رئيس سابق للشاباك الإسرائيلي: نحن نغرق في رمال غزة والفلسطينيين مستعدون لأن يَقتلوا ويُقتلوا من أجل استقلالهم
تاريخ النشر: 10th, January 2024 GMT
سرايا - قال رئيس جهاز الشاباك السابق، عامي أيالون، في مقابلة صحافية، إن النظرية الخاطئة افترضت أن الفلسطينيين ليسوا شعباً، ولكنهم أثبتوا أنهم مستعدون لأن يَقتلوا ويُقتلوا من أجل تحقيق استقلالهم.
وردا على سؤال صحيفة "هآرتس" العبرية: "هل نطلق سراح مروان البرغوثي أيضا؟"، قال أيالون: " إن هذا ما يجب بالتأكيد فعله لأن استعادة الاسرى هي أقرب ما يمكننا تحقيقه من صورة نصر في الحرب الدائرة بغزة ولأن مروان هو الزعيم الفلسطيني الوحيد الذي يمكن أن يتم انتخابه والقادر على قيادة زعامة فلسطينية موحدة وشرعية على طريق عملية انفصال متفق عليه عن الفلسطينيين".
أيالون: لن نرى في هذه الحرب صورة انتصار، ليس حتى مثل مشهد رحيل عرفات من ميناء بيروت نحو تونس، بعد حرب لبنان الأولى عام 1982.
واشترط أيالون موافقته على حديثه الصحافي الأول، بالتحّدث عن “استراتيجية الخروج”، أو بالمصطلح السائد “اليوم الذي يتلو الحرب”، قالئلا: “لن نرى في هذه الحرب صورة انتصار”، ويضيف: “ليس مثل تلك الصورة التي تمثلت في رفع العلم الأمريكي على جزيرة إيو جيما في نهاية الحرب العالمية الثانية، وليس مثل صورة الملازم الصغير يوسي بن حنان (الذي صار لاحقاً جنرالاً في الجيش)، وهو يرفع بندقية كلاشنكوف في قناة السويس، مع انتهاء حرب 1967، لا بل ليس مثل مشهد رحيل عرفات من ميناء بيروت نحو تونس، بعد حرب لبنان الأولى عام 1982”.
ويقول أيالون إن “حروب الماضي التي وصفها فون كلاوزفيتز في القرن التاسع عشر، والتي يتم فيها تحقيق النصر بالحسم العسكري في ميدان المعارك، كانت فعلاً صورة نصر تُظهر بوضوح أن اليوم الذي يتلو الحرب يتمثل في الانتقال إلى التفاوض بين المنتصر والمهزوم، أمّا في الحرب على الإرهاب، فلن نشهد أعلاما بيضاء تُرفع. فحتى عرفات عاد بعد 10 أعوام من تونس إلى غزة”.
ماذا لو قضينا على السنوار؟ ألن يمثل ذلك صورة انتصار ما؟
ردا على هذا السؤال، يجيب أيالون: “لا.. حتى لو لفظ السنوار أنفاسه الأخيرة. إن كان هناك مَن يظن أن الفلسطينيين سيستسلمون، فهو لا يعرف الفلسطينيين ولا حماس ولا حركات الإسلام الراديكالي في العصر الراهن”.
لتوضيح موقفه أكثر، يعود أيالون إلى استرجاع لحظة اعتقال مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين، الذي كان مشلولاً ويستخدم كرسياً متحركاً “عندما كان في السجن، اهتممنا بصحته، كنا نخشى أن يموت في السجن كي لا يتحول إلى شهيد. نحن في الشاباك، عارضنا إطلاق سراحه. كان هناك جنرالات في هيئة الأركان العامة استخفوا بموقفنا: ممّ تخشون؟ إنه ليس زعيماً، إنه رجل مسكين على كرسي متحرك”، رداً على ذلك، ادعيت أن مفهوم الزعامة في العالم العربي والإسلامي هو أمر لا نفهمه نحن، لأننا ننظر إلى الزعيم دائماً بعيون غربية، من خلال طلته التلفزيونية، وتسريحة شعره، ونغمة صوته. علينا أن ندرك أن الشيخ ياسين، بصفته زعيم حماس الذي صاغ ميثاقها، كان في نظر الفلسطينيين، بسبب إعاقته ومظهره الهش، رمزاً لبؤسهم إلى حد كبير. لقد كان الرجل الذي تمكن من توحيد القيادة الدينية والاجتماعية والسياسية والعسكرية التي تجسدت فيه نفسه. واليوم، لا تملك حماس مثل هذه القيادة، إذ إن الجناح العسكري يمارس سياسة مستقلة، بينما الذراع الاجتماعية بكل شبكاتها الخيرية اختفت. الصراعات القائمة في حماس اليوم، هي بين الذراع الداخلية والعسكرية التي تفرض كلمتها في غزة، والذراع السياسية الموجودة في الخارج، في تركيا وقطر ولبنان. السنوار هو زعيم الداخل، صحيح أن هناك توتراً قائماً بين الذراعين العسكرية والسياسية، لكن التعاون بينهما في عهد السنوار أصبح أقرب”.
حتى لو لفظ السنوار أنفاسه الأخيرة، فلن نرى صورة انتصار. إن كان هناك مَن يظن أن الفلسطينيين سيستسلمون، فهو لا يعرف الفلسطينيين ولا حماس
فرّق تسُد
ينظر أيالون بصورة مختلفة إلى حروب "إسرائيل" في القرن الحالي، فيقول إن "حرب إقامة "إسرائيل" وحمايتها تُخاض منذ نحو 140 عاماً، منذ هجرة أوائل الصهيونيين في نهاية القرن التاسع عشر"، وهذه الحرب مستمرة بوتائر مختلفة، وفيها حملات عسكرية، ومعارك، واشتباكات. وفي رأيه، أن ما يحدث في الأشهر الثلاثة الماضية “ليست حرباً، بل هي معركة إضافية في الحرب المتواصلة التي نخوضها، دفاعاً عن استقلالنا".
وهذه الحرب، ألا ننتصر فيها؟
يقول أيالون: "انتصرنا في آذار/ مارس 2002. ففي مؤتمر جامعة الدول العربية، استسلمت الدول العربية ورفعت الراية البيضاء. لقد تراجعوا عن قرارات الجامعة العربية في آب/ أغسطس 1967 في الخرطوم، المعروفة بـ”اللاءات الثلاث”. في آذار/ مارس 2002، بعد 35 عاماً من الصراع، وافق العرب على الاعتراف بـ "إسرائيل" وإقامة علاقات كاملة معها، استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. هكذا تمت إعادة صياغة التوجيهات الثلاثة المذكورة بصورة معاكسة: نعم للاعتراف، نعم للمفاوضات، ونعم للسلام مع "إسرائيل". المأساة هنا أننا نرفض الاعتراف بانتصارنا، ونواصل القتال. لقد حوّلنا الحرب إلى هدف بحد ذاته”.
هل نقوم بذلك لكي نتلافى اتخاذ قرارات؟
يجيب: “نعم. لكي نتلافى الجدل الذي يمزق المجتمع الإسرائيلي، ذلك الجدل الذي يتمحور حول السؤال: ما الذي جاء بنا إلى هذه الأرض كشعب؟ إن قرار الكابينيت عدم مناقشة مسألة اليوم التالي، يحول الحرب إلى نزاع عسكري من دون بوصلة سياسية. لا يمكن لنا في هذه الحالة أن نعرف النصر الذي يتم صياغته دائماً بمصطلحات سياسية، والخطر الأكبر الذي يهددنا هو أن هذه الحرب تتحول إلى هدف بحد ذاتها. لحظة دخول بيني غانتس وغادي أيزنكوت إلى الكابينيت، ومن الواضح أن انسحابهما منه سيؤدي إلى تقويض الائتلاف الحكومي، باتت الاعتبارات سياسية داخلية. من دون صياغة الهدف السياسي بصورة قاطعة، لن نتمكن من ترسيم استراتيجية خروج من الحرب، ونحن نسير، بحدقات مفتوحة، نحو الغرق في رمال غزة”.
أيالون: انتصرنا في آذار 2002. ففي مؤتمر جامعة الدول العربية، استسلمت الدول العربية ورفعت الراية البيضاء، وتراجعت عن “اللاءات الثلاث”.
وهل تعتقد أن هذه هي المشكلة الكبرى بالنسبة لـ "إسرائيل"؟
“نعم. في مجمل الخلافات، هذه هي المشكلة الأساسية. فإذا لم نقرر إلى أين سنذهب معاً، وما هي القيم التي توحدنا، فنحن نواجه خطر الاستمرار في القتال إلى الأبد، لا لشيء، إلا لأن الحروب مع الآخرين هي المراحل التي نستريح فيها من قتال بعضنا البعض. إن مقولة “معاً سننتصر” الشعار الذي ترفعه "إسرائيل" في الحرب، هي مقولة صحيحة، لكنها صحيحة في وقت الحرب فقط، عندما يفرض علينا الأعداء من الخارج وحدة وطنية لم نكن نحن الذين اخترناها. إن وحدتنا هذه فارغة من مضمونها، إذا ما كانت سبيلا لهروبنا من النقاش الحقيقي الذي نرفض إجراءه، أو لا نستطيع الخوض فيه، ربما لأن هول الخلافات قد يدفع بنا نحو الحرب الأهلية”.
هل كنّا قريبين من الحرب الأهلية بعد اغتيال رابين؟
يقول أيالون: “لم يُقتل رابين إلا لهذا السبب. بسبب إجابته عن السؤال الكبير المتمثل في من نحن، ولماذا نحن هنا؟ لقد قُتل رابين لأن حاخامات أصدروا ضده حكماً شرعياً يقضي بمطاردته، وعلى هذه الخلفية، كان هناك مَن رأى في نفسه ممثلاً للشعب، فنفّذ جريمة القتل. لم أدرك، إلا بعد أن دخلت إلى جهاز الشاباك (تم تعيين أيالون رئيساً لجهاز الشاباك بعد اغتيال رابين) الفرق الشاسع والشرخ القائم منذ ذلك الحين ومدى التغير في عمقهما”.
وهذه الأزمة وصلت إلى قمتها خلال السنة الماضية مع الانقلاب على النظام؟
“بدافع الغطرسة، قررت حكومة اليمين، قبل نحو عام، أنه يجب تغيير طبيعة النظام. إلى جانب مئات الآلاف الذين خرجوا إلى الشوارع احتجاجاً، قال جنرالات هيئة الأركان ورؤساء المؤسسة الأمنية لرئيس الحكومة وأعضاء الكابينيت، إنه يوجد تهديد قائم متعدد الجبهات، وأن الخطوة التي تقوم بها الحكومة تعرّض أمن "إسرائيل" للخطر. لقد قام وزير الدفاع في خطابه أمام الأمة بتعريف مخاطر الحرب بأنها “واضحة وفورية”، ولذلك، تم فصله فوراً. لقد رفض رئيس الحكومة والوزراء الاستماع إلى الأمر، وأوضحوا أن التحذيرات الصادرة عن الجيش هي بدافع سياسي داخلي، وهكذا، وجدنا أنفسنا متورطين في الحرب الراهنة”.
أيالون: من دون صياغة الهدف السياسي بصورة قاطعة، لن نتمكن من ترسيم استراتيجية خروج من الحرب، ونحن نسير، بحدقات مفتوحة، نحو الغرق في رمال غزة
هل تقول إن نتيجة ذلك كانت أحداث السابع من أكتوبر؟
يقول: “نعم، فالانهيار كان على عدة مستويات من النظريات الخاطئة. أولاً، كان هناك النظرية السياسية، التي بدأت في انهيار المفاوضات في كامب دايفيد مع عرفات، والتي أفادت بأنه لا يوجد في الطرف الآخر مَن نتفاوض معه، إلى جانب تصريحات إيهود باراك”.
هل تعتقد أن هناك مَن نتحدث معه في الطرف الآخر؟
“اعترفت السلطة الفلسطينية (بدولة إسرائيل) في حدود سنة 1967، ووافقت على تبادل الأراضي. كما وافقت على مناقشة حق العودة مع "إسرائيل" في إطار المفاوضات. نحن بحاجة إلى التحدث إلى أي شخص مستعد للتفاوض معنا على أساس هذه المبادئ. كان آخر مَن حاول الدفع في اتجاه خطوة لتسوية النزاع، هو أريئيل شارون، الذي قرر الانسحاب من غزة وشمال الضفة؛ لأنه أدرك أن المجتمع الإسرائيلي يضيع من بين يديه. وأيضا إيهود أولمرت. منذ عودة نتنياهو إلى ديوان رئيس الوزراء، قام بتصميم سياسات إدارة النزاع من خلال الإضعاف المقصود للسلطة الفلسطينية وتعزيز حماس، لكي يتلافى التفاوض مع السلطة بشأن تسوية سياسية”.
هل يمارس نتنياهو أيضاً سياسة فرّق تسُد؟
يؤكد أيالون: “فعلاً. لقد أخطأ نتنياهو في اعتقاده أن هذه السياسة ستُكسبه وقتاً، ورفض رؤية التهديد الكامن في حماس. لقد قال قادة الشاباك لنتنياهو: أنت لا تعرف حماس، وطالبوه بالعمل على إضعافها عسكرياً. إن الجمود السياسي يجعل حماس، في نظر الفلسطينيين، الوحيدة التي تناضل من أجل تحقيق التحرر الوطني. لقد استندت نظريتنا الخاطئة إلى الافتراض أن الفلسطينيين ليسوا شعباً، فإذا وفرنا لهم بحبوحة اقتصادية، فسيتخلون عن حلمهم بالاستقلال. في نهاية المطاف، يعرّف الفلسطينيون أنفسهم بأنهم شعب. إنهم مستعدون لأن يَقتلوا ويُقتلوا من أجل تحقيق استقلالهم، أمّا الإرهابيون الذين يُقتلون، فيتحولون إلى شهداء، في نظرهم”.
في نهاية المطاف، يعرّف الفلسطينيون أنفسهم بأنهم شعب. إنهم مستعدون لأن يَقتلوا ويُقتلوا من أجل تحقيق استقلالهم.
ما هي النظريات الخاطئة الأخرى؟
يوضح أيالون: “هناك النظرية الاستخباراتية، التي قدّرت أن حماس ارتدعت بعد حملة “حارس الأسوار” في أيار/ مايو 2021. نحن نقيس الخطورة بعدد ناشطي حماس الذين قتلناهم، والبنى التحتية والسلاح، أو الأنفاق التي دمرناها. بينما يقيس الفلسطينيون الأمر من ناحية المضمون: بالنسبة إلى هؤلاء، المقياس هو حجم التأييد الذي يحصلون عليه في أوساط الشعب. بعد كل جولة من العنف، يتضاعف تأييد حماس لأنها هي التي تحارب الاحتلال، أمّا السلطة الفلسطينية، التي لا تنخرط في العنف، فيُنظر إليها على أنها عميلة لـ "إسرائيل".
القدس العربي
إقرأ أيضاً : السنوار إلى مصر .. ونتنياهو في "صفقة سرية جديدة": هل سيغامر الاحتلال بملف الأسرى؟إقرأ أيضاً : صحافي "إسرائيلي": "لا تهمني إبادتهم أو تحويل قطاع غزة إلى كومة خراب"إقرأ أيضاً : نائب رئيس كنيست الاحتلال يجدد دعوته لحرق غزة بأهلها
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: رئيس قيادة لبنان لبنان اليوم تونس أحمد العالم سياسة تركيا اليوم الحكومة الحكومة أمن الدفاع رئيس الحكومة غزة رئيس سياسة العالم قيادة مصر الصين إيران لبنان السعودية تركيا تونس سياسة اليوم الحكومة أمن بايدن الدفاع غزة الاحتلال أحمد الشعب محمد رئيس الوزراء أن الفلسطینیین الدول العربیة من أجل تحقیق صورة انتصار هذه الحرب فی نهایة کان هناک فی الحرب هناک م ن
إقرأ أيضاً:
من هو رائد سعد الذي اغتالته إسرائيل بعد 35 عاما من المطاردة؟
غزة- أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء اليوم السبت اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، باستهداف سيارة مدنية على الطريق الساحلي جنوب غرب مدينة غزة.
