#سواليف

لا تحزنوا، إن الله معنا فالإسلام قادم و #المسلمون_قادمون وقريبًا سيبدو القمر

#الشيخ_كمال_الخطيب

قبل ثلاثة أسابيع احتفت #أمة_الإسلام بحلول #عيد_الأضحى المبارك، وشاء الله أن يكون يوم عيد الأضحى هو يوم الجمعة فكان نورًا على نور. وفي هذا اليوم الجمعة، فإن أمة الإسلام تحتفي ببداية العام الهجري الجديد 1447.

إنها ذكرى هجرة حبيبنا محمد ﷺ من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، حيث التحوّل الكبير من فترة الدعوة حيث الألم والعذاب والمعاناة والقهر كان في مكة إلى مرحلة الدولة حيث الإعداد والتمكين ومقارعة #الظالمين كان في طيبة الطيبة. فمع إطلالة هلال شهر المحرم وإطلالة نهار الجمعة فإنه نور على نور، فاللهم أهلّ علينا هلال المحرم باليمن والإيمان والسلامة والإسلام، اللهم اجعله هلال رشد وخير، واجعل هذا العام عام فرج وتمكين وفتح مبين للإسلام و #المسلمين يا رب العالمين.

مقالات ذات صلة جنود الاحتلال يعترفون بتلقي أوامر لإطلاق النار على طالبي المساعدات بغزة 2025/06/27

وكيف وكيف وكيف؟!

يومها واليوم في كل يوم، كان شعار وعنوان #الهجرة_الشريفة “لا تحزن إن الله معنا”. إنها حالة #التطمين و #السكينة والثقة أودعها الله في قلب رسوله ﷺ بعد إذ كشّرت قريش عن أنيابها وأخرجت خبايا قلوب كبرائها، فبعثت أقوى فرسانها ليدخلوا على رسول الله ﷺ فيقتلوه في بيته {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [30- سورة الأنفال].

فلما أفشل الله مكيدتهم وأخرج رسول الله ﷺ من بينهم دون أن يروه، فجُنّ جنونهم ودعوا إِلى مطاردة واسعة وأعلنوا عن جائزة يسيل لها اللعاب، إنها مائة ناقة حمراء لمن يأتي برسول الله ﷺ حيًا أو ميتًا، وكذلك أفشل الله سعيهم وردّ كيدهم إِلى نحورهم. فعند باب الغار كانت معية الله لرسوله ﷺ ولأبي بكر رضي الله عنه فوقف فرسان قريش على باب الغار ولم يروا من فيه. وعند مطاردة سراقة بن مالك لرسول الله ﷺ وكاد أن يمسك به لولا أن فرسه تعثّرت المرة تلو المرة ولم يستطع الوصول إلى رسول الله ﷺ. فكيف يقتلونه في بيته والله عزّ وجلّ معه؟ وكيف يمسكونه في الغار وعين الله ترعاه؟ وكيف يلحقون به في الصحراء وكانوا على بعد خطوات منه، وربه سبحانه يحرسه برعايته {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ ۚ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [30- سورة الانفال].

شباب المهاجرين والأنصار حماة الديار

خرج النبي ﷺ مهاجرًا ومعه الوعد من الله تعالى بأنه سيعود إلى مكة منتصرًا عزيزًا وأن أعداءه الذين أخرجوه سيكونون هم الأذلة الصاغرين، فقال ربنا جلّ جلاله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ} [85 -سورة القصص]، وقال ربنا سبحانه: {وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلَا نَاصِرَ لَهُمْ} [13- سورة محمد]، وقال ربنا سبحانه: {إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} وختم تلك الآية بقوله: {فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [40- سورة التوبة].

ومثلما حقق الله تعالى وعده لرسوله ﷺ بأن نجّاه من كفار قريش وخيّب آمال من تمنّوا أن يمسكوا برسول الله ﷺ لينالوا تلك الجائزة المغرية، ومثلما أن الله تعالى قد حقّق وعده لرسول الله ﷺ بأن يعود إلى مكة، فإن الله سبحانه سيفشل كيد ومكر أعداء الإسلام في هذا الزمان الذين يحلمون بالقضاء على هذا الدين ولو جمعوا لهذه الغاية أقوى وأعتى الجيوش، ولو جنّدوا كل المليارات بل التريليونات وأعتى أجهزة المخابرات، فإن كيدهم سيبور. إنهم أعدّوا كل هذا ليأتوا برأس الإسلام، واستخدموا لأجل ذلك أذنابهم وعملاءهم وعكاكيزهم من أبناء الإسلام ومعهم كنوز بلاد العرب والمسلمين للقضاء على مشروع الصحوة الإسلامية المباركة لكن أنّى لهم ذلك.

وكيف لهم أن ينجحوا في القضاء على الإسلام وإطفاء نوره {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} 8-سورة الصف. نعم كيف لهم أن ينجحوا وفي الأمة اليوم شباب مباركون كشباب المهاجرين والأنصار أخذوا العهد على أنفسهم أن يعيدوا مجد الإسلام وأن يرفعوا رايته، ولسان حالهم يقول:

مجد الجدود عزيز أن نضيّعه مستعبدين وقد شادوه أحرارا

هيا بنا بني الإسلام نرجعه مهاجرين كما كانوا وأنصارا

قريبًا سيبدو القمر

صحيح أننا نعيش في حقبة تاريخية فاصلة، وأن الأمة فيها قد جثم على صدرها حكام طواغيت وليس أنهم فقط طواغيت وجبابرة، وإنما هم سياط بيد أعداء الإسلام يلهبون بها ظهور شعوبهم وهم الذين جعلوا مقدّرات بلاد المسلمين الكثيرة وأرضهم وسماءهم في خدمة الأعداء. وما موقف هؤلاء فيما يجري لأهل غزة عنا ببعيد وهم الذين شاركوا في حصارهم وهم الذين خذلوهم وهم الذين صمّوا آذانهم عنهم قريبًا من سنتين لم تتحرك فيهم نخوة العرب ولا عاطفة المسلمين. وما موقفهم الآن فيما يجري في حرب أمريكا وإسرائيل على إيران كأنهم الشراشيح والخُشب المسنّدة صمٌّ بكمٌ عميٌّ فهم لا يبصرون، مع العلم أن شعوبهم وبلادهم هي أكثر من سيدفع ثمن ما يجري في هذه الحرب وتداعياتها.

الغريب واللافت أن إسرائيل تنطلق في دوافع هذه الحرب من منطلقات دينية توراتية، وأن أمريكا بقيادتها تنطلق في دوافع هذه الحرب من منطلقات دينية إنجيلية، بينما هؤلاء الطواغيت من حكام العرب والمسلمين يعلنون الحرب على هوية الأمة الدينية الإسلامية.

لكننا على يقين أن هذا حال لا يدوم وأن هذه الذلّة ستكون بعدها عزّة، وهذا الشتات والفرقة سيكون بعده وحدة، وأن عهد الأمراء والملوك والرؤساء والعملاء سينقضي، وستعيش الأمة إطلالة بدر وعهد الإسلام وخلافته الراشدة القريبة القادمة. وما أجملها وأصدقها تلك الأبيات قالها الأديب الشاعر والسياسي اليمني محمد الصادق الميراني:

كأنَ الليالي وترحالها حنين إلى القادم المنتظر

أيا بدر هذا أوان الظهور فما بالك يا بدر هل من خبر

وفيما استتارك والعالمون يخوضون في الظلمات الخطر

أيا أرض هل تذكرين الهلال هلال الهداية لما ظهر

وحين استدار وتمّ الكمال وعمّ الضياء به وانتشر

وأيام كنا جعلنا الحياة نعيمًا ومنهاجها في السّور

فدونك يا أرض حان القدوم وعمّا قريب سيبدو القمر

وكما وقف الأنصار على أبواب المدينة يرحبون بطلعة رسول الله ﷺ البهية يشبّهونه بالبدر لما وصل إليهم بعد رحلة الهجرة قائلين:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع جئت شرّفت المدينة مرحبًا يا خير داع

فمثلما أنشد الأنصار فرحين بمقدم البدر المنير محمد ﷺ، فإن الأمة كلها ستفرح وتنشد بعودة ظهور هلال بل وبدر الإسلام وإعادة مجده بإذن الله.

