منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتخذت روسيا موقفا مؤيدا لحركة "حماس"، حتى أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ربط بين مصير روسيا ومصير الشعب الفلسطيني، إذ يؤمن بدور للعالم الإسلامي في الانتقال من نظام عالمس أحادي القطب، تقوده الولايات المتحدة حليفة إسرائيل، إلى نظام متعدد الأقطاب.

ذلك ما خلص إليه كل من بات تشين ودرويان فيلدمان، في تحليل بـ"معهد دراسات الأمن القومي" الإسرائيلي (INSS) ترجمه "الخليج الجديد"، مستندين إلى تحليل خطاب بوتين وآراء خبراء مقربين من الكرملين.

وحتى مساء أمس الاثنين، قتل جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة 19 ألفا و453 فلسطينيا، وجرح 52 ألفا و268، معظمهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى دمار هائل في البنية التحتية وأزمة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لمصادر رسمية فلسطينية.

وقالت بات وفيلدمان إنه "وفقا لتوجه بوتين، فإن إسرائيل تنتمي إلى الغرب، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وهي بالتالي جزء من القطب المعادي لروسيا. ويكشف الخطاب بين الأكاديميين وأصحاب الرأي وخبراء السياسة الخارجية الروس عن إجماع في وجهات نظرهم بشأن هذا التصور".

وتابعا: "لذلك، وعلى خلفية التوترات المتزايدة بين روسيا والولايات المتحدة، يجب على إسرائيل أن تفهم المعتقدات التي تشكل السياسة الروسية".

وأضافا أنه "يتعين على إسرائيل أيضا أن تدرك الدور الحاسم الذي تسنده روسيا إلى العالم الإسلامي في النظام العالمي الجديد الذي تسعى إلى تأسيسه".

اقرأ أيضاً

عقب زيارة بوتين.. بيان سعودي روسي مشترك يطالب بوقف حرب غزة وحماية المدنيين

هيمنة أمريكية

و"الروايات التي يقدمها بوتين بشأن الحرب بين إسرائيل وحماس، تزعم أن الغرب، بقيادة الولايات المتحدة، هو المسؤول عن هذا الصراع وعن صراعات إقليمية أخرى"، بحسب بات وفيلدمان.

وزادا بأن "بوتين يحّمل الولايات المتحدة المسؤولية عن الحرب، فضلا عن فشل العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، بمجرد أن استحوذت واشنطن على دور الوسيط الوحيد وعملت على تهميش اللجنة الرباعية (الدولية للسلام وتتألف من الولايات المتحدة، الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي وروسيا)".

وأردفا: "كما يتهم بوتين الولايات المتحدة بتأجيج نيران الحرب ومحاولة استخدام الفوضى اللاحقة لإضعاف منافسيها، وبينهم روسيا؛ لإحباط ظهور نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، ولضمان بقاء نظام القوة العظمى الواحدة الذي تقوده واشنطن".

و"يؤكد بوتين أن روسيا لا تقف مكتوفة الأيدي، وأنها أطلقت حملة تحرير وطني ضد "الهيمنة الأمريكية" في ساحات القتال في أوكرانيا، حيث سيتم كما يقول تحديد مصير روسيا، والعالم أجمع، بما فيه مصير الشعب الفلسطيني"، كما أضافت بات وفيلدمان.

ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022، تشن روسيا حربا في أوكرانيا، المدعومة من الغرب، تبررها بأن خطط جارتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة واشنطن، تهدد الأمن القومي الروسي.

اقرأ أيضاً

بوتين يدعم غزة ويرى في الحرب مصلحة له.. وتهديدات إسرائيلية بدفع الثمن

العالم الإسلامي

ووفقا للنظرة الروسية، بحسب بات وفيلدمان، "يعد العالم الإسلامي جزءا مهما من البنية المتعددة الأقطاب، وهو قطب سيكون ودودا تجاه روسيا. ومن هنا جاءت جهود موسكو لتعزيز علاقات أقوى مع الدول الإسلامية".

ولفتا إلى تصور ألكسندر دوغين، أحد أبرز المنظرين القوميين الروس، أن الحرب في غزة جزء من صراع أوسع بين روسيا والغرب، وبعد أن تهاجم الدول الغربية ووكيلها الإسرائيلي العالم الإسلامي، ستدرك الدول الإسلامية أن الصراع بين إسرائيل و"حماس" هو جزء من المعركة حول النظام العالمي الجديد، وستفهم حينها بشكل أفضل حرب روسيا في أوكرانيا.

ويعتقد دوغين أن روسيا والصين حليفتان للعالم الإسلامي في المعركة حول عالم متعدد الأقطاب، وسيكون لزاما على كل من هذه الأقطاب أن يثبت حقه في الوجود عبر الصراع: روسيا ضد أوكرانيا، والصين ضد تايوان، والعالم الإسلامي بإيجاد حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وإذا لم يتمكن العالم الإسلامي من الالتقاء لتشكيل قطب موحد، فستتأخر عملية التحول إلى عالم متعدد الأقطاب.

ورأت بات وفيلدمان أنه "يتعين على إسرائيل أن تفهم مواقف روسيا التي تسعى إلى خرق النظام العالمي القائم، وأن تفسر تصرفاتها تجاه تل أبيب والحرب في غزة من هذا المنظور".

واعتبرا أن "الموقف المناهض لإسرائيل الذي اتخذته روسيا منذ 7 أكتوبر هو دليل على أن تل أبيب يجب أن تبدأ بالنظر إلى علاقات موسكو مع مختلف الدول والمنظمات في سياق العالم متعدد الأقطاب الذي تطمح روسيا إلى خلقه".

وفي ذلك اليوم، وردا على جرائم الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات وقواعد عسكرية إسرائيلية في محيط غزة.

وقتلت "حماس" في هجومها نحو 1140 إسرائيليا وأسرت قرابة 240 بادلت حوالي 110 منهم، خلال هدنة إنسانية استمرت 7 أيام حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، مع الاحتلال الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني.

اقرأ أيضاً

بوتين: حرب غزة دليل فشل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط

المصدر | بات تشين ودرويان فيلدمان/ معهد دراسات الأمن القومي- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الولایات المتحدة العالم الإسلامی متعدد الأقطاب

إقرأ أيضاً:

بوتين يجدد دعمه لمادورو مع تصاعد التهديدات الأميركية لفنزويلا

جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعمه للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو خلال اتصال هاتفي اليوم الخميس، في خضم التوتر بين كراكاس وواشنطن بعدما صادرت الولايات المتحدة ناقلة نفط قبالة سواحل البلاد وتستعد لمصادرة المزيد من السفن.

وأوضح الكرملين في بيان أن بوتين ومادورو ناقشا رغبتهما في السعي لإبرام اتفاقية للشراكة الإستراتيجية وتنفيذ مشاريع مشتركة متعددة تشمل الطاقة.

وجاء في بيان الكرملين بعد الاتصال "عبّر فلاديمير بوتين عن تضامنه مع الشعب الفنزويلي، وأكد دعمه لسياسة حكومة مادورو الهادفة إلى حماية المصالح الوطنية والسيادة في مواجهة الضغوط الخارجية المتزايدة". وفي مايو/أيار الماضي، أعلن مادورو مزيدا من التقارب بين موسكو وكراكاس عبر توقيع معاهدة تعاون.

مصادرة المزيد من السفن

يأتي ذلك في وقت قالت فيه ستة مصادر مطلعة اليوم الخميس إن الولايات المتحدة تستعد لاعتراض المزيد من السفن التي تنقل النفط الفنزويلي عقب احتجاز ناقلة نفط هذا الأسبوع، في إطار زيادة الضغوط على الرئيس الفنزويلي.

وذكرت المصادر المطلعة أن من المتوقع تنفيذ الولايات المتحدة مزيدا من التدخلات المباشرة في الأسابيع المقبلة مستهدفةً السفن التي تحمل النفط الفنزويلي والتي ربما تكون نقلت أيضا نفطا من دول أخرى مستهدفة بعقوبات أميركية مثل إيران.

وكان ترامب قد أعلن أمس الأربعاء مصادرة بلاده ناقلة نفط "كبيرة جدا" قبالة سواحل فنزويلا. ولم يقدم تفاصيل عن الحادث، لكنه صرح سابقا بأن بلاده ستزيد الضغط الاقتصادي على الحكومة الفنزويلية.

وبحسب تقارير، معظم الناقلات التي تغادر فنزويلا تحمل النفط إلى الصين.

وقد أدانت وزارة الخارجية الفنزويلية مصادرة ناقلة النفط، ووصفت العملية بأنها "سرقة صريحة وعمل من أعمال القرصنة الدولية".

وقالت وزارة الخارجية الفنزويلية "في ظل هذه الظروف باتت الأسباب الحقيقية وراء العدوان المستمر على فنزويلا واضحة أخيرا، فالأمر لا يتعلق بالهجرة ولا بتهريب المخدرات ولا بالديمقراطية ولا بحقوق الإنسان".

إعلان

وأضافت "الأمر يتعلق دوما بمواردنا الطبيعية، نفطنا، طاقتنا، ومواردنا التي تعود حصرا لشعب فنزويلا".

ومنذ أشهر صعدت الإدارة الأميركية من إجراءاتها الاقتصادية والعسكرية لزيادة الضغط على الرئيس الفنزويلي. وزعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مقابلة قبل أيام مع موقع بوليتيكو بأن أيام مادورو باتت "معدودة".

وتصاعدت التوترات مؤخرا بين الولايات المتحدة وفنزويلا، حيث أصدر ترامب في أغسطس/آب الماضي أمرا تنفيذيا يقضي بزيادة استخدام الجيش بدعوى "مكافحة عصابات المخدرات"، واتمهت مادورو بتزعم كارتيل للمخدرات.

وفي هذا السياق، أعلنت واشنطن إرسال سفن حربية وغواصة إلى قبالة سواحل فنزويلا، في حين قال وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث إن الجيش جاهز للعمليات بما فيها تغيير النظام في فنزويلا.

وكان الرئيس مادورو قد طالب أمس الأربعاء بـ"إنهاء التدخل غير القانوني والعنيف" للولايات المتحدة التي تنشر منذ أغسطس/آب الماضي قوة عسكرية كبيرة في الكاريبي قبالة السواحل الفنزيلية وقصفت عدة قوارب زعمت أنها لتهريب المخذرات.

وتنفي كراكاس ذلك، وتتهم واشنطن بالسعي إلى تغيير النظام في فنزويلا والسيطرة على احتياطاتها النفطية.

وقال مادورو خلال تظاهرة أمس الأربعاء "من فنزويلا، نطالب ونُصرّ على إنهاء التدخل غير القانوني والعنيف لحكومة الولايات المتحدة في فنزويلا وأميركا اللاتينية"، وأضاف "لا للنزعة التدخلية، لا لخطط زعزعة الاستقرار بهدف تغيير الأنظمة. لتركّز الحكومة الأميركية على حكم بلدها".

كما أعلن مادورو حشد قوات يبلغ قوامها 4.5 ملايين شخص في البلاد، والاستعداد لصد لأي هجوم محتمل.

مقالات مشابهة

  • إستراتيجية الأمن القومي الأميركي 2025.. بداية نظام عالمي جديد
  • عاطف عبد اللطيف : يضع تصورًا للاستثمار الأمثل للطيران في دعم السياحة المصرية
  • ألمانيا تدعو إسرائيل للتراجع عن قرار بناء مستوطنات في الضفة
  • ألمانيا تتهم روسيا بشن هجوم سيبراني استهدف نظام ملاحتها الجوية
  • بوتين: التجارة بين روسيا وإيران تسجل نموا مستمرا
  • بوتين: التجارة بين روسيا وإيران تسجل نموا
  • بوتين: العلاقات بين روسيا وإيران تتطور بشكل إيجابي
  • أميركا تطالب إسرائيل بتحمل تكلفة رفع أنقاض غزة
  • بوتين يجدد دعمه لمادورو مع تصاعد التهديدات الأميركية لفنزويلا
  • بوتين يحدد هدفا جديدا: خفض معدل الفقر في روسيا إلى أقل من 5% بحلول 2036