وزعم الاحتلال أن اغتيال سعد جاء ردا على خرق لاتفاق وقف إطلاق النار، بتفجير عبوة ناسفة في وقت سابق بقوة من الجيش الإسرائيلي داخل غزة، لكن القناة الـ 12 العبرية قالت إنه "تم استغلال الظروف المواتية لاغتياله دون أي علاقة بأي انتهاك للتهدئة".
وأطلق الجيش الإسرائيلي على عملية اغتيال سعد اسم "وجبة سريعة"، حيث سنحت له الفرصة لاغتيال الرجل الثاني حاليا في الجناح العسكري لحركة حماس، بعد القيادي عز الدين الحداد الذي يقود كتائب القسام.
وباغتيال رائد سعد تكون إسرائيل قد نجحت في الوصول إليه بعد أكثر من 35 عاما من المطاردة، تعرض خلالها للكثير من محاولات الاغتيال.
مسيرة قيادية
ولد رائد حسين سعد في الخامس عشر من أغسطس/آب عام 1972 في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، والتحق مبكرا بصفوف حركة حماس، وبدأ الاحتلال يطارده في بداية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987.وعتقلته قوات الاحتلال أكثر من مرة.
حصل على درجة البكالوريوس في الشريعة من الجامعة الإسلامية أثناء وجوده في السجن عام 1993، حيث كان نشطا حينها في الكتلة الإسلامية الذراع الطلابي لحركة حماس، وحصل سعد على شهادة الماجستير في الشريعة من الجامعة نفسها عام 2008.
وبحسب المعلومات الخاصة التي حصلت عليها الجزيرة نت، التحق سعد بالعمل العسكري مبكرا، وعمل مع قدامى المطاردين من كتائب القسام أمثال سعد العرابيد، ويعتبر من أواخر جيل المطاردين في مرحلة انتفاضة الأقصى التي اندلعت عام 2000.
وتولى سعد منصب لواء غزة الشمالي في كتائب القسام عام 2007، وكان ممن أشرفوا على تأسيس وتأهيل القوة البحرية للكتائب في غزة.
إعلانوفي عام 2015 ترأس ركن العمليات، وكان عضوا ضمن مجلس عسكري مصغر مكون من قيادة كتائب القسام في قطاع غزة، إلى جانب القياديين محمد الضيف ومروان عيسى، وذلك في الفترة الواقعة بين عامي 2012 و 2021.
كيف تناول الإعلام الإسرائيلي عملية اغتيال رائد سعد في غزة؟.. التفاصيل مع مراسلة #الجزيرة فاطمة خمايسي#الأخبار pic.twitter.com/gLL2nMKLsc
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 13, 2025
تقول إسرائيل إن سعد كان مسؤولًا عن الخطط العملياتية للحرب، حيث أشرف على خطوتين استراتيجيتين شكّلتا أساس الاستعداد التنفيذي لعملية طوفان الأقصى: الأولى إنشاء كتائب النخبة، والثانية إعداد خطة "سور أريحا"، الهادفة إلى حسم المعركة ضد فرقة غزة في الجيش الإسرائيلي.
وزعم الاحتلال -خلال الحرب الأخيرة على غزة- اعتقاله أثناء اقتحام مجمع الشفاء الطبي في مارس/آذار 2024، ونشر صورته حينها ضمن مجموعة ممن تم اعتقالهم، قبل أن يعترف بأنها وردت بالخطأ مما يشير إلى ضعف المعلومات الاستخبارية المتوفرة عنه لدى الاحتلال الإسرائيلي.
