نقلت زيارتا "الدولة" التاريخيتان اللتان قام بهما حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- لكل من جمهوريتَي سنغافورة والهند الصديقتَين العلاقات إلى مرحلة جديدة وفتحت آفاقا للتعاون والشراكة في كافة المجالات، بما يسهم بمد مزيد من جسور التبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري والاجتماعي والسياسي، الذي بدوره ستنعكس تأثيراته الإيجابية على تحقيق تطلعات شعوب المنطقة والعالم.

وأكدت المباحثات التي أجراها جلالته -أيده الله- مع فخامة الرئيس ثارمان شانموغاراتنام رئيس جمهورية سنغافورة، ودولة ناريندرا مودي رئيس وزراء جمهورية الهند، على عزم سلطنة عمان على مد أواصر الصداقة والتعاون والتبادل التجاري والاقتصادي والثقافي.

وحملت الزيارتان دلالات عميقة، تؤكد في مضامينها الرغبة الصادقة لفتحت مزيد من مجالات التعاون والتفاهم الذي يتكئ على تاريخ عريق وروابط قديمة ممتدة لآلاف السنين بين كل من سلطنة عمان وجمهوريتَي سنغافورة والهند، حيث تؤكد الروابط التاريخية على التبادل التجاري والثقافي والتعاون الممتد من القدم، حيث تأتي هذه الزيارة لتجديد تلك الروابط التاريخية.

وتفتح زيارة "دولة" التي قام بها جلالته -أعزّه الله- إلى جمهورية سنغافورة، فرص التعاون في قطاع الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، حيث تعرّف الجانبان العماني والسنغافوري على احتياجات كل جانب والممكنات التي يمكن الاستفادة منها، وتوجهات سلطنة عمان فيما يتعلق بإنتاج الهيدروجين الأخضر واستخدامه والسعي نحو تخفيض الانبعاثات الكربونية، وما يمكن أن تقدمه السلطنة لسنغافورة في هذا المجال الحيوي.

وأكد اتفاق سلطنة عُمان وجمهورية سنغافورة على تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي في مجالات عدّة، منها تنمية الربط بين الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة مع الأسواق العالمية، وإقرار البلدين بأهمية التكنولوجيا في تعزيز الاقتصاد والابتكار بما في ذلك التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي ونظم المعلومات، وتعزيز التعاون التجاري في مجالات الاستزراع السمكي، والأمن الغذائي، والنقل واللوجستيات، وتنمية الربط بين الشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة مع الأسواق العالمية، إضافة إلى التعاون لتنمية وتنويع التجارة البينيّة من خلال الاستفادة من اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية وسنغافورة (GSFTA) وتطويرها.

وسياسيا تتفق سلطنة عمان وسنغافورة على الرغبة في حلّ النزاعات الإقليمية والدولية سلميًّا، إذ دعا البلدان إلى الحوار والتفاوض، والالتزام بالقانون الدولي والنظام العالمي المبني على القواعد لتعزيز العدالة والحرية وكرامة الإنسان دون تحيّز، إضافة إلى تعزيز الالتزام القوي لقيم التسامح والتعايش السلمي، ورفض جميع أشكال التطرّف، والالتزام بدعم عالمٍ أكثر أمانًا وشمولًا يحترم التنوع ويعزّز الاحترام المتبادل بين الثقافات والمجتمعات المختلفة.

وثمة لفتة ذات رمزية خاصة حظيت بها الزيارة، حملت دلالات على الرغبة للانتقال بالعلاقات بين سلطنة عمان وسنغافورة لآفاق أرحب، حيث تمت تسمية إحدى زهور الأوركيد باسم (وردة السلطان هيثم) تكريمًا واعتزازًا من جمهورية سنغافورة حكومةً وشعبًا بزيارة جلالته التاريخية للجمهورية.

كما كانت الزيارة السامية إلى جمهورية سنغافورة حافلة بالنتائج الناجحة والإيجابية، إذ جاءت زيارة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- إلى جمهورية الهند الصديقة لتضيف بعدا آخر للعلاقات التاريخية والتجارية بين البلدين، حيث وصفها دولة رئيس الوزراء الهندي بالتاريخية في العلاقات الهندية.

وتتمتع سلطنة عمان وجمهورية الهند بعلاقات طيبة ممتدة لآلاف السنين، وتجمع البلدين العديد من العوامل المتشابهة التي تسمح بمزيد من التعاون والتبادل التجاري والثقافي.

وتكللت زيارة جلالته -أبقاه الله- بالتوقيع على اتفاقية بشأن تصريح عمل مرافقي الموظفين الرسميين وعدد من مذكرات التفاهم، في مجالات الثقافة والاتصالات وتقنية المعلومات وتبادل المعلومات المالية، إضافة إلى مجال تقنية المعلومات، وتبادل المعلومات الاستخبارية المتعلقة بغسل الأموال والجرائم المرتبطة بها وتمويل الإرهاب، والتوقيع على الرؤية المشتركة 2023 بين سلطنة عُمان وجمهورية الهند.

كما عززت نتائجها الإيجابية بتوسيع جهاز الاستثمار العُماني تعاونه مع بنك الدولة الهندي بإطلاق الصندوق العُماني الهندي المشترك الثالث؛ حيث تم التوقيع على إنشاء الصندوق بحجم 300 مليون دولار (تبلغ مساهمة الجهاز فيها ٥٠ مليون دولار)، ستُستثمر في مجموعة متنوعة من القطاعات أبرزها التكنولوجيا، والصحة والصيدلة، والبنوك والخدمات المصرفية، الصناعات، والخدمات الاستهلاكية لتحقيق زيادة في رأس المال على المدى الطويل، وتحقيق عوائد مجزية من خلال الاستثمار في الشركات التي تملك مستويات عالية من الحوكمة، وتتمتع بميزة تنافسية مستدامة، ولديها مسار قابل للتخارج بعد تحقيق العوائد الجيدة منها.

وأكدت الكلمة السامية التي أدلى بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- أثناء جلسة المباحثات مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على توجّه سلطنة عمان الثابت والمؤمن بسياسة حسن الجوار والتعايش السلمي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، والسعي لدعم كافة السبل السلمية لفض الخلافات والنزاعات الإقليمية والدولية والتمسّك بقواعد القانون الدولي وإعلاء مناخ الأمن والسلم والعدالة للجميع، إذ إن هذا التوجه الثابت هو نهج عماني راسخ أعطى عمان مكانة بين الدول والشعوب حول العالم.

كما أكدت كلمة جلالته -أيّده الله- أثناء لقائه بفخامة الرئيسة دوربادي مورمو رئيسة جمهورية الهند على مبدأ سلطنة عمان نحو الحاجة لتحقيق السلام العادل والوئام في هذه المنطقة وفي العالم، والتطلعات لمستقبل قائم على كل ما يُؤلف بين الشعوب ويخدم آمالها حاملًا صوت الجنوب للعالم أجمع حتى يُصبح رافدًا للتطوُّر والعلم والمعرفة وحافزًا للابتكار والنمو والازدهار.

وبحجم ما حملته الزيارتان الساميتان لسنغافورة والهند من دلالات ذات أبعاد محلية وإقليمية، فإن المستقبل يحمل مزيدا من الآمال والتطلعات لامتداد العلاقات المتينة التي بلا شك ستسهم في تحقيق الآمال بإنشاء مشاريع تخدم الشعوب وتسهم في تنميتها ورفاهها.

إن سلطنة عمان وهي تمد مزيدا من جسور الصداقة مع دول آسيا فإنها بذلك تفتح مجالات وآفاقا أرحب للتعاون والتبادل التجاري والاقتصادي، وتضع مشاريعها الاستراتيجية واللوجستية أمام الراغبين في الاستثمار والتعاون، عبر بيئة استثمارية واعدة، وبنية أساسية متينة، وبلد يتمتع باستقرار وازدهار وأمن وأمان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جمهوریة سنغافورة جمهوریة الهند السلطان هیثم سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

ركائز التكامل في سلطنة عمان

كل المؤسسات في سلطنة عمان تعمل من أجل هدف واحد هو خدمة عُمان وشعبها لتصل بها وبهم إلى أعلى المراتب. وهذا الإيمان الراسخ هو الذي يصنع النقلات النوعية التي تشهدها سلطنة عمان في مسارات التنمية الشاملة.

ومن هذه الرؤية وذلك الإيمان جاء الاجتماع التنسيقي بين مجلس الوزراء ومجلس الدولة ليجسد أهمية التنسيق والتكامل بين مؤسسات الدولة في دفع عجلة التطوير والإصلاح.

يعكس الاجتماع التزام مجلس الوزراء الموقر بأعلى معايير التنسيق والشراكة المؤسسية، فالاجتماع لم يكن مناسبة بروتوكولية، بل هو يمثل شراكة حقيقية ومساحة نقاش لتبادل الأفكار والمقترحات، ورسم السياسات التي تهدف إلى تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى.

ومثل هذا اللقاء الذي يأتي في إطار ما نص عليه النظام الأساسي للدولة وقانون مجلس عمان، يمثل في جوهره أداة أساسية لتحقيق رؤية مشتركة تسهم في تعزيز الجهود الرامية إلى تحسين الخدمات العامة وتطوير البُنى الأساسية في البلاد وبما يخدم المواطن العماني بشكل مباشر خاصة فيما يتعلق بتحقيق طموحاته في المشروعات الخدمية وتبسيط الإجراءات وتحقيق الكثير من الأفكار والرؤى. إن التنسيق المستمر بين مجلس الوزراء ومجلس الدولة يعزز من قدرة الدولة على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية، من خلال تبني سياسات متكاملة وشاملة.

وأكد صاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد خلال الاجتماع أهمية الدور المحوري الذي يقوم به مجلس الدولة في تنفيذ السياسات العامة للدولة وتقديم أفضل الخدمات للمواطنين. هذه التصريحات تعكس حرص الحكومة على الاستفادة من الخبرات والتجارب المتنوعة لأعضاء مجلس الدولة في صياغة وتنفيذ السياسات الحكومية، خاصة وأن مجلس الدولة ينظر إليه باعتباره بيت خبرة يضم مجموعة من أفضل الكفاءات والخبرات في مختلف المجالات.

من جهته، أعرب معالي الشيخ عبد الملك بن عبدالله الخليلي وأعضاء مكتب المجلس عن سعادتهم بالاجتماع المثمر، مؤكدين التزامهم بمواصلة العمل المشترك لتحقيق الأهداف الوطنية. هذا التوجه يعكس الروح التعاونية التي تسود بين مؤسسات الدولة المختلفة، والتي تعتبر عنصرا أساسيا في تحقيق التنمية المستدامة.

إن مناقشة موضوعات مثل دعم التكامل بين مؤسسات الدولة وتفعيل مهام اللجنة الوزارية التنسيقية تسهم في تعزيز الكفاءة الحكومية، وتحقيق الصالح العام. هذه المبادرات تسهم في تحقيق التوعية المجتمعية والمحافظة على ما تحقق من إنجازات، وضمان استدامة التطور والنماء على أرض سلطنة عمان.

إن استمرار مثل هذه الاجتماعات التنسيقية بين مجلس الوزراء ومجلس الدولة ومجلس الشورى يعزز من قوة وصلابة البناء المؤسسي للدولة، ويؤكد على التزام سلطنة عُمان بمبادئ الحكم الرشيد والشفافية. وبهذا المعنى فإن مثل هذا الاجتماع يتجاوز كونه ركيزة للتكامل المؤسسي ليكون ضمانة لاستمرارية مسيرة التنمية الشاملة التي تشهدها سلطنة عُمان في ظل قيادتها الحكيمة.

مقالات مشابهة

  • ركائز التكامل في سلطنة عمان
  • جلالة السلطان يُعزي رئيس مالاوي
  • عمان تؤكد لبغداد إمكانية فتح جسور لعبور المساعدات العراقية إلى غزة
  • سلطنة عمان وموريتانيا توقعان مذكرات تفاهم وتؤكدان على تعزيز مجالات التعاون
  • بوريطة يستقبل وزيرة خارجية إفريقيا الوسطى حاملة رسالة خطية إلى جلالة الملك من رئيس الجمهورية
  • البيئة.. وتحديات الحياة
  • مفتي سلطنة عمان يدعو جميع المسلمين لإمداد الفلسطينيين في غزة بالقوت والسلاح
  • رئيس قيرغيزستان يمنح رئيس البنك الإسلامي للتنمية وسام الصداقة المرموق
  • مفتي سلطنة عمان يدعو جميع المسلمين "للإنفاق من حر أموالهم لإمداد الفلسطينيين في غزة بالقوت والسلاح"
  • سلطنة عمان تؤكد دعمها لتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن