لماذا على الاتحاد الأوروبي أن يعيد التفكير في أطر عمله مع تركيا
تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT
(زمان التركية)-نشر موقع الفاينانشال تايمز الشهير مقالة تتعلق بالعلاقات الأوروبية التركية وقد كتب المقال الكاتب والصحفي سنان أولجان المتخصص في الشأن التركي، والذي يشغل منصب مدير مركز إيدام للأبحاث ومقره إسطنبول، والذي سبق أن عمل في مؤسّسة كارنيجي أوروبا، وقد جاء في المقالة :
إنه ومما لا شك فيه أن الزعماء الأوروبيين سيكونون بصدد قرارٍ تاريخيٍّ في قمتهم المقبلة في ديسمبر/كانون الأول، فبعد سنوات من المراوغة، سيتعين على الإتحاد الأوروبي أن يقرر ما إذا كان مستعدًّا أخيرًا لقبول أعضاء جدد.
ومن جهة أخرى يرى المحللون المتخصّصون في الشأن الدولي أنه لو تابعت تركيا أجندتها الإصلاحية، لكانت مهمة زعماء الاتحاد الأوروبي أكثر بساطة، باعتبار تركيا بالفعل دولة مرشحة منذ عام 1999، حيث كان من الممكن الحكم على تقدم أنقرة بناءً على نفس المزايا مثل الأعضاء المتبقين في نادي الدول الطامحة للانضمام للاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فعلى مدى العقد الماضي، ابتعدت تركيا عن المعايير الأوروبية بشأن الديمقراطية وسيادة القانون، ويتناقض هذا التراجع مع منطق توسعة الاتحاد الأوروبي، الذي يستند في الأساس إلى الرغبة في الإصلاح، فقد أظهرت الانتخابات الرئاسية في تركيا عدم وجود إجماع داخلي في تركيا على الإصلاح، الأمر الذي يجعل مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في حالة من عدم اليقين.
الجدير بالذكر أيضا أن حالة عدم اليقين هذه مستمرة منذ فترة، حيث لم يتم إحراز أي تقدم ملموس على جدول أعمال تركيا والاتحاد الأوروبي لسنوات، ولكن أوروبا لم يعد بوسعها أن تؤجل ما لا مفرّ منه، ولا شكّ أن انفتاحًا تاريخيًّا على دولٍ جديدة مع تجنّب قضيّة تركيا سوف يكون نتيجة سطحيّة محتملة لقمّة ديسمبر/كانون الأول.
إلا أن ما نطرحه هنا هو أنه من الممكن حلّ هذه المشكلة من خلال إعادة تعريف علاقة أوروبا طويلة الأمد مع تركيا، وذلك من خلال الاستناد إلى أربعة مبادئ أساسية:
أولاً: يتعين على تركيا أن تظلّ مرشحة للتوسع. على الرغم من التطورات السلبية التي شهدتها السنوات العديدة الماضية، لا توجد قيمة في تحدي وضعها كدولة واحدة ــ وخاصة في ضوء أنه على الرغم من فشلها في الاستيلاء على السلطة السياسية، فإن هناك قاعدة انتخابية محلية قوية في تركيا مهتمة بتعزيز آفاق التكامل السياسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
ثانياً: لابد أن تنعكس الظروف المتغيرة في خلق إطار أوروبي للعلاقات مع تركيا. فمن وجهة نظر أنقرة، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من توفير قناة للمشاركة الإيجابية مع تركيا في هذا الوقت الذي يشهد اضطرابات جيوسياسية، وقد أدى هذا أيضًا إلى تعقيد يتعلق بالنظرة المحلية عن الغرب بأنه دائما ما يهدف إلى تعزيز المشاكل ضد تركيا، وهنا تظهر أهمية وجهة نظر بروكسل، حيث ترى بروكسل أن هذا الافتقار إلى المشاركة قد أدى إلى خسارة كاملة للنفوذ الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي على السياسة التركية المحلية أو الخارجية.
ثالثاً: يجب أن يهدف الإطار الجديد إلى تحسين الحكم التركي، على النقيض من مسار الانضمام الذي يظل يركز على الحقوق السياسية. ومن الممكن أن يكون الإنجاز الملموس هو إعطاء الضوء الأخضر للمفاوضات من أجل تعميق الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي. ومن شأن توسيع هذا الترتيب ليشمل الخدمات أن يؤدي إلى تقارب سياسات تركيا مع سياسات الاتحاد الأوروبي، مما يعزز القدرة على التنبؤ بالسياسات وسيادة القانون، ومن الممكن أن تعمل هذه المبادرة، إلى جانب تحرير التأشيرات، وتقارب السياسات في القطاعات الخضراء والرقمية، والتعاون في مجال الطاقة والدبلوماسية المشتركة في أفريقيا وآسيا الوسطى، على إعادة تشكيل العلاقات السياسية بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشكل عميق.
وأخيرًا: لابد أن يعترف الاتفاق الجديد بين تركيا والاتحاد الأوروبي بالمشهد العالمي اليوم، فبغض النظر عما إذا كانت تركيا قادرة على أن تصبح عضوًا في الاتحاد الأوروبي، فلن يستفيد أي من الكيانين من مستقبل مليء بالتنافس والعداء، كما ينبغي أن يعزز الاتفاق التقارب التدريجي والمستدام، مع الاعتراف بهدف تركيا المتمثل في الاستقلال الاستراتيجي واهتمامها المتزايد بمخاوف الجنوب العالمي.
على الاتحاد الأوروبي أن يقدر أهمية دمج تركيا، بقدراتها وحساسياتها، في الخطة الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي، باعتبار أن هذا من شأنه أن يساهم في تنشيط التحالف الغربي فيكون جاهزا بشكل أفضل للتعامل مع مجموعة كبيرة من التحديات الإقليمية والعالمية. وهذا هو الاختبار الحاسم لزعماء أوروبا وهم يستعدون لهذه القمة الحاسمة.
Tags: الاتحاد الأوروبيتركياالمصدر: جريدة زمان التركية
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي تركيا الاتحاد الأوروبی من الممکن مع ترکیا
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يضع خرائط وآبل إعلانات تحت المجهر
يبدو أن الضغوط التنظيمية على شركة آبل لن تتوقف قريبًا، فبعد أشهر من تطبيق قواعد صارمة بموجب قانون الأسواق الرقمية DMA على مجموعة من منتجاتها الأساسية، يجد عملاق التكنولوجيا الأميركي نفسه مجددًا أمام احتمال توسع القائمة.
فقد أعلن الاتحاد الأوروبي أنه تلقى إشعارات رسمية من آبل تفيد بأن خدمتي Apple Maps وApple Ads قد تستوفيان شروط التصنيف كـ«خدمات مراقبة» Gatekeeper Services، وهي أعلى درجات التدقيق التي يفرضها القانون على المنصات الرقمية المهيمنة في السوق الأوروبي.
وبموجب لوائح DMA، تُصنّف المنصة على أنها “خدمة مراقِبة” إذا كانت تتمتع بنفوذ واسع يتجاوز حدود السوق التقليدية، ويثبت امتلاكها أكثر من 45 مليون مستخدم نشط شهريًا و10 آلاف مستخدم تجاري سنويًا داخل الاتحاد الأوروبي على مدار السنوات الثلاث الأخيرة.
هذا التصنيف لا يُعتبر مجرد لقب، بل مجموعة من الالتزامات الثقيلة، إذ يُجبر الشركات الكبرى على تغيير طريقة عمل خدماتها وفتح أنظمتها أمام المنافسة ومنع أي ممارسة قد تُفسَّر كاستغلال للمكانة السوقية.
آبل ليست جديدة على هذه القائمة؛ فقد شملت القرارات السابقة بالفعل متصفح Safari ونظامي التشغيل iOS وiPadOS ومتجر التطبيقات App Store. وقد ترتب على ذلك سلسلة من التغييرات في السوق الأوروبية، مثل السماح بمتاجر تطبيقات بديلة وتسهيل عمليات الدفع الخارجية ومنع التفضيل الذاتي لمنتجات الشركة داخل نظامها البيئي.
اليوم، تواجه آبل احتمالًا حقيقيًا بأن تُدرج أيضًا خدمة الخرائط Apple Maps وخدمة الإعلانات Apple Ads ضمن نفس التصنيف. وبموجب الإجراءات الرسمية، بات لدى الاتحاد الأوروبي 45 يومًا فقط قبل اتخاذ القرار النهائي بشأن ما إذا كانت الخدمتان تستوفيان الشروط بالفعل.
لكن آبل لم تقف مكتوفة الأيدي. ففي تصريح نقلته وكالة رويترز، أكدت الشركة أنها ستناقش مع الاتحاد الأوروبي “أسباب عدم أحقية هذه الخدمات في الحصول على التصنيف”. وجاءت دفوع الشركة في اتجاهين رئيسيين:
أولًا: ضعف انتشار خرائط آبل في السوق الأوروبية. تقول الشركة إن Apple Maps لا تزال بعيدة تمامًا عن منافسة خرائط جوجل، التي تهيمن بشكل شبه كامل على استخدام الخرائط في أوروبا. ووفقًا لآبل، فإن قاعدة مستخدميها في هذا المجال لا ترقى إلى مستوى قد يُعد تأثيرًا حقيقيًا في السوق، وبالتالي لا ينبغي إخضاع الخدمة لقواعد DMA.
ثانيًا: صغر حصة آبل في سوق الإعلانات الرقمية مقارنة بالعمالقة مثل جوجل وميتا وتيك توك وحتى منصة إكس. فبينما تسيطر هذه الشركات على النسبة الأكبر من الإنفاق الإعلاني الرقمي داخل الاتحاد الأوروبي، تشير آبل إلى أن إعلاناتها لا تزال في موقع محدود الأهمية، ومن غير المنطقي معاملتها كخدمة ذات نفوذ يعادل الشركات المذكورة.
وقالت الشركة في بيان رسمي: “نتطلع إلى تقديم المزيد من التوضيحات للمفوضية الأوروبية حول أسباب عدم تصنيف خرائط آبل وإعلاناتها”. الجملة تحمل بين سطورها استعدادًا للنقاش، لكنها تعكس أيضًا مخاوف الشركة من توسع القيود التنظيمية على خدماتها.
وإذا قرر الاتحاد الأوروبي بالفعل تصنيف الخدمتين ضمن فئة “الخدمات المراقِبة”، فسيكون على آبل الالتزام بحزمة جديدة من القواعد، من بينها: منع أي تفضيل لخدماتها داخل أنظمتها التشغيلية، وضمان الوصول العادل للمنافسين إلى واجهات برمجة التطبيقات، والتوقف عن أي ممارسات قد يُنظر إليها على أنها تقييد للمنافسة أو إغلاق للنظام البيئي في وجه التطبيقات أو الخدمات الخارجية.
اللافت أن هذه الخطوة تأتي في سياق أوسع يشهد تشديدًا كبيرًا من قبل المفوضية الأوروبية على الشركات التقنية الكبرى، في محاولة لخلق بيئة تنافسية عادلة وفتح الأسواق أمام مزيد من الابتكار. فالاتحاد الأوروبي يرى أن المنصات الرقمية أصبحت “بوابات لا يمكن تجاوزها” في حياة المستخدمين اليومية، وبالتالي يجب ألا تُستخدم هذه القوة لتعزيز الهيمنة أو إقصاء المنافسين.
في المقابل، ترى الشركات التقنية — ومنها آبل — أن هذه القواعد قد تُعرقل قدرتها على تقديم تجربة متكاملة وآمنة، وتضغط عليها لتغيير نماذج أعمال أثبتت نجاحها عالميًا.
وخلال الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن تشهد بروكسل نقاشات مكثفة حول هذه القضية، خصوصًا أن أي قرار جديد سيترك أثرًا واسعًا على طريقة عمل المنتجات الرقمية داخل السوق الأوروبية، وربما يمتد تأثيره إلى أسواق أخرى تسعى لتبني تشريعات مماثلة.