متى تكون ذكرى الإسراء والمعراج 2024؟ سؤال يشغل ذهن الكثير من المسلمين مع ترقب دخول شهر رجب 2024 - 1445، ووفق الحسابات الفلكية فإن الإسراء والمعراج 2024 يوافق يوم الخميس 8 من فبراير المقبل، 27 من رجب 1445 هـ.

متى تكون ذكرى الإسراء والمعراج 2024 ؟

احتفال المسلمين بذكرى الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب، بشتَّى أنواع الطاعات والقربات، هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا لجنابه الشريف، وأما الأقوال التي تحرم على المسلمين الاحتفال بهذا الحدث العظيم بشتى وسائل الفرح المباحة فهي أقوالٌ فاسدةٌ وآراءٌ كاسدةٌ لم يُسبَقْ مبتدِعوها إليها، ولا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها.

وفي توضيح متى ليلة الإسراء والمعراج 2024، فإنها تبدأ عند غروب الشمس يوم الأربعاء الموافق 7 فبراير 2024 وتستمر حتى فجر يوم الخميس الموافق 8 من الشهر ذاته.

وإحياء المسلم ذكرى الإسراء والمعراج بأنواع القُرَب المختلفة أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه شرعًا؛ لِمَا في ذلك من التَّعظيمِ والتَّكريمِ لنبيِّ الرَّحمة وغوث الأمَّة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.

والمشهور المعتمد من أقوال العلماء أنَّ الإسراء والمعراج وقع في شهر رجبٍ الأصمِّ، وقد حكى الحافظ السيوطي ما يزيد على خمسة عشر قولًا؛ أشهرُها: أنه كان في شهر رجب؛ حيث قال في "الآية الكبرى في شرح قصة الإسرا" (ص: 52-53، ط. دار الحديث): [وأما الشهر الذي كان فيه: فالذي رجَّحه الإمام ابن المنير على قوله في السنة ربيع الآخر، وجزم به الإمام النووي في "شرح مسلم"، وعلى القول الأول في ربيع الأول، وجزم به النووي في فتاويه.

وقيل: في رجب وجزم به في "الروضة". وقال الإمام الواقدي: في رمضان. والإمام الماوردي في شوال، لكن المشهور أنه في رجب] اهـ.

ونقل الإمام أبو حيان في تفسيره "البحر المحيط" (7/ 9، ط. دار الفكر) عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "إنه كان قبل الهجرة بعام ونصف؛ في رجب".

وجزم بذلك الإمام ابن عطية الأندلسي في "المحرر الوجيز" (3/ 435-436، ط. دار الكتب العلمية)؛ فقال: [وكان ذلك في رجب] اهـ.

وهو ما قال به الإمامان ابن قُتَيْبة وابن عبد البر المالكي؛ كما ذكر الحافظ القسطلاني في "المواهب اللدنية" (2/ 70، ط. دار الكتب العلمية)، والعلامةُ الدياربكريُّ في "تاريخ الخميس (1/ 307، ط. دار صادر).

وتعيَّينُ الإسراء والمعراج بالسابع والعشرين من شهر رجب: حكاه كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين قديمًا وحديثًا.

 

المقصود بإضافة المعراج لله عز وجل في قوله سبحانه ﴿مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ﴾  إثبات اليقظة للنبي عليه السلام في الإسراء والمعراج .. الدليل من القرآن

في مثل هذه الأيام من كل عام تمر بالمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ذكرى محببة إلى قلوبهم هي: ذكرى الإسراء برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المسجد الحرام الذي أمر الله بتطهيره للطائفين والعاكفين والركع السجود إلى المسجد الأقصى الذي بارك حوله، وذكرى العروج من بيت المقدس في فلسطين العزيزة إلى سدرة المنتهى فوق السماوات.

وفي هذا أنزل قول الله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].

والإسراء: هو السير ليلًا، وإنما كان الإسراء ليلًا؛ لكمال الشرف، ومزيد الاحتفاء بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الليل وقت الخلوة والصفاء، ووقت الاختصاص لأهل المودة والمحبة، فهذه الآية الكريمة تدل على إثبات أمرين عظيمين:

الأمر الأول: إثبات اليقظة التامة في مسراه صلى الله عليه وآله وسلم، ففي الآية الكريمة على ذلك ثلاثة أدلة:

الدليل الأول: قوله: ﴿سُبْحَانَ﴾ فهذه الكلمة العظيمة الإلهية تدل على أن الله قد منح رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أمرًا عظيمًا لم يمنح به أحدًا سواه ألا وهو الإسراء يقظة، فلو كان منامًا ما كان أمرًا عظيمًا، وما بُدِئَتْ هذا الآية العظيمة بكلمة التسبيح الذي لا يكون عادة إلا في الأمر العظيم الخطير، وما كان منحةَ خصوصية لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإن الإسراء منامًا يقع لكثير من الناس.

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾؛ إذ العبد يطلق على الشخص بجزأيه الجسم والروح معًا، ولا يصح إطلاقه على أحد الجزأين، بدليل قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ﴾ [الكهف: 1]، فالكتاب قد أنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة نجومًا متفرقة، وقوله تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى ۝ عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ [العلق: 9-10]، فالصلاة وقعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقظة، وأبو جهل نهاه يقظة، فكذلك الإسراء وقع منه صلى الله عليه وآله وسلم يقظة لا محالة.

الدليل الثالث: قوله تعالى: ﴿مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾، فهذه مسافة حِسِّيَّة مبدوءة بكلمة "مِن" ومنتهية بكلمة "إلى"، والمسافات الحِسِّيَّة لا يقطعها إلا الجسم والروح معًا.

الأمر الثاني: إثبات السرعة، ففي الآية على ذلك دليل وهو قوله تعالى: ﴿لَيْلًا﴾ بلفظ التنكير الدال على تقليل مدة السير الصادقة بأقل جزء من الليل.

ليست الإسراء وحدها.. علي جمعة يكشف عن آية البشارة بزوال إسرائيل في رحلة الإسراء والمعراج.. رؤية النبي الكريم لسيدنا جبريل على صورته 

الآية الثالثة: من سورة النجم قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ۝ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ۝ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۝ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ۝ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ [النجم: 11-15]. ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾: فؤاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ﴿مَا رَأَى﴾: الذي رآه ببصره وهو جبريل عليه السلام على صورته التي خلق عليها وهو في السماء الرابعة، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأرض. ﴿أَفَتُمَارُونَهُ﴾: أفتجادلونه. ﴿عَلَى مَا يَرَى﴾: والخطاب للمشركين المنكرين للرؤية ولا قيمة لإنكارهم، وسبب هذه الرؤية هو أنَّ جبريل عليه السلام كان من عادته أن ينزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أحيانًا كصلصلة الجرس، وأحيانًا في صورة دحية الكلبي الصحابي رضي الله عنه، فتاقت نفسه صلى الله عليه وآله وسلم أن يراه على صورته التي خُلِقَ عليها، فطلب منه ذلك فوعده بحراء -اسم جبل بمكة-، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتعبد فيه، فلما أنجز وعده ورآه قد سدّ الأفق، أفق الشمس المعبَّر عنه في سورة [النجم: 7]: ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾، وفي سورة [التكوير: 20]: ﴿بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾ خرَّ مغشيًّا عليه، فنزل عليه جبريل وجسمه يتنقل شيئًا فشيئًا إلى أن صار كدحية الكلبي. ﴿ثُمَّ دَنَا﴾: قرب منه.

﴿فَتَدَلَّى﴾: هبط وزاد في القرب فكان منه على مسافة كان قدرها: ﴿قَابَ قَوْسَيْنِ﴾، وفي مساحة قليلة يكنى بها عن شدة القرب وكمال الاتصال، أي: صار جبريل يتقرب منه شيئًا إلى أن كان منه على قدر هذه المسافة ﴿أَوْ أَدْنَى﴾، أي: بل أقرب منه قربًا يزيل الالتباس، ويحقق اجتماعه بحضرة جبريل عليه السلام؛ حتى استأنس به وأفاق من غشيته، ولقد أقسم الرب جلَّ جلاله، على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى جبريل رؤية بصرية على صورته الأصلية مرة ثانية بقوله سبحانه: في سورة النجم أيضًا فقال: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ۝ عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ۝ عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾ أي: رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم جبريل عليه السلام على صورته التي خلق عليها رؤية بصرية مرة ثانية عند سدرة المنتهى لما عرج به إلى السماوات العلى، عند جنة المأوى: التي تأوي إليها أرواح الأنبياء والمتقين والشهداء والصالحين، ولقد أقسم الله جلَّ جلاله في المرة الثانية دون الأولى اهتمامًا بشأنها. ويستدل بهذه الآية العظيمة على إثبات أمرين عظيمين:

الأول: إثبات اليقظة التامة في عروجه صلى الله عليه وآله وسلم، ففي الآية على ذلك دليل وهو قوله تعالى: ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾؛ إذ لو لم تكن الرؤية الثانية بصرية مثل الأولى ما صحّ قوله: ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾؛ لاختلاف جهة الرؤية.

الأمر الثاني: إثبات العروج: ففي الآية دليل على ذلك وهو قوله تعالى: ﴿عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾، فكلمة "عند" ظرف يفيد أن الرائي والمرئي في مكان واحد، وإلا لقال تعالى: بسدرة المنتهى، مثل ما قال في الرؤية الأولى: ﴿بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾، و﴿بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ﴾، ويُعَزِّزُ العروج قوله تعالى: ﴿عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الإسراء والمعراج الإسراء والمعراج 2024 شهر رجب 2024 النبی صلى الله علیه وآله وسلم قوله تعالى على صورته ب ال أ ف ق ال م س ج د فی الآیة على ذلک شهر رجب کان من فی رجب

إقرأ أيضاً:

نداء الإسلام من جبل الرحمة

يقول الله تعالى في كتابه العزيز: «وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ» «سورة الحج: 27، 28».

تبدأ مع إشراقات صباح اليوم قوافل حجاج بيت الله الحرام مسيرها من مشعر منى إلى رحاب جبل عرفات في مشهد يملأ القلوب حبورا وسرورا بهذه التصعيد للحجاج، إنها بلا شك لحظات فارقة في حياة المسلمين عامة والحجاج بشكل خاص لأنها تأتي للحاج كفرصة ذهبية بعد طول انتظار لوقت طويل.

وإذا كان الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة، فهو من الواجبات التي فرضت على كل مسلم عاقل لديه الاستطاعة على نفقات الحج وتحمّل مشقته، كما أنها أمنية تتجلى في نفوس جميع المسلمين الذين يأملون أنفسهم بأدائها في حياتهم ولو لمرة واحدة، فكثير هي الأمنيات الإنسان في هذه الحياة، بعضها يتحقق بتوفيق وسداد يأتي من عند الله تعالى، وأخرى لا يكتبها الله لكل البشر فتبقى معلقة بحبال الأمل التي لا تنقطع إلا بالموت، لكن الله تعالى اشترط في أداء مناسك الحج «الاستطاعة» وذلك تخفيفا على عباده الصالحين، ورأفت بأحوال الأمة فهو الرحمن الرحيم.

يعد يوم عرفة «من أعظم الفرص» من أجل التقرب إلى الله وطلب مغفرته ورضوانه، لذا ينبغي على الحاج أن يغتنم هذا اليوم المبارك بأداء الأعمال المشروعة فيه، ليحصد الأجر العظيم والبركات الروحية، فيستحب على الحاج أن يكثر من الذكر والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يلح في الدعاء بطلب المغفرة، وأن يكثر من قول «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير»، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الدعاء دعاء يوم عرفة».

كما أن خير أيام الدنيا هو «يوم عرفة»، فالله تعالى يباهي بالحجاج ملائكته ويظهر لهم فضائلهم وعبادتهم لله بوقوفهم بعرفة، هؤلاء الحجاج جاؤوا من وجهات عدة، ومن قارات مختلفة من هذا العالم، اجتمعوا في مكان واحد، وعلى صعيد واحد، وفي لحمة إيمانية واحدة، ففي هذا اليوم تختلط فيه مشاعر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتتطابق كلماتهم وتسيل عبراتهم خوفا وأملا ورغبة ورجاء وطاعة وتوسلا بقلب مؤمن بأن يمن الله تعالى عليهم بنيل المغفرة وتكفير الذنوب، يمحي عنهم جميع خطاياهم، وأن يوفق الله جميع حجاج بيته الحرام في أداء جميع النسك المفروضة عليهم، وأن يعودوا إلى ديارهم فرحين مستبشرين بالنعمة العظيمة التي وفقهم الله إلى بلوغها وهي حج هذا العام.

وتأكيدا على منزلة يوم عرفة، فقد روت السيدة عَائِشَةُ رضي الله عنها إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ اشْهَدُوا مَلاَئِكَتِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ». رواه مسلم والنسائي وابن ماجه.

قد يسأل البعض منا نفسه، لماذا يقف الحجاج بعرفة دون سواه من الأماكن المقدسة؟

والجواب هو أن الوقوف بعرفة هو ركن أساسي من أركان الحج الأعظم، ولا يكتمل الحج دون الوقوف على صعيد عرفة، إضافة إلى أن جبل عرفات من أهم المشاعر المقدسة التي يؤدي فيها المسلمون مناسك الحج.

لهذا يعد وقوفهم في هذا المشعر بمثابة اللحظات التاريخية العظيمة حيث يقضي فيها ضيوف الرحمن الوقت المخصص لهم في هذا المكان الطاهر قبل نفرتهم في الذكر والتهليل والتكبير والدعاء والاستغفار، ففي كل جنبات عرفات تعلوا أصواتهم، وتفيض مشاعرهم وهم يتوجهون إلى الله بالدعاء، ثم يستمرون على حالتهم حتى يحين موعد صلاتَي الظهر والعصر ويؤدونها قصرا وجمعا، قبل أن ينفروا مساء هذا اليوم من عرفات إلى مزدلفة مع مغيب الشمس يوم التاسع من ذي الحجة.

إن المسلم وهو يؤدي مناسك الحج، أو يسمع أو يشاهد جموع المسلمين يؤدون شعائره العديدة، فإنه يحس ويدرك عظمة هذا الدين الإسلامي الحنيف الذي يربط على قلوب الناس، ويؤلف ما بينهم في مكان واحد، فلا يفرق بين غني أو فقير إلا بالتقوى.

الصورة اليوم تتجلى في أجمل ملامحها، فيكفي أن ترى أكف الضراعة ترفع إلى السماء، في مشهد إيماني يصعب على المرء اختصاره أو لملمة مشاعره في سياق كلمات وجيزة.

إن أسمى مناسك الحج وأقربها إلى النفس هي تلك المشاهد المضيئة التي تتجسد في موقف عرفات حيث يتجرد الإنسان من كل ملذات الحياة وزخرفها، إنه والله لموقف عظيم وحدث يؤثر إيجابا في النفس والوجدان، والذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «الحج عرفة».

إنه حقا أجلّ مشهد مكتمل فيه الوضوح في عبادة الحج؛ فهو يذكر الناس بموقفهم المنتظر بين يدي الله تعالى يوم توضع الموازين وتقوم الساعة، فكل البشر على اختلاف اتجاهاتهم يجتمعون في مكان واحد للحساب، أما اليوم فالكل يجتمع في عرفات ليرجو رحمته سبحانه، معربين عن خوفهم من عذابه وغضبه، ويأملون فضله وإحسانه ورحمته، ويطلبون شفاعة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.

مهما تحدثت الصور وتآلفت المشاعر في بوتقة الإيمان، فإن لهذا اليوم منزلة عظيمة بين الناس جميعا، فيكفي أن تشعر بما يشعر به الواقفون على جبل عرفات من إخلاص وتفان وتوجه إلى الله بالرجاء من أجل القبول والرضوان.

إن مناسك الحج وما فيها من تجليات إسلامية عظيمة ورسائل إنسانية جمة لهي مشاهد تأسر القلوب وتؤثر على سلوك المسلم بعد أدائه لهذه الفريضة؛ لأن الإنسان في تلك الأماكن المقدسة يكون أقرب إلى الله خشوعا ومتجردا من كل متاع الدنيا، فكل ما يشغل لبه هو أن يحصل على كرم الله ورضوانه وعفوه وغفرانه.

في هذا اليوم المبارك ينادي فيه الحق سبحانه ملائكته، ويخاطبهم بقوله الكريم الرحيم: «أنظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا، أشهدكم يا ملائكتي أن قد غفرت لهم». فاللهم تقبّل منهم وأعدهم إلى بلادهم وذويهم ومنّ عليهم برحمتك وغفرانك.

مقالات مشابهة

  • صلاة عيد الأضحى في المسجد النبوي
  • مشروعية الفرح في العيد.. ولتكبّروا الله
  • دعاء يوم عرفة للمظلوم .. 4 كلمات قرآنية تنصرك على الظالم مهما بلغ جبروته
  • شعوبٌ نحو غزة.. في ذكرى أسطول الحرية
  • ألقى في موضعه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خطبة حجة الوداع.. “مسجد نمرة” تهفو إليه قلوب الحجيج في يوم عرفة
  • صلاة الضحى.. تصدق عن جسمك وكن من الأوابين يوم عرفة
  • لماذا يجب علينا الصيام في يوم عرفة؟.. تعرف على فضله العظيم
  • أشخاص لا يقبل الله صومهم يوم عرفة .. احذر أن تكون منهم
  • نداء الإسلام من جبل الرحمة
  • اليقظة اليمنية ودورها في دك عروش المستكبرين