أيام طويلة قضتها ليتيسيا تيرادو الطبيبة الإسبانية تنامها في كرافان على ضفاف بحيرة قارون أمام قرية تونس السياحية بمحافظة الفيوم، بعدما استوحت الفكرة من فيلم الزعيم عادل إمام «كراكون في الشارع» لعدم امتلاكها المال للمبيت في الفنادق تتحمل حرارة الصيف، وتواجه برودة الشتاء عشقًا في القرية الساحرة بعدما وجدت أمانًا وحرية في أحضان المصريين لم تجدهم في أي بلد أخرى.

حكاية 16 عامًا قضتها ليتيسيا الإسبانية في مصر، منها 9 سنوات في قرية تونس السياحية بالفيوم، ترويها ليتيسيا في حديثها لـ «الوطن» حكايتها مع الإسلام، وكيف وجدت الحرية والسلام والأمان وتعايش مختلف الأديان معًا، وما وجدته في أحضان المصريين ليجعلها تشعر إنّ مصر هي بلدها وموطنها، وتترك بلادها لتقيم في القرية الصغيرة بمحافظة الفيوم.

روحها ارتبطت بصحراء الفيوم

وتكشف ليتيسيا تيرادو، إنّها حينما ذهب لصحراء الفيوم لأول مرة وجدت نفسها وروحها في أحضان تلك البريّة، وارتبطت بها، فأصبحت تستكشف مناطقها اليوم تلو الآخر حتى حفظت كل شبر في بيداء بيوسف الصديق بمحافظة الفيوم، ثم بدأت تصطحب الناس من مختلف أنحاء العالم للتخييم والسفاري وممارسة اليوجا والاستمتاع بكل هذا الجمال.

أسرتها الملوخية من أول لقمة

وكشفت إنّها زارت محافظة الفيوم عام 2015، وتناولت الملوخية التي أسرتها منذ أول لقمة، مُشيرةً إلى إنّها كانت تشاهد أفلام الزعيم عادل إمام لتعلم اللغة العربية باللهجة الدارجة، فاستعارت منها فكرة الكرافان وأقامت به، حتى أشفق عليها صاحب ورشة فخار، وسمح لها بنصب خيمة أعلى سطح ورشته للمبيت فيها مساءً بعد إغلاقها والرحيل عنها حتى بدأت أحوالها المادية في التحسن وتمكنت من استئجار غرفة، ثم استئجار منزل كبير.

وجدت الأمان في مصر

وأشارت إلى أنّ أساس زيارتها إلى مصر عام 2008 كان لتعلّم اللغة العربية، واكتشاف كيف يعيش المسلمون وعاداتهم وتقاليدهم، وذلك بعدما عانت من العنصرية في بلادها بإسبانيا، وتعرضت للاضطهاد في عدة دول أجنبية تدّعي إنّها بلاد الحرية، وتعلّمت العربية بالفعل، وقراءة القرآن الكريم، ثم عادت إلى إسبانيا ولكنها شعرت بأنّها غريبة، وأن قلبها قد تركته في مصر فسرعان ما عادت إلى مصر واستقرت بها.

وأكدت إنّها وجدت في مصر أمانًا لم تراه في مكان آخر، حتى في أيام ثورة يناير، موضحةً إنّ المصريين أشعروها بإنّها في بيتها، واحتضنوها وقدموا لها الكثير من المساعدات وكانوا سندًا لها دائمًا، خصوصًا في قرية تونس إذ أصبحت واحدة منهم يعرفها الجميع وتعرفهم وأطلقوا عليها اسم «ملك» لصعوبة نطق اسمها.

وشددت على إنّها قررت أن تعيش الباقي من عمرها في قرية تونس بالفيوم، وتحلم بالحصول على الجنسية المصرية، وشراء منزل باسمها في قرية تونس، وبناء إسطبل خيل كبير نظرًا لحبها الشديد للخيول.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قرية تونس قرية تونس الفيوم محافظة الفيوم بحيرة قارون فی قریة تونس فی مصر

إقرأ أيضاً:

قراءة في مجموعة «الرجل النائم إلى جوارك» شفافية الفكرة بين الانتصار للذوات ومسؤوليّة اختيارها

ندرك تماما دور العنوان كونه عتبة فنيّة إضافة إلى المشاهدات اللونيّة والشكلية على غلاف العمل الأدبي غير أن هناك عناوين كثيرة لا تستطيع أنْ تلهم العمل قلق الفكرة التي يستسلم لها التأويل، ثمة قراءات لا تعوّل كثيرا على العتبات لسبق مفرط للتوقّع أو لتأجيل فهمها إلى متن العمل.

في تجربة أسماء الشامسي القصصية يشكل العنوان بؤرة إشكاليات في الذوات بينها وبين الآخر ضمن علاقة الارتباط الاجتماعي (الزواج) باعتباره شكلا منطقيّا لضبط المسؤولية الجنسيّة والاجتماعية في المجتمع البشري عموما والمجتمع العماني خصوصا، وجرأة العمل تنشأ مع الصوت المرتفع الذي يظهر إشكاليّات الارتباط هذه بين الديمومة والاضطراب الذي يؤدي إلى طريقين؛ الإبقاء عليه مبطّنا بكثير من الانثيلات العاطفيّة والاجتماعية ضمن (النفاق الذاتي والمجتمعي) أو الخروج عنه إلى الخلاص وإنهاء الصراع.

إضافة إلى كثير مما يعود إلى هذه المنطقة الباهتة تنتصر الكاتبة في مجموعتها لمعاناة الواقع المعيش لكثير مما لا يلتفت له الأدب بأدوات الداخل الأسريّ؛ فتقرأ المعاناة بعين السّارد البطل باعتباره مركز المشاهدات الزمنيّة كما في نص (ذا برونكس عمان)؛ حيث حللت الشخصيّة الكثير من القضايا المرتبطة بحياتها وتطوّر فكرة السكنى، وتأتي رؤية أجزاء تشكيل أزمة النص من جهتها مختلفة لارتباطها برسم حركة البحث الموازية لسرد تفاصيل تشكيل عقدة القصة التي ولدت من رغبة البحث عن سلام «سكنّا الخوض لفترة طويلة في بيت جدي، وبسبب مشكلات معقّدة ونقار يوميّ قرر والدي أنْ يأوينا في بيته الخاص» ص14، وفي هذا النص والذي يليه تبدو الشخصيّة المحوريّة ذات شكلين من المسؤوليّة؛ في الأولى تعود إلى عالمها الذي تستحضره في ساعات البحث عن المسكن بحضور تحليلاتها عن الأحداث وردّات الفعل وأشكال الصراع بين الأطراف، أو بين والديها، والثانية تعود إلى المُدانة باليباس على الرغم من ظلّها، حيث تدفع ثمن البقاء مع عائلتها في موضع التهم والقسوة، فالأولى على عتبة الاختيار في ظل قسوة الواقع. «أمّا جيل التسعينيات؛ جيلي، الأبناء الصغار الفقراء، فيأخذون قروضا لبناء منزل من خلفيّة ماليّة مفلسة تعتمد على رواتبهم فقط» ص16، فنجد الخوف والقلق في الشعور بمسؤوليّة باهتة أمام ما تعيشه العائلة من شتات في البحث عن مسكن؛ إضافة إلى تعيين ملامح المستقبل الخاص، وفي النصّ الثاني هناك أنفاس تستحقها رئتا الكائن الذي يكتسحه استعباد الوظيفة لاختيار أسباب الحياة. «أمّاه لو كان بيدي لَمنحْتك كلّ شيء، لكن لم يَعُد لديّ ما يكفي، أريد أنْ أشْتري سيّارة، على الأقل سأدفع فاتورة الكهرباء لكن ليس أكثر من ذلك؛ قلت ذلك برجاء جريح «ص30». إنها اللحظة التي تبرز كثيرا من الأسئلة المطروحة على الذات المجلودة من قبل صاحبها، لماذا أنا فقط، ماذا عليّ أنْ أفعل لأحصل على بعض الرضا، وبعض الاحترام. هذه الشخصيّة لا تظهرها الكاتبة منعزلا عن العالم؛ فهي تحاكم الضعف أمام الآخر في لحظة الاختيار، وليس ما يصل إليه القارئ من المواقف هو فقط ما ترصده التجربة؛ إنه تحت مجهر متخصّصة ترصد القيمة التي تضيع أمام تحوّلات العالم في أي مجتمع صغير، فالمجهول في عمل قصصيّ شكل مختلف بظروفه في عالم آخر يعني تجزؤ القيمة البشرية في صراع الذوات، وأسماء الشّامسي تحمّل لحظات الاختيار المسؤولية الكبرى.

«أمي، ومريم، وحمد، وجدتهم جميعا يقفون أمامي مثل موجة تنطوي في هيئة مخروطيّة تتجوّف شيئا فشيئا، كان عليّ أن أندفع أكثر بقوّة، بصلادة أمامهم، كمتزلج أمواج ماهر ـــ لم أكن أحمل عُشر احترافيّته ـــ لأنجو. اندفعتْ مشاعري تجاههم كتظاهرة محتشدة... إلى آخر دفاعاتي؛ أنْ أتحوّل كوحشٍ في موقع تهديد» ص33. إن الكاتبة توظّف تشكيل المشهد هنا بكثير من الأدوات النفسيّة التي تتيحها لغة الوصف وتعيين الملامح، وباعتبار الشخصيّة المسؤولة الأولى عن النتيجة؛ ليس لكونها ضحيّة فقط بل لأنها فكرة تتعلّق بزمنيّة الاختيار وطبيعة المواجهة في محيط اختلاف الرؤى والقيم وكل ما يتعلق بوعي النظرة إلى الحياة واستحقاق الذات فيها بذاتها.

إنه جزء من التّردد منشأه تراكمات النقص والتعيين الجمعي باعتبار ثنائيّة (ذكر/ أنثى) في كفّتيْ ميزان (قويّ/ ضعيفة)، تتبعه الكاتبة في الوقائع والقصص والتجارب منطلقة من قراءتها الاجتماعيّة، وتأتي شخصيّة القصّة مجموعة من تمثّلات الاختيار والنكوص شعورا بالرغبة في النجاة أو الاستسلام أمام تراكمات الاقتناع بالضعف. «لم أدرِ ما أنا فاعلة. كنت أفكّر فعليّا في مواساة الأشياء التي لا تتحرّك... هل أتمادى؟ هل أثور؟ (ثمّ سؤال مصيريّ لحظة الشعور بالتلاشي والضياع) ماذا لو غادرت المنزل؟ بدت فكرة عظيمة وحلا نهائيّا لكل هذا العذاب... ستكونين طعاما للكلاب في الشارع لو فعلت» ص38. إن الكاتبة تشكّل محاكمة الذوات هنا باستقراء المواقف التي طالما تتكرّر أمام ثنائيّة (قويّ/ ضعيف) في وجود الشعور بتيه عاطفيّ أمام الانتماء إلى العائلة على الرغم من اختطافها حياة الفرد، أو الخروج عليها على الرغم من صعوبة الأمر في الغالب.

«سوف يرعبك شيء واحد، أنه ما زال نائما بجوارك، كأنه يموت معك أبدا» ص43. هذا الماثل في نصّ (الرجل النائم إلى جوارك)؛ شكل من العلاقات التي تخفي أكثر أجزاء الحياة الاجتماعيّة تحوّلا، لحظات تطوّر الوعي لدى الذوات بمفهوم واحد يختزل الحياة أو يتركها؛ (الشغف)، ثمّت هي مرحلة مهمّة يشير إليها أحد الخبراء النفسيين بمؤشرات تغيّر النظرة إلى الحياة، وقد ينهار الآخر تماما بشكله وتفكيره أمام هذه التّحولات، توظّف الكاتبة التوقعات ضمن ملموسات الحياة أفكارا ونتائج، وعلى الرغم من أنها لا تجبر المشهد في تكاثفه على إعطاء فرَص الخروج؛ لكنّه ومن خلال خبرتها تشير إلى أكثر من نافذة مرتبطة بتحوّلات الذوات يمكن الاختيار عندها، أو الاكتمال باللامعنى؛ «كان الرجل النائمُ يذهب ويجيء بماضيه وحاضره ومستقبله كلّه داخلها، بينما استقبلت كل ذلك برغبة عارمة» ص50. ولهذا فصور الاعترافات في المجموعة تقابل صور حياة ملموسة في الذوات بأشكال مختلفة من القبول أو الرفض، وبمحاكمة الذوات أمام رغباتها تقيم الكاتبة تناظرا يبدو بعيدا في الداخل النفسيّ، وجرأة ما يطفح على خارج الذوات ينبني على صمت مميت تعيشه ذوات كثيرة تضحية أو تسليما.

الحياة التي لا يريد الكثيرون أن يضعوها ضمن صيرورة جنسنا البشريّ إنكارا للمتغيّر البشريّ أو للضعف الإنسانيّ في مجتمع يتمنوه ملائكيّا (باعتبار الملاك بعيدا عن الرغبة) تزأر في تفكّك الداخل البشريّ بطبيعته في الخلاص من مسكنته أو رغبة في ذاته بكل تحوّلاتها، فالذات ليست ما هي عليه وليس ما يراها عليه الآخر، وفي ملموس الواقع سطوة الاختباء أو ضريبة التّفشّي وما بينهما إظهار أو تظاهر أو مقاومة. كل ما يعني هذه المناطق في الذوات تتجلّى بصور كثيرة في النص الواحد؛ فضلا عن تعدّد صورها في المجموعة كلها بأنواع مختلفة من الإخفاقات والانتصارات على الاختباء والضعف، لكنّ محاكمة الذوات أمام اختياراتها قبل أنْ تتحوّل إلى رمادا. وما استعرضه نصّ (مدينة الرغبات) هو تمثّلات الذوات في معترك الاختيار، فكلّ شيء يقع في المتناول إلا ما يملأ الذات في المشترك، وكأن الكاتبة تدفع المشترك إلى أنْ يكون واعيا بطبيعة تحوّلات الذوات على الرغم من أنه هو نتيجة اختيارها، فالمدينة تضيق بالذوات في بحثها عن المعنى الذي ولد إثر التحولات. «مسقط مدينة رغبات، ولا أقول مدينة حبّ، فكثير عليها أنْ تكون كذلك، وعزيزٌ على الحب أنْ يُضرب به المثل عليها» ص80، المكان انعكاس الذوات، يُدرك كما يقول يوري لوتمان حسّيا بخبرة الإنسان بجسده، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجاهل هذا الامتلاء والخواء العاطفيّ أو الجسدي بتأثير المكان، واستبداله ببعيد آخر لا يمكن أنْ يسحق الشعور بتأثيره، وفي نصي (تعبُ الحكايات، والحج إلى مسقط) يشكّل المكان مزيجا من الهرب من/ إلى الذات، وهو حاضر بثقل شعوريّ واعٍ يرتبط بتلك الرغبة في رؤية العالم من زاوية تحاول الكاتبة أنْ تختزل مساحات التّحولات في شخوص القصّة بالمسافات بينها وبين واقعها، وكما قلنا سابقا فإن ذكاء العمل في ما يطفح حقيقة على سطح واقع نحاول تجاهله.

المجموعة ترسم مساحات هذه الاعترافات بما لا يمكن الإحاطة به في هذه العجالة التي حاولت مقاربتها انطباعيّا من جهة (شفافية الفكرة).

محمود حمد شاعر عماني

مقالات مشابهة

  • لبلبة تكشف حقيقة الصورة المنتشرة مع الزعيم عادل إمام (خاص)
  • لبلبة تنفي صورة اللقاء المفبرك مع عادل إمام: مش أنا دي ولا ده الأستاذ
  • لبلبة تنفي صورة مفبركة تجمعها بعادل إمام: “أنا في الفيوم منذ أسابيع”
  • حقيقة ظهور عادل إمام مع لبلبلة في شوارع القاهرة
  • العنزي: لا أعلم ما الفكرة من تواجد اسم جيسوس على طاولة فريق النصر.. فيديو
  • ذكرى رحيل عماد محرم.. صاحب ملامح الشر الطيب بعد مسيرة فنية تجاوزت 100 عمل (بروفايل)
  • ضبط 95 مخالفة تموينية متنوعة في حملات مكثفة بمحافظة الفيوم
  • قراءة في مجموعة «الرجل النائم إلى جوارك» شفافية الفكرة بين الانتصار للذوات ومسؤوليّة اختيارها
  • مخرج مصري يكشف أسراراً للمرة الأولى عن عادل إمام وعبلة كامل – فيديو
  • أسامة عباس يتحدث عن كواليس تعاونه مع عادل إمام ويعلق: بيكون شخص تاني غير اللي نعرفه