الوعد الحق

بعد فشل خطة طواغيت قريش بقتل رسول الله ﷺ في بيته، وكان إعلانهم عن الجائزة المغرية وهي مائة ناقة حمراء لمن يأتي برسول الله ﷺ حيًا أو ميتًا، ومع كل الجهود والمحاولات التي بذلوها إلا أنهم لم ينجحوا في تحقيق آمالهم وأفشل الله كيدهم ولم يفوا بوعدهم {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [25-سورة الأحزاب].

وكانت واحدة من محاولات اللحاق والإمساك برسول الله ﷺ تلك التي قام بها الفارس المشهور سراقة بن مالك والذي نجح باللحاق برسول الله ﷺ، لكنه كان كلما اقترب منه كانت حوافر فرسه تغور في الرمل فيتعثّر، وهكذا كان الأمر ثلاث مرات فأدرك سراقة أن رسول الله ﷺ محفوظ وممنوع من ربه سبحانه من أن يصل إليه أحد أو أن ينال منه بشر.

وخلال ذلك وإذا برسول الله ﷺ يخاطب سراقة بن مالك بل ويعده بجائزة ثمينة إن هو رجع إلى مكة ولم يفش لزعمائها عن لحاقه برسول الله ﷺ، ومقابل ذلك فإن رسول الله ﷺ وعده بسواري كسرى ملك الفرس. وكيف لرسول الله ﷺ أن يعد سراقة بجائزة هي سوارا كسرى الذي كان يتربع على عرش إمبراطورية القوة والجبروت في ذلك الزمان، إنه ملك فارس العظيم.

لقد وعدت قريش بجائزة هي مائة ناقة حمراء تعطى لمن يمسك بالمطلوب رقم واحد يومها هو رسول الله ﷺ لكن الله أفشل كيدها ونجّى رسوله ولم تف قريش بوعدها.

وإن المطلوب رقم واحد يومها وهو رسول الله ﷺ قد وعد سراقة الذي كان يسيل لعابه على جائزة قريش إن هو رجع ولم يفش له سرًا أن تكون له جائزة هي سوارا كسرى وحقّق الله تعالى لرسوله ﷺ ما وعد، وقد فتحت بلاد الفرس ودخل المسلمون عاصمتها المدائن وعثر المسلمون على كنوز كسرى ومنها إسواريه، فأرسلوا بها إلى عمر بن الخطاب في المدينة التي دعا إليه سراقة وألبسه سواري كسرى تنفيذًا لوعد رسول الله ﷺ.

وها نحن وفي هذا اليوم وفي ذكرى هجرة رسول الله ﷺ، فإننا على يقين أن الله الذي أنفذ وعد رسوله لسراقة، فإنه سبحانه سينفذ وعده لرسوله ﷺ بأن يتمّ هذا الدين ويمكّن له أن يظهره على الدين كله. إنه الله سبحانه الذي قال: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا} [28- سورة الفتح]، {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [8- سورة الصف].

لا عزاء لليائسين والجبناء

وإذا كنا في كل عيد نردّد ما قاله الشاعر المتنبي قبيل عيد الأضحى معبرًا عن حزنه ومؤملًا أن يحمل له العيد إخبارًا تفرحه:

عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيك تجديد

وإذا كنا في كل عام ومع إطلالة هلال شهر المحرم نردّد ما كان يقوله الشاعر الحزين على حال الأمة مخاطبًا الهلال إن كان يبشّر بجديد:

ماذا سيروي في غد أحفادنا عنا أجبنا يا هلال محرم

أنت الذي شهد الجدود ومجدهم وشهدتنا والمجد جدّ محطم

سيقال لو أن المؤرخ منصف هذه الشعوب لأحمد لا تنتمي

رضيت من الإسلام ظاهر لفظه ومن العروبة لهجة المتكلم

لا، لن نظلّ نخاطب العيد وهلال المحرم بلهجة اليائسين المحبطين، وإنما سنخاطبهما بلهجة شباب الإسلام الذين عاهدوا رسول الله وهم يقولون:

نحن الذين بايعوا محمدًا على الإسلام ما حيينا أبدًا

وسيكتب المؤرخ المنصف أن هذه الشعوب تفاخر بمحمد وترفع رايته وتحيي سنته، وتقول للذين قالوا “محمد مات خلّف بنات”، وتقول لهم ولكل الدنيا:

يا هذه الدنيا أصيخي واشهدي أنّا بغير محمد لا نقتدي

إننا في ذكرى هجرة رسول الله ﷺ، ومع إطلالة هلال شهر المحرم، ومع فجر الجمعة ليغمرنا اليقين وحسن الظنّ بالله تعالى أننا على أبواب فجر جديد لأمتنا، وبدر يتلألأ هو عودة مجدها وخلافتها الراشدة القادمة، ولا عزاء للجبناء ولا للعملاء، ولا عزاء لليائسين والمحبطين فأبشروا ولا تحزنوا فإن الله معنا، فالإسلام قادم والمسلمون قادمون، وقريبًا سيبدو القمر.

نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الشيخ كمال الخطيب أمة الإسلام عيد الأضحى الظالمين المسلمين الهجرة الشريفة السكينة برسول الله ﷺ إن الله معنا رسول الله ﷺ الله تعالى وهم الذین ک ف ر وا

إقرأ أيضاً:

الحزبية في الإسلام

#الحزبية في #الإسلام
مقال : 11 / 8/ 2025

بقلم : د. #هاشم_غرايبه
بعض الساعين الى تفريغ الدين من مضامينه التفاعلية مع حياة الناس يردد مقولات مفضوحة المغزى، مثل “الدين طهرانية ونقاء يجب إبعاده عن السياسة لضمان عدم تلوثه”، أو “السياسة لا أخلاق فيها والدين أخلاق فلا ينسجمان”.
كل تلك الأقاويل كلام حق يراد به باطل بهدف إبعاد الدين عن الحكم، وإبقائه تراثا تاريخيا بائدا، أو مجرد طقوس تعبدية فردية لحالة فلسفية جمالية، وذلك لأجل استفراد الحاكم بالسلطة، واستغلاله لمزاياها بلا رقابة شرعية ولا شعبية.
فلماذا تكون السياسة أصلا ميدانا لممارسة الرذائل؟، ولماذا يفترض تقبل سياسيين بلا أخلاق؟، أليس المفترض أنهم من اختيار الشعب وأنهم خيارهم وصفوتهم!.
إنهم ما اصطبغوا بهذه الرذائل فعلا، فأصبعت السياسة نقيضا للأخلاق، إلا لأنهم كانوا نتاج خديعة إسمها الديمقراطية التي اعتقد الناس أنها تعني حكم الشعب لنفسه باختياره لممثليه، وقبول الأقلية لرأي الأغلبية، لكنها في الحقيقة تمثيلية سمجة وادعاء كاذب بالنزاهة والانصياع لرأي الشعب، بل هي في حقيقتها رأي أصحاب المال والنفوذ الذين يتحكمون في ضبط مخرجات هذه العملية بما يحفظ مصالحهم.
لقد بين الدين المباديء الأساسية لنظام الحكم من غير أن يحدد النظام السياسي، حيث ترك ذلك لمستجدات الزمان وخصوصية كل عصر، لكن ضمانة صلاح ذلك النظام تتأتى من التزامه بتلك الأسس التي تضمن تحقيق العدالة والمساواة بين أفراد الرعية المسلم منهم وغير المسلم، وتحقيق الكفاية لاحتياجاتهم.
هذه هي المواصفات المطلوبة في حاكم الدولة الإسلامية، وبناء على تزكية لجنة الحكماء (أهل العقد والحل)، وليس بناء على برنامج انتخابي يعرض فيه منهجه الذي سيطبقه، فليس هنالك برامج فكرية سياسية متباينة تتنافس على نيل ثقة الناخبين، لأن المنهج موحد ومحدد ونصوصه هي الشرع الإسلامي، لذا فبرنامج المترشح ووعوده تقتصر على الآليات والوسائل، فليس هنالك تفاضل بين شخص وآخر مرشح لتولي الحكم إلا بمقدار مواصفاته الشخصية وقدراته الذاتية التي تفي بالمتطلبات الآنفة.
لقد قدم الإسلام النموذج القدوة في الحكم وهو الدولة الراشدية، والتي بناها المعلم الأعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنة لبنة لتكون لمن بعده وإلى يوم الدين المثال الذي يحتذى، وتسلمها من بعده أبوبكر ثم عمر ودامت هذه الحالة الأمثل في كل التاريخ البشري ثلاثة عشر عاماً، ثم حدثت الفتنة ونشبت الصراعات فانحرفت، لذا يبقى النموذج الأمثل محصورا بهذه الفترة الزمنية، وما بعد ذلك تفاوت اقترابها منه وتباين.
السؤال: يقول البعض بأن التحزب في الاسلام مرفوض، فهل ذلك صحيح؟
في الظروف القائمة لا توجد في ديار المسلمين دولة اسلامية، لأنه لا يمكن أن تسمح القوى النافذة بقيامها، لأن ذلك يعني نهضة الأمة، لذلك من السذاجة الإعتقاد بسهولة تحقق ذلك بالرغبة الشعبية فقط، لا بد من نضال سلمي لوصول نخبة مؤمنة بهذا المشروع الى الحكم وتغييره من العلمانية الى الاسلام، وذلك لا يتحقق بغير العمل التعبوي المنظم، المسمى بالإسلام الحركي، أي التحرك التنظيمي من قبل من يؤمنون بالله، وبضرورة تطبيق منهجه الذي أنزله، وذلك الهدف هو امتثال لرأي الأغلبية الشعبية الساحقة، بدليل أنها انتخبت هؤلاء بناء على برنامجهم المعلن بأن تلتزم السلطة الحاكمة بتطبيق منهج الله، وهو ما يسمى إقامة الدولة الإسلامية.
بعد قيام الدولة واختيار الحاكم من قبل أهل العقد والحل، يكون العمل السياسي المنظم (الأحزاب) محصورا بالتنافس لشغل المناصب الإدارية في الدولة، وليس لطرح برامج بديلة لمنهج الله.
قد يقول قائل: أليس في ذلك تعسف وقمع لحرية التفكير، وفرض منهج على الناس قد يرفضه بعضهم؟.
قطعا ليس الأمر كذلك، فالدولة الاسلامية تقام في ديار الأسلام، ولا تفرض على المجتمعات غير المؤمنة، وأما الأقليات الموجودة، فحقوقهم محفوظة كمواطنين، ومنها احترام معتقداتهم، بالمقابل فلا يحق لهم فرض قناعاتهم على الأغلبية، وهذا عرف في كل الأنظمة الديموقراطية، إذ يوضع الدستور وفق معتقد الأغلبية، ولا يحق تشكيل أحزاب ترفض الانصياع لأحكامه.
إذاً فالحرية الفكرية متاحة ضمن منهج الله، فالباب مفتوح لكل مجتهد، وحرية نشر فكره والدعوة له متاحة وبكل الوسائل.
من هنا فالعمل الحزبي أو تشكيل الفرق والجماعات مسموح بها ضمن الضوابط الشرعية والآخلاقية العامة

مقالات مشابهة

  • الحزبية في الإسلام
  • محافظة صعدة تُدشن أنشطة وفعاليات المولد النبوي الشريف
  • أذكار المساء مكتوبة كاملة.. حصن المسلم من شرور الليل
  • فضل سقيا الماء في الحر الشديد.. الإفتاء تعدد ثوابها ومكانة فاعلها عند الله
  • علي جمعة: التصوف في عصرنا الحاضر تاه بين الأعداء والأدعياء
  • حزب الله وسياسة الانكار: ماذا عن الذين يحرثون البحر؟
  • علي جمعة: قصة البقرة تُرشد المسلم للامتثال لأوامر الله دون تشدد أو مغالاة
  • صلاة الضحى.. اعرف أخر موعد لأدائها ولا تتكاسل عنها
  • الاعتراض على قدر الله بهذا الفعل.. يجعلك من المغضوب عليهم
  • علي جمعة يكشف عن الأمور يتعلمها المسلم من قصة البقرة فى القرآن الكريم