"العمل" تنظم ندوة للتوعية بعمل المرأة والمهن المحظورة بإحدى شركات الشرقية
تاريخ النشر: 6th, December 2023 GMT
نظمت مديرية العمل بمحافظة الشرقية فعاليات ندوة للتوعية ، من خلال إدارة شئوون المرأة بالمديرية ووحدة المساواة بين الجنسين، تحت عنوان "القرارات الوزارية للمهن المحظور تشغيل النساء بها.. وأهمية مشاركة النساء في صنع القرار والحياة السياسية"، وذلك بالشركة السويسرية للصناعات الغذائية بمدينة بلبيس بمشاركة عدد 20 من العاملات والعاملين بالإدارة وخطوط الإنتاج.
وتناولت الندوة التعريف بشروط تنظيم ظروف العمل بصورة أفضل للمرأة العاملة والقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة والحرص على أن تعامل معاملة تتفق مع طبيعتها، مع التأكيد على أهمية المساواة بين الرجل والمرأة فى محيط العمل، وذلك فى إطار الدور المنوط بإدارة شئون المرأة بمديريات العمل ، لنشر التثقيف ورفع الوعي بكل ما يهم المرأة والأسرة المصرية.
وأوضح أحمد عبد الهادى مدير مديرية العمل بالشرقية فى تقريرٍ للوزارة، أن تلك الندوات تأتى تنفيذًا لتوجيهات وزير العمل بالاهتمام بالمرأة المصرية وتفعيل دور أجهزة المديريات التابعة فى نشر التوعية والتثقيف بأهمية المساواة بين الجنسين وحقوق المراة وواجباتها داخل أماكن العمل مع مراعاة معايير العمل الدولية فى هذا الشأن.
وأضاف مدير المديرية أنه حاضر بالندوة حنان حسن موجة فني وعضو وحدة المساواة بالمديرية، كما تناولت الندوة شرح القرار الوزاري رقم 155 لسنة 2021 بخصوص (المهن المحظور تشغيل النساء بها)، والقرار الوزاري رقم 44 لسنة 2021، والأعمال والأحوال التي لايجوز تشغيل النساء بها، مع التأكيد على دور المرأة بإعتبارها النواة الأولى للمجتمع، ودور المرأة في إعداد نشئ واعي يشعر بالمسئولية بعيدا" عن السلبية، ودور المرأة في حماية الأسرة من التغيرات الفكرية الخاطئة والشائعات، وأيضًا التأكيد على أن المرأة شريك أساسي مع الرجل في بناء وتنمية المجتمع، وخلق بيئة متوازنة لتحقيق التنمية الشاملة، كما جرى عمل حوار مفتوح مع المشاركين بالندوة للرد على الإستفسارات المرتبطة بموضوع الندوة وتقديم الحلول لمواجهتها.
FB_IMG_1701862477331 FB_IMG_1701862475360المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: التوعية والتثقيف المساواة بين الجنسين محافظة الشرقية وزارة العمل وزير العمل
إقرأ أيضاً:
الجاحظ قبل سيمون.. نحو «جندرة عربية»
لقد ظل الحديث في الثقافة العربية المعاصرة حول موضوع المرأة ينصرف إلى فاعلية تقفز على الذات، إلى سياق يجد تمثيله في واقع غير واقعنا، ذلك أنه متصل بحوار مقحمٍ في وعينا، إنها مسألة «الجندر»، ولعل ما يؤسف له أن غالب الأفكار المطروحة هو تقليد لما يُكتب ويُبحث فيه بين مجتمعات نازعتها خصوصيتها حتى انتهت إلى القول فيها بالحل، وعلى تناولنا لما يجري هناك أصبح حديثنا مقطوعا عن التأثير المباشر في الواقع، بل يؤزمه أكثر، وليس السبب أننا معفون من هذا النوع من المشكلات، بل لأن القضية الأساس لدينا لا تتصل بالمساواة بين الرجل والمرأة، بل بمسائل أخرى ذات صلة بفهم الواقع قبل الخوض فيه، ورغم كل شيء لا تزال مجتمعاتنا تؤذي نفسها بالانصراف إلى قضاياها عبر غياب فهم تمظهراتها الاجتماعية.
فرغم تكاثر الدراسات في الغرب حول المرأة والتمييز ضدها، والاتهامات بطغيان الذكورية في النشاط الاجتماعي في: «الطبقة والحرفة والقانون...» ما أنتج تغييبا متعمدا للمرأة، ظهر أولا في إقصائها من سوق العمل بدوافع تتصل بالنوع، إلا أن ثقافتنا العربية كانت سبّاقة في التأكيد على حداثة العلاقة بين المرأة والرجل، وهي حداثة أصيلة وليست مستوردة، ولا يمكن لها أن تكون إلا كذلك، والسبب أنها نابعة مما نسميه «أصالة البنية»، فنحن أول من كشف زيف التفوق الذكوري في المجتمع، وعندما نقول نحن، فالإشارة إلى فضائنا العربي، وهو بعدُ يدبر مشاغله دون أية إملاءات مفروضة، وهي إملاءات تعتقد بأننا مجتمع لم يتشكل بعد، ولا يحق له أن يملك هُويته، ولذا ينفرط عقد الجماعة العربية لا بسبب قوة هذا الغازي الثقافي بأن يملي علينا ما يجب أن نفعل؟، وكيف ندير مجتمعاتنا، بل السبب كله في ممارساتنا مشوِّهة الأدوات، هو التغييب الكامل لبنى الوعي التقدمي في ثقافتنا العربية، فقبل سيمون دي بوفوار (1908م- 1986م) وكتابها «الجنس الآخر- 1949م» والذي فككت فيها علاقات السلطة بالمجتمع، وبينت المظلومية الأنثوية في سياق المجتمع الغربي، لتكشف كيف تم استثمار النوع لأجل تعطيل قدرات المرأة، وسحبها بعيدا عن فضاء الإنتاج في سياقاته كافة، وبحق استطاعت أن تحدِث ثورة في الوعي الغربي حينها، وقبل عالمة الاجتماع البريطانية آن أوكلي في كتابها (الجنس-الجندر والمجتمع- 1972م) وهو عمل أكثر تماسكا من الناحية المنهجية، ويعد تطورا لشكاية دي بوفوار التي أرادت فهم طبائع سلطة الذكور والتعتيم على النساء، فأوكلي توصلت إلى أن المشكلة لا تتصل بالحتمية البيولوجية بل تعود إلى سياق التنشئة، كل هذا في سياقهم، وتعد هذه الأشكال المعرفية استجابة طبيعية لشواغل حقيقية واجهت بناءهم الاجتماعي. أين المشكلة إذن؟ المشكلة تتعلق بنا نحن؟ كيف؟ دعنا نرى!
إنه وبسبب من غياب الوعي النقدي بالتراث، والانخراط في قراءات غير معرفية، تآكلت فينا قنوات الاتصال بالذات، لأن الحقيقة أن انشغالنا بهذه المسألة سابق لأعمال دي بوفوار وأوكلي، وهو أمر يشير إلى أصالة الطرح في تراثنا العربي، ذلك أن موضوعة «المرأة» في الذاكرة العربية لم تكن غائبة، بل نعرف كيف استجاب مثقفونا لقضية التطور والتغيير في المجتمع، ووضعوا بصماتهم بشكل حداثوي ذلك حتى قبل أن تتبلور هذه المسائل في سياق المدنية الحديثة، وهو أمر شبيه بما واجه نسويات العالم الغربي، ومن أكثر الأمور طرافة أن جندرتنا العربية لم تتأسس على يد النسوية، بل جاءت على يد أبي عثمان عمرو بن بحر «الجاحظ» (150 هـ - 255هـ) وهنا أشير إلى عمله «رسالة النساء» وهي عمل تحرري بامتياز إذا كنا بحاجة إلى استخدام هذا اللفظ الذي يحمل دلالات مؤسلبة للذات، فشيخنا يعد بحق مؤسسا لجندرة عربية أصيلة، جندرةٌ لا تقفز على حقائق المجتمع، بل تأتي استجابة موضوعية لمشكلاته، وآثارها المعيقة لتطور الذات الجماعية، وجهد الجاحظ أقرب إلى سياق السيسيولوجيا المعاصرة، فالرجل من حساسيته تجاه فكرة البنى في مجتمعه أنجز هذه الرسالة في القرن الثالث الهجري، لا ليمارس ترفا فكريا، بل ليعالج ما تبدى له من مشكلات في قضية «النوع» فأراد مواجهتها عبر تفكيك جذور الإشكالية، وهو أمر يشبه إلى حدٍ كبيرٍ ما قام به فيلسوف الحقائق المتوحشة ميشيل فوكو ( 1926م- 1984م) وهو يدرس أشكال الهيمنة في الفضاء الاجتماعي، ويعمل بقوة لصالح تفكيك بنى السلطة فيه، إذ شرح في كتابه «المعرفة والسلطة - 1980م» كيف يدبر الخطاب الاجتماعي قواعد سلطته على الفضاء الاجتماعي؟ وكيف أن هذه السلطة تنتج معارفها لصالح تجذير حضورها في الوعي؟ وهنا تصبح السلطة الذكورية خطابا قبل كل شيء.
أما صاحبنا وببيانه الباذخ سابقا رؤية فوكو، عبر قيامه بتفكيك خطاب السلطة الذكورية في مجتمعه، وبيان زيف التفوق الذكوري المزعوم والمخدوم باستثمار أعمى لما استقر من ترسيمات في الوعي أو تشكلات في بنية الخطاب، وهو القول إن تفوق الرجل يقوم على نقص عقل المرأة، فكتب: «وقد رأينا من النساء من يفوق عقلها عقل الرجل، ويزيد فضلها على فضله، كما رأينا من الرجال من هو دون المرأة، فليس النقص من النساء لازمًا، ولا الفضل من الرجال دائمًا - الجزء الرابع، صـ 77». والجاحظ هنا يرفض الحتمية الجندرية التي ترى الفضل يعود إلى امتياز العقلانية في الفعل، امتيازا لا يصح للمرأة الاقتراب منه، كما أنه يرفض التقسيم بين ذكر وأنثى بناءً على فروقات جوهرية، والرجل مبكرا يؤسس لفهم التمثيل الاجتماعي خارج إطاره البايولوجي، ليدخله في سياق تحليلي دارسا له في إطارٍ من نقد جعله يرفض ربط الكفاءة بالذكورة، بل رآها مسألة فردية في الأساس.
ولا تقف حداثة الجاحظ هنا فقط، بل إنه يدخل إلى المنطقة الأكثر حساسية، وهي مسألة الكفاءة السياسية للمرأة، ويؤكد أنها لا تعود إلى خصائص في «النوع» بقدر ما هي مَلكات في الذات، يتساوى فيها الرجل والمرأة، كتب يقول: «ولو كان نقصان العقل طبعًا لا يزايلهن، لما رأينا امرأة تصيب في التدبير، وتحسن الحيلة، وتبلغ الغاية، وتهزم الرجل، وتدبّر العسكر، وتحكم البلد». إنها حداثة أصيلة، وليست صدىً، فالحكم على طبائع وعي المرأة هو أمرٌ لا يتعلق بمسألة النوع، بل إن الحكمة فاعلية مشتركة بين الرجال والنساء، وكيف أن النساء هنا لسن فقط نظيرات للرجل في القدرات التي هي من ميدان فعله، بل يمتلكن التفوق عليه فيها، وهو موقف ناقد للهيمنة الذكورية.
ولأننا بصدد تقعيد أصول للجندرة العربية، فإننا لا نزال مع نصوص رسالة «النساء»، وفي نص بليغ ينبغي أن يوضع أمام كل من يهرف بتغييب المرأة في الثقافة العربية، ويصل متعبا إلى التراث لينتخب نصوصا أو يُذكِّر بأحداثٍ يعتقد فيها وعبر تأويله المضطرب أنها دالة على إقصاء المرأة، فعليه أن يقرأ ما كتبه الجاحظ حول أن عقلانية الشيء لا ترتبط بالنوع، كتب: «وفي الرجال حمقى كما في النساء عاقلات، وإنما هو تفاوت الطبائع لا تفاوت الأجناس- الرسائل- ص80».
إن الدعوة إلى انخراط فاعل في التراث، لن تسمح لنا فقط ببناء حالات من الرضا عن الذات، بل تسهم في تأصيل كثير من بنى الوعي فينا، إذ سنكون قادرين على مخاطبة أزماتنا الاجتماعية برسوخ وثبات، ما سيجعل النظر فيها ممكنا من الناحية الموضوعية لاستنباط حلولها من سياقنا الخاص، ولأننا نرى كيف ينخرط البعض في تبني منتجات السياق الغربي دون وعي ليتسبب في مضاعفة الأذى لمجتمعه، نرى بأن الحل أن يوفر العقل الاجتماعي العربي جهده لبناء أصالته، فهي فقط من ستطور أدواته لإصلاح مجتمعه لا تخريبه.
لقد عاشت مقولات الجاحظ بعده لسنوات طويلة، لكنها انقطعت عنا لغياب الصلة الثقافية بتراثنا، فها هو ابن حزم يقول في طوق الحمامة: «وقد رأيت من النساء من يفوقن الرجال في العقل والأدب والدين، كما رأيت من الرجال من هو دون النساء».
غسان علي عثمان كاتب سوداني