شبكة انباء العراق:
2025-05-10@04:48:25 GMT

المشهد المرعب بالالوان الدموية الصارخة

تاريخ النشر: 10th, December 2023 GMT

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

كانت تل أبيب وماتزال نافذة شيطانية سوداء لكل المشاريع الأمريكية الخبيثة، فجاء مشروعهم التخريبي الأخير على شكل مسار متعرج. ينطلق من الهند وينتهي في أوروبا مرورا بالحجاز، ثم يرتبط بخليج العقبة. ليلتف حول المبادرة الصينية، فيقطع الحزام، ويغير ملامح الطريق، ثم جاء الإنسحاب الامريكي المهين من أفغانستان، وتفجرت الأوضاع في باكستان، وتقاتل الإخوة الاعداء في السودان، وحمي الوطيس في الجبهة الأوكرانية، وأصبحت تايوان لقمة سائغة في فم التنين الأحمر.

فتلعثم بايدن وارتعدت فرائصه من شدة القلق، فكان لابد من استدراج العالم إلى حافة البركان، عندئذ باشروا بارسال مرتزقتهم لتدنيس المسجد الأقصى، والتوسع في مشاريع القمع والإستيطان، والتمادي في إثارة مشاعر الفلسطنيين، وتوظيف خادمهم المطيع (محمود عباس) لتفعيل سيناريوهات الإستدراج اليومي التدريجي، فكانت غزة هي فوهة البركان، حيث لا مستقبل لمشروع النقل العابر إلا من خلالها. .
انفجر ذلك البركان في السابع من اكتوبر فكان هو الانقلاب التاريخي في دواليب الأحلام التوراتية، وهو الشرارة التي أضرمت النيران في هيكلهم حتى أوشك على التفحم. .
هرعت ايران وروسيا لدعم الفصائل الغزاوية، وخرج ابو عبيدة من كهفه في جوف الأرض، وطار الهدهد فوق عرش بلقيس في مأرب، وزحف نبوخذنصر بحشوده البابلية نحو عين الأسد، وتعانق المناذرة مع الغساسنة غربي الفرات، ووجد الدب الروسي فرصته السانحة في الزحف نحو معاقل زيلنسكي، ونشطت الحيتان الزرادشتية في القرن الأفريقي وفي سواحل القراصنة. فقررت الفصائل الغزاوية إشعال فتيل الحرب، ومباغتة الحاخامات بضربة قاصمة. .
جاء الطوفان كاسحاً هادراً مجلجلاً، فأفاق سكان المستوطنات من أوهام أرض الميعاد، وهربوا مذعورين إلى غير رجعة. عادوا إلى ملاذاتهم القديمة في هجرة عكسية لم تخطر على بال (بن غفير). ولا على بال كهنة البيت الأسود، فانهارت مشاريعهم كلها بين ليلة وضحاها، وتدهور الاقتصاد، وتعرضت التجارة للكساد، فخلعوا عنهم رداء الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة، وتدرعوا بدروع الغاصب المحتل، ثم لجأوا لقرع طبول الحرب، فتخندقوا كلهم في جبهة واحدة، وجاءهم المدد الهرمجدوني من كل حدب وصوب. استنفروا أساطيلهم وغواصاتهم وراجماتهم، ثم استلوا خناجرهم لوأد أطفال غزة والضفة، وتوجيه الضربات المدمرة للمستشفيات والمساجد والكنائس. بذريعة الدفاع عن النفس. فخرجت الشعوب والأمم في مظاهرات مليونية اجتاحت شوارع واشنطن ونيويورك ولندن وباريس ومدريد، واقتحمت حصون الكونغرس. صارت غزة رمزا كونياً للصمود والتحرر. .
من المفارقات الدولية المثيرة للدهشة. ان زعماء أوروبا ومعهم امريكا وكندا وأستراليا والهند يطالبون الشعب الفلسطيني بتقديم فروض الطاعة والولاء إلى الجيوش التي اغتصبت ارضهم. والغريب بالأمر ان الجيش الإسرائيلي هو الجيش الوحيد في العالم الذي يطالب ضحاياه بحمايته والرضوخ لإرادته. وهو الجيش المحتل الوحيد الذي يتقن لعبة الظهور بدور الضحية. . .
ختاماً: ألقى الداعية المتأسلف (عبد الرحمن سديس)خطابا سداسيا بأبعاد نجمة داوود، قال فيه: (ان ما يحصل اليوم في فلسطين هو فتنة، وليس مقاومة، ولا يحق للفلسطينيين الدفاع عن ارضهم، أو الخوض فيما لا يحق لهم الخوض فيه). .
فنقول لهذا الرجل السداسي: ان الشعب الفلسطيني له الحق كله في الدفاع عن ارضه وفي تقرير مصيره، شاء من شاء وابى من أبى. .

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

هل اعتدنا المشهد؟

تقول الكاتبة المصرية الراحلة رضوى عاشور: «إن التعوّد يلتهم الأشياء؛ يتكرر ما نراه، فنستجيب له بشكل تلقائي وكأننا لا نراه، لا تستوقفنا التفاصيل المعتادة كما استوقفتنا في المرة الأولى؛ نمضي وتمضي، فتمضي بنا الحياة كأنها لا شيء».

ما تزال تلك الكلمات تتردد في ذِهني كلما استعدت ذاك الصباح المُتجمّد، في يومي الأول كطالب طِب في مساق الطَّب الشرعي. كان أوَّل ما شهدناه تشريح جُثة شاب عشريني قضى لِتَوّه في حادث دراجة، لم نتعامل معه كجُثة أو موضوع دراسة، بل استوقفتنا تفاصيله الإنسانية: بنطال الجينز، وقميصه ذو المُربَّعات الحمراء والزرقاء، وعلبة سجائر لم يمنحه القدر فرصة لإنهائها. تساءلت حينها عمّا كان يدور في ذِهنه في لحظاته الأخيرة، وعن الأحلام التي وُئِدت، وعن قلبه الفَتي الذي توقَّف عن النَّبض، وعن أمٍّ ثكلى أو حبيبة تنتظر ورود الثامن من آذار.

كان ذلك أول لقاء لنا مع الموت، فقد كانت الجثث التي تعاملنا معها سابقا في مادة التشريح مغرقة في القدم بحيث فقدت ملامحها البشرية، وقد أطبق الصَّمت على الجميع، وهرب الدَّم من بعض الوجوه. لم يحتمل كثيرون الموقف، وخرج آخرون بحثًا عن القليل من الأوكسجين. كان المدرس واقفًا أمام الجثة يملي على الكاتبة بصوت محايد، ويعود بين الفينة والأُخرى إلى سيجارته، يتكلم بلغة خالية من أي عاطفة: «الطول 185 سم، لون الشعر بني، لون العينين...». استهجنّا حياديته، وابتسامته السّاخرة التي كانت تصفع ذهولنا وتأثرنا ولم نكن نعلم حينها أنه  لن يمضي كثير وقت حتى نتغير.

توالت الدُّروس، وتوالت الجُثَث، وتكررت المواجهات مع الموت، ولم ننتبه إلى أنَّ رهبة الموقف الأول قد زالت، وأن التعوّد قد تسلَّل إلى قلوبنا. خبا تعاطفنا مع الضحايا وأهليهم، وتحولت التفاصيل الإنسانية الصغيرة إلى مجرَّد أدلّة؛ وربما موضع تندَّر أحيانًا. 

هذه التجربة الشخصية ليست حِكرًا على الأطباء؛ بلْ هي جُزء من ظاهرة نفسيّة أوسع تظهر في أوقات الحروب والكوارث، حين تتكرر مشاهد العُنف والدَّمار أمام أعيُننا. في البداية، نشعر بالصَّدمة والحزن، لكن مع تكرار المشهد، يبدأ العقل في بناء جدران دفاعية؛ في مُحاولة لحماية الذّات من الانهيار أو الإحساس بالعجز.

هنا تظهر ظاهرة «التبلُّد العاطفي» أو «الاعتياد»؛ حيث يتراجع التأثّر تدريجيًّا حتى يُصبح الألم مجرّد خلفية باهتة في حياتنا اليومية.

وفي عصر الإعلام الرقمي تتدفق صور العُنف والأخبار المأساوية بِلا توقف، مما يُسرِّع من عملية الاعتياد ويزيد من خطر التبلُّد العاطفي، فالتّعرض المستمر لهذه المشاهد يجعلها تبدو مألوفة وعادية، ويُضعِف قُدرتنا على التَّعاطف مع الضحايا. 

فالعقل البشري مُبرمج على حماية نفسه من الألم النفسي الشديد فعندما يتعرض الإنسان بشكل مُتكرر لمشاهد عنف أو مُعاناة، يبدأ في تطوير آليات دفاعية مثل الإنكار أو الهروب أو حتى التقليل من أهمية الحدث، وهذه الآليات ليست دليلًا على القسوة، بل هي استجابة طبيعية للضغط النفسي المستمر؛ لكن هذا الاعتياد قد يحمل في طياته جانبًا مُظلمًا؛ إذ قد يؤدي إلى «نزع الإنسانية» عن الضّحايا، فنراهم مجرد أرقام أو صور عابرة. فقد يتسلل تبلد المشاعر إلى أعماقِنا دون أن نشعر؛ فيجعلنا أقل قُدرة على التّعاطف وأقل رغبة في اتخاذ موقف.

الاعتياد على مشاهد العُنف هو انعكاس لصراع داخلي بين الحاجة إلى الحماية النفسية والواجب الأخلاقي تجاه الضحايا، ومسؤوليتنا أن نبحث عن التوازن، وأن نتمسّك بإنسانيتنا مهما اشتدت قسوة العالم من حولنا، فقد يصبح الصّمت أو اللامبالاة نوعًا من التَّواطُؤ غير المباشر مع الجريمة.
(الغد الأردنية)

مقالات مشابهة

  • بوتين: واجب روسيا الدفاع عن تاريخ مقاتلي الجيش السوفيتي
  • عاجل. وزير الدفاع الهندي يلتقي رئيس الأركان وقادة الجيش إثر فشل الاجتماع مع باكستان في تحقيق اختراقة تذكر
  • رويترز: الجيش الأميركي يبدأ طرد الجنود المتحولين جنسيا الشهر المقبل
  • أزمة قطاع الطيران: شركتان أخريان توقف رحلاتها إلى الكيان المحتل
  • عاجل. الجيش الباكستاني ينتقد تصريحات نيودلهي: متى ستنتقل الهند من عالم السينما إلى الواقع؟
  • وزير الدفاع (الإسرائيلي) الأسبق يفتح النار على نتنياهو:يختبئ خلف الجيش ويدفع الجنود لارتكاب جرائم حرب
  • هل اعتدنا المشهد؟
  • التنبؤ بالجلطات الدموية والعزل بمخلفات النخيل إنجازان جديدان لجامعة إماراتية
  • جيش الاحتلال يكثف مجازره الدموية في غزة.. وحماس تعلق (شاهد)
  • علماء يتوصلون لمعطيات جديدة لفهم أمراض القلب والأوعية الدموية