قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: يجوز للمسلم الأكل من ذبيحة أهل الكتاب ولو لَم يسموا عليها، وعليه أن يسمي قبل الأكل منها، فقد سُئِلَ عن ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «سَمُّوا الله أنتُمْ وكُلُوا».

جاء ذلك في لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس خلال استكمال فضيلته الحديث عن الفتوى الترانسفالية للإمام محمد عبده والتي أجاب فيها عن بعض الأسئلة لمستفت من بلد تسمى ترانسفال بجنوب أفريقيا، مضيفًا أن مجيء الآية الكريمة: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: 5] بعد آية تحريم الميتة وما أُهِلَّ لغير الله به، بمنزلة دفع ما يتوهم من تحريم طعام أهل وقد أطلق القرآن الكريم حِلَّ ذبائح أهل الكتاب لَنَا دُونَ قَيْدٍ، فقال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: 5].

فالأصلُ حِلُّ ذبائح أهل الكتاب طالما اعتقدوا أنها حِل لهم.

وعن خشية وتشكك البعض في المعلومات المقدمة عن الذبح عندما يكون في دولة غير مسلمة شدد المفتي على نَهَى اللهُ تعالى المؤمنين عن التنقيب والتفتيش المُتَكَلَّف.

وأضاف مفتي الجمهورية أن هذا فيما يتعلق بالحلال والحرام، أما عن الوَرَعِ فهو واسع، فقد اتفقت كلمة الفقهاء على أنَّ حَدَّ الوَرَعِ أَوْسَعُ مِن حَدِّ الحكم الفقهي، وذلك لأن المسلم قد يَترُكُ كثيرًا مِن المباح تَوَرُّعًا، ولكن هذا لا يعني أنْ يُلزِم غيرَه بذلك على سبيل الوجوب الشرعي فيدخل في باب تحريم الحلال، ولا أن يعامل الظني المختلف فيه معاملة القطعي المجمَع عليه فيدخل في الابتداع بتضييق ما وسَّعه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، بل عليه أنْ يَلْتَزِمَ بِأَدَبِ الخِلَافِ، كَمَا هو مَنهَجُ السَّلَفِ الصالح في المسائل الخلافية الاجتهادية.

واستشهد المفتي بما قاله الإمام محمد عبده في هذا السياق عند رده على أحد أسئلة الفتوى الترانسفالية نسبة لبلدة ترانسفال بلد السائل قائلًا: " وأما الذبائح، فالذي أراه أن يأخذ المسلمون في تلك الأطراف بنص كتاب الله تعالى في قوله: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: 5]، وأن يعولوا على ما قاله الإمام الجليل أبو بكر بن العربي المالكي من أن المدار على أن يكون ما يذبح مأكول أهل الكتاب قسيسيهم وعامتهم، ويُعدُّ طعامًا لهم كافة، فمتى كانت العادة عندهم إزهاق روح الحيوان وكان يأكل منه بعد الذبح رؤساءُ دينهم: ساغ للمسلم أكله، لأنه يقال له: طعام أهل الكتاب. ولقد كان النصارى في زمن النبي -عليه الصلاة والسلام- على مثل حالهم اليوم".

وأشاد مفتي الجمهورية بحصافة وإدراك الإمام محمد عبده للواقع وحثه المسلمين على مد جسور التعاون والعمل على تكامل البناء مع غيرهم وفق سمات الإحسان ومقتضيات الرفق والرعاية ومظاهر العناية، من أجل استقرار المجتمعات الإنسانية وتنظيمها على أسسٍ مستقرةٍ سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا، حيث إن هذه المعاني الراقية يجمعها مفهوم "التعايش" المنضبط بأبعاده العميقة ومضامينه الدقيقة.

واختتم المفتي حواره بالتأكيد على أن الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة احترموا هذا التعايش والتنوع، ونظروا إليه نظرة تقدير واحترام، وكذلك العلماء والفقهاء فوضعوا قواعد وضوابط كثيرة، منها قاعدة "لا يُنكر المختلف فيه وإنما يُنكر المتفق عليه"، فلا يصح بأي حال من الأحوال أن أعتبر صحة رأيي فقط وخطأ رأي غيري، فكل المجتهدين يجتهدون من أجل الوصول إلى مراد الله عز وجل، وكلٌّ له مقدماته وأدلته وبراهينه بما يغلب على الظن.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإمام محمد عبده المفتي شوقي علام مفتي الجمهورية كلمة مفتي الجمهورية مفتى الجمهورية مفتي مفتي الجمهورية مفتي الجمهورية أ د شوقي علام مفتي الجمهورية المصرية مفتي الديار المصرية مفتي جمهورية مصر العربية مفتی الجمهوریة أهل الکتاب

إقرأ أيضاً:

معدن الشعب المصرى

حب الوطن ليس شعارات ترفع أو عبارات تنطق، وإنما تضحيات حقيقية وبذل العرق والجهد ثمناً لصون مصر وأمنها، ومن هذا المعنى والمنطلق فإن القوات المسلحة المصرية ستظل درع الوطن وسيفه فى بذل كل غال ونفيس من أجل أن يحيا هذا الوطن كريماً أبيّاً مرفوع الرأس، رفض رجال القوات المسلحة الاستسلام فى كل المواجهات وآثروا المقاومة بشرف وبسالة ضاربين المثل لأجيال من بعدهم وضحوا من أجل هذا الوطن الخالد ليستمر نابضاً بالحياة، مثمراً بالخير والسلام والنماء. وستظل قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولية وفداء، وجلد وتضحية، وإصرار لا يلين على حفظ حقوق هذا الوطن وعدم التفريط فى شبر واحد منه، وكما كانت الحرب من أجل تحرير سيناء واجباً وطنياً مقدساً كذلك كانت الحرب من أجل تطهيرها من الإرهاب، كما أن تعميرها أيضا هو واجب وطنى مقدس.

ستبقى مصر قوية بصمود وتضحيات أبنائها وسباقهم الزمن، لتحقيق أحلامهم وإيمانهم بحقهم وحق بلادهم فى مستقبل أفضل تتحقق فيه المكانة التى تستحقها مصر بين الأمم.

يثق الرئيس السيسى فى معدن الشعب المصرى الأصيل وأنه قادر وراغب فى التضحية من أجل وطنه واستكمال مرحلة البناء رغم ما يتحمله هذا الشعب من مصاعب اقتصادية، تدرك الدولة مدى شدتها لكنه الطريق الحتمى لتحقيق الحلم فى بناء الجمهورية الجديدة.

أعلى الإسلام من شأن الأوطان باعتبارها قيمة مهمة فى حد ذاتها، كما أنها الهوية المعبرة عن الإنسان، فالحب والولاء والانتماء للوطن واجب، لقد أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجاً رائعاً فى حب الوطن والانتماء إليه، وذلك حين هجرته من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة بوقوفه على مشارف وطنه «مكة» ينظر إليها آسفاً حزيناً ليقول: «والله إنك أحب بلاد الله إلى الله وإلى نفسى ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت»، والدين الإسلامى هو أول من حقق مفهوم المواطنة، فقد كان ثالث أعمال الرسول بعد هجرته للمدينة حيث بدأ الرسول ببناء المسجد وثنّى بالإخاء بين المهاجرين والأنصار ثم أقام عهداً وميثاقاً مع غير المسلمين بالمدينة.

مصر تستحق التضحية لتبقى آمنة مطمئنة بفضل تضافر جهود كل أبنائها ووقوفهم على قلب رجل واحد خلف القيادة السياسية لعبور الأزمات والتصدى لمحاولات الفتنة التى ينفخ فيها أعداء الإنسانية وأهل الشر ومروجو الشائعات وأبواق الكذب والضلال.

إن الدولة المصرية كما انتصرت فى كل مراحل تاريخها فستنتصر على كل مشاكلها وستثبت للجميع الذين يحاولون الوقيعة بين المواطنين والدولة إنها أكبر وأقوى من كل قوى البغى، وأن الوحدة الوطنية والانتماء للوطن عقيدة راسخة فى قلوب المصريين.

مقالات مشابهة

  • هل صام الرسول العشر من ذي الحجة؟
  • مصر لن تضام أبدا
  • ما الأيام المحرم شرعا صيامها خلال شهر ذي الحجة؟
  • معدن الشعب المصرى
  • المفتى: الحج من العبادات التي بها مشقة والإسلام جعل مبناها التيسير
  • مفتي الجمهورية في ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • مفتي الجمهورية: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • هل الغش في الامتحان يبطل الصوم؟.. «الإفتاء» توضح
  • أيام معدودات من الشعائر والمشاعر
  • مفتي عام السعودية: الحج بدون تصريح يآثم فاعله