قد يتجنب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي تنافس يؤدي إلى زيادة حصص إنتاج النفط، حتى لا يحدث انخفاض حاد في الأسعار، بما قد يساعد على إعادة انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.

تلك القراءة طرحها جريج بريدي، في تحليل بمجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية (National Interest) ترجمه "الخليج الجديد"، على ضوء زيارة بوتين للسعودية والإمارات في 5 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.

بريدي تابع أنه "مع تركيز اهتمام وسائل الإعلام على الحرب الإسرائيلية في غزة ومؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ "كوب 28" (COP28) في دبي، فإن قرار تحالف "أوبك+" (منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاؤها) في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بإجراء تخفيض أعمق في الإنتاج لم يجذب الاهتمام المنشود".

وأضاف أنه "يبدو أن الزيارة التي قام بها بوتين إلى السعودية والإمارات في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري هدفت جزئيا إلى معالجة ذلك الوضع. ومع ذلك، لا تزال أسعار النفط منخفضة بشكل حاد عما كانت عليه في سبتمبر/ أيلول الماضي وقبل إعلان أوبك+ مباشرة".

واعتبر أن "جوهر المشكلة هو أن السوق متشككة بشأن الالتزام بالمزيد من تخفيضات الإنتاج، على الرغم من درجة التماسك العالية نسبيا التي أظهرها التحالف في السنوات الأخيرة".

و"مما يغذي هذا الشك حقيقة أن تخفيض الإنتاج الأخير فشل في تعزيز الإيرادات السعودية، وكانت هناك أوقات اضطرت فيها المملكة إلى التخلي عن ضبط النفس وسعت إلى استعادة حصتها في السوق"، كما زاد بريدي.

ولفت إلى أن "إعلان "أوبك+" الأخير جاء بعد تأجيل اجتماعها لمدة أربعة أيام؛ بسبب عدم الاتفاق بين المشاركين، وكان النفط يتراجع عن أعلى مستوياته في أواخر سبتمبر، مع ارتفاع خام برنت لفترة وجيزة فوق 97 دولارا للبرميل؛ بسبب طلب أضعف من المتوقع، لا سيما في آسيا، وارتفاع الإنتاج من خارج منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، مدفوعا بالأساس من الولايات المتحدة".

وأوضح أن إنتاج النفط ارتفع في سبتمبر بمقدار 224 ألف برميل يوميا مقارنة بأغسطس/ آب، ليصل إلى حجم قياسي جديد قدره 13.24 مليون برميل يوميا.

وأردف أن "المشكلة في خفض الإنتاج هي أنه من خلال دعم الأسعار، يمكن أن يحفز نمو الإنتاج المنافس، فمثلا، يعمل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الآن على تقصير الإطار الزمني المطلوب لإنتاح كميات أكبر".

اقرأ أيضاً

في مواجهة ترامب.. معدلات تأييد بايدن تصل لأدنى مستوياتها

نمو الطلب

و"قد وصلنا إلى نقطة لم تعد فيها الحسابات مفيدة للسعوديين، وبعد التخفيض الأحادي الجانب في يونيو/حزيران، انخفض إنتاجهم إلى حوالي 9 ملايين برميل يوميا من أصل 12 مليون برميل يوميا"، كما زاد بريدي.

واستدرك: "لكن التخلي عن حصتهم في السوق لم ينجح في دفع الأسعار بشكل مستدام إلى مستوى 90 دولارا الذي يفضلونه، أو حتى إلى مستوى 80 دولارا الذي ربما يمكنهم تحمله".

و"ما لم يتعزز نمو الطلب بشكل كبير، فقد يعني ذلك تراجع السعودية عن تخفيضات الإنتاج، على الرغم من تأثير الأسعار على المدى القصير، وذلك لعرقلة الإنتاج المنافس واستعادة حصتها في السوق"، بحسب بريدي.

وأضاف أن "هذا يأتي  وسط توقعات عام 2024، ووجود إنتاج منافس بالفعل في طور التطوير".

اقرأ أيضاً

بايدن يصافح بن سلمان بحرارة بعد عام من القبضة المحرجة.. ومغردون يتفاعلون

زيارة بوتين

"ومن المرجح أن تكون زيارة بوتين (للسعودية) في 5 ديسمبر لمناقشة السياسة النفطية بمثابة مناورة لتأخير الإطار الزمني الذي قد يفكر فيه السعوديون في التحرك لاستعادة حصتهم في السوق"، كما أضاف بريدي.

وزاد بأن "محمد بن سلمان لا يعاني من مشاكل مالية حادة، ويمكن النظر إلى التحول في السياسة (تخفيض الإنتاج) باعتباره خسارة لماء الوجه بالنسبة له، على الرغم من أنه يشبه تحولات سابقة في السياسة السعودية، كتلك التي حدثت في منتصف الثمانينيات".

واعتبر أن "لدى بوتين حاجة أكثر إلحاحا للإيرادات الحالية، نظرا (للتداعيات المالية) للحرب (الروسية) في أوكرانيا (منذ 24 فبراير/ شباط 2022)، ومن المؤكد أن روسيا ستعاني من التحول السعودي غير المنسق".

بريدي استطرد: "ومن المرجح أن يرغب كلاهما في رؤية الرئيس بايدن يخسر انتخابات 2024 أيضا، كما يرغب بوتين في تقليص المساعدات الأمريكية لأوكرانيا".

أما "محمد بن سلمان، فواصل تنمية العلاقات المالية مع عائلة (الرئيس الأمريكي السابق دونالد) ترامب (المرشح المحتمل أمام بايدن في الانتخابات المقبلة)، على الرغم من العلاقات الدافئة بين إدارة بايدن والرياض"، وفقا لبريدي.

وأضاف أنه "من المحتمل أن يكون هذا عاملا إضافيا من شأنه أن يجذب كلا الزعيمين (محمد بن سلمان وبوتين) نحو الرغبة في تجنب انخفاض حاد في أسعار النفط، مما قد يساعد بايدن في إعادة انتخابه".

وفي أكثر من مناسبة، انتقدت واشنطن ارتفاع أسعار النفط جراء تخفيضات في الإنتاج؛ لأنه عاكس مرارا جهود إدارة بايدن لكبح نسبة التضخم في الولايات المتحدة؛ بسبب زيادة أسعار البنزين.

اقرأ أيضاً

الجارديان: الازدراء السعودي لبايدن مؤشر لرهان بن سلمان على عودة ترامب

المصدر | جريج بريدي/ ناشونال إنترست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: تنسيق نفط محمد بن سلمان بوتين بايدن انتخابات محمد بن سلمان على الرغم من برمیل یومیا فی السوق

إقرأ أيضاً:

لماذا عبد الناصر.. الآن؟!

د. أحمد بن علي العمري

 

جمال عبد الناصر- رحمه الله- الرئيس المصري الأسبق، لم يكن زعيمًا لمصر فحسب؛ بل كان قائدًا عربيًا وإقليميًا ودوليًا. أحبه مؤيدوه واحترمه أعداؤه، وهو صاحب المقولة الشهيرة: "ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة"، في حديثه عن مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن، لماذا يُنبش في ماضيه الآن، بعد كل هذه السنوات الطويلة؟ ولماذا تخصص بعض القنوات برامج كاملة، تستضيف فيها محللين لمناقشة تسريب مشكوك في صحته؟ ولماذا يكثر التلميح والغمز والهمز بقصد الإساءة إليه؟ هل هذه التسريبات بريئة؟ أم أنها مفبركة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟ ولماذا جاءت مجتزأة، أليس من غير المنصف أن نقرأ الآية: "ويل للمصلين" دون أن نكملها؟ من يقف وراء هذه الضجة؟ وما مصلحته؟ ولماذا اختير هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا نحاكم رجلاً بعد رحيله بخمسة وخمسين عامًا وننتقده بمعايير العصر الحالي؟

يقول البعض إن الهدف هو قطع آخر خيط للكرامة العربية، ومحو أي أثر للهوية التضامنية، وتشويش الفكر الداعي للحرية والإرادة المستقلة.

وُلد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918م في الإسكندرية لأسرة من صعيد مصر، وتخرج في الكلية الحربية عام 1938م، وشارك في حرب فلسطين عام 1948؛ حيث حُوصر مع رفاقه في الفالوجة، وربما تركت تلك التجربة أثرًا عميقًا في تفكيره السياسي.

قاد، مع مجموعة من الضباط الأحرار (بينهم محمد نجيب وأنور السادات)، الانقلاب العسكري الذي أطاح بالملك فاروق، مؤسسًا النظام الجمهوري في 23 يوليو 1952م، وهو يوم ما زالت مصر تحتفل به حتى اليوم. أصبح رئيسًا للوزراء عام 1956م، ثم رئيسًا للجمهورية بعد استفتاء شعبي، ليصبح ثاني رئيس لمصر بعد إعلان الجمهورية، خلفًا لمحمد نجيب.

كان أحد أبرز القادة السياسيين في التاريخ العربي الحديث، وهو من أمّم قناة السويس عام 1956م، الأمر الذي أدى إلى العدوان الثلاثي (بريطانيا وفرنسا وإسرائيل) على مصر، لكنه نجح في التصدي له دبلوماسيًا بدعم أممي وسوفييتي، مما عزز مكانته كرمز للتحرر من الاستعمار.

سعى عبدالناصر لنشر الفكر القومي العربي عبر مشروعه الوحدوي، الذي تجسد في تأسيس الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسوريا (1958-1961)، وظلت مصر تحتفظ بالاسم حتى عام 1971م.

كما أنشأ السد العالي لتوليد الكهرباء، في خطوة سبقت عصرها في المنطقة.

لكن عبد الناصر خسر حرب 1967م، حيث فقد العرب سيناء والضفة الغربية وقطاع غزة بعد هزيمة الجيوش العربية أمام إسرائيل في حرب الأيام الستة، مما دفعه إلى إعلان تنحيه عن الحُكم وعن أي منصب رسمي، ثم عدل عن ذلك بناءً على رغبة الجماهير بعد مظاهرات شعبية ضخمة.

عقب ذلك، قاد عملية إعادة بناء الجيش، وشن حرب استنزاف ضد إسرائيل لاستعادة سيناء، وظل يقودها حتى رحيله عام 1970م.

توفي عبد الناصر إثر نوبة قلبية في سبتمبر 1970م، أثناء وساطته لإنهاء الخلاف الأردني-الفلسطيني المعروف بـ"أحداث أيلول الأسود".

تبنى عبدالناصر إصلاحات زراعية وصناعية تحت شعار العدالة الاجتماعية، كما دعا إلى القومية والوحدة العربية، وكان أحد مؤسسي حركة عدم الانحياز مع تيتو ونهرو لموازنة القوى العالمية خلال الحرب الباردة.  غير أن معارضيه يرون أنه عزّز الحكم العسكري وقمع المعارضة، مثل حل جماعة الإخوان المسلمين (التي تم حلها لاحقًا مجددًا).

لكن، لماذا يُطرح ماضيه اليوم، بعد مرور كل هذه العقود؟! إذا نظرنا إلى تاريخ الشعوب الأخرى، هل نبشت الصين في ماضي ماو تسي تونغ؟ أو كوريا في ماضي بارك تشونج هي؟ هل فتحت روسيا سجلات جوزيف ستالين؟ أو باكستان ملف محمد علي جناح؟ هل أعادت الهند النظر في إرث غاندي؟ أو بريطانيا في ماضي الملكة فيكتوريا وتشرشل؟ هل شغلت فرنسا نفسها بنابليون بونابرت؟ أو تشيلي بأوغستو بينوشيه؟ حتى ألمانيا، هل نبشت في ماضي هتلر؟

فلماذا نحن دائمًا نسير في اتجاه معاكس؟ ولماذا نُسلّم السكين لعدونا ليطعننا بها؟

لقد قاد الرجل مرحلة انتقالية صعبة من الملكية إلى الجمهورية، وفي مثل هذه الظروف، تحدث بعض التجاوزات من قبل البعض من النافذين في السُلطة، وغالبًا ما تكون قرارات فردية. كانت البلاد طوال فترة حكمه في حالة حرب مستمرة، لكنه عمل بكل ما استطاع وفق الإمكانيات المتاحة حينها.

إن كل هذه التساؤلات في حد ذاتها تحمل الأجوبة؛ فالسؤال هو ذاته الجواب!

لنذكر محاسن موتانا، ولله في خلقه شؤون.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الصين تعزز حضورها في العراق بمشروع نفطي عملاق جنوب البصرة
  • مؤسسة النفط: إنتاج 1.38 مليون برميل نفط و2.59 مليار قدم مكعب غاز خلال 24 ساعة
  • أوبك+ تناقش زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج في يوليو
  • لماذا عبد الناصر.. الآن؟!
  • هل يصمد النفط الأميركي في مواجهة زيادة إنتاج أوبك+؟
  • بريدي: لنبدأ العمل في بلدية بيروت بعيدًا من السياسة
  • 8 أسئلة تشرح تفاصيل ما دار في اتصال ترامب وبوتين
  • المهندس الكعبي: حقل الشمال يرفع الإنتاج إلى 142 مليون طن سنوياً وهذا سعر النفط الضامن لاستدامة الاستثمار
  • انتعاش قياسي في الإنتاج.. النفط عند 1.38 مليون برميل والغاز يتجاوز 2.5 مليار متر مكعب
  • انخفاض طفيف في إنتاج العراق من النفط الخام خلال أبريل 2025