موقع: إيران بعثت إلى روسيا نقطة ضعف الولايات المتحدة.. ما هي؟
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
سجل الطرفان المتحاربان تحفظات على المبادرة المصرية، وتحفظت عليها أيضاً السلطة الفلسطينية، خاصة لما ورد فيها من بند يعتبر من صلب صلاحياتها، ونعني به ذلك المتعلق بتشكيل الحكومة الفلسطينية، التي تضمنتها المبادرة كأحد بنود وقف إطلاق النار، وذلك في المرحلة الثالثة من المبادرة.
ورغم تلك التحفظات، والتي يمكن تجاوزها بإجراء التعديلات على المبادرة، إلا أن الجديد في المبادرة المصرية، أنها لم تقتصر على البحث في الهدنة المؤقتة، أو الإنسانية، كتلك التي كانت قبل أكثر من شهر، أي التي تم الاتفاق عليها بالوساطة المصرية/القطرية، وتم تنفيذها في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني الماضي، بل إن هذه المبادرة، رغم أنها تبدأ في مرحلتها الأولى بهدنة إنسانية مؤقتة كتلك التي سبقتها، وتتبع بثانية، إلا أنها تحدثت عن الذهاب إلى وقف لإطلاق النار دائم ونهائي، وإن كان بشكل متدرج، أي أنه سيظل منوطاً أو معلقاً، استناداً إلى تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية بنجاح.
وحقيقة الأمر، أن الحرب التي تقترب من إغلاق شهرها الثالث، ما زالت على نفس الوتيرة التي كانت عليها، منذ اليوم الأول، فإسرائيل ما زالت تمارس القتل الجماعي والعشوائي، بمعدل قتل نحو 300 فلسطيني يومياً، ونحو ضعف هذا الرقم من الجرحى، وما زالت نسبة الأطفال والنساء من الضحايا هي الثلثان، وما زالت إسرائيل تواصل إزالة كل مظاهر الحياة في قطاع غزة، شمالاً ووسطاً وجنوباً، وتفعل ذلك لأنها منذ البداية اتكأت على القاعدة تجاه المواطنين المدنين التي تقول لهم : إما التهجير أو الموت، وهي اليوم تقوم بتسوية شمال القطاع بالأرض، وتواصل إبادة كل من بقي مقيماً فيه من بشر، أي أن حربها الإجرامية، بما تتضمنه من جرائم حرب مكتملة الأركان ومتعددة الأشكال والتفاصيل، ما زالت متواصلة، لم تردعها ولم توقفها، بل لم تغير من حدتها، لا التظاهرات العالمية، ولا المواقف الرسمية، ولا قرار الجمعية العامة، ولا ادعاءات البيت الأبيض بأنه يمارس الضغط على حكومة الحرب الإسرائيلية، لتقلل على الأقل من حجم الضحايا المدنيين.
ورغم كل الضغط الخارجي، من تظاهرات ومواقف معظم دول العالم، والأمم المتحدة، التي تطالب بوقف الحرب، والتوقف عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، إلا أن إسرائيل لم تتوقف، كذلك لم تردعها، ولم تغير حتى من وتيرة حربها ضد المدنيين، المطالبة الأميركية بتركيز النار على حماس، حيث اتضح تماماً التضليل الإسرائيلي الذي يدعي محاربة حماس أو جناحها العسكري فقط، من خلال حجم وطبيعة الضحايا الفلسطينيين، ولم ينجح فتح الجبهات على إسرائيل، لا تلك التي في جنوب لبنان، ولا التي في اليمن، وإن كانت تزيد من الضغوط عليها، لا في وقف الحرب ولا في تغيير طبيعتها، فإسرائيل لم تلحق أية خسائر تذكر بالجناح العسكري من حماس، بدليل أنه ما زال يقاتلها في كل المناطق، بل وما زال يطلق على بلداتها صواريخه متوسطة وبعيدة المدى، وقادة الحرب الإسرائيليون، أنفسهم يقولون بأنهم يحتاجون أشهراً وربما سنوات للقضاء على حماس وقواتها العسكرية، بل وحتى مجرد تفكيكها، وتفكيكها كنظام أو منظومة، ما يعني بأن عناصرها ربما يتحولون إلى خلايا قاعدية، لا يمنعهم التفكيك من القيام بعمليات ما، لاحقاً ضد إسرائيل.
هذا يعني بأن إسرائيل ستواصل قتل الفلسطينيين بهذا المعدل، طوال أشهر وربما سنين قادمة، وبذلك فإن النتيجة التي يمكن أن تتحقق لو تركت إسرائيل هكذا تمارس هذه الحرب المجرمة، ستكون تحوّل قطاع غزة إلى منطقة أشباح، أي إلى منطقة منكوبة تماماً، ومهجورة، بما يسهل على إسرائيل ضمها إليها فيما بعد، وقد غدت غزة مثيرة ومغرية لإسرائيل، بعد اكتشاف حقل غاز مارينا، ونظراً لكونها أيضاً تمتد كشريط ساحلي طوله 50 كيلو متراً، يمكن أن يحقق لها لاحقاً مشروع قناة البحرين، وحتى مشاريع عديدة، لا مجال لسردها في هذا المقام.
يتفق المراقبون، على أن واشنطن وحدها هي التي بيدها مفتاح وقف الحرب، وبايدن الذي شعر بالإحباط بعد أن أرسل قبل أسبوعين مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى تل أبيب ورام الله، وفشل في «إقناع» إسرائيل، ليس بوقف الحرب، لأن واشنطن ما زالت مع استمرار الحرب، لكن في إقناع إسرائيل بتجنب قتل الكثير من المدنيين، أو التحول إلى ما يسمى بمرحلة الحرب المكثفة أو الأكثر تركيزاً، وذلك بعد أن ظن بايدن، بأن ما قدمه لإسرائيل يعتبر كافياً، لأن يقدر له بنيامين نتنياهو ما فعله، أو أن يحفظ له الجميل، فيقدم له ما يخفف عنه الضغط العالمي، باعتبار أميركا زعيمة النظام العالمي، وتطمح بالبقاء كذلك، وتهور بمطالبته نتنياهو بإحداث تغيير في الحكومة، وكان واضحاً أن المقصود هو طرد ايتمار بن غفير وبتسئليل سموتريتش منها، وتحويل حكومة الحرب إلى حكومة شراكة بين الليكود ومعسكر الدولة مع بيني غانتس وغادي ايزنكوت.
رد نتنياهو على بايدن كان قاسياً، فهو رفض إحداث أي تغيير في حكومته، ورفض الحديث عن مكانة للسلطة في ما بعد غزة، ومثل هذا الموقف اليوم، حتى لو كان دعائياً، والهدف منه التضليل، للاستفراد بحماس، فهو يحدد طبيعة الحرب، حيث أن أميركا تحاول أن تقنع نفسها فعلاً بأن نتنياهو يحارب حماس، ولا يشن حرباً فاشية عنصرية، تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني، وطرده من وطنه، في غزة والضفة معا، وذلك لطي الملف الفلسطيني نهائيا، وحقيقة الأمر أن نتنياهو قد سعى لهذا اليوم منذ أكثر من سبعة عشر عاما، حين سعى إلى وقوع الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومن ثم رعايته، كأحد موانع إقامة الدولة الفلسطينية التي جاء من أجل إجهاض احتمال قيامها، ذلك الاحتمال الذي لاح مع اتفاقيات أوسلو، التي عارضها وقاومها طول فترات حكمه.
تحقيق هذا الهدف، عبر عنه أخيراً حين قال بأنه لن يكرر خطأ أوسلو، أي أنه لن يشارك في البحث في حل الدولتين أصلاً، وأن «فتح» عنده مثل حماس، والفلسطيني الجيد هو الميت، أو الذي يترك وطنه، وإن كان من خلاف بينه وبين واشنطن، فهذه هي جذور وعناوين الخلاف، لذلك فهو أي نتنياهو يعتبر أن وجود بن غفير وسموتريتش، هو ضروري لبقائه في الحكم، لتحقيق هدفه الشخصي بالنأي عن المحاكم والقضاء، وتحقيق هدفه السياسي، بوضع الفلسطينيين كلهم المتواجدين ما بين البحر والنهر، ما بين خيارَي الموت والهجرة.
اميركا التي بيدها مفتاح وقف الحرب، مازالت الضغوط بما فيها الداخلية غير كافية لإجبارها على إجبار نتنياهو على وقف الحرب، كذلك الضغوط داخل اسرائيل، فنتنياهو بالنسبة له وقف الحرب أو استمرارها هي مسألة حياة او موت سياسي بالنسبة له، اما اميركا فإن اهم ورقة ضغط عليها تتمثل في خشيتها من توسع الحرب، أي من انزلاقها للتورط في حرب في الشرق الأوسط، ستضع حداً نهائياً لقيادتها للعالم، من هنا فإن من شأن زيادة وتيرة الضغط من اليمن وحزب الله، ودخول إيران على الخط بالبحري، ان يجعل من الضغط أمراً جدياً يمكنه ان يصل لحظة الحسم، المتمثلة بوقفها، وإن كان من خلال تحولها الى ما يسمى بالمرحلة التالية، أي الأكثر تركيزا، هناك أيضاً احتمال ان تتوقف الحرب في أي لحظة بشكل دراماتيكي، كأن تنجح إسرائيل في اصطياد يحيى السنوار قائد حماس، أو قادة «القسام» محمد الضيف ومروان عيسى، أو تنجح حماس في توجيه ضربة قاصمة للجيش الإسرائيلي، كأن يسقط ما بين خمسين ومئة قتيل إسرائيلي في يوم واحد، او من خلال إطلاق رشقة صواريخ ضد تجمع الدبابات، أو من خلال إقدام حماس على استخدام سلاح الاستشهاديين الذي لم تستخدمه بعد، في صفوف أو تجمع للإسرائيليين، والذي يمكن استخدامه، في حال صارت المقاومة في وضع ميداني صعب.
أخيراً فإن إسرائيل، بعد أن أعياها التعب، وبعد ان أرهق اقتصادها، وهي ذاهبة في شهر شباط الى انتخابات بلدية، يمكن ان تتوقف بالتدريج عن حرب الإبادة فقط، وهي تسعى للخروج بمكاسب، لعل ما يمكن ان يكون بين يديها أو ممكن التحقق، هو إقامة فاصل أمني عرضه كيلو الى 2 كيلو متر، وهذا يجب أن لا يكون مقبولاً ولا بأي شكل، فقطاع غزة ضيق جداً على سكانه اليوم، ولا يحتمل ان يقتطع منه سنتيمتر واحد، واذا أرادت إسرائيل الحصول على منطقة أمنية فلتكن على ارضها وداخل حدودها، يمكنها ان تضع ما تشاء من حواجز، وان تبعد مواطنيها عن الحدود ما تشاء من فواصل جغرافية.
(الأيام الفلسطينية)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة حماس فلسطين حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
هيئة البث تقول إن نتنياهو أبلغ عائلات أسرى بـ"الموافقة" على صفقة تبادل
قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، الخميس، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أبلغ عائلات أسرى بقطاع غزة بـ"الموافقة" على إبرام صفقة تبادل أسرى مع الفصائل الفلسطينية.
وذكرت الهيئة أن نتنياهو أدلى بهذا التصريح خلال لقائه عائلات الأسرى بمستوطنة "نير عوز" المحاذية لشمال قطاع غزة، في أول زيارة له إليها منذ هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وادعى نتنياهو أن تل أبيب "وافقت" على مقترح الوسطاء الأخير، و"تنتظر رد حركة حماس".
والثلاثاء، ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إسرائيل "قبلت الشروط اللازمة" لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما بقطاع غزة، معربا عن أمله أن توافق عليها حركة حماس.
ومرارا، أعلنت حماس استعدادها لإطلاق سراح الأسرى مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من غزة، لكن نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، ويرغب فقط بصفقات جزئية تضمن استمرار الحرب.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، ويرغب فقط في صفقات جزئية تضمن استمرار الحرب.
وبحسب الهيئة، قال نتنياهو: "هناك اتفاق، ونأمل أن نتمكن من إعلانه قريبا".
وأشارت نقلا عن مصادر مطلعة، إلى أن "إسرائيل تتوقع تلقي رد من حماس على مقترح الصفقة خلال ساعات"، مرجحة أن يكون "إيجابيا".
ومن المقرر، حسب المصادر، أنه في حال وصول رد حماس، سيتم تنسيق جولات تفاوض جديدة يُرجّح عقدها بالعاصمة القطرية الدوحة.
وبحسب الهيئة العبرية، تشمل القضايا العالقة؛ آلية انسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وتوزيع مناطق الانسحاب، وعدد الأسرى الفلسطينيين الذين قد يُفرج عنهم، بالإضافة إلى مسألة إنهاء الحرب.
وقال دبلوماسي عربي من إحدى الدول الوسيطة للقناة ذاتها، دون تسميته: "نحن أكثر تفاؤلًا من أي وقت مضى، لكن لا تزال هناك قضايا قد تتعثر في اللحظة الأخيرة".
ومن المقرر أن تعقد الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة الليلة، مشاورات بشأن احتمال التوصل إلى اتفاق وفق إعلام عبري.
والخميس، قالت مصادر فلسطينية مطلعة للأناضول، إن حماس، تتجه نحو الموافقة على المقترح القطري المصري لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، لكنها لم تتخذ قرارا نهائيا بعد، وتواصل حاليا التشاور مع الفصائل والقوى الفلسطينية المختلفة قبل تسليم ردها الرسمي للوسطاء.
والأربعاء، أعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر وجود ما سماها "مؤشرات إيجابية" على إمكانية التوصل إلى صفقة لتبادل.
كما قالت "حماس"، في بيان، إنها تجري مشاورات بشأن مقترحات تلقتها من الوسطاء، للتوصل إلى اتفاق يضمن إنهاء الحرب، وانسحاب إسرائيل من غزة، وإغاثة الفلسطينيين.
وتؤكد المعارضة الإسرائيلية أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، ولا سيما استمراره بالسلطة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 192 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.