(زمان التركية)-نشر موقع الفاينانشال تايمز الشهير مقالة تتعلق بالعلاقات الأوروبية التركية وقد كتب المقال الكاتب والصحفي سنان أولجان المتخصص في الشأن التركي، والذي يشغل منصب مدير مركز إيدام للأبحاث ومقره إسطنبول، والذي سبق أن عمل في مؤسّسة كارنيجي أوروبا، وقد جاء في المقالة :

إنه ومما لا شك فيه أن الزعماء الأوروبيين سيكونون بصدد قرارٍ تاريخيٍّ في قمتهم المقبلة في ديسمبر/كانون الأول، فبعد سنوات من المراوغة، سيتعين على الإتحاد الأوروبي أن يقرر ما إذا كان مستعدًّا أخيرًا لقبول أعضاء جدد.

أم لا، إلا أن الدافع الحقيقي وراء اتخاذ موقف واضح تجاه القضايا العالقة هي الصدمات الجيوسياسية التي تمر بها أوروبا مثل الحرب في أوكرانيا، والتوقعات المتزايدة للتنافس الطويل الأمد مع الصين، هذه الأسباب لعبت دورًا مهمًّا في التعجيل بلحظة الحقيقة هذه. ومع ذلك، فإن المعضلة الحقيقية تكمن في مكان آخر، فبينما يرسم الاتحاد الأوروبي مسارًا لانضمام دول جديدة، بما في ذلك أوكرانيا ومولدوفا والبوسنة والهرسك، فإن المسألة التركية تلوح في الأفق بشكل كبير.

ومن جهة أخرى يرى المحللون المتخصّصون في الشأن الدولي أنه لو تابعت تركيا أجندتها الإصلاحية، لكانت مهمة زعماء الاتحاد الأوروبي أكثر بساطة، باعتبار تركيا بالفعل دولة مرشحة منذ عام 1999، حيث كان من الممكن الحكم على تقدم أنقرة بناءً على نفس المزايا مثل الأعضاء المتبقين في نادي الدول الطامحة للانضمام للاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، فعلى مدى العقد الماضي، ابتعدت تركيا عن المعايير الأوروبية بشأن الديمقراطية وسيادة القانون، ويتناقض هذا التراجع مع منطق توسعة الاتحاد الأوروبي، الذي يستند في الأساس إلى الرغبة في الإصلاح، فقد أظهرت الانتخابات الرئاسية في تركيا عدم وجود إجماع داخلي في تركيا على الإصلاح، الأمر الذي يجعل مستقبل العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي في حالة من عدم اليقين.

الجدير بالذكر أيضا أن حالة عدم اليقين هذه مستمرة منذ فترة، حيث لم يتم إحراز أي تقدم ملموس على جدول أعمال تركيا والاتحاد الأوروبي لسنوات، ولكن أوروبا لم يعد بوسعها أن تؤجل ما لا مفرّ منه، ولا شكّ أن انفتاحًا تاريخيًّا على دولٍ جديدة مع تجنّب قضيّة تركيا سوف يكون نتيجة سطحيّة محتملة لقمّة ديسمبر/كانون الأول.

إلا أن ما نطرحه هنا هو أنه من الممكن حلّ هذه المشكلة من خلال إعادة تعريف علاقة أوروبا طويلة الأمد مع تركيا، وذلك من خلال الاستناد إلى أربعة مبادئ أساسية:

أولاً: يتعين على تركيا أن تظلّ مرشحة للتوسع. على الرغم من التطورات السلبية التي شهدتها السنوات العديدة الماضية، لا توجد قيمة في تحدي وضعها كدولة واحدة ــ وخاصة في ضوء أنه على الرغم من فشلها في الاستيلاء على السلطة السياسية، فإن هناك قاعدة انتخابية محلية قوية في تركيا مهتمة بتعزيز آفاق التكامل السياسي بين تركيا والاتحاد الأوروبي.

ثانياً: لابد أن تنعكس الظروف المتغيرة في خلق إطار أوروبي للعلاقات مع تركيا. فمن وجهة نظر أنقرة، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من توفير قناة للمشاركة الإيجابية مع تركيا في هذا الوقت الذي يشهد اضطرابات جيوسياسية، وقد أدى هذا أيضًا إلى تعقيد يتعلق بالنظرة المحلية عن الغرب بأنه دائما ما يهدف إلى تعزيز المشاكل ضد تركيا، وهنا تظهر أهمية وجهة نظر بروكسل، حيث ترى بروكسل أن هذا الافتقار إلى المشاركة قد أدى إلى خسارة كاملة للنفوذ الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي على السياسة التركية المحلية أو الخارجية.

