​في كل ليلة من فصل الشتاء، تتحول شوارع مدينة ذمار إلى حالة من التوقف شبه التام. فمن النادر أن تستمر الحركة المعتادة في المدينة بعد غروب الشمس، نظراً لدرجات البرودة العالية التي قد تصل إلى أربع درجات تحت الصفر. وسط هذا البرد القارس والحركة الضئيلة، يواصل الكثير من أرباب المهن المكوث في أماكنهم، في مواجهة حقيقية مع ساعات طويلة من البرد الذي "يتسلل إلى العظام" كما يصفه "أسامة الرخمي".

 

​"أسامة" شاب عشريني لم تُتح له الظروف أن يكمل دراسته، فقد توقف في الصف الثاني الثانوي قبل أن ينخرط في العمل. هو حالياً يبيع البطاطا والبيض بالقرب من شارع 13 يونيو بمدينة ذمار، ويمكث في مكانه حتى العاشرة مساءً، وهو وقت من الصعب على الكثير الجلوس فيه بسبب شدة البرد وانخفاض درجة الحرارة.

 

​يشير أسامة إلى أن جلوسه حتى وقت متأخر من الليل هو من أجل بيع ما لديه من "البيض المسلوق والبطاطا المطبوخة" للمارة ومرتادي مقهى "أيوب" المجاور، وعندما ينتهي ما لديه يعود إلى المنزل.

 

​ويعتبر أن فصل الشتاء بالنسبة له وللمئات من بائعي البطاطا في مدينة ذمار هو "ذروة الموسم"، بسبب ارتفاع الإقبال عليها من المواطنين من مختلف الفئات العمرية.

 

​تُعد الشوارع الرئيسية والتقاطعات، وبالقرب من المولات وأسواق القات والمستشفيات الحكومية والأهلية وأقسام الشرطة، هي المواقع التي يفضلها بائعو البطاطا. لذا، يجلسون في أماكنهم طوال العام، لكن يرتفع عدد بائعي البطاطا في فصل الشتاء بشكل ملحوظ.

 

​البطاطا المفضلة

 

​تتنوع بضائع بائعي البطاطا بين البيض المسلوق والبطاطا المطبوخة أو "الشِبْس". ويفضل - وفقاً لمحمد الشميري - الكثير من المواطنين السندويتشات بالبطاطا لسرعة تحضيرها وأسعارها المناسبة، فسعر السندويتش الواحد لا يتجاوز مئة ريال. وأضاف: "لي في شارع رداع - بمدينة ذمار - أكثر من سبع سنوات، وأغلب أصحاب المحلات وسائقي الباصات من زبائني لأني أستمر في العمل حتى وقت متأخر من الليل طوال العام".

 

​يبدأ دوام الرجل الأربعيني "الشميري" من الفجر حتى وقت متأخر من الليل. وتعتبر رحلته اليومية إلى السوق المركزي بمدينة ذمار الخاص ببيع الخضروات والفواكه من أجل شراء أصناف جيدة من البطاطا أولوية، حيث يحرص على شراء وانتقاء أصناف جيدة من البطاطا والعودة بها للمنزل لتتكفل زوجته وأبناؤه في تحضيرها وطبخها. لينام بعدها حتى الواحدة ظهراً، ويُحضر نفسه ليوم عمل يمتد حتى الثانية عشر ليلاً أو يزيد.

 

​من النادر أن يغادر مكانه، والمرات التي غاب فيها عن المكان كانت معدودة، بسبب أمر طارئ وضروري اضطره إلى التغيب. وقال ساخراً: "لو تموت زوجتي ما أترك العمل". لكنه يتذكر أنه عندما أجرت زوجته عملية قيصرية في ولادتها للطفل قبل الأخير، اضطر للمكوث جوارها إلى وقت متأخر من الليل تاركاً بضاعته يبيعها أحد أبناء شقيقه.

 

​"البرد قتلنا، بس من يعيل أطفالنا؟"، قال وتابع: "الواحد قد يحتفظ ويلبس ثقيلاً ويحمي نفسه من البرد والمرض، وعلى الله الرزق، الذي يحتاج إلى جهد وتعب وتحمل وصبر على البرد وعلى بعض الزبائن الذين يريدون أن يأكلوا ببلاش".

 

​ما دون الصفر المئوي

 

​وشهدت محافظة ذمار، منذ بداية الأسبوع الحالي، موجة صقيع حادة وصلت إلى ما دون الصفر المئوي. وكان مركز الأرصاد الجوي أشار إلى أن حالة الطقس "باردة إلى شديدة البرودة" أثناء الليل والصباح الباكر في محافظات ذمار وصعدة وعمران وصنعاء والبيضاء ومرتفعات الضالع ولحج وأبين وإب وغرب الجوف وجنوب مأرب، وتتراوح درجات الحرارة بين 1-4 درجات مئوية. وتوقع في ذات الوقت حدوث صقيع (ضريب) على أجزاء منها خلال الـ 24 ساعة المقبلة.

 

​ونصحت نشرة أصدرها المركز "المزارعين باتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية مزروعاتهم ومحاصيلهم من التلف، والقادمين إلى المناطق الباردة بأخذ الاحتياطات اللازمة للوقاية من صدمات البرد".

 

​ارتفاع أسعار القات

 

​بالنسبة لبائعي البطاطا في شوارع مدينة ذمار، ينعكس فصل الشتاء إيجابياً وينعش مشاريعهم الصغيرة، بسبب إقبال الزبائن. ويعود ارتفاع الإقبال بشكل مضاعف عن الأيام العادية إلى ارتفاع أسعار "القات" بشكل كبير، ما يضطر الكثير من المواطنين إلى تناول الوجبات الخفيفة في مقدمتها البطاطا.

 

​وخلال الأيام الفائتة، خسر المئات من المزارعين في محافظة ذمار محاصيلهم الزراعية، وفي مقدمتهم مزارعو القات. لتكون موجة الصقيع الشديدة التي حدثت في الأيام الفائتة، والتي ما يزال تأثيرها قائماً، ضربة موجعة للمزارعين. فقد تسببت بإتلاف مساحات واسعة من المزارع وأنهت عدداً كبيراً من المحاصيل الزراعية، بما في ذلك مناطق في مديريات الحداء وجهران وميفعة عنس وعنس، مكبدة المزارعين خسائر كبيرة، وفي مقدمتها "مزارع القات". وعجز الكثير منهم عن مواجهة موجة الصقيع بالحلول التقليدية.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: ذمار البطاط برودة القات اليمن وقت متأخر من اللیل بمدینة ذمار فصل الشتاء الکثیر من

إقرأ أيضاً:

حرس الحدود بعسير يقبض على 3 إثيوبيين لتهريبهم 45 كيلو جراما من القات المخدر

قبضت الدوريات البرية لحرس الحدود في قطاع الربوعة بمنطقة عسير على (3) مخالفين لنظام أمن الحدود من الجنسية الإثيوبية، لتهريبهم (45) كيلوجراما من نبات القات المخدر.

وجرى استكمال الإجراءات النظامية الأولية بحقهم، وتسليمهم والمضبوطات لجهة الاختصاص.

وتهيب الجهات الأمنية بالإبلاغ عن كل ما يتوافر من معلومات لدى المواطنين والمقيمين عن أي نشاطات ذات صلة بتهريب أو ترويج المخدرات، وذلك من خلال الاتصال بالأرقام (911) في مناطق مكة المكرمة والمدينة المنورة والرياض والشرقية و(999) و(994) في بقية مناطق المملكة، ورقم بلاغات المديرية العامة لمكافحة المخدرات (995)، وعبر البريد الإلكتروني: (Email:[email protected])، وستعالج جميع البلاغات بسرية تامة دون أدنى مسؤولية على المبلّغ.

حرس الحدودأخبار السعوديةأخر اخبار السعوديةقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • البرد يتلف مساحات كبيرة من المزارع بمحافظة ذمار
  • حرس الحدود بعسير يقبض على 3 إثيوبيين لتهريبهم 60 كيلو جراما من القات المخدر
  • الفوائد الصحية للبطاطا.. سلاح غذائى قوى لمواجهة الأمراض المزمنة
  • تحذير عاجل من “الصحة” حول حقنة لعلاج البرد تنتشر في فصل الشتاء
  • حرس الحدود بعسير يقبض على 3 إثيوبيين لتهريبهم 45 كيلو جراما من القات المخدر
  • البرد القارص.. موعد بداية فصل الشتاء رسميًا
  • عسير.. القبض على شخص لترويجه 5 كيلو جرامات من القات المخدر
  • أخصائي يحذر: 3 عادات صباحية شائعة يمارسها الكثير تدمر البنكرياس وتسرّع الشيخوخة
  • أعراض سرطان البروستاتا.. علامات يتجاهلها الكثير من الرجال