لبنان ٢٤:
2025-12-13@23:02:27 GMT

في انتظار عودة هوكشتاين

تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT

في انتظار عودة هوكشتاين

كتب طارق ترشيشي في" الجمهورية":   ليس هناك من موعد محدد بعد لعودة الموفد الرئاسي الأميركي عاموس هوكشتاين إلى لبنان بعد زيارته الأخيرة، لكن الجميع ينتظرون عودته في أي وقت مركّزاً على موضوع الحدود البرية الجنوبية لجهة تثبيتها وإنهاء الانتهاك الإسرائيلي لها في 13 نقطة والانسحاب من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري، فهذه الحدود مرسّمة منذ عام 1923 أيام الانتدابَين الفرنسي في لبنان والبريطاني في فلسطين المحتلة ولا تحتاج الى اعادة ترسيم أصلاً وفصلاً.

ولذلك يقول مطلعون قريبون من بعض المراجع المسؤولة العاملة على تجنيب لبنان تَوسّع رقعة الحرب انّ مستقبل الوضع على حدود لبنان الجنوبية بات مرهونا بما سيؤول إليه الوضع في غزة، إذ لا يمكن البحث في أي حل تحت وطأة المواجهات الجارية بين رجال المقاومة وقوة الاحتلال الإسرائيلي على الجبهة الجنوبية، وهي مواجهات ثبت انها كانت ولا تزال مضبوطة على ساعة حرب غزة ولا تتأثر بالتهديدات الإسرائيلية المباشرة أو تلك التي يحملها بعض الموفدين الدوليين العلنيين أو السريين الذين يترددون إلى لبنان هذه الأيام، وكان آخرهم الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان ومدير المخابرات الفرنسية برنار ايمييه حيث نقلا موقفاً إسرائيلياً يدعو إلى انسحاب المقاومة من المنطقة الحدودية إلى شمال نهر الليطاني بحجّة انّ القرار الدولي 1701 لعام 2006 يقضي بهذا الانسحاب، وذلك لكي تضمن تل ابيب عودة نحو مئة الف مستوطن إلى المستوطنات الشمالية التي نزحوا منها تباعاً منذ الثامن من تشرين الأول الماضي إلى داخل فلسطين المحتلة، إذ يرفض هؤلاء العودة إليها ما لم تنسحب "قوة الرضوان" في "حزب الله" من المنطقة الحدودية، وهو ما تتخذه إسرائيل ذريعة لإثارة موضوع "تنفيذ" القرار 1701 الذي كانت ولا تزال تَنتهكه به منذ صدوره. والواقع، يقول المطلعون، ان الوضع في الجنوب كان ويبقى مفتوحا على كل الاحتمالات تبعاً لتطور الأوضاع العسكرية في قطاع غزة، لكن أيّ بحث في تنفيذ القرار 1701 لن يصل الى نتيجة. أوّلاً لأن لبنان يخشى من نية اسرائيلية مبيّتة ضده تدل اليها تهديدات المسؤولين الاسرائيليين اليومية وآخرها تهديد نتنياهو وتَوعّده بأن يكون مصير بيروت ولبنان كمصير مدينتي غزة وخان يونس، اذ يمكن ان ينفّذ تهديده هذا في حال تَمكّنه من هزيمة "حماس"، خصوصاً انه يستفيد في حربه الحالية من الدعم المطلق الاميركي والغربي له والذي يحول دون التوصّل الى وقف اطلاق النار في قطاع غزة حتى الآن. وثانياً، إذا ركّز على انسحاب أحادي الجانب للمقاومة من المنطقة الحدودية لا يتزامن مع انسحاب الجيش الإسرائيلي في الجهة المقابلة لتكون "المنطقة العازلة" على ضفتي الحدود، فإذا كان المطلوب أن تكون هذه المنطقة بعمق خمسة كيلومترات او اكثر على الأراضي اللبنانية فينبغي أن يقابلها العمق نفسه في الأراضي الفلسطينة المحتلة، ما يعني أنه سيكون على إسرائيل أن تُخلي هذا العمق عسكرياً، والذي تقع ضمنه المرتفعات التي نصبت عليها أعمدة الإرسال والاستطلاع والتنصّت والتجسّس والتحَكّم بعمل الطائرات المسيرة وحتى الحربية على الأراضي اللبنانية، والتي استهدفتها المقاومة ودمّرتها او عطّلتها منذ فجر الثامن من تشرين الأول الماضي. فإذا رفضت التماثل في الانسحاب فإنّ ذلك الكلام سيحول دون التوصّل إلى أي اتفاق حول تنفيذ القرار 1701.   ومثلما تُبدي إسرائيل حرصاً على أمن مستوطناتها الشمالية فإنّ من حق لبنان ان يكون حريصاً في المقابل على أمن المدن والقرى والبلدات الحدودية المحاذية لتلك المستوطنات او البعيدة نسبياً عنها. إلا أنه قد يكون من السابق لأوانه الخوض في هذا المضمار قبل معرفة ما ستؤول إليه حرب غزة التي ربما تتوسّع، خصوصاً في حال التقاط "محور المقاومة" إشارة من قيادة "حماس" الميدانية في غزة تدلّ الى خَطر وجودي حقيقي يتهددها في مواجهة قوات الاحتلال الإسرائيلي، إذ عندها سيتيَقّن "المحور" وحلفاؤه من أنّ الحرب على غزة تتخطى فعلياً الرغبة الإسرائيلية بالانتقام واستعادة "قوة الرد" إلى تصفية القضية الفلسطينية وإنهاء "الدولة الفلسطينية" على اراضي غزة والضفة الغربية المنصوص عنها في مشروع حل الدولتين" الذي تركّز عليه المواقف الدولية منذ بداية الحرب.   وإذا توسّعت رقعة الحرب في هذه الحال فستكون كل الاحتمالات واردة وقد يتغيّر معها وجه المنطقة والتوازنات فيها، على حد قول المطلعين أنفسهم.  

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

لبنان.. مرحبا ميكانيزم!

على ضوء التطورات الأخيرة، عاد "الميكانيزم" إلى الواجهة باعتباره الإطار الأكثر تأثيرا في إدارة المرحلة الانتقالية اللبنانية. فبحسب وسائل الإعلام فإن مصدر سياسي رفيع قال: "باتت هذه اللجنة هي التي تحكم لبنان عمليا، وتشرف على الانتخابات المقبلة، وتدير انتقال البلاد من حالة اهتزاز السلطة إلى مرحلة سياسية جديدة لم تتضح معالمها بعد". هذا الكلام ليس تفصيلا تقنيا بقدر ما هو إعلان غير مباشر عن دخول لبنان مرحلة وصاية سياسية وأمنية ناعمة، تحت عنوان تنظيم الانتقال وضبط المخاطر.. مهلا، مخاطر ممن على مَن؟!

إن دور "الميكانيزم" كما يظهر اليوم يتجاوز المتابعة التقنية لتنفيذ تفاهمات الجنوب أو تثبيت خطوط الاشتباك. فالثقل الدولي الذي يقف خلفها حوّلها إلى غطاء سياسي للحكومة، وإلى أداة تحصين ضد الانزلاق إلى حرب جديدة مع إسرائيل، ولكنها غير مضمونة مع حكومة يمينية فاشية مهما قال وقيل من هنا وهناك. غير أنّ هذا الدور نفسه يطرح أسئلة عن حدود هذه الوصاية ومداها الزمني، في بلد اعتاد أن تتحول المهمات المؤقتة إلى واقع دائم. فهل تكون اللجنة إدارة انتقالية لبضعة أشهر فقط، أم مدخلا إلى صيغة جديدة تطبخ على نار هادئة لإعادة تشكيل النظام السياسي بعد الحرب التي يسمع بها الجميع؟!

ورغم ما يقال عن نجاحات "الميكانيزم" في تبريد الخطوط ووقف التدهور، إلا أنّ إخفاقاتها ليست قليلة. فهي لم تنجح حتى الآن في توفير أمان حقيقي للجنوب أو في منع الانتهاكات الجوية اليومية، ولم تنجح في رسم ضمانات واضحة تمنع عودة الحرب في أي وقت تتغير فيه الحسابات الإقليمية أو الدولية. كما أنها، بحكم كونها إطارا دوليا، تبقى عاجزة عن معالجة جذور الصراع الداخلية، من سؤال السلاح إلى الانقسام الوطني إلى فقدان الدولة لجزء من لقرارها السيادي.

هنا يتقدم سؤال دور حزب الله، إلى متى يمكن البناء على مفهوم "التفويض الدولي" الضمني لاحتواء إسرائيل؟ الحزب قدّم قراءة تُحمّل الردع مسؤولية حماية الجبهة اللبنانية منذ 2006، قبل أن تنقلب الحرب الأخيرة وتكشف حجم الاختلالات، وتُظهر أن قرار الحرب والسلم ليس محكوما فقط بالقدرات العسكرية، بل بتوازنات دولية تتغير كل خمس سنوات وربما كل كأس للعرب ونحن في خضم مشاهدتها في دوحة العرب.

فبين "الميكانيزم" الذي يمنع الحرب، و"الردع" الذي يُفترض أن يمنح لبنان قوة تفاوضية، يتوه البلد بين معادلتين لا تلتقيان، فيما المواطن يعيش في فراغ أمني وسياسي واقتصادي لا تنفع فيه البيانات ولا التصريحات. في العمق، يواجه لبنان اليوم سؤال هويته الاستراتيجية: هل أصبح قابعا بين التدويل والتعريب، فاقدا القدرة على المبادرة الذاتية؟ فمن جهة، الدول المانحة تتحكم بمسار إعادة الإعمار وتربط الدعم بتسليح الجيش وترتيب البيت السياسي، ومن جهة ثانية، المبادرات العربية لا تزال مترددة، وتتعامل مع لبنان كملف مقلق يحتاج إلى إدارة لا إلى حل، أقله حتى الساعة بالرغم من النوايا الطيبة. وبين هذا وذاك يقف لبنان على قارعة الانتظار، يراقب وعود الإعمار المؤجّلة، ويستمع إلى شروط تسليح الجيش، ويرى مؤسساته تنهار، بينما تتحول اللجان الدولية بخطورة دورها إلى أن تكون سلطة أمر واقع!

وفي ظل هذا المشهد، يزداد القلق من السيناريوهات الأكثر خطورة، خصوصا بعد كلام توم باراك أكثر من مرة عن أنّ لبنان قد يلتحق بسوريا في حال استمرار الانهيار وفقدان الدولة لسيادتها وقدرتها على الإدارة. قد يبدو هذا الكلام مبالغا فيه، لكنه يعكس خشية حقيقية من أن تتحول الفجوات السياسية والأمنية إلى مسار فقدان كيان، لا مجرد فقدان سلطة. فالدول الصغيرة لا تموت دفعة واحدة، بل عبر تراكم مراحل من التفويض للآخرين، ومن التنازل عن السيادة، ومن انتظار الخارج ليحلّ ما عجزت عنه الدولة، وربما هذا ما يريده الكثيرون في العالم.

لبنان اليوم يقف على حافة هذا المنعطف؛ "الميكانيزم" يمنع الانفجار لكنه لا يبني دولة، وحزب الله يملك قوة عسكرية بلا غطاء وطني جامع، والدول تتعاطى مع الملف اللبناني بوصفه ملفا ملحقا بملفات أكبر. السؤال الكبير ليس من يحكم لبنان في المرحلة المقبلة، بل ماذا سيبقى من لبنان عندما تنتهي هذه المرحلة، وعندما يتوقف الخارج عن إدارة التوازنات، وعندما يبقى المواطن وحيدا أمام مشهد دولة فقدت أدواتها ومؤسساتها وآخرون يدعون انها فقدت قرارها.

مقالات مشابهة

  • سماء المنطقة العربية تشهد مساء اليوم زخة شهب التوأميات
  • لبنان.. مرحبا ميكانيزم!
  • الرئيس اللبناني: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل تشكل أولوية في المفاوضات
  • الملف الأسود لتمويل الحرب والتجنيد.. إيران تنقل مصانعها من سوريا لليمن وتوسع شبكات التهريب لإغراق دول المنطقة بالمخدرات
  • مدير صحة أسيوط: القضاء على قوائم انتظار الغسيل الكلوي
  • هل المقترح الأوكراني الأخير يهدف إلى السلام مع روسيا وإيقاف الحرب؟
  • عون: عودة الأسرى المعتقلين في إسرائيل أولوية بالمفاوضات
  • إسرائيل توحّد الخصوم في المنطقة
  • عاجل | مسؤولون أوروبيون يعبّرون عن قلقهم من إعطاء أولوية لفريق كوشنر لإنشاء “المنطقة الخضراء” في غزة على حساب إعادة الإعمار
  • الجماعة الإسلامية في لبنان تكشف لـعربي21 خطتها للرد على قرار إدارة ترامب