بين اليهود أنفسهم.. حرب مستعرة حول الرواية الإسرائيلية في ويكيبيديا
تاريخ النشر: 11th, January 2024 GMT
القدس المحتلة- تشهد أرشيفات موسوعة ويكيبيديا حرباً مستعرة بين الإسرائيليين أنفسهم حول الروايات والآراء والمواقف الداخلية المتعلقة بالعدوان على قطاع غزة بعد معركة "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعكس حرب الروايات والسردية بين الإسرائيليين التي تجري في "ويكيبيديا" حجم الخلافات الداخلية وعمق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي، الذي ترسخ لاعتبارات سياسية واجتماعية وطائفية ودينية وعقائدية، ويهدف لصياغة سردية قد تحدد إلى حد كبير ملامح الرواية بما سمي اليوم التالي للحرب.
وتجلت هذه الاعتبارات بين المعسكرات السياسية والدينية الإسرائيلية، من خلال التباين بوجهات النظر حيال الفشل والإخفاق بمنع الهجوم المفاجئ لفصائل المقاومة الفلسطينية، وسير الحرب، وارتباطها بملف المحتجزين بالأسر لدى المقاومة، وأداء القيادات السياسية والعسكرية، مع محاولات تحويل المسؤولية عن الفشل إلى اتجاهات وشخصيات أخرى.
حرب السرديةرصد تحقيق للموقع الإلكتروني العبري "شومريم" ملامح الحرب التي تتلخص بإقدام الإسرائيليين -ولاعتبارات سياسية وأيديولوجية- على تغيير وحذف مضامين أرشيف موسوعة "ويكيبيديا" الخاصة بكل ما يتعلق بدورهم في القتال بأحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والمسؤولية عن الفشل والإخفاق الاستخباراتي.
ولم تقتصر ملامح الصراع المحتدم على حذف وشطب المضامين، بل انتقلت إلى مرحلة التضليل وتشويه المعلومات، ونشر معلومات مغلوطة عن بعض القيادات والشخصيات، وحتى شطب معلومات يرى بها البعض أنها تسيء إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ولوحظ حذف معلومات حول دور قيادات أمنية سابقة في التصدي للهجوم المفاجئ على مستوطنات "غلاف غزة"، مثل ما قام به يائير غولان اللواء المتقاعد بالجيش الإسرائيلي الذي شغل منصب نائب رئيس هيئة الأركان، وكان من أوائل الذين وصلوا لمنطقة الغلاف ذلك اليوم.
وفي تحول يعكس الخلافات الداخلية بين الإسرائيليين بشأن قانون التجنيد وفرض الخدمة العسكرية على اليهود المتدينين "الحريديم" شُطبت عبارة "إخوة السلاح" وحُذفت معلومات تتعلق بالتعبئة المدنية والتطوع لإسناد قوات الاحتياط بالحرب، بينما تكررت المحاولات لتشويه رئيس هيئة الأركان السابق الوزير بيني غانتس، وكذلك كبار المسؤولين الحاليين والسابقين بالمؤسسة الأمنية.
إعادة الصياغةيقول الصحفي الاستقصائي ميلان تشيرني "لاحظ العديد من محرري ويكيبيديا -الأسابيع الأخيرة- أن محاولة جرت لحذف وشطب الأعمال التي قام بها الجنرال المتقاعد غولان يوم الهجوم، حيث توجه إلى منطقة الحفل الغنائي (نوفا) بعد أن تلقى نداءات استغاثة من الأهالي للمساعدة بإنقاذهم من المنطقة".
لكن مستخدمي ويكيبيديا "طلبوا حذف ذلك من السجل التاريخي" حسب ما يضيف تشيرني، زاعمين أن أفعال غولان -الذي كان عضواً بالكنيست عن حزب "ميرتس"- لم تكن غير عادية، وأنه لا قيمة لنشر مثل هذه التفاصيل عن ضابط احتياط من المفترض أن يفعل ذلك.
وأوضح تشيرني أن هناك من برر حذف ما قام به غولان، وتحرير المعلومات عن دوره في عمليات الإنقاذ بأن "أفعاله تستخدم للدعاية السياسية، وأن ذكرها في الموسوعة الإلكترونية جاء لاعتبارات غير موسوعية وغير قيمية".
وأظهر تقرير الموقع الإلكتروني أنه جرت محاولات مماثلة لإعادة كتابة وصياغة التاريخ بشكل انتقائي في مدخل "ويكيبيديا" بكل ما يتعلق في الحرب على غزة، والتي أسماها الجيش الإسرائيلي "حرب السيوف الحديدية".
وحسب الموقع، حاول المستخدمون الذين تعمدوا دخول الموسوعة وتصفحها عبر حسابات مزورة حذف المعلومات التي تشير إلى مساهمة حركة "إخوة السلاح" في المجهود الحربي، بما في ذلك التعبئة المدنية وغرف عمليات الطوارئ التي أنشأتها الحركة عندما اندلع القتال، معللين ذلك بأن مساهمتها ونشاطها في مساعدة المستوطنين لا يكاد يذكر مقارنة بالهيئات الأخرى.
وكجزء من الصراع، يقول تشيرني "اتهم مستخدمون نشطاء الحركة بالتهديد برفض الخدمة العسكرية ضمن قوات الاحتياط" وذلك ضمن الاحتجاجات التي شهدتها إسرائيل ضد التعديلات على الجهاز القضائي التي بادرت إليها حكومة نتنياهو.
معلومات سلبيةوبشأن المحتوى الإلكتروني في الموسوعة المتعلق بالوزير في مجلس الحرب بيني غانتس وخدمته العسكرية عندما كان رئيسا للأركان عام 2015، فإنه تعرض لمحاولات إعادة صياغة من قبل المستخدمين الذين أرادوا إدراج معلومات سلبية فيه.
ويقول الصحفي إن ذلك يتم "تحديداً أيام يتم الترويج فيها لشعار (معاً سننتصر) والتأكيد على أنه (لا نخوض في السياسة أثناء الحرب)".
ووفقاً للتقرير، فإن أحد المستخدمين حاول أن يضيف معلومات وادعاءات مفادها أن غانتس قام بتأخير عملية مشاة للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة عام 2015، من أجل منع الأضرار والمساس بحياة المدنيين الفلسطينيين، حتى على حساب المخاطرة بجنود فرقة غولاني، حسب زعمه.
ليس هذا فحسب، بل ادعى مستخدم آخر أنه "خلال عملية العصف المأكول (عملية الجرف الصامد، حسب التسمية الإسرائيلية) عام 2014، وعندما كان غانتس رئيساً للأركان، قدم تقييماً كاذباً للحكومة آنذاك برئاسة نتنياهو، في محاولة لمنع احتلال غزة" وكتب المستخدم أن "غانتس هو المسؤول عن الوضع في غزة الذي أدى إلى أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول".
يشير معد التقرير الصحفي إلى أنه "لا يتم إجراء تغييرات غالباً في صفحات ويكيبيديا التي تتناول حدثاً تاريخياً منذ 3 عقود مضت" ولكن بعد أن قارن نتنياهو عدد القتلى اليهود في 7 أكتوبر بـ"ضحايا أوسلو" فقد بدأ المستخدمون فجأة في دمج الادعاء بأن "اتفاقات أوسلو" سبب الفشل والإخفاق الذي تسبب بأحداث ما يسمونه "السبت الأسود" في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ورصد التقرير نشاطاً بارزاً لشخص يستخدم لقب "يعقوب" خصوصاً عندما يتعلق الأمر بإلقاء اللوم والمسؤولية بأحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول على شخصيات في المؤسسة الأمنية، وليس على نتنياهو، علما بأن "يعقوب" كان محررا نشطاً في ويكيبيديا العبرية لعدة سنوات.
وبحسب ما وثقه التقرير، فإن "يعقوب" قام مؤخراً بتحرير وإعادة صياغة معلومات ومضامين وصفت بـ "المسيئة والمشوهة" تتعلق برئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" رونين بار، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية "أمان" أهارون حاليفا، ووزير الأمن السابق موشيه يعالون، وكذلك أدخل تغييرات بمضامين متعلقة بضباط شاركوا في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
ويقول تشيرني إنه "كان من المهم ليعقوب أن يلاحظ في المعلومات عنهم أنهم دعموا خطة رئيس الوزراء السابق أرييل شارون لفك الارتباط عن قطاع غزة عام 2005″ لكنه في الوقت نفسه تجنب توجيه أي انتقاد لنتنياهو وحكومته، بل عارض التعديلات التي تحملهم مسؤولية الإخفاق بمنع أحداث "طوفان الأقصى".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول
إقرأ أيضاً:
ممنوع دخول اليهود (2)
في ظل الجرائم الحالية السافرة، التي يقوم بها العدو الصهيوني الآن، وحرب الإبادة والتجويع التي يقترفها في غزة، يعيش الصهاينة في عزلة تامة بين دول العالم؛ شرقه وغربه. وأصبحت دولتهم منبوذة من الجميع عدا بعض الأروقة السياسية الغربية البراغماتية، التي تدعمها، أو بعض العنصريين الذين يفتقدون أدنى درجات الإنسانية. بل يمكن القول: إن التيار السياسي في العالم بدأ يرضخ للرأي الشعبي العام، في الشوارع والميادين والجامعات الغربية في أمريكا وبريطانيا وغيرهما، الذي يشجب ويستنكر ويطالب بإيقاف هذه الجرائم التي يرتكبها الصهاينة في غزة. ليس لهذا الهياج الجنوني والرغبة في التدمير والقتل أي تفسير سوى أن هؤلاء الصهاينة يعيشون أقصى درجات الهلع والخوف، وإدراكهم أن مقاومة الفلسطينيين لهم ستستمر إلى ما لا نهاية، حتى مع وجود هذا التدمير والقتل في غزة، وأن الإحساس بالأمن في هذا المكان، الذي لا يبدو أنه يناسب وجوههم، قد ذهب إلى غير رجعة. ربما أدركوا أن مكانهم وراء البحر وليس دونه. بل إن لعنة الجريمة التي اقترفوها تطاردهم وراء البحر أيضاً، وخير مثال على هذا الرفض العام لهم؛ ما حدث هذا الأسبوع لفنانين يهوديين؛ ألغيت عروضهما في مهرجان أدنبرة 2025 في اسكتلندا قبل إقامته بأسبوعين.
ربما تكون عبارة”ممنوع دخول اليهود” هي النصيحة الأفضل لأي تجمّع غربي أو مهرجان عام؛ فالسخط الشعبي على هذا الكيان الصهيوني يزداد يومًا بعد يوم، مع استمرار جيش العدو في الأرض العربية. الشيء الذي يبعث على الأمل في وجود بعض الإنسانية لدى بعض شعوب العالم الغربي؛ مثل اسكتلندا وإيرلندا، هو السبب في طرد هذين الصهيونيين الذي أعلنه مسؤولو المهرجان وهو أنهما- أي الممثلين- قد قدّما في عرض سابق لهما”وقفة تضامنية” لجنود الجيش الصهيوني. احتج الممثلان الصهيونيان على هذا الأمر، وقالا: إن عروضهما ليست سياسية، وإنما فقط سيقدّمان موضوعًا يتعلّق بالأمومة في نكهة ثقافية يهودية! كما تم إلغاء عرض آخر في مكان آخر من اسكتلندا لذات السبب أيضًا، وخوفًا من غضب الجمهور الذي لن يسمح بتواجد هذا الممثّل، الذي يدعم الكيان الصهيوني في حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي الشرق، تحديدًا في كