ملتقى موارد حكومة دبي يناقش التحول الرقمي
تاريخ النشر: 20th, December 2023 GMT
دبي: «الخليج»
ناقش المشاركون في ملتقى الموارد البشرية الرابع للعام الجاري 2023 والذي نظمته دائرة الموارد البشرية لحكومة دبي افتراضياً مستقبل التحول الرقمي للموارد البشرية، وركز المتحدثون خلاله، وشارك فيه المسؤولون عن إدارات الموارد البشرية في دوائر حكومة دبي، على أفضل الحلول الرقمية المطبقة عالمياً في مجال الموارد البشرية.
أكد عبدالله بن زايد الفلاسي مدير عام الدائرة، أن الدائرة تسارع الخطى لتحقيق رؤية القيادة الرشيدة لصنع مستقبل دبي الرقمي الرائد، وترسيخ مكانتها نموذجاً ملهماً في الحياة الرقمية، من خلال توفير الحلول الرقمية والإدارة الفعالة للبيانات لتعزيز مهارات الموظفين وتحفيزهم ومشاركتهم، ولتمكين الدائرة من اكتساب ميزة تنافسية مستدامة وتحقيق مؤشرات الريادة في قطاع الموارد البشرية، إذ تركز استراتيجية الدائرة 2023 2026، على تطوير قنوات ووسائل تقديم الخدمات من خلال التحول الرقمي والأتمتة المتقدمة.
وتحدث خلال الملتقى، الدكتور إبراهيم الخاجة مدير إدارة الموارد البشرية في الإدارة العامة لجمارك أبوظبي، حيث أكد أهمية وضع الإستراتيجية للتحول الرقمي ومن ثم التعرف الى احتياجات الكوادر البشرية وبعد ذلك الحصول على أحدث التكنولوجيات لاستخدامها في عمليات التحول الرقمي، مع الحرص على أن تكون الإجراءات المتبعة متوائمة مع أفضل الممارسات العالمية.
وقال إنه من الضروري اختيار التقنيات الحديثة في عمليات التحول الرقمي في قطاع الموارد البشرية، والمتطابقة مع الميتافيرس، وتقنية التعاملات الرقمية (بلوك تشين)، والتي يمكن تطويرها وتحديثها مستقبلاً، ووضع بنية تحتية تقنية قوية ومستدامة.
ومن جانبها تحدثت علياء المهيري، مديرة إدارة خدمة العملاء في هيئة دبي الرقمية، في مداخلتها خلال الملتقى عن «الكفاءات الرقمية»، وقالت إن القيادة الرشيدة تحرص على رقمنة الحياة في دبي، وإن دبي الرقمية بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات حكومة دبي الموارد البشریة التحول الرقمی
إقرأ أيضاً:
استراتيجيات الموارد البشرية لمواجهة الأزمات
د. سعيد الدرمكي
في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من صراعات مُتكررة، لم تعد الأزمات مجرد حالات طارئة، بل أصبحت واقعًا دائمًا تتعامل معه المؤسسات بشكل مستمر ويومي. ومن أبرز هذه التوترات، الصراع المتصاعد بين إيران وإسرائيل، الذي يُلقي بظلاله الثقيلة على أمن واستقرار المنطقة، لا سيما في دول الخليج العربي. هذه الأزمات لا تقتصر على الجانب الجيوسياسي فحسب، بل تتغلغل في حياة العاملين، لتنعكس على الاستقرار النفسي، والولاء الوظيفي، وحتى على قراراتهم المتعلقة بالبقاء أو مُغادرة مواقعهم.
في خضم هذه التحديات، يبرز دور إدارات الموارد البشرية لتكون خط الدفاع الأول، ليس بصفتها جهة تنفيذية فحسب، بل كعنصر استراتيجي يعزز التماسك المؤسسي، ويدير المشهد البشري بإدراك يتجاوز المعادلات التقليدية. فهي مطالبة اليوم بتوفير بيئة عمل داعمة نفسيًا، وتطبيق سياسات مرنة وسريعة الاستجابة تراعي ظروف العاملين، وتُبقي المؤسسة متماسكة رغم الضغوط الخارجية.
حين تتزلزل المعادلات الجيوسياسية، لا يبقى العامل في منأى خلف جدران المكتب. تتسرب أصداء الأزمات إلى مساحات العمل، وتتحول التحديات النفسية إلى عنصرٍ مؤثرٍ في الأداء والإنتاجية. الأثر الإنساني للصراعات يتجاوز الخسائر الاقتصادية، ليمس استقرار الإنسان نفسه، ويخلق بيئة عمل مشحونة بالقلق والخوف، مما يؤدي إلى تراجع الإنتاج، وضعف الروح المعنوية، وربما فقدان بعض الكفاءات التي تسعى إلى أماكن أكثر أمانًا.
من هنا، يتوجب على إدارات الموارد البشرية الانتقال من نمط الإدارة التقليدية إلى نموذج القيادة الاستراتيجية. ويتضمن ذلك تفعيل خطط الطوارئ، وتشكيل فرق استجابة سريعة، وتوفير الدعم النفسي والمشورة المتخصصة، إلى جانب تطوير سياسات للعمل عن بُعد أو إعادة توزيع القوى العاملة في مواقع أقل تأثرًا لضمان استمرارية العمل. كما يشمل الدور التنسيق مع الجهات الحكومية المعنية لضمان الامتثال والتأمين المهني.
يُعد الاتصال الفعّال في مثل هذه الظروف المشحونة عنصرًا جوهريًا، إذ يسهم في بناء الثقة وطمأنة العاملين. وتلعب إدارات الموارد البشرية دورًا محوريًا في إصدار تحديثات دورية وشفافة حول الأوضاع، وتفنيد الشائعات من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة، فضلًا عن إنشاء قنوات تواصل مباشرة، كالمراكز الداخلية للاتصال أو الفرق المتخصصة بإدارة التواصل في حالات الطوارئ.
ولضمان استمرارية العمليات بكفاءة عالية، يجب أن تتبنى الموارد البشرية سياسات بديلة مرنة، بما يشمل تفعيل خطط التعاقب الوظيفي، وتحديث أنظمة العمل والدوام، مثل العمل الهجين أو بنظام المناوبات، بما يتماشى مع الظروف الطارئة. كذلك، من الضروري الالتزام بالقوانين المحلية إلى جانب السياسات الداخلية لضمان الحقوق والامتثال.
وقد أثبتت التجارب الحديثة، مثل جائحة كوفيد-19، والتوترات الإقليمية خلال عامي 2023 و2024، أن الجاهزية النفسية للعامل لا تقل أهمية عن الجاهزية المهنية. فقد لاحظت مؤسسات عديدة تراجعًا في الولاء والاستقرار، ما استدعى اعتماد برامج للدعم النفسي، وتقديم مرونة في الحضور والانصراف، مما ساعد في تجاوز الأزمة بأقل الأضرار.
في ظل هذه التحديات، يُصبح الحفاظ على الكفاءات أولوية ملحة. ويمكن أن تقدم الموارد البشرية حلولًا مرنة، مثل الإجازات الاستثنائية، وخيارات العمل المرن، وبيئة تواصل إنسانية. كما يمكن عند توفر الإمكانات صرف حوافز رمزية أو علاوات خطر للموظفين في الخطوط الأمامية، ما يعزز الشعور بالتقدير والانتماء.
وما ينبغي التأكيد عليه هو ضرورة عدم الاكتفاء بالنظر إلى الأزمات كعنصر تهديد، بل يجب التعامل معها كفرصة استراتيجية. ففي مثل هذه الأوقات، تستطيع إدارات الموارد البشرية أن تثبت جدارتها كشريك في صياغة القرار، وبناء ثقافة مؤسسية مرنة قادرة على التكيف والاستجابة، إضافة إلى تطوير خطط استباقية لإدارة المخاطر البشرية، تعزز من جاهزية المؤسسة على المدى الطويل.
في نهاية المطاف، يتجلى دور إدارات الموارد البشرية في شخصية القائد الهادئ الذي يوجّه دفة المؤسسة وسط العواصف، واضعًا الإنسان في صميم اهتمامه، قبل الإنتاج، وقبل الأرباح. وهكذا، تتحول من وظيفة دعم إلى ركيزة استراتيجية، تصون رأس المال البشري، وتحفظ استقرار المؤسسة في زمن الاضطراب.
لذلك، تُعد الجاهزية المؤسسية مسؤولية إدارات الموارد البشرية في المقام الأول، عبر تشكيل فرق تدخل سريعة، وتفعيل برامج الدعم النفسي والتوعية، وإعادة توزيع الأدوار الحرجة، والتعاون المستمر مع الجهات الرسمية، بما يضمن بيئة عمل مرنة، متماسكة، ومستعدة لمواجهة أي أزمة مستقبلية.
إدارات الموارد البشرية اليوم ليست رفاهًا تنظيميًا، بل صمّام أمان استراتيجي لضمان بقاء المؤسسات واستقرار مجتمعات العمل في زمن الاضطراب.