العرب الأمريكيون والتصويت لبايدن في 2024
تاريخ النشر: 11th, December 2023 GMT
كان العرب والمسلمون الحاملون للجنسية الأمريكية يفقدون الثقة في الحزب الديمقراطي، حتى قبل بدء الحرب بين إسرائيل وغزة، لأسباب لا علاقة لها بالسياسة الخارجية، فقد أصبحوا متشككين بشكل متزايد في تحول الحزب نحو اليسار فيما يتعلق بالقضايا الثقافية والاجتماعية، إذ أصبحت الدروس التي تتناول موضوعات الشذوذ الجنسي في المدارس الحكومية نقطة خلاف كبيرة، إلا أن هذه المواضيع الآن أصبحت صغيرة وعابرة، ففي أوقات الحرب الفعلية، تعد الحرب الثقافية مجرد ترف.
خلال عطلة عيد الشكر، كانت خيبة الأمل بشأن احتضان إدارة بايدن لإسرائيل أثناء قصفها لغزة هي السائدة في الحديث على مائدة العشاء مع الأصدقاء وأفراد الأسرة، أربعة منهم من الأمريكيين العرب، وقد قال الأربعة إنهم لن يصوتوا للرئيس بايدن في عام 2024، بعد أن صوتوا له عام 2020.
لا شك أن أربعة أشخاص هم أربعة أشخاص فقط، لكن نقاش التصويت أو عدم التصويت هذا منتشر على نطاق واسع، فوفقًا لاستطلاع للرأي أجري في أكتوبر على الأمريكيين العرب، تبيّن أنّ 17% فقط يعتزمون التصويت لبايدن، بينما كانوا 35% في شهر أبريل، و59% في عام 2020. وللمرة الأولى منذ أن بدأت شركة استطلاعات الرأي (زغبي ستراتيجيز) في تتبع ميولاتهم السياسية في عام 1996، أصبح المزيد من العرب الأمريكيين الآن يعدون جمهوريين (32%) مقارنة بالديمقراطيين (20%)، فيما يقيّمُ 67% من المشاركين موقف بايدن على الحرب بين إسرائيل وغزة بشكل سلبي.
عندما نشرت محادثات عيد الشكر على منصة X، حصد المنشور 7 ملايين مشاهدة، وتلقيت مئات الردود الغاضبة من الليبراليين وغيرهم من معارضي ترامب، حيث أشار العديد منهم إلى أن دونالد ترامب يريد ترحيلنا، ومن وجهة نظري، لا أظن أن النقاش المتعالي الذي يطلب من العرب الأمريكيين أن يتقبلوا الأمر ويصوتوا لبايدن بغض النظر عن سياساته الحالية سيكون فعالا، ولذلك يجب العمل بجد من أجل الحصول على أصواتهم، فالخطر المعلن الذي يمثله ترامب لا يعفي الديمقراطيين من مسؤوليتهم في تقديم صورة إيجابية لمرشحهم.
إن التصويت هو أمر شخصي للغاية، وليس فقط بالنسبة للأمريكيين العرب، الذين ينظر إليهم في كثير من الأحيان أنهم مصابون بالعمى العاطفي بسبب القضية الفلسطينية، ففي صناديق الاقتراع، من يظن أن الناخب يقوم بكل بساطة بعمل حساب مباشر حول الربح والخسارة فهو يتجاهل الكثير مما هو معروف عن سلوك الناخبين، فقد وجد باحثان في السياسة (كريستوفر آخن) و (لاري بارتلز) أن «العامل الأكثر أهمية في تصويت الناخبين هو ارتباطاتهم الاجتماعية والنفسية بالمجموعات»، وبعبارة أخرى، فإن كل الاعتبارات هي اعتبارات متعلقة بالهوية.
كل شخص لديه مبادئ شخصية لا يستطيع تجاوزها، يحكمها ضميره، تتحكم في تصويته لمرشح معين، حتى لو كان يتفق مع هذا المرشح في معظم القضايا الأخرى، فلو استيقظ بايدن ذات يوم ليقول إنه يعتقد أنه لا ينبغي للمرأة أن يكون لها الحق في الإجهاض، فلن يكون من المستغرب أن يشعر بعض الليبراليين بعدم القدرة على تقديم دعمهم غير المشروط له.
في قضية الخير والشر، هناك دوما صراع متناقض، لذلك ذكّرت زملائي من العرب الأمريكيين أن ترامب سيكون أقل تعاطفا مع الفلسطينيين من بايدن، فقالوا إنهم يتفهمون المخاطر ولكنهم بحاجة إلى طريقة ما للتعبير عن اشمئزازهم من سياسات الرئيس بايدن، مستشهدين بتصريحاته التي تساءل فيها عما إذا كان القتلى الفلسطينيون قد ماتوا في الواقع، حيث قال الرئيس: «ليس لدي أي فكرة أن الفلسطينيين يقولون الحقيقة بشأن عدد القتلى». «أنا على ثقة من أن أبرياء قتلوا، وهذا هو ثمن شن حرب».
بما أن الفلسطينيين جردوا من كرامتهم وهم أحياء، فلن يمنحوا إياها وهم أموات، قد تكون هذه الفكرة بلاغية، لكنها كانت سببا للإحباط الذي دام عقوداً من الزمن، فالساسة الأمريكيون من كافة الأطراف يبدو أنهم إما غير راغبين أو غير قادرين على النظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم مكتملي الأهلية ليكونوا بشرا. وكما قال (بارنيت روبن)، المسؤول السابق في إدارة أوباما: «في بعض الأحيان يفوق احترام النفس المصلحة الذاتية، فمن المهين التصويت لبايدن بعد أن شجع ومول وسلح الأشخاص الذين ذبحوا 15 ألفاً من إخوانهم العرب».
في كل انتخابات رئاسية، يقرر الملايين من الأمريكيين من حيث المبدأ عدم التصويت لأي من المرشحين الرئيسيين، فهذه هي الديمقراطية.
وإذا كانت انتخابات 2024 قريبة، فمن الممكن أن يكون عدد الأمريكيين العرب والمسلمين كافيا لإحداث فرق. يقدرُ عالم السياسة (يوسف شحود) أنه في مقابل كل 10% من الناخبين الشرق أوسطيين والمسلمين في ميشيجان الذين يمتنعون عن التصويت، سيواجه بايدن خسارة صافية تبلغ حوالي 11 ألف صوت، على الرغم من أن (شحود) ذكر في إحدى المقابلات بأن إجراء تحليل كمي على هذه المجتمعات «صعب للغاية»، مضيفا أنه إذا امتنع الناخبون العرب والمسلمون عن التصويت بأعداد كبيرة، فقد يحذو آخرون حذوهم. لاحظ أن 70% من الناخبين الشباب من جميع الأعراق لا يتفقون مع بايدن في طريقة تعامله مع الحرب.
في الأشهر المقبلة، سيكون العامل الحاسم هو ما إذا كانت تداعيات الحرب والتقليل من قيمة حياة الفلسطينيين ستستمر في التمدد في حياة الأمريكيين اليومية، في الوقت الذي يتم الحقيق فيما اعتبر جريمة كراهية، إذ تم إطلاق النار على ثلاثة أمريكيين من أصل فلسطيني في ولاية فيرمونت. العديد من الأمريكيين العرب الذين يقولون إنهم لن يصوتوا لبايدن قدموا بلاغات أيضًا عن التمييز العنصري والمخاوف المتزايدة على سلامتهم الشخصية. ولحسن حظ الديمقراطيين، فإن الانتخابات لن يتم إجراؤها اليوم، ففي العرف السياسي، السنة هي فترة طويلة، لكن الذكريات قد تكون طويلة أيضاً.