وتعرض سعد أيضا خلال الحرب لعدة محاولات اغتيال، كان أبرزها في شهر مايو/ أيار عام 2024، بقصف منطقة سكنية بمخيم الشاطئ، وعرض الجيش الإسرائيلي مكافأة مالية قيمتها 800 ألف دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي للوصول إليه بعد فشل اغتياله.
ونقلت إذاعة الجيش أن إسرائيل بحثت عن رائد سعد لفترة طويلة جدا، وسعت إلى اغتياله مرتان في الأسبوعين الماضيين، لكن الفرصة لم تكتمل، وبمجرد أن تم التعرف عليه مساء السبت وهو يستقل مركبة برفقة حراسه الشخصيين، نفذت الغارة على الفور.
واقع أمني جديدوأمام اغتيال إسرائيل الشخصية العسكرية الأبرز في المقاومة الفلسطينية منذ سريان اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعتقد الباحث في الشأن الأمني رامي أبو زبيدة أن "الاحتلال لا يتعامل مع التهدئة في قطاع غزة بوصفها حالة توقف عن الحرب، بل كمرحلة عملياتية مختلفة تُدار فيها المعركة بأدوات أقل ضجيجا وأكثر دقة".
وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن الاغتيالات والاستهدافات الانتقائية التي نُفذت مؤخرا تكشف بوضوح أن الحرب لم تنتهِ، بل أُعيد تدويرها ضمن نمط جديد يقوم على الضرب المتقطع، وإدارة الصراع بدل حسمه.
ولفت إلى أن الاحتلال يحرص على اختلاق مبررات ميدانية لتسويق عدوانه باعتباره ردا دفاعيا، "غير أن هذا الخطاب لا يخرج عن كونه محاولة مكشوفة لإعادة تعريف مفهوم الخرق نفسه، بحيث يصبح أي حادث أمني أو اشتباك محدود أو اختلاق أحداث غير موجودة -في عمق سيطرته داخل الخط الأصفر- ذريعة كافية لتنفيذ عملية اغتيال".
ويرى أبو زبيدة أن الاحتلال يسعى لفرض معادلة جديدة قوامها "أن التهدئة لا تعني الأمان"، وأنه يحتفظ بحق الضرب متى شاء، ويسعى من خلال هذا السلوك إلى فرض قواعد اشتباك أحادية الجانب، تمنحه حرية العمل الجوي والاستخباراتي داخل القطاع دون التزامات سياسية أو قانونية.
وأشار إلى أن الضربات المحدودة لا تهدف فقط إلى إيقاع خسائر مباشرة، بل إلى الحفاظ على زمام المبادرة، ومنع المقاومة من الانتقال من مرحلة الصمود إلى مرحلة التعافي وإعادة التنظيم، وإبقاء البنية التنظيمية للمقاومة في حالة استنزاف دائم.
إعلانوفي البعد الأمني لفت أبو زبيدة إلى أن كثافة العمل الاستخباراتي تشير إلى أن الاحتلال يستغل فترة الهدوء لتحديث بنك أهدافه استعدادًا لجولات قادمة، وهو ما يفسر عدم تسريح وحدات سلاح الجو والطيران المسيّر، واستمرار عمل شعبة الاستخبارات العسكرية بكامل طاقتها.
ويعتقد الباحث في الشأن الأمني أن "السيناريو الأخطر يكمن في تطبيع هذا النمط من الاستباحة، بحيث تتحول الضربات الخاطفة إلى حالة دائمة، تُنفّذ على مدار الوقت، وإن كانت أقل كثافة من الحرب الشاملة، وهذا يعني عمليًا تكريس واقع أمني جديد في قطاع غزة، تُنتهك فيه التهدئة بشكل مستمر، ويُفتح الباب أمام نزيف دم متواصل بلا سقف زمني أو ضمانات حقيقية".