حصاد 2023: رحيل مبدعين تركوا بصمات ثقافية خالدة
تاريخ النشر: 2nd, January 2024 GMT
رحل 2023 طاوياً بعدأن شهد رحيل العديد من المبدعين والكتاب الذين تركوا بصمات خالدة في الثقافة العربية والعالمية من مؤلفات فكرية وأدبية ثريَة وذات قيمة عالية.
توفي محمد عناني عن 84 عاماً، بعد مسيرة إبداعية حافلة نتج عنها أكثر من 130 كتاباً باللغتين العربية والإنجليزية، تتنوّع بين الترجمات والأعمال الإبداعية، لمترجم وأديب وكاتب مسرحي وناقد وأكاديمي، لُقّب بــ "عميد المترجمين" و"شيخ المترجمين العرب".
وُلد عناني في رشيد بمحافظة البحيرة، وحصل على درجة البكالوريوس في الإنجليزية وآدابها من جامعة القاهرة في 1959، ثم حصل على الماجستير من جامعة لندن في 1970، وعلى الدكتوراه من جامعة ريدنغ في 1975.
ورحل الشاعر السوري نذير العظمة، عن 93 عاماً، والذي يعتبر من أوائل الشعراء الذين كان لهم دور في تطوير القصيدة العربية الحديثة، خاصة ما عرف بالقصيدة المدورة الموزونة المنطلقة دون قافية.
ولد العظمة في 1930 في دمشق، وتخرج في كلية الآداب في جامعة دمشق، ثم حصل على الدكتوراه في فلسفة الأدب من جامعة بورتلاند في الولايات المتحدة الأميركية في 1969، وعمل أستاذاً في الجامعات الأمريكية،وأستاذ الأدب الحديث والمقارن في جامعة الملك سعود بالرياض، وفي 1957 شارك في تأسيس مجلة شعر.
ومن الشخصيات البارزه التي رحلت في 2023، الأديب الفرنسي ميشال بيرامور الذي اشتهر بكتابة الروايات التاريخية، وتضم مسيرته الأدبية أكثر من 100 مؤلف، أنجزها عبر سنوات عمره الذي ناهز 101 عاماً.
كما شهد 2023 رحيل الروائي الياباني كنزابورو أوي، الفائز بجائزة نوبل في الآداب في 1994، عن 88 عاما، وفي رسالة إنسانية نبيلة استغل هذا الروائي شهرته للاحتجاج على الأسلحة والطاقة النووية.
وتوفي أيضاً الكاتب السوري حيدر حيدر، عن 87 عاماً، وترك سلسلة كبيرة من المؤلفات، من بينها رواية "وليمة لأعشاب البحر: نشيد الموت"، التي أثارت الجدل قبل عقدين، ونددت بها مؤسسات دينية، وحصل على درع غسان كنفاني للرواية العربية في 2022.
كما فقدت الساحة الثقافية المفكر آلان تورين في باريس عن 94 عاماً، أحد أبرز علماء الاجتماع، والذي وُصف بالمفكر اليساري لكنه حظي أيضاً بتقدير اليمين، ويعتبر تورين امتداداً نوعياً للفلاسفة، وعلماء الاجتماع الذين عملوا على نقد الحداثة الغربية عامة.
وفي عالم الفن التشكيلي ومشاهيره، رحلت فرنسواز جيلو 101 عام، شريكة حياة بيكاسو وملهمته التي أنجبت منه طفلين.
كما توفي الكاتب الأمريكي كورماك مكارثي 89 عاماً، مؤلف رواية "ّذي رود" في 2006.
وفي الولايات المتحدة توفي الروائي وعالم الاجتماع السوري، حليم بركات عن90 عاماً، ومن أبرز أعماله "الاغتراب في الثقافة العربية.. متاهات الإنسان بين الحلم والواقع" في 2006، و"المجتمع المدني في القرن العشرين" في 2000، و"الهوية وأزمة الحداثة والوعي التقليدي" في 2004، إضافة إلى روايات وكتابات قصصية.
وبشكل مفاجئ توفي الكاتب والروائي حمدي أبو جليل، في مصر بعد الاحتفاء به.
وولد أبو جليّل في الفيوم في 1967، وتوفي في 10 يونيو ( تموز) 2023، وهو روائي وكاتب قصص قصيرة، واسمه الأصلي حمدي أبو حامد عيسى، وفازت روايته "الفاعل" بجائزة نجيب محفوظ في 2008، وكان إصداره الأول مجموعة قصص قصيرة نشرت في 1997 تحت عنوان "أسراب النمل"، أما مجموعته الثانية "أشياء مطوية بعناية فائقة" في 2000 ففازت بالعديد من الجوائز الأدبية.
وبعد75عاماً رحل المؤرخ بيتر هيلير بعد صراع مع المرض، وهو كاتب وباحث عمل في الإعلام والثقافة والآثار في الإمارات،و آخر رئيس تحرير لصحيفة ""emirates new.
كما توفي الأديب والناقد المسرحي السوري عبدالفتاح قلعه جي، عن 85 عاماً، ويعتبر من الشخصيات الأدبية والثقافية المهمة في سوريا، وحظي بالعديد من الجوائز والتكريمات.
وتوفي الكاتب التشيكي الفرنسي، ميلان كونديرا، عن 94 عاماً والذي عرف بمؤلفاته وأسلوبه الساخر الذي عبر به عن حال الإنسان، وكان كونديرا من الكتّاب النادرين الذين أُدرجت مؤلفاتهم وهم بعد على قيد الحياة في مجموعة "لابلياد" La Pleiade) في 2011، وتُرجمت أغلب أعماله إلى العربية.
ومن الراحلين في 2023 أيضاً الروائي الألماني مارتن فالزر، أحد رموز الأدب المعاصر في بلاده والذي فارق الحياة عن 96 عاماً، والكاتب والشاعر الفلسطيني زكريا محمد عن 73 عاماً، بعد رحلة حافلة بالعطاء شعرا ونثراً.
ورحلأيضاً ناشر صحيفة "السفير" اللبنانية طلال سلمان عن 85 عاماً بعد مسيرة إعلامية حافلة بالنجاحات والكتابات المميزة في لبنان والعالم العربي.
وغيّب الموت الشاعر كريم العراقي عن 68 عاماً، الذي قدّم العديد من الأعمال الغنائية الناجحة، وغنى من أشعاره كاظم الساهر وآخرون.
وتوفي أيضاً الكاتب الروائي والإعلامي السعودي هاني نقشبندي، عن 60 عاماً، وهو من مواليد المدينة المنورة في 1963، وتدرَج في عدَّة مناصب صحافية حتى رأس تحرير مجلة سيدتي ومجلة المجلة السياسية، وأسهم في تأسيس مجلة الرجل.
كما رحل القاص والصحافي اللبناني الياس الديري الذي أصدر "الرجل الأخير"في 1961، و"جدار الصمت" في 1963، و"الطريق إلى مورينا"في 1969، و"الفارس القتيل يترجل"في 1979، و"الخطأ"في 1971 و"عودة الذئب إلى العرتوق" في 1982، وأطلق عليه "قصّاص الخيبة".
ورحل الكاتب والشاعر السوري خالد خليفة عن 59 عاماً، إثر أزمة قلبية مفاجئة، وعُرف خليفة المتحدّر من بلدة مريمين شمال مدينة حلب، في أوساط الثقافة السورية بمسلسلات سورية عدة في مطلع التسعينيات ولاقت رواجاً واسعاً، وذاع صيته بعد تأليف روايته "مديح الكراهية" التي ترجمت إلى 6 لغات.
وفي لندن، توفيت الروائية ليلى بعلبكي، إحدى أشهر الكاتبات العربيات، التي تعرضت للمحاكمة في بيروت في فترة الستينيات، بسبب روايتها الأولى "أنا أحيا" في 1958 التي نشرتها مجلة "شعر".
وتوفي الروائي المصري عبده جبير عن 75 عاما، وهو الذي ولد في 1948 في مدينة إسنا بمحافظة الأقصر، واتّسم عالمه الروائي والقصصي بالبساطة والتلقائية، واستطاع بلغة سردية مكثفة وكاشفة أن يجسّد في أعماله معاناة الإنسان في مواجهة تقلبات الحياة.
ورحل الشاعر الكويتي، عبد العزيز سعود البابطين، الذي كان رئيس مجلس أمناء مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين الثقافية، ومجموعة البابطين للإبداع الشعري.
وتوفي الفيلسوف الإيطالي الداعي إلى عولمة بديلة، أنطونيو نيغري عن 90 عاماً في باريس.
وولد نيغري في 1933 في بادوفا، وكان في البداية ناشطًا في العمل الكاثوليكي قبل أن ينضم إلى الحزب الاشتراكي الإيطالي في1956، واحتل مكانًا مهماً في اليسار الإيطالي الجديد، وعمل أستاذاً لنظرية الدولة في جامعة بادوفا، وأصبح مُنظراً وناشطاً في "الحركة العمالية الأخرى".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة حصاد 2023
إقرأ أيضاً:
القبيلة اليمنية تنتزع مكانتها الوطنية .. محطات خالدة
يمانيون /
تُعتبر القبيلة اليمنية من أقدم وأبرز المكونات الاجتماعية في اليمن، حيث لعبت عبر التاريخ دورًا أساسيًا في الحفاظ على الأرض والعرض، وضمان استقرار المجتمع اليمني في مواجهة مختلف التحديات. كانت القبيلة دائمًا النواة التي ينبثق منها النظام الاجتماعي والسياسي، وامتازت بقدرتها على التنظيم الذاتي والالتزام بقيم الشرف والكرامة، مما جعلها عنصرًا رئيسيًا في بناء الهوية الوطنية وحماية البلاد.
وتتمسك القبيلة اليمنية بهويتها الإيمانية العميقة، متجذرة في القيم الدينية والتقاليد العربية الأصيلة التي ترسخت عبر الأجيال. هذا التمسك بالهوية الإيمانية والتمسك بالعادات والتقاليد يمنح القبيلة قوة أخلاقية وروحية تضفي على مواقفها الوطنية عمقًا ومتانة، وتشكّل درعًا يحمي النسيج الاجتماعي من التفكك في أوقات الأزمات.
دور القبيلة اليمنية في دعم غزة ومساندة القضية الفلسطينية
مع تصاعد العدوان على غزة، برزت القبائل اليمنية كحاضنة قوية للقضية الفلسطينية، مؤكدين وقوفهم الثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني في معركته ضد الاحتلال. لم يكن موقف القبائل مجرد تعاطف شعبي، بل كان ميدانياً من خلال المساهمة في عمليات الدعم المتعددة، ورفع شعارات النكف والوقوف المسلح، مؤكدين أن فلسطين قضية مركزية بالنسبة لهم تمثل ضمير الأمة وهويتها.
في مواجهة العدوان الأمريكي الإسرائيلي الذي استهدف اليمن، لم تكتفِ القبائل بالدعم الرمزي، بل أسهمت بشكل مباشر وفعّال في عمليات الإسناد العسكري للقوات المسلحة اليمنية. لعبت القبائل دورًا تكميليًا حاسمًا، حيث قدمت الدعم اللوجستي والقتالي الذي ساعد في التصدي لمحاولات العدو الساعية إلى إضعاف قدرات الجيش الوطني وتشتيت جهوده، خاصة في ظل الانشغال بقضية غزة. هذا التنسيق بين القبائل والقوات المسلحة كان من أبرز العوامل التي عززت قدرة اليمن على الصمود والمواجهة.
دعم القبائل القوات المسلحة
لم تقتصر مساهمة القبائل على الجانب العسكري فقط، بل تعدته لتشمل تقديم قوافل الدعم والإسناد المالي لكل من غزة والقوات المسلحة اليمنية. كان تنظيم حملات جمع التبرعات وتوفير الإمدادات الطبية والغذائية واللوجستية من أبرز أدوار القبائل، حيث تم نقل هذه القوافل عبر شبكات تنسيق محكمة، تعكس حرص القبائل على توفير كل ما يلزم لمواجهة العدوان ودعم الجبهة الداخلية والخارجية. هذا الدعم المستمر هو دليل على عمق التزام القبائل بقضايا الأمة والتزامها بتحقيق الانتصار.
ارتباط القبيلة اليمنية بالقيادة الثورية
القبيلة اليمنية لم تكن يومًا كيانًا منعزلاً عن السلطة أو القيادة السياسية، بل حافظت على ارتباط وثيق بالقيادة الثورية التي تقود المعركة الوطنية. هذا الارتباط تبلور في دعم القبائل المستمر للقيادة في كل مواقفها السياسية والعسكرية، ووقوفها خلفها بكل قوة لمواجهة التحديات التي تهدد الوطن. وقد أظهر هذا التنسيق الميداني والسياسي بين القبائل والقيادة الثورية مدى تلاحم القوى الوطنية في اليمن، حيث أصبحت القبيلة ركناً أساسياً في منظومة الدفاع الوطني والاستقرار السياسي.
فشل العدو الأمريكي والإسرائيلي ومحاولات اختراق القبيلة اليمنية
حاول العدو الأمريكي والإسرائيلي، بدعم من بعض الأنظمة العربية المتآمرة، اختراق القبيلة اليمنية بشتى الوسائل، بدءًا من الحرب المباشرة والتحريض، إلى الحرب الناعمة التي استهدفت تفكيك الروابط بين القبائل والقيادة الثورية والسياسية. شملت هذه المحاولات استخدام أدوات استخباراتية، دعم العملاء والجواسيس، وحملات التشويه الإعلامي بهدف عزل القبائل عن معركة الصمود الوطني.
إلا أن القبيلة اليمنية أظهرت قدرة استثنائية على التصدي لهذه المؤامرات. فقد استطاعت بفضل الترابط القبلي والتمسك بالهوية الوطنية والإيمانية أن تحافظ على وحدتها وتماسكها، وأن ترفض بشكل حاسم كل محاولات الانقسام والتفكيك. هذه المقاومة القوية جعلت من القبيلة اليمنية قوة صلبة لا يمكن اختراقها، ومصدر ثقة للقيادة الثورية التي وجدت فيها شريكًا استراتيجياً في حماية الوطن وتعزيز الجبهة الداخلية.
إن هذا النجاح في التصدي لمؤامرات العدو يعكس حكمة القبائل وقدرتها على التمييز بين المشاريع الاستعمارية والعملاء، مما يحفظ للساحة الوطنية توازنها ويعزز من فرص تحقيق الانتصار في الصراع المستمر.
دور القبيلة اليمنية في ثورة 21 سبتمبر وانتزاع مكانتها الوطنية
شكلت ثورة 21 سبتمبر محطة تاريخية بارزة أعادت للقبائل اليمنية مكانتها السياسية والاجتماعية بعد سنوات من التهميش النسبي. كانت القبيلة لاعبًا رئيسيًا في نجاح هذه الثورة، التي مثلت إرادة شعبية واسعة لاستعادة السيادة الوطنية واستعادة الحقوق المغتصبة. أظهر أبناء القبائل انخراطًا واسعًا في الفعاليات الشعبية والسياسية والعسكرية، ما أكسبهم احترامًا واعترافًا رسميًا بمكانتهم كركيزة أساسية في الدولة اليمنية الحديثة. هذه الثورة لم تعزز فقط دور القبيلة، بل أعادت دمجها بفاعلية في مجالات الأمن والسياسة والبناء الوطني.
الصمود والتضحيات.. دور القبيلة اليمنية في مواجهة العدوان
على مدى أكثر من عشرة أعوام، تحملت القبائل اليمنية أعباءً جسيمة في معركة الدفاع عن الوطن ضد العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، مقدمة أروع صور البطولة والتضحية. شارك أبناء القبائل في العديد من الجبهات، وكانوا عماد الصمود الشعبي والعسكري في مواجهة الغزاة والمحتلين. تميزت القبائل بقدرتها على التعبئة والتنظيم، وتحملت خسائر بشرية ومادية فادحة في سبيل الحفاظ على الأرض والسيادة الوطنية. إن تضحيات القبائل اليمنية في هذه الحرب ليست مجرد أرقام أو أخبار، بل هي قصص بطولية ترسخ قيم الوفاء والوطنية الحقة.
القبيلة اليمنية اليوم ليست فقط قوة اجتماعية وتاريخية، بل هي ركيزة وطنية أساسية في الدفاع عن اليمن، وجسر وصل بين الماضي المجيد والحاضر المستمر في مواجهة التحديات. من دعم غزة إلى دعم القوات المسلحة، ومن مواجهة المؤامرات إلى ثورة 21 سبتمبر، ومن ثم الصمود والتضحيات في وجه العدوان، تؤكد القبائل اليمنية التزامها الثابت بحماية الوطن وتعزيز مكانته، مجسدة بذلك أروع صور الوحدة الوطنية والروح القتالية التي لا تقهر.