء

تشير الدراسة إلى أن ميزان القوى "أكثر توازنا" على مستوى الفضاء، فقد ورثت روسيا عن الاتحاد السوفياتي أسطولا ضخما من الأقمار الصناعية العسكرية، يتجاوز نظيره الأوروبي (100 مقابل 60).

لكن قطاع الفضاء الروسي "تضرر بشدة من العقوبات الغربية"، والنتيجة أن "معظم أسطوله من الأقمار الصناعية بات اليوم متقادما أو باليا، وآفاق تحديثه تبدو غير واضحة".

الردع النووي

يؤكد مؤلفا الدراسة أن روسيا تعد "قوة نووية عظمى"، إذ تمتلك نحو 1700 رأس نووي إستراتيجي جاهز للاستخدام، ونحو 2600 رأس احتياطي.

في المقابل، تعتمد معظم الدول الأوروبية على الردع النووي الذي توفره الولايات المتحدة. ويكتمل هذا الردع -وفقا للدراسة- بالترسانة النووية لكل من فرنسا وبريطانيا، اللتين تمتلكان مئات الرؤوس الإستراتيجية.

ويحذر المعهد الفرنسي من أنّ "أي تراجع في مصداقية الردع النووي الموسع الأميركي أو أي تقصير، يعني أن أوروبا ستعاني من خلل إستراتيجي كبير في مواجهة روسيا".

مقالات مشابهة

  • الناتو يدرس إجراءات "أكثر عدوانية" للرد على روسيا
  • بالأرقام.. دراسة مثيرة تقارن بين القدرات العسكرية لروسيا وأوروبا
  • حازم إمام: الزمالك محيّر بالنسبة لي
  • مدرب دورتموند يتفهّم غضب جيراسي!
  • كالاس: موسكو لا تبدي أي رغبة في السلام وعلينا إجبار الروس على التفاوض
  • الشرع: حلب كانت بالنسبة لنا بوابة دخول سوريا بأكملها
  • بعد انتهاء الصراع.. رئيس وزراء المجر يطالب بأن تكون أوكرانيا دولة عازلة بين روسيا والناتو
  • خبيرة روسية تكشف لـ«صدى البلد» أهمية القرم ودونباس لروسيا
  • الأمم المتحدة: الجوع يتهدد أكثر من 21 مليون سوداني
  • سفير موسكو بلندن: مصادرة الأصول الروسية في بريطانيا سرقة