شادي حامد كاتب عمود في واشنطن بوست وعضو هيئة التحرير. وهو أيضًا أستاذ باحث في الدراسات الإسلامية في مدرسة (فولر) ومؤلف العديد من الكتب، بما في ذلك «مشكلة الديمقراطية» و»الاستثناء الإسلامي».
عن واشنطن بوست
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الأمریکیین العرب
إقرأ أيضاً:
اليوم الثاني.. إقبال الناخبين على التصويت في377 مقرًا بالمنيا
تشهد اللجان الانتخابية بالمنيا، في اليوم الثاني للاقتراع بدء توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم في377 مقرًا انتخابيًا بإجمالي 489 لجنة فرعية في انتخابات مجلس النواب 2025 ، لاستقبال 3 ملايين و58 ألفًا و704 ناخبين يحق لهم الإدلاء بأصواتهم في 5 دوائر انتخابية على مستوى المحافظة بعد قرار المحكمه الإدارية العليا بإعادة الانتخابات بها.
حيث تشهد اللجان الانتخابية بمسقط رأس المرشحين إقبالا من السيدات والشباب وأعداد من كبار السن للمشاركه في العملية الانتخابية.
وفي سياق متصل تابع اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، انطلاق عملية التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 داخل الدوائر الخمس بالمحافظة، تنفيذًا لقرار الهيئة الوطنية للانتخابات، حيث فتحت اللجان أبوابها أمام الناخبين في تمام الساعة التاسعة صباحًا من الاقتراع.
وأكد محافظ المنيا أن العملية الانتخابية تسير بانتظام واستقرار داخل جميع المراكز الانتخابية، بالتنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية والتنفيذية، مع تقديم كل التسهيلات اللازمة للمواطنين، وخاصة كبار السن وذوي الهمم.
وأشار إلى أن المتابعة تتم لحظة بلحظة من خلال غرف العمليات الفرعية بالوحدات المحلية ومديريات الخدمات، وربطها مباشرة بالغرفة المركزية لمتابعة سير العملية الانتخابية والتعامل الفوري مع أي طارئ أو شكوى.
وشدد اللواء كدواني على أن الأجهزة التنفيذية تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين، وأن دور المحافظة يقتصر على الدعم اللوجستي والإداري لضمان سير العملية الانتخابية في مناخ يتسم بالحياد التام والشفافية الكاملة، تنفيذًا لتوجيهات اللجنة العليا للانتخابات.
واشار المحافظ إلى رفع درجة الاستعداد القصوى داخل المستشفيات العامه والمركزية بالمحافظة، وتخصيص نقاط إسعاف بالقرب من مقار الاقتراع للتعامل العاجل مع أي طوارئ، إلى جانب تجهيز الفرق الطبية والتمريض بالتعاون مع مديرية الصحة، وتوفير وسائل الإطفاء والتأمين بالتنسيق مع الحماية المدنية، بما يضمن استمرار عملية التصويت في أجواء آمنة ومستقرة.
ودعا محافظ المنيا جموع المواطنين إلى المشاركة الإيجابية والتوجه إلى صناديق الاقتراع واستخدام حقهم الديمقراطي بحرية كاملة، مؤكدًا أن المشاركة في الانتخابات واجب وطني يعكس وعي أبناء المحافظة، ويدعم مسيرة الديمقراطية والاستقرار والبناء في الجمهورية الجديدة.
يُذكر أن عدد الناخبين الذين يحق لهم التصويت في الدوائر الخمس بمحافظة المنيا يبلغ 3 ملايين 60 ألفًا و 503 ناخبين، موزعين على 377 مقرًا انتخابيًا بإجمالي 489 لجنة فرعية على مستوى المحافظة، حيث تُدار عملية الاقتراع تحت إشراف القضاة، بالتعاون مع عناصر الشرطة المدنية لتأمين اللجان من الخارج وضمان سلامة الناخبين.