توفيق أبو شومر: مرحبا بكم في مملكة غلعاد!
تاريخ النشر: 13th, July 2023 GMT
توفيق أبو شومر رفع المتظاهرون الإسرائيليون المحتجون على الانقلاب القانوني، ممن احتلوا مطار بن غريون فجر يوم 11-7-2023م شعارا يقول: “أهلا بكم في مملكة غلعاد”؟ أعادني هذا الشعار إلى متابعته، اكتشفت أنه مقتبسٌ من المسلسل الأمريكي (The Handmade Tale) عام 2017 وهو يحكي قصة استيلاء المتزمتين الأصوليين العقيمين في أمريكا على الحكم، وإجبار الفتيات أن يعملن في بيوتهم منجبات للأطفال وخادمات فقط! وهذا يماثل بالضبط ما يجري الآن في إسرائيل! موضوع قمع النساء في إسرائيل مسكوتٌ عنه إعلاميا في معظم وسائل الإعلام، لأنه يمس بصورة إسرائيل دولة ديموقراطية، كما أن بروز ظاهرة القمع النسائي في إسرائيل سيُفشِل (بربوغندا) إسرائيل حين تتهم الفلسطينيين والعرب بأنهم أعداء النساء، كتبتُ كتابا بعنوان: قصص نساء يهوديات معنفات وهو مقتبسٌ كلُّه مما تسرَّب من صحافتهم عن هذا القمع! نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت يوم 23-6-2023م فيديو يصور امرأة إسرائيلية تزور حائط البراق (المبكي) في الركن المخصص للنساء وهي تخلع ملابسها وكأنها تصطاف على شاطئ البحر، ونشرت الصحيفة تعليق، شموئيل رابينوفتش حاخام الحائط الغربي: “شعرنا بالرعب من هذه الصورة في قدس الأقداس”! لم يبرز الخبر في معظم وسائل الإعلام، لأن ذلك يمسُّ (بديموقراطية) الدولة! الفتاة التي تعرت هي، مايا عمرها 36 سنة تنتمي إلى تيار النساء الثائرات على احتقار النساء وضربهن وطردهن لأنهن نساء (نجسات) يصلين عند الحائط، مايا امرأة متدينة تنتمي إلى مجموعة (نساء الحائط الغربي) ممن يتحدين التمييز الجندري، مايا، تعرتْ احتجاجا على مشروع قانون عرضه أحد أعضاء (حكومة غلعاد) أريه درعي زعيم حركة شاس في الكنيست وهو قانون الحشمة وُفق مواصفات الذكور، ينص على وجوب التزام النساء بلباس خاص يفرضه الحاخامون عليهن، يُحظر عليهن بموجب القانون أن يحملن التوراة أثناء صلواتهن، وعليهن ألا يرتدين شال الصلاة فهو مخصص للرجال فقط، وعليهن ألا يرفعن أصواتهن عند تلاوة التوراة، لأن صوت المرأة عورة! ستدفع مايا ثمن فعلتها، لأن العقوبة على احتجاجها في نص القانون هي السجن ستة أشهر وغرامة بمقدار عشرة آلاف شيكل! ما أكثر قصص قمع النساء في إسرائيل غير أنها لا تحظى بالنشر فلو حدثت تلك القصص والأخبار في قطر عربي لتهافتت وسائلُ الإعلام العالمية لنقلها! فلو قام بعضُنا مثلا بتقسيم أحد الشوارع الكبيرة في دولة عربية إلى نصفين مستخدما ساترا من القماش، وأرغمْنا النساءَ أن تسير في قسم منه، والرجال في القسم الآخر كما يحدث اليوم في حي مائة شعاريم في القدس لقالوا عنا: “انظروا فليس غريبا على العرب، فكلهم طالبان”! ولو قامت مجموعة بنزع كل إعلانات الدعاية التي فيها صور النساء من الشوارع الحافلات كما يحدث كل يوم في أحيائهم الحريدية الأصولية لاستُنْفِرت وسائلُ الإعلام وتوافد الصحفيون من كل أقطار العالم لتغطية الحدث وقالوا أيضا: “العرب متخلفون”! ولو خصصت إحدى دول العرب وفلسطين حافلاتٍ شرعية خاصة بالرجال وأخرى للنساء، كما هو جارٍ في الأحياء الأصولية في إسرائيل، أو أجبروا النساء أن يركبن في مؤخرة الحافلة، وخصصوا مقدمة الحافلة للرجال فقط، وهذا ما هو مُتَّبعٌ حاليا، لقالوا أيضا: “العرب متخلفون يعيشون في العصر الحجري”! قليلون الذين يعرفون(جماعة العفاف) وهم ميليشيا من (بلطجية) المتزمتين الحارديم يعربدون في كل الأحياء الحريدية، يهاجمون المنازل يقومون بتأديب النساء اللائي يخرجن عن أوامرهم بالضرب والطرد! تتعرض النساء في طرقات بيت شيمش والقدس للشتائم والبصاق ورش الفلفل في عيونهن لأنهن نساء فهن نجاسة، لا يمكن للحريدي أن يجلس على مقعد كانت تجلس عليه امرأة إلا بعد مرور وقت طويل من جلوسها عليه، ولا يَسمح الحريدي لامرأةٍ أن تجلس إلى جواره في مقعد الطائرة والحافلة لأنهن نجسات! كاتب فلسطيني.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية: فی إسرائیل
إقرأ أيضاً:
بين حظر أستراليا وواقع المنطقة المعقّد: كيف يستخدم الشباب العرب منصّات التواصل الاجتماعي؟
تزايدت خلال عام 2025 الدعوات إلى الحدّ من الانغماس في الفضاء الافتراضي، واعتماد ما يُعرف بـ"الصيام الرقمي".
قبل ساعات، أصبحت أستراليا أول دولة في العالم تحظر وسائل التواصل الاجتماعي على اليافعين دون سن الـ16 عامًا، وبدأت شركة "ميتا" عملية "تنظيف" للفضاء الرقمي، فيما لوّحت حكومة كانبيرا بفرض غرامات قد تصل إلى أكثر من 32 مليون دولار أمريكي في حال المخالفة.
القرار أثار نقاشًا واسعًا، بين من رآه متطرفًا بعض الشيء، ومن اعتبره السبيل الوحيد لحماية الأطفال من سلبيّات التكنولوجيا الرقمية، بدءًا من خطر التعرض للتحرش، إلى الابتزاز والتنمر، فضلًا عن الآثار الذهنية المترتبة على الإفراط في استخدام الأجهزة الإلكترونية.
وفي وقت بدأت فيه مؤشرات تدل على أن دولًا أخرى قد تحذو حذو أستراليا، ينتقل النقاش إلى العالم العربي، حيث لا يزال إنشاء إطار قانوني ينظّم الفضاء الرقمي للبالغين ووسائل الإعلام التقليدية والحديثة يواجه تحديات كبيرة، فكيف يكون الحال بالنسبة لليافعين؟
معدل 8 ساعات يوميًا - ثلث النهارفي شهر مارس الماضي، أظهر استطلاع نشرته مكتبة Science Direct أن حوالي 68% من طلاب الجامعات في الدول العربية يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي لأكثر من 60 ساعة أسبوعيًا، أي بمعدل نحو 8 ساعات تقريبًا في اليوم، علمًا أن بعض الأبحاث تحذّر من أن استخدام اليافعين لوسائل التواصل لأكثر من 3 ساعات ينطوي على مخاطر تشمل ارتفاع الإصابة بالمشاكل النفسية، بما في ذلك الاكتئاب والقلق.
ووفقًا لتقرير آخر، فإن ثلث الأطفال في الإمارات يقضون أكثر من سبع ساعات يوميًا أمام الشاشات في أيام الأسبوع.
وقد عبّر ما يقرب من ثلاثة أرباع الشباب العرب (74%) عن أنهم يواجهون صعوبة في الانفصال عن وسائل التواصل الاجتماعي، بينما وافق نحو ثلثيهم (61%) على أن إدمان وسائل التواصل الاجتماعي يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية.
ومع أن جيل زد وجيل ألفا، وفقًا للأبحاث، يتمتعان بوعي ذاتي ملحوظ، ويتميزان بذكاء عاطفي قوي، واهتمام بالصحة النفسية، وقيم قائمة على الهدف، وفهم للقضايا الاجتماعية ، وهي سمات بعضها نابع من التعرض المستمر للمحتوى الرقمي بالمناسبة، فإن هذا الإدراك لا يمنحهما سلطة على التوقف عن الإدمان.
واللافت أن عام 2025 شهد طفرة في المحتوى الرقمي الذي يشجع على التخفيف من استخدام وسائل التواصل وخلق ما بات يُعرف بـ"التطهير الرقمي" أو "الصوم الرقمي" (Digital Detox)، تماهياً مع فكرة تطهير الجسم من السموم عبر اتباع حمية غذائية معينة.
لماذا يستخدم الشباب العرب وسائل التواصل؟بحسب استطلاع الجامعات العربية، تتفاوت دوافع الاستعمال بين اليافعين، لكن البحث عن الترفيه تصدّر لائحة الرغبات (95%)، يليه التعرف على الثقافات (94%)، والتعبير عن الذات (94%)، علمًا أن هذه النسب قد تكون مخادعة بعض الشيء.
فبحسب دراسة أخرى بعنوان "تأثير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على ثقافة الحوار بين الشباب العرب"، تبين أن للشبكات الاجتماعية تأثير محدود على تحسين لغة الحوار بين الشباب العرب، مع أنها تمنح شعورًا عامًا بأن الحوار إيجابي.
ويمكن تفسير هذا التفاوت، إن لم نقل التناقض، بجملة نشرت في مجلة Review of European Studies، اعترفت فيها أن وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي باتت إحدى الركائز الأساسية التي تصنع هوية الشباب، لكنها تربط هذه الهويات وطريقة تشكيلها بطبيعة المحتوى الذي يتعرض له هؤلاء الشباب.
وتنوّه الدراسة إلى أن عام 2011 كان نقطة تحوّل كبيرة في العالم العربي، حيث تبدلت طرق استخدام مواقع التواصل، ولاحظ أثر ذلك في الأحداث الاجتماعية والسياسية، خصوصًا خلال مظاهرات ما يُسمى بالربيع العربي في العديد من دول الشرق الأوسط، لا سيما في مصر وتونس.
لكن تبين أن فئات الشباب التي تتفاعل بشكل منتظم وهادف مع الآخرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي تطوّر هويات تختلف عن أقرانها من الشباب الذين لا يتعرضون لنفس المحتوى أو لا يمتلكون نفس الدوافع، وشبّهت الدراسة وسائل التواصل بأنها تعمل كمكبر للإدراك الاجتماعي والمقارنة.
ضعف التشريعات والرقابة الموجّهةعلى المستوى الحكومي، لا يزال هناك صعوبة عامة في العالم العربي في التعامل مع التحول إلى الرقمنة، أي عملية تحويل البيانات من شكلها التقليدي إلى الإلكتروني، وخلق إطار قانوني متخصص يخفف من التحديات الأخلاقية والتشريعية المصاحبة لها على مستوى وسائل الإعلام والمؤسسات، بما في ذلك الحد من الجرائم المعلوماتية، وجرائم الآداب العامة، ونشر خطاب الكراهية، والمعلومات المضللة، وتهديد الأمن الوطني وغيرها. وبالتالي، فإن غياب أرضية تشريعية ورقابية على هذه الوسائل يجعل حماية اليافعين مسألة بعيدة، أو على الأقل ليست من الأولويات.
إلى جانب ذلك، يلاحظ أن الحكومات العربية تصب اهتمامها على مراقبة المحتوى السياسي والديني أحيانًا، بالإضافة إلى استخدام أطر القوانين لقمع المعارضة، مع تطبيق صارم في دول مثل السعودية ومصر والأردن.
ففي السعودية مثلًا، صنّفت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مواقع التواصل الاجتماعي كـ"طريق نحو الشر والخطيئة". وبينما لا تحظر الحكومة هذه المواقع بشكل صريح، هناك درجة من الرقابة على ما يمكن نشره ومشاركته، إضافة إلى ممارسة الرقابة الأخلاقية. وقد يكون هذا هو السبب في أنه بينما ساعدت وسائل التواصل الاجتماعي الاحتجاجات في عدة دول خلال الربيع العربي، ظلت السعودية إلى حد كبير غير متأثرة.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة