المرأة الإماراتية والعمل المناخي.. أدوار قيادية وتجارب ملهمة في حماية البيئة
تاريخ النشر: 4th, December 2023 GMT
دبي - الخليج
حققت دولة الإمارات تطوراً نوعياً في شتى القطاعات التنموية، وشغلت مواقع متقدمة في مختلف مؤشرات التنافسية الدولية من خلال تهيئة البنى التحتية الرائدة عالمياً، وتمكين الكفاءات البشرية من كلا الجنسين.
وعززت الدولة مساهمة المرأة في مجالات البناء والتنمية والتطوير، بما في ذلك قضايا التغير المناخي والبحث عن حلول مستدامة عالمياً لهذا التحدي الذي يهدد جميع الدول والمجتمعات، وفتحت المجال لمساهمة المرأة بفاعلية في دعم الجهود الوطنية، لتعزيز حماية البيئة ومواجهة تداعيات التغير المناخي، من خلال مبادرات وحلول مستدامة تعود بالفائدة على الأجيال القادمة، حيث أكدت الإمارات من خلال هذا النهج التشاركي، استمرارها في ترسيخ نموذجها الرائد في مجال حقوق المرأة والثقة الكاملة بمؤهلاتها وقدراتها على تقديم مساهمة فاعلة في جميع الميادين.
كما أثبتت المرأة الإماراتية حضورها الفاعل في قضايا المناخ، وأسهمت في صياغة توجّهات الاستعداد لمواجهة تحديات المناخ، في ظل الدعم الذي تحظى به من قبل القيادة الرشيدة وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات» التي توفر كل سبل الرعاية للمرأة في شتى المجالات لا سيما البيئة والمناخ.
وطرحت الإمارات مبادرات وبرامج متنوعة لإشراك المرأة في العمل المناخي، وهي جهود تنسجم مع محور «أبطال العمل المناخي» ضمن حملة «استدامة وطنية» التي تم إطلاقها تزامناً مع الاستعدادات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ «COP28» الذي يُعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر من العام الجاري في مدينة إكسبو دبي، حيث تسعى الحملة إلى التعريف بجهود أفراد من مجتمع دولة الإمارات يلتزمون بالمشاركة في مبادرات مبتكرة في مجال العمل المناخي لبناء مجتمع أكثر استدامة.
صانعة قرار مناخي
وتدعم القيادة الرشيدة في دولة الإمارات تمكين المرأة، باعتباره إحدى الركائز الرئيسية لكافة الجهود التنموية، حيث أتاحت الفرصة لتولي المرأة العديد من المناصب القيادية والمهمة في المجال البيئي والمناخي وإحداث التغيير الإيجابي داخل الدولة وعلى مستوى العالم، بناء على استعدادات مبكرة تمثلت في الارتقاء بالمستوى التعليمي للمرأة الإماراتية، وتحفيزها لنيل أرفع المؤهلات العلمية التي تشكل مرتكزاً لتقديم رؤيتها في مجال الحلول المستدامة لقضايا المناخ.
ويعكس وجود إماراتيات ضمن مناصب قيادية في صناعة القرار الفاعل بقضايا المناخ وحماية البيئة، ثمار الكفاءة العلمية لدى ابنة الإمارات، ومن الأمثلة على ذلك، تولي مريم بنت محمد المهيري منصب وزيرة التغير المناخي والبيئة، والتي تتابع تنفيذ خطط واستراتيجيات الدولة في مجالات تغير المناخ والبيئة والأمن الغذائي والمائي، كما تم تعيين شما بنت سهيل بن فارس المزروعي وزيرة تنمية المجتمع كرائدة المناخ للشباب، في حين تم تعيين رزان المبارك رائدة الأمم المتحدة للمناخ لدى مؤتمر «COP28»، والتي تم انتخابها سابقاً رئيسة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة في سبتمبر 2021 لمدة أربع سنوات، لتكون بذلك ثاني امرأة تقود هذه المؤسسة المرموقة وأول امرأة من العالم العربي تتولى هذا المنصب.
التعليم وتحدي تغير المناخ
وحرصت المؤسسات التعليمية في الإمارات على رفد المجتمع بالكفاءات النسائية القادرة على استشراف متطلبات المستقبل، والتصدي للظواهر العالمية التي تفرض تحدياتها على جميع المجتمعات.
وتؤكد منظمة الأمم المتحدة أن التعليم يعد أحد أهم العوامل في معالجة قضية تغير المناخ، ودعت إلى القيام بحملات تثقيفية وتوعية عامة بشأن تغير المناخ، لضمان مشاركة الجمهور في البرامج والوصول إلى المعلومات حول هذه القضية، مشيرة إلى أن التعليم يمكن أن يشجع الناس على تغيير مواقفهم وسلوكهم، وفهم تأثير الاحتباس الحراري وتعلُّم كيفية التكيف مع تغير المناخ.
وعلى صعيد دور المرأة في إحداث تغيير جذري في قضايا المناخ، استناداً إلى رصيدها التعليمي والمعرفي، تظهر مؤشرات التعليم في الدولة نمواً كمياً ونوعياً، حيث حققت الدولة المركز الأول عربياً والسادس عالمياً في جودة التعليم قبل الجامعي، وهو ما انعكس إيجاباً على مؤشرات تمكين المرأة في مجال التعليم، لتحظى النساء بنحو نصف مقاعد كليات الهندسة.
وحسب إحصائيات مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، فإن أكثر من 10000 من طلبة كليات التقنية العليا هم من الإناث، بينما تشكل الإناث نسبة 60% من الخريجين الإماراتيين في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي الذي يركز على تقنيات الطاقة المتقدمة والتنمية المستدامة.
ويبلغ معدل الإلمام بالقراءة والكتابة بين الإناث في الدولة 95.8%، ونسبة الإناث الحاصلات على شهادة الثانوية اللواتي يلتحقن بالتعليم العالي 95% مقارنة بـ80% من الذكور، في حين تشكل الإناث ما بين 80% و90% من إجمالي عدد الطلبة في كل من جامعتي الإمارات وزايد على التوالي.
مبادرات محلية وعالمية
وتزامناً مع استعدادات الإمارات لاستضافة «COP28»، جاءت مبادرة «التغيير المناخي والمساواة بين الجنسين»، والتي أطلقتها وزارة الخارجية بالتعاون مع الاتحاد النسائي العام، ومكتب اتصال هيئة الأمم المتحدة للمرأة في دول مجلس التعاون الخليجي، في مارس الماضي، برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، وتهدف إلى دعم مشاركة المرأة في منظومة العمل الخاصة بالتغيير المناخي.
كما أطلقت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» منصة «السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة» التي تعد مبادرة استراتيجية تهدف إلى تحفيز النساء على لعب دور فاعل في مواجهة تحديات الاستدامة العالمية، حيث تم إطلاق هذه المنصة خلال الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في شهر سبتمبر عام 2015.
وتضم منصة «السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة» عدة أنشطة وبرامج وملتقى سنوياً، وجميعها تهدف إلى تعزيز دور النساء والفتيات للمساهمة الفاعلة في العمل المناخي وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الأمم المتحدة، وإلهام جيل جديد من النساء القياديات الواعيات بقضايا الاستدامة.
ومنذ إطلاقها، عقدت منصة «السيدات للاستدامة والبيئة والطاقة المتجددة» منتديات رفيعة المستوى، حضرها أكثر من 2000 مشارك، أسهموا في تعزيز الاستدامة وتحقيق التوازن بين الجنسين، كما أعلنت «مصدر» العام الماضي تخريج 23 خريجة من برنامج «الرائدات» الذي يقام تحت مظلة المنصة.
كما تهدف مبادرة «بيوت مستدامة»، التي تم إطلاقها تحت رعاية كريمة من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، إلى بناء قدرات المرأة وتمكينها وتوعيتها للقيام بدورها المهم في الحفاظ على البيئة، وتتضمن سلسلة من ورش العمل والجلسات الحوارية التي تهدف إلى بناء قدرات المرأة حول مفهوم الاستدامة وتعزيز دورها في ترسيخ الممارسات البيئية المستدامة في المنزل.
وطرحت دولة الإمارات مبادرة استباقية في 2013 تبرز أهمية مشاركة المرأة في نشر الثقافة البيئية بين أفراد أسرتها وترسيخ السلوك البيئي الصحيح بين أبنائها، وتعزيز دورها المحوري في مجال استدامة البيئة، وقد تمثلت في مبادرة «لنظهر التقدير لأجيال المستقبل» التي أطلقها الاتحاد النسائي العام.
ومن أبرز المبادرات الموجهة للمرأة الإماراتية كذلك مبادرة «زراعتي اكتفائي» أواخر 2015، بهدف تشجيع المرأة على الزراعة المنزلية وتمكينها من الاعتماد الذاتي على الإنتاج المنزلي من المحاصيل الزراعية وسد حاجتها الغذائية البسيطة، وتعزيز دور المرأة الحيوي في الحفاظ على استدامة البيئة، ومبادرة «الحرف اليدوية» والتي ترتكز على استغلال المنتجات الطبيعية وإعادة تدويرها في تقديم منتجات تراثية إماراتية للحفاظ على التراث الإماراتي القائم على إعادة تدوير بعض الموارد الطبيعية، ومبادرة «طاقة إيجابية» بالتعاون مع اتحاد الإمارات لرياضة المرأة، التي أطلقت مطلع العام الحالي، وتتضمن سلسلة من الأنشطة الرياضية والجلسات الحوارية لتعزيز الصحة الجسدية والنفسية بما يمكن من تقليل أثر التغير المناخي على صحة المرأة.
وعالمياً؛ أطلق الاتحاد النسائي العام مبادرة «المرأة الريفية الإفريقية في المجال الزراعي»، بالتعاون مع وزارة الخارجية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومكتب الاتصال الخليجي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وتهدف إلى تدريب النساء الريفيات في بعض الدول الإفريقية على الزراعة وآلياتها الملائمة لمواجهة تحديات تغيير المناخ، وتوفير عائد اقتصادي لهن؛ حيث يستهدف المشروع تدريب 10 آلاف امرأة.
المرأة صديقة للبيئة
وسجلت المرأة الإماراتية حضوراً بارزاً في مسيرة الإنجازات الاستثنائية التي حققتها دولة الإمارات في القطاعات الصديقة للبيئة كالطاقة النووية والطاقة المتجددة، فمنذ إطلاق البرنامج النووي السلمي الإماراتي، حرصت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على إتاحة الفرصة كاملة للمرأة الإماراتية للمساهمة في تطوير محطات براكة للطاقة النووية، وأولت المؤسسة والشركات التابعة لها؛ شركة نواة للطاقة، وشركة براكة الأولى، أهمية استثنائية لتطوير الكادر النسائي الإماراتي في هذا القطاع العلمي والتقني المتقدم، وهو ما نتج عنه تولي الكفاءات النسائية الإماراتية أدواراً مهمة وفي مختلف التخصصات بقطاع الطاقة النووية، بينما تجاوزت نسبة النساء في مؤسسة الإمارات للطاقة النووية وشركاتها حاجز الـ20% وهي من أعلى النسب على الصعيد العالمي، كما تضم هيئة كهرباء ومياه دبي ما يقرب من 700 مهندسة إماراتية في مجالات متنوعة، مثل الطاقة المتجددة والطاقة المستدامة وغيرها من المجالات.
محركات للحلول
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن النساء والفتيات هنّ الأكثر تضرراً من آثار تغيير المناخ، وبناء على ذلك، يجب أن يكون التوازن بين الجنسين مكوناً رئيسياً لمعالجة هذه الأزمة العالمية ولضمان مستقبل مستدام للجميع، وتركز الأمم المتحدة على النساء في جميع أنحاء العالم بوصفهن عوامل تغيير، ووصفتهن بأنهن «محركات للحلول»، ودعت إلى تعليمهن كيفية دمج الحلول الذكية مناخياً في العمل الذي يقمن به، حيث لا تقتصر فائدة هذه الأساليب التي يقودها المجتمع على البيئة فحسب، بل تمكّن النساء أيضاً من المساعدة في تحسين نوعية الحياة لأسرهن ومجتمعاتهن، مع تعزيز التنمية المستدامة، فيما تدعم دولة الإمارات مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار باعتبارها أولوية قصوى تعزز التوازن بين الجنسين.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات المرأة الإماراتية الإمارات الاتحاد النسائی العام والطاقة المتجددة التغیر المناخی الأمم المتحدة دولة الإمارات العمل المناخی تغییر المناخ بین الجنسین تغیر المناخ المرأة فی تهدف إلى فی مجال
إقرأ أيضاً:
تعرف على الدول التي يتعين على النساء فيها أداء الخدمة العسكرية
انضمت الدنمارك إلى مجموعة من الدول الأوروبية التي وسّعت نطاق التجنيد الإجباري ليشمل النساء، في خطوة تُمثّل تحوّلًا مهمًا في سياسات الدفاع والمساواة بين الجنسين. اعلان
وبموجب القرار الجديد، أصبحت النساء الدنماركيات فوق سن 18 عامًا ملزمات بالتسجيل لأداء الخدمة العسكرية، إلى جانب الرجال. كما بات لزامًا على الشبان والفتيات على حد سواء المشاركة في "يوم الدفاع"، الذي يُقيّم فيه مدى أهليتهم، ويُحدَّد عبر نظام القرعة من سيواصل منهم الخدمة، في حال لم يكن عدد المتطوعين كافيًا.
وإلى جانب توسيع نطاق الخدمة، تم تمديد مدتها من أربعة أشهر إلى أحد عشر شهرًا، في مسعى لرفع جاهزية القوات المسلحة وتعزيز تكافؤ الفرص.
Relatedتدرس إعادة الخدمة العسكرية الإجبارية.. ألمانيا تنسلخ عن ماضيها وتعدّ جيشها لمواجهة عدوان محتملوزير الدفاع الألماني يدعو إلى تطبيق الخدمة الإلزامية في الجيش والاستعداد للحربآلاف المجندين في الجيش السويسري يؤدون الخدمة العسكرية من البيت ما هي الدول التي تجبر النساء على الخدمة العسكرية؟لكن القرار لم يخلُ من الجدل الداخلي. فبحسب الباحثة في مركز البحوث الاجتماعية الدنماركي (VIVE)، ستيفاني فينسنت ليك-جينسن، فإن "بعض فئات المجتمع، لا سيما النساء، يعتبرن هذا الإجراء غير منصف، ويطرحن تساؤلات ترتبط بالأدوار البيولوجية، مثل الحمل والولادة. في المقابل، يرى آخرون أن منح النساء فرصة الخدمة العسكرية جنبًا إلى جنب مع الرجال هو خطوة ضرورية نحو المساواة الحقيقية".
وتُعد هذه الخطوة امتدادًا لاتجاه آخذ في التصاعد داخل شمال وشرق أوروبا. ففي النرويج، صوّت البرلمان على توسيع التجنيد الإجباري ليشمل النساء عام 2013، وتم تفعيله فعليًا في 2016. أما السويد، فقد أعادت الخدمة العسكرية المختلطة عام 2017. كما تتزايد الدعوات لتطبيق التجنيد الشامل في كل من لاتفيا وليتوانيا.
ورغم توسع المشاركة النسائية، إلا أن التحديات تبقى قائمة، خصوصًا في ما يتعلق ببيئة العمل داخل المؤسسات العسكرية. وتشير ليك-جينسن إلى أن الجيش الدنماركي اتخذ "عدة تدابير لمعالجة ظواهر التحرش الجنسي والتمييز ضد النساء"، مؤكدة أن "هذه السلوكيات لم تعد مقبولة في المؤسسة العسكرية".
في الوقت الراهن، تُشكّل النساء حوالي 10% من القوى العاملة العسكرية في أوروبا، ويُتوقّع أن تتزايد هذه النسبة في ظل السياسات الجديدة الرامية إلى إشراكهن في الدفاع الوطني على قدم المساواة مع الرجال.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة