في خضم الحرب الحالية على غزة، أعدت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا مصورا من مخيمات الفلسطينيين بالأردن قالت فيه إنهم في هذا البلد تأثروا بأجيال من الحرب والمنفى.

وقدرت في تقريرها -الذي اختارت له عنوان "الشتات الفلسطيني المترامي الأطراف يتطلع نحو غزة"- أن عدد فلسطينيي الشتات يتجاوز عددهم اليوم 6 ملايين شخص، وينتشرون في مختلف أرجاء العالم عبر تخوم لبنان وسوريا ومصر، ويمتد وجودهم ليشمل جيوبا بعيدة أخرى في الأميركيتين.

غير أن النسبة الأكبر من المغتربين الفلسطينيين توجد في الأردن، ووفقا للتحقيق فإن أكثر من 2.3 مليون منهم في المجمل مسجلون كلاجئين، أي أكبر بقليل من تعداد سكان قطاع غزة.

ومعظمهم يتمتع بالمواطنة الأردنية الكاملة، بل إن بعضهم -بمن فيهم الملكة رانيا العبد الله التي وُلدت لأبوين فلسطينيين في الكويت- نالوا حظا كبيرا من السلطة، إلا أن العديد منهم لا يزالون يقيمون في 10 من مخيمات اللاجئين الرسمية التابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أو 3 مخيمات غير رسمية تُدار مع بعض المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة.

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، فإن تاريخ هؤلاء اللاجئين عبارة عن حكايات عن المنافي والتطلعات الوطنية، وعن الحنين إلى الوطن، وهي صفحات من التاريخ تُكتب وتُعاد كتابتها مع كل موجة جديدة من الوافدين.

وإبان الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948 وما بعدها، التي شهدت تأسيس دولة إسرائيل، أُجبر 700 ألف عربي ونيف على ترك منازلهم، بعضهم تحت تهديد السلاح، وهو "الحدث الذي يُعرف في اللغة العربية باسم: "النكبة".

والتمس هؤلاء الذين أصبحوا "بلا دولة" -حسب تعبير الصحيفة الأميركية- اللجوء مؤقتا في معسكرات بدأت كخيام نُصبت بصفوف في الحقول الفارغة بقطاع غزة والضفة الغربية وخارجهما.

ومرت السنوات، وحلت محل الخيام مبانٍ شيدت من الألمونيوم، ثم الخرسانة، واكتظت الفراغات التي تفصل بينها بمحلات الملابس والمطاعم وأسواق السلع المستعملة ودكاكين الحلاقة، وحولت تلك المخيمات إلى مدن في حد ذاتها، طبقا للتحقيق الصحفي.

ثم اندلعت الحرب العربية الإسرائيلية عام 1967، التي أسفرت عن احتلال إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة، اللتين كانتا تحت سيطرة الأردن ومصر على التوالي. ونزح الآلاف من الفلسطينيين شرقا.

مقابلات

يقول نيكولاس كيسي -الذي كتب هذا التحقيق ونشرته نيويورك تايمز- إنه سافر في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني إلى تلك المخيمات بصحبة مصور فوتوغرافي، لإجراء مقابلات مع من يعيشون هناك وتصويرهم، وللتعرف أكثر على ما يعنيه لهم أن تكون فلسطينيا في هذه الحقبة الجديدة من الحرب والنزوح.

ومن بين من التقاهم شيخ جليل يدعى عيسى محمود أحمد عايش وله 14 ابنا و63 حفيدا، وكان له منزل في مخيم البقعة في الأردن. ووُلد عايش عام 1949 في مخيم للاجئين بالضفة الغربية، وعندما نشبت حرب 1967 فرت عائلته إلى مخيم البقعة.

يقول عايش إن "الحياة هناك كانت مقفرة. درست في المنزل حيث لا مدارس".

واليوم، صارت البقعة مدينة شرق أوسطية مترامية الأطراف، وتعد أكبر مخيم بالأردن، حيث يبلغ عدد سكانها أكثر من 130 ألف نسمة. ورغم العقود التي قضاها هناك، فإن عايش يتردد في اعتبارها وطنه، ويؤكد "لن ننسى فلسطين".

فلسطيني آخر اسمه سعدي محمود أحمد الكراملة (80 عاما) من قرية دير أبان بالقرب من القدس عام 1948. كان جده -كما يتذكر- مختار القرية. وقد جاءت عائلته نهاية المطاف إلى مأدبا، وهو مخيم غير رسمي، حيث تم تعيينه مختاراً لمجتمعه.

أما فاطمة علي عبد الرحمن عطية فقد نزحت وعائلتها عام 1967 من حلحول بالضفة الغربية إلى العاصمة الأردنية، حيث لجؤوا في البداية إلى أحد المساجد واستقروا في النهاية في مخيم مأدبا.

وهناك خضر حسين سليم المساعيد الذي ما يزال يتذكر حياته عندما كان صبيا في مزرعة عائلته بالضفة الغربية، حيث كان يزرع البرتقال والعنب، محاطا بالأصدقاء وأفراد العائلة الذين يزورونهم من حيفا ويافا والخليل. وبعد حرب 1967، هرب هو وعائلته إلى مخيم البقعة.

كان المساعيد ناشطا سياسيا حتى في سنه المتأخرة، حيث يستقل أحيانا الحافلات إلى عمان للانضمام إلى المظاهرات المطالبة بحق العودة إلى الضفة الغربية.

ويقول "المخيم بالنسبة لي مكان إقامة مؤقت للطوارئ". ويتساءل "هل من العدل أن يكون شخص مثلي، في السبعين من عمره، بلا مأوى؟".

ومن بين من التقاهم كيسي وأورد قصته في تحقيقه، عبد الكريم سليمان الآصفي (77 عاما) من مواليد قرية بساط الفلق الصغيرة بالضفة. وفي أعقاب عام 1948، أُجبر على النزوح إلى قرية أخرى بالضفة ثم إلى ثالثة.

وقد انتقل بعد حرب 1967 إلى مخيم السخنة للاجئين في محافظة الزرقاء بالأردن.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نیویورک تایمز

إقرأ أيضاً:

الأردن يُدين قصف محيط المستشفى الميداني جنوب غزة.. وإصابة ممرض أردني

أدانت المملكة الأردنية الهاشمية بأشدّ العبارات، القصف الإسرائيلي في محيط المستشفى الميداني الأردني في جنوب قطاع غزة، الذي أدى إلى إصابة ممرض أردني، منوهة أنه يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وخصوصًا اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب لعام 1949، مُحمِّلة إسرائيل مسئولية سلامة المدنيين والطواقم الطبية العاملة في المستشفى.

وأكّد الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية وشئون المغتربين السفير الدكتور سفيان القضاة، في بيان اليوم الأربعاء، أن تعريض إسرائيل المستشفى وطواقمه للخطر خلال قصفها له جريمة مرفوضة ومُدانة، وتُعد امتدادًا لجرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، واستهدافها الممنهج للمستشفيات والطواقم الطبية العاملة فيها والمدنيين الأبرياء في القطاع، وإمعانًا واضحًا في سياسة التجويع والحصار التي تفرضها في غزة، مؤكّدًا أن الحكومة الأردنية تحمّل قوات الاحتلال الإسرائيلية المسئولية الكاملة عن تعريض حياة الطواقم الطبية الأردنية للخطر.

وشدّد على ضرورة امتثال إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني، وبشكل خاص الامتناع عن مهاجمة المستشفيات كأماكن محمية، وعدم اتخاذ أية إجراءات تحول أو تعرقل قيام الكوادر الطبية من القيام بمهامها.

ودعا المجتمع الدولي إلى ضرورة اتخاذ موقف حازم يوقِف جرائم الحرب الإسرائيلية بحق المدنيين والأعيان المدنية والمستشفيات في قطاع غزة بشكل فوري، ويضمن إدخال المساعدات الكافية والفورية إلى القطاع الذي يعاني من كارثة إنسانية غير مسبوقة سببها العدوان.

وصرح مصدر عسكري مسئول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية - الجيش العربي، بأن أحد الممرضين العاملين في المستشفى الأردني الميداني جنوب غزة، قد تعرض صباح الأربعاء أثناء وجوده داخل المستشفى، لإصابة باليد والفخذ الأيسر بشظية سقطت في محيط المستشفى الميداني.

وأوضح المصدر أنه جرى الكشف على الممرض من قبل الأطباء المختصين، حيث تبين حدوث جرح قطعي في اليد اليسرى والفخذ الأيمن وتم إدخاله لغرفة العمليات لإجراء الجراحة اللازمة، مشيرًا إلى أن حالته العامة متوسطة، وسيتم إجلاؤه مساء اليوم إلى أراضي المملكة الأردنية الهاشمية، تمهيداً لاستكمال علاجه.

اقرأ أيضاًأبو الغيط إلى الأردن الاحد ضمن وفد من اللجنة العربية الاسلامية

«وزير خارجية الأردن»: الجوع واقع لا إنساني في قطاع غزة

الأردن والإمارات يختتمان الجولة الأولى للمشاورات القنصلية فى أبو ظبى

مقالات مشابهة

  • نيويورك تايمز: مقتل قاآني بقصف اسرائيلي في طهران
  • نيويورك تايمز: ويتكوف ما زال يعتزم المشاركة في المحادثات مع إيران بمسقط
  • من لبنان إلى سوريا.. تفاصيل أكبر العصابات التي تطوّق الحدود
  • نيويورك تايمز: لماذا تفكر إسرائيل في مهاجمة إيران الآن؟
  • ماكرون لن يعترف بدولة فلسطينية في مؤتمر نيويورك بسبب تهديد أمريكي
  • نيويورك تايمز: ضربة إسرائيلية قريبة ضد إيران!
  • تعويض للجماهير التي لم تدخل ملعب مباراة الأردن والعراق رغم شرائها التذاكر
  • الأردن يُدين قصف محيط المستشفى الميداني جنوب غزة.. وإصابة ممرض أردني
  • بينهم أطفال ونساء.. الاحتلال يعتقل نحو 150 شخصا بالضفة الغربية خلال أسبوع
  • السفير الأمريكي باسرائيل: يمكن تشكيل دولة فلسطينية ولكن ليس بالضفة الغربية