عربي21:
2025-06-29@23:23:23 GMT

كيف تتوقف الحرب؟!

تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT

 سجل الطرفان المتحاربان تحفظات على المبادرة المصرية، وتحفظت عليها أيضا السلطة الفلسطينية، خاصة لما ورد فيها من بند يعد من صلب صلاحياتها، ونعني به ذلك المتعلق بتشكيل الحكومة الفلسطينية، التي تضمنتها المبادرة كأحد بنود وقف إطلاق النار، وذلك في المرحلة الثالثة من المبادرة.

 ورغم تلك التحفظات، التي يمكن تجاوزها بإجراء التعديلات على المبادرة، إلا أن الجديد في المبادرة المصرية، أنها لم تقتصر على البحث في الهدنة المؤقتة، أو الإنسانية، كتلك التي كانت قبل أكثر من شهر، أي التي تم الاتفاق عليها بالوساطة المصرية/القطرية، وتم تنفيذها في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني الماضي، بل إن هذه المبادرة، رغم أنها تبدأ في مرحلتها الأولى بهدنة إنسانية مؤقتة كتلك التي سبقتها، وتتبع بثانية، إلا أنها تحدثت عن الذهاب إلى وقف لإطلاق نار دائم ونهائي، وإن كان بشكل متدرج، أي إنه سيظل منوطاً أو معلقا، استنادا إلى تنفيذ المرحلتين الأولى والثانية بنجاح.



وحقيقة الأمر، أن الحرب التي تقترب من إغلاق شهرها الثالث، ما زالت على الوتيرة نفسها التي كانت عليها منذ اليوم الأول، فإسرائيل ما زالت تمارس القتل الجماعي والعشوائي، بمعدل قتل نحو 300 فلسطيني يوميا، ونحو ضعف هذا الرقم من الجرحى، وما زالت نسبة الأطفال والنساء من الضحايا هي الثلثان، وما زالت إسرائيل تواصل إزالة كل مظاهر الحياة في قطاع غزة، شمالا ووسطا وجنوبا، وتفعل ذلك لأنها منذ البداية اتكأت على القاعدة تجاه المواطنين المدنين التي تقول لهم: إما التهجير أو الموت، وهي اليوم تقوم بتسوية شمال القطاع بالأرض، وتواصل إبادة كل من بقي مقيما فيه من بشر، أي إن حربها الإجرامية، بما تتضمنه من جرائم حرب مكتملة الأركان ومتعددة الأشكال والتفاصيل، ما زالت متواصلة، لم تردعها ولم توقفها، بل لم تغير من حدتها، لا التظاهرات العالمية، ولا المواقف الرسمية، ولا قرار الجمعية العامة، ولا ادعاءات البيت الأبيض بأنه يمارس الضغط على حكومة الحرب الإسرائيلية، لتقلل على الأقل من حجم الضحايا المدنيين.

ورغم كل الضغط الخارجي، من تظاهرات ومواقف معظم دول العالم، والأمم المتحدة، التي تطالب بوقف الحرب، والتوقف عن ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية، إلا أن إسرائيل لم تتوقف، كذلك لم تردعها، ولم تغير حتى من وتيرة حربها ضد المدنيين المطالبة الأمريكية بتركيز النار على حماس، حيث اتضح تماما التضليل الإسرائيلي الذي يدعي محاربة حماس أو جناحها العسكري فقط، من خلال حجم وطبيعة الضحايا الفلسطينيين، ولم ينجح فتح الجبهات على إسرائيل، لا تلك التي في جنوب لبنان، ولا التي في اليمن، وإن كانت تزيد من الضغوط عليها، لا في وقف الحرب ولا في تغيير طبيعتها، فإسرائيل لم تلحق أية خسائر تذكر بالجناح العسكري من حماس، بدليل أنه ما زال يقاتلها في كل المناطق، بل وما زال يطلق على بلداتها صواريخه متوسطة وبعيدة المدى، وقادة الحرب الإسرائيليون، أنفسهم يقولون بأنهم يحتاجون أشهرا وربما سنوات للقضاء على حماس وقواتها العسكرية، بل وحتى مجرد تفكيكها، وتفكيكها كنظام أو منظومة، ما يعني بأن عناصرها ربما يتحولون إلى خلايا قاعدية، لا يمنعهم التفكيك من القيام بعمليات ما لاحقا ضد إسرائيل.

هذا يعني بأن إسرائيل ستواصل قتل الفلسطينيين بهذا المعدل، طوال أشهر وربما سنين قادمة، وبذلك فإن النتيجة التي يمكن أن تتحقق لو تركت إسرائيل هكذا تمارس هذه الحرب المجرمة، ستكون تحوّل قطاع غزة إلى منطقة أشباح، أي إلى منطقة منكوبة تماما، ومهجورة، بما يسهل على إسرائيل ضمها إليها فيما بعد، وقد غدت غزة مثيرة ومغرية لإسرائيل، بعد اكتشاف حقل غاز مارينا، ونظرا لكونها أيضا تمتد كشريط ساحلي طوله 50 كيلو مترا، يمكن أن يحقق لها لاحقا مشروع قناة البحرين، وحتى مشاريع عديدة، لا مجال لسردها في هذا المقام.

يتفق المراقبون على أن واشنطن وحدها هي التي بيدها مفتاح وقف الحرب، وبايدن الذي شعر بالإحباط بعد أن أرسل قبل أسبوعين مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى تل أبيب ورام الله، وفشل في «إقناع» إسرائيل، ليس بوقف الحرب؛ لأن واشنطن ما زالت مع استمرار الحرب، لكن في إقناع إسرائيل بتجنب قتل الكثير من المدنيين، أو التحول إلى ما يسمى بمرحلة الحرب المكثفة أو الأكثر تركيزا، وذلك بعد أن ظن بايدن، بأن ما قدمه لإسرائيل يعد كافيا، لأن يقدر له بنيامين نتنياهو ما فعله، أو أن يحفظ له الجميل، فيقدم له ما يخفف عنه الضغط العالمي، باعتبار أمريكا زعيمة النظام العالمي، وتطمح بالبقاء كذلك، وتهور بمطالبته نتنياهو بإحداث تغيير في الحكومة، وكان واضحا أن المقصود هو طرد إيتمار بن غفير وبتسئليل سموتريتش منها، وتحويل حكومة الحرب إلى حكومة شراكة بين الليكود ومعسكر الدولة مع بيني غانتس وغادي إيزنكوت.

رد نتنياهو على بايدن كان قاسيا، فهو رفض إحداث أي تغيير في حكومته، ورفض الحديث عن مكانة للسلطة في ما بعد غزة، ومثل هذا الموقف اليوم، حتى لو كان دعائيا، والهدف منه التضليل، للاستفراد بحماس، فهو يحدد طبيعة الحرب، حيث إن أمريكا تحاول أن تقنع نفسها فعلا بأن نتنياهو يحارب حماس، ولا يشن حربا فاشية عنصرية، تهدف إلى إبادة الشعب الفلسطيني، وطرده من وطنه، في غزة والضفة معا، وذلك لطي الملف الفلسطيني نهائيا، وحقيقة الأمر أن نتنياهو قد سعى لهذا اليوم منذ أكثر من سبعة عشر عاما، حين سعى إلى وقوع الانقسام الداخلي الفلسطيني، ومن ثم رعايته، كأحد موانع إقامة الدولة الفلسطينية التي جاء من أجل إجهاض احتمال قيامها، ذلك الاحتمال الذي لاح مع اتفاقيات أوسلو، التي عارضها وقاومها طول فترات حكمه.

تحقيق هذا الهدف، عبر عنه أخيرا حين قال بأنه لن يكرر خطأ أوسلو، أي إنه لن يشارك في البحث في حل الدولتين أصلا، وأن «فتح» عنده مثل حماس، والفلسطيني الجيد هو الميت، أو الذي يترك وطنه، وإن كان من خلاف بينه وبين واشنطن، فهذه هي جذور وعناوين الخلاف، لذلك فهو أي نتنياهو يعد أن وجود بن غفير وسموتريتش، هو ضروري لبقائه في الحكم، لتحقيق هدفه الشخصي بالنأي عن المحاكم والقضاء، وتحقيق هدفه السياسي، بوضع الفلسطينيين كلهم الموجودين ما بين البحر والنهر، ما بين خيارَي الموت والهجرة.

أمريكا التي بيدها مفتاح وقف الحرب، مازالت الضغوط بما فيها الداخلية غير كافية لإجبارها على إجبار نتنياهو على وقف الحرب، كذلك الضغوط داخل إسرائيل، فنتنياهو بالنسبة له وقف الحرب أو استمرارها هي مسألة حياة أو موت سياسي بالنسبة له، أما أمريكا، فإن أهم ورقة ضغط عليها تتمثل في خشيتها من توسع الحرب، أي من انزلاقها للتورط في حرب في الشرق الأوسط، ستضع حدا نهائيا لقيادتها للعالم، من هنا فإن من شأن زيادة وتيرة الضغط من اليمن وحزب الله، ودخول إيران على الخط بالبحري، أن يجعل من الضغط أمرا جديا، يمكنه أن يصل إلى لحظة الحسم، المتمثلة بوقفها، وإن كان من خلال تحولها إلى ما يسمى بالمرحلة التالية، أي الأكثر تركيزا. هناك أيضا احتمال أن تتوقف الحرب في أي لحظة بشكل دراماتيكي، كأن تنجح إسرائيل في اصطياد يحيى السنوار قائد حماس، أو قادة «القسام» محمد الضيف ومروان عيسى، أو تنجح حماس في توجيه ضربة قاصمة للجيش الإسرائيلي،  كأن يسقط ما بين خمسين ومئة قتيل إسرائيلي في يوم واحد، أو من خلال إطلاق رشقة صواريخ ضد تجمع الدبابات، أو من خلال إقدام حماس على استخدام سلاح الاستشهاديين الذي لم تستخدمه بعد، في صفوف أو تجمع للإسرائيليين، الذي يمكن استخدامه، في حال صارت المقاومة في وضع ميداني صعب.

أخيرا، فإن إسرائيل بعد أن أعياها التعب، وبعد أن أرهق اقتصادها، وهي ذاهبة في شهر شباط إلى انتخابات بلدية، يمكن أن تتوقف بالتدريج عن حرب الإبادة فقط، وهي تسعى للخروج بمكاسب، لعل ما يمكن أن يكون بين يديها أو ممكن التحقق، هو إقامة فاصل أمني عرضه كيلو إلى 2 كيلو متر، وهذا يجب ألا يكون مقبولا ولا بأي شكل؛ فقطاع غزة ضيق جدا على سكانه اليوم، ولا يحتمل أن يقتطع منه سنتيمتر واحد، وإذا أرادت إسرائيل الحصول على منطقة أمنية، فلتكن على أرضها وداخل حدودها، يمكنها أن تضع ما تشاء من حواجز، وأن تبعد مواطنيها عن الحدود ما تشاء من فواصل جغرافية.

(الأيام الفلسطينية)

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية غزة حماس فلسطين حماس غزة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

ترامب يدعو مجدداً لوقف محاكمة نتنياهو ويهدّد بقطع المساعدات عن إسرائيل

جدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب دعوته لإلغاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معتبراً أنها تعرقل جهوده للتفاوض مع حماس وإيران. اعلان

صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب من لهجته تجاه السلطات القضائية في إسرائيل، منتقداً محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومعتبراً أنها تُقوّض جهود التفاوض مع كلّ من إيران وحركة حماس. وفي منشور عبر منصته "تروث سوشيال"، لوّح ترامب بتعليق المساعدات الأميركية السنوية لإسرائيل ما لم تتوقف الإجراءات القضائية بحق نتنياهو، قائلاً: "ننفق مليارات الدولارات سنوياً لحماية إسرائيل، ولن نقبل باستمرار هذه المهزلة القضائية".

ووصف ترامب ممارسات الادعاء العام الإسرائيلي بأنها "جنون"، معتبراً أنها تشتت تركيز نتنياهو في مرحلة مفصلية تتطلب منه التفاوض مع أطراف مثل حماس وإيران. وأكد أن استمرار محاكمته يضعف قدرة إسرائيل على إنجاز تفاهمات حيوية بعد حربها الأخيرة مع إيران.

الرئيس دونالد ترامب يشير إلى أحد المراسلين للإجابة على الأسئلة، الجمعة 27 يونيو/حزيران 2025، في قاعة المؤتمرات الصحفية بالبيت الأبيض في واشنطن. AP Photo

وأضاف الرئيس الأمريكي أن نتنياهو يخوض حالياً محادثات مع حركة حماس، دون الخوض في التفاصيل، وكان قد ألمح الأسبوع الماضي إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بات وشيكاً. وكرر دعوته السابقة لإلغاء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي أو منحه عفواً فورياً، معتبراً أن ما يحدث له يوازي ما وصفه بـ"مطاردة الساحرات" التي تعرّض لها هو نفسه خلال مسيرته السياسية.

Relatedترامب يدفع لهدنة في غزة.. ما الشروط الجديدة لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟ترامب للمرشد الإيراني علي خامنئي: لقد هزمت شرّ هزيمةترامب ينفي تقارير عن مساعدة إيران في برنامج نووي سلمي

وكانت محكمة إسرائيلية قد رفضت الجمعة طلب رئيس الحكومة تأجيل شهادته في إطار المحاكمة الجارية، مؤكدة أنه يفتقر إلى مبررات قانونية كافية. وتواجه عائلة نتنياهو اتهامات بتلقي هدايا فاخرة تتجاوز قيمتها 260 ألف دولار، مقابل خدمات سياسية، إلى جانب اتهامات بمحاولة التأثير على وسائل إسرائيلية لضمان تغطية إعلامية لصالحه.

ورغم نفيه التهم، طلب نتنياهو عبر فريقه القانوني تأجيل مثوله نظراً لما وصفه بـ"الظروف الإقليمية والعالمية" في أعقاب التصعيد العسكري مع إيران. وقد تلقى دعماً علنياً من ترامب الذي وصفه بـ"بطل الحرب"، مؤكداً أن استمرار محاكمته يعوق أي جهود سياسية جارية أو مرتقبة.

ويرى سيد البيت الأبيض أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتعرض لما سماها مطاردة الساحرات تماما مثلما ما حدث له من ملاحقات قضائية في الفترة التي سبقت عودته إلى سدة الرئاسة.

وتمت إدانة الرئيس الجمهوري بـ 34 تهمة تتعلق بتزوير سجلات تجارية في أيار/مايو 2024 في قضية دفع أموال لشراء صمت نجمة أفلام إباحية.

وواجه ترامب أيضا قضيتين فدراليتين، إحداهما تتعلق بمحاولاته المزعومة لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 التي خسرها أمام الديموقراطي جو بايدن.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • محللون: ترامب يستثمر ضربة إيران لإنقاذ نتنياهو من مستنقع غزة
  • نتنياهو يلمح إلى إنهاء الحرب في غزة وسط جهود أمريكية لـ"تسوية شاملة"
  • نتنياهو يلمح إلى إنهاء الحرب في غزة وسط جهود أمريكية لـتسوية شاملة
  • ترامب يدعو إسرائيل لإنجاز اتفاق غزة: استعيدوا الرهائن وأوقفوا محاكمة نتنياهو
  • ترامب يدعو مجدداً لوقف محاكمة نتنياهو ويهدّد بقطع المساعدات عن إسرائيل
  • ترامب يلوّح بقطع الدعم عن إسرائيل بسبب محاكمة نتنياهو
  • أنباء عن تقدم بمفاوضات غزة وزيارة نتنياهو لواشنطن مشروطة
  • مادورو ليهود العالم: أوقفوا جنون الحرب التي يقودها نتنياهو
  • الكشف عن الخسائر المادية التي تكبدتها إسرائيل في الحرب مع إيران
  • غزة مقابل التطبيع.. نتنياهو يناور لإبرام صفقة إقليمية شاملة