مقال من عشر نقاط سيغير نظرتك للمعركة
تاريخ النشر: 28th, December 2023 GMT
( #والصلح_خير )
مقال من عشر نقاط سيغير نظرتك للمعركة
كتب محمد هاشم الحكيم
١. منذ تفجر هذه الحرب ظللتُ أدعو للصلح من منطلق ايماني شرعي، – مقالات بتاريخ ٢٤ أبريل وما بعده – مع التشديد بوجوب دفع الاعتداء عبر الجيش ورد المعتدين .
فأي صلح يحقن الدماء ويرد الاعتداء ويرفع المظالم ويعيد الحقوق لن يرفضه أي عاقل، ولقد تصالح – اسلاميو الانقاذ – مع قرنق وسلموه الجنوب بعد 110 الف شهيد دفاع شعبي وأضعافهم من الجيش و3 مليون مواطن .
٢. أما القوات المسلحة – نصرها الله – فهي قلبنا النابض ودرعنا الحصين، ولقد حدثت أخطاء من الجميع طمعت الكل فيها، أحزاب تحتلها ، ومعارضة تشتمها وتهتف ضدها ، وحركات تخرج عليها، وحكومات تهمشها لصالح ملايش و….
لكن سنظل ننصرها لأنها صمام امان السودان.
نعم رأينا الجيش ينسحب ويتركنا
لكن حتى جيش النبي صلى الله عليه وسلم قد انسحب وهزم كرة ومرة ..
فلا تبتئسوا بما جرى.
٣. رغم ألمنا اللا متناهي من اعتداءات الجنجويد الا أننا لا نزال نسأل الله لهم الهداية ليعودوا لحضن الوطن مدافعين عنه لا مدمرين أياه
لقد دمر الجنجويد ما قيمته 50 مليار دولار حتى اللحظة.
٤. على القيادة العسكرية والسياسية قراءة الواقع جيدا واتخاذ قرارات قد تكون بمشارط جراحية تعيد الأمن المفقود وترد الاعتداء بحسب القدرة.
٥. من حق الشعب الذي نزح منه 20 مليون أن يبحث عن الانتقام ممن تسبب في هذا الواقع المرير
لكن الأوطان تبنى بالتسامح من منطلق متكافيء لا من شرعية الامر الواقع
٦. لن يستطيع الجنجويد الانتصار في هذه الحرب – وان كسبوا أغلب معاركها – فالشعب الذي أوذي في شرفه وكرامته؛ لن يكون صيدا سهلا ، ولن يستطيع العالم كله كسر إرادة شباب يشكلون مقاومة مشروعة ، وسيجعلون العدو يدفع ثمنا أغلى مما يتوقع هو ومن يدعمه، ولن يستطيعوا محاربة هذه الأمة السودانية المنتفضة.
الجيش يخوض المعركة بتعقيدات ؛ لكن حرب العصابات ستقض مضجع من يظن المعركة سياحة .
٧. ليس غريبا ان يبرز الخونة، لكن المعركة غربال والزَبَدُ يذهب جُفاء والجيفُ ترتفع دوما عندما يغوص الذهب.
وستجدوا خونة في مناصب عليا وستكتشفوا كل من اشتريت ذمته
المهم أن الدقيق بعد الغربلة يحسن طبخه ويطيب .
٨. لا يعرف الشعب ما هي خطة الجيش لتحرير البلاد وكلها تكهمات ، ورغم ذلك ظل متمسكا به ، وهذه الثقة – للاسف – اهتزت بشدة والشك أصبح في عظام القادة
كل هذا لأنهم يديرون المعركة بغموض، ولا يملكون الحقيقة للشعب المضحي بكل شيء.
فعلى قيادة الجيش النزول للشعب وتحقيق الهدف عبره، واطلاعه الحقيقة، وعلى المطبلاتية ومخدري الأذهان ان يصمتوا حتى يكون رد الفعل مساويا للكارثة.
٩. كارثة هذه البلاد تكمن في ثلاث:
أ/ الأحزاب العقائدية يسار ويمين .
ب/ قبائل تظن أنهم أحق بكل شيء
ج/ من رهنوا مواقفهم للعدو بأي ثمن
١٠. وسائل الوصول للسلطة ظلت عبر الانقلاب العسكري والتمرد العسكري
وان لم يتوقف هذا ف….
والكارثة تكمن في الأهداف الخفية للمعركة وهذا موضوع آخر
محمد هاشم الحكيم
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الإدارة التي تقيس كل شيء.. ولا تُدرك شيئًا
خالد بن حمد الرواحي
حين يصبح القياس هدفًا لا وسيلة أمام لوحةٍ إلكترونية مزدحمة بالأرقام والألوان، يقف مديرٌ يراقب مؤشرات خضراء ونسب إنجاز مرتفعة وتقارير أسبوعية محكمة. كل شيء يبدو متقنًا على الشاشة، فتعلو ابتسامة اطمئنان على وجهه. لكن حين يغادر مكتبه إلى الميدان، يكتشف صورةً أخرى: معاملات متأخرة، موظفين مرهقين، ومراجعين ينتظرون أكثر مما ينبغي. هناك فجوة صامتة بين ما تعرضه المؤشرات وما يعيشه الواقع؛ فجوة تختبئ خلف الأرقام وتُخفي الحقيقة بدلًا من أن تكشفها.
لم تكن المشكلة في الأرقام، بل في الطريقة التي صارت تُستخدم بها. فالمؤشرات التي صُمِّمت لتكون بوصلةً للتطوير تحوّلت تدريجيًا إلى غايةٍ في ذاتها. صار همُّ بعض المؤسسات أن ترفع النسب وتُحسّن الرسوم البيانية، لا أن تُصلح المسار أو تُشخِّص الخلل. وهكذا، تزداد الأشرطة الخضراء بينما تتراكم الشكاوى، وتُكتب تقارير النجاح في الوقت الذي يشعر فيه الناس أن شيئًا لم يتغيّر.
وفي أحد الاجتماعات، عُرض تقريرٌ يوضح أن المؤسسة عقدت خلال شهرٍ واحد 42 اجتماعًا مقارنةً بـ18 في الشهر الذي سبقه، فصفّق الحاضرون. لكن السؤال الذي لم يُطرح كان: ماذا تغيّر بعد كل تلك الاجتماعات؟ فزيادة اللقاءات لا تعني زيادة الفهم، وكثرة المؤشرات لا تعني تحسّن الأداء. ما يُقاس غالبًا ليس النتائج، بل النشاط؛ لا الأثر، بل الجهد المبذول.
السبب في هذا الانفصال بين الصورة الرقمية والواقع العملي أننا نقيس ما هو سهل لا ما هو مهم. فعدد الاجتماعات أسهل من قياس جودة القرار، وعدد المعاملات أسهل من فهم تجربة المستفيد. ولأن الأسهل يتغلب على الأهم، تمتلئ التقارير بالأرقام التي يمكن جمعها بسرعة، لكنها لا تشرح شيئًا عمّا يجري حقًا. إنها أرقام بلا روح؛ تصف النشاط بحماس، لكنها تصمت حين يُسأل عن المعنى والغاية.
ومع مرور الوقت، تنشأ حالة من الرضا الزائف، فيظن المسؤول أن الإنجاز متحقق لأن المؤشرات خضراء، بينما يشعر الموظف والمستفيد أن الواقع لا يتحرك. وهنا تكمن أخطر مشكلة: فالفجوة بين الشعور بالنجاح وتحقيقه فعليًا قد تبتلع أعوامًا من الجهد دون نتيجة، لأننا اكتفينا بقراءة الأرقام دون قراءة الحياة داخلها.
الحل لا يحتاج إلى ثورة في الأنظمة، بل إلى مراجعة في الفهم. فالمؤشرات ليست خصمًا، بل أداة حين تُستخدم بحكمة. المطلوب العودة إلى السؤال الجوهري: ماذا نريد أن نفهم؟ هل نبحث عن زيادة الأرقام أم عن تحسين الواقع؟ حين يكون الهدف واضحًا، يصبح القياس تابعًا له لا متقدمًا عليه.
ولعل الخطوة الأولى تبدأ بتقليل الأرقام لا زيادتها. فبدل عشرات المؤشرات التي تشتت الانتباه، يكفي اختيار خمسة مؤشرات تمسّ جوهر الأداء، مثل رضا المستفيد، ووقت إنجاز الخدمة، وجودة القرار، ومستوى التعاون بين فرق العمل. ومع الوقت، يتحوّل القياس من سباقٍ لملء الجداول إلى ممارسةٍ للتعلّم والتحسين، تُحرّر المؤسسة من عبء الشكل وتعيدها إلى روح العمل.
وفي سياق التحول الرقمي الذي تتبناه «رؤية عُمان 2040»، لا تكفي الشاشات الذكية ما لم تُترجم بياناتها إلى قرارات تُحسّن تجربة المواطن وترفع كفاءة الجهاز الإداري. فالرؤية لا تدعو إلى مزيدٍ من المؤشرات بقدر ما تدعو إلى حوكمةٍ أفضل للبيانات وربطها بما يعيشه الناس، حتى يصبح كل رقم خطوةً ملموسة على طريق التغيير، لا مجرد قيمة تُضاف إلى ملف العرض.
في نهاية المطاف، لا تُقاس المؤسسات بعدد الشرائح في العروض، ولا بكثرة المؤشرات التي تتلوّن بالأخضر، بل بما يتغيّر في حياة الناس. فالأرقام قد تمنح شعورًا بالنجاح، لكنها لا تصنع النجاح ذاته إلا إذا رافقها فهمٌ لما وراءها. وحين نضع الواقع قبل الرسم البياني، ونبحث عن الأثر قبل النسبة، يصبح القياس أداةً للتطوير لا غايةً للتزيين. وعندها فقط، تصبح المؤشرات شاهدةً على التقدم لا ستارًا يخفي هشاشة الإنجاز.