ثالثاً: يجب أن يهدف الإطار الجديد إلى تحسين الحكم التركي، على النقيض من مسار الانضمام الذي يظل يركز على الحقوق السياسية. ومن الممكن أن يكون الإنجاز الملموس هو إعطاء الضوء الأخضر للمفاوضات من أجل تعميق الاتحاد الجمركي بين تركيا والاتحاد الأوروبي. ومن شأن توسيع هذا الترتيب ليشمل الخدمات أن يؤدي إلى تقارب سياسات تركيا مع سياسات الاتحاد الأوروبي، مما يعزز القدرة على التنبؤ بالسياسات وسيادة القانون، ومن الممكن أن تعمل هذه المبادرة، إلى جانب تحرير التأشيرات، وتقارب السياسات في القطاعات الخضراء والرقمية، والتعاون في مجال الطاقة والدبلوماسية المشتركة في أفريقيا وآسيا الوسطى، على إعادة تشكيل العلاقات السياسية بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشكل عميق.

وأخيرًا: لابد أن يعترف الاتفاق الجديد بين تركيا والاتحاد الأوروبي بالمشهد العالمي اليوم، فبغض النظر عما إذا كانت تركيا قادرة على أن تصبح عضوًا في الاتحاد الأوروبي، فلن يستفيد أي من الكيانين من مستقبل مليء بالتنافس والعداء، كما ينبغي أن يعزز الاتفاق التقارب التدريجي والمستدام، مع الاعتراف بهدف تركيا المتمثل في الاستقلال الاستراتيجي واهتمامها المتزايد بمخاوف الجنوب العالمي.

على الاتحاد الأوروبي أن يقدر أهمية دمج تركيا، بقدراتها وحساسياتها، في الخطة الإستراتيجية للاتحاد الأوروبي، باعتبار أن هذا من شأنه أن يساهم في تنشيط التحالف الغربي فيكون جاهزا بشكل أفضل للتعامل مع مجموعة كبيرة من التحديات الإقليمية والعالمية. وهذا هو الاختبار الحاسم لزعماء أوروبا وهم يستعدون لهذه القمة الحاسمة.

Tags: الاتحاد الأوروبيتركيا

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي تركيا الاتحاد الأوروبی من الممکن مع ترکیا

إقرأ أيضاً:

“الدبوس الذي يفقع بالونة التحسن”.. لماذا تخشى حكومة بن بريك صرف المرتبات؟

الجديد برس| كشفت مصادر مطلعة في حكومة سالم بن بريك-الموالية للتحالف- عن الأسباب الحقيقية وراء امتناع الحكومة عن صرف مرتبات الموظفين للشهر الخامس على التوالي، رغم تفاقم الأوضاع الإنسانية والمعيشية في مناطق سيطرتها جنوب وشرق اليمن. وأوضحت المصادر أن الحكومة تخشى من أن يؤدي ضخ المرتبات إلى زيادة المعروض النقدي من العملة المحلية في الأسواق، وهو ما قد يفضي إلى تراجع جديد في قيمة الريال اليمني وتآكل التحسن الطفيف الذي حققته مؤخرًا أمام العملات الأجنبية. وأضافت أن حكومة بن بريك تتوقع انهيارًا وشيكًا للعملة في أي وقت، نتيجة غياب الإصلاحات المالية والإدارية واستمرار سيطرة قوى نافذة تمتلك شركات صرافة عملاقة على حركة السوق المالي، في ظل عجز الحكومة عن الوصول إلى الإيرادات العامة التي تُدار خارج الأطر الرسمية وتُحوَّل إلى أوعية مالية خاصة تتحكم بها تلك الشركات. وأكدت المصادر أن الحكومة عاجزة عن إدارة الكتلة النقدية في مناطق نفوذها، مشيرة إلى أن أي خطوة لصرف المرتبات دون معالجة بنيوية للأزمة الاقتصادية قد تكون بمثابة “الدبوس الذي يفقع بالونة تحسن العملة” مؤقتًا. ويأتي استمرار رفض حكومة بن بريك صرف المرتبات في ظل تصاعد الغضب الشعبي والاحتقان في أوساط الموظفين، الذين يواجهون انهيارًا معيشيًا غير مسبوق، بالتزامن مع استمرار الاضطرابات المالية والإدارية داخل المجلس الرئاسي والفصائل الموالية للتحالف.

مقالات مشابهة

  • لماذا على أميركا تسخير دبلوماسيتها لإنجاح خط العراق - تركيا النفطي؟
  • “الدبوس الذي يفقع بالونة التحسن”.. لماذا تخشى حكومة بن بريك صرف المرتبات؟
  • الأردن والاتحاد الأوروبي يؤكدان التزامهما المشترك بتعزيز حقوق الإنسان
  • “التعاون الخليجي” والاتحاد الأوروبي: شراكتنا ركيزة للسلام العالمي
  • عُمان تشارك في "منتدى الأمن والتعاون الإقليمي" بين دول الخليج والاتحاد الأوروبي
  • «التعاون الخليجي» والاتحاد الأوروبي.. الالتزام بتعزيز الشراكة الاستراتيجية وتحقيق السلام
  • الإمارات تشارك في الاجتماعات الوزارية المشتركة بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي
  • بيان الاجتماع الوزاري المشترك الـ29 بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي
  • البديوي: اجتماع مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي يؤكد متانة الشراكة الإستراتيجية الممتدة منذ 4 عقود
  • عن وزير الخارجية.. نائب وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الوزاري الخليجي الأوروبي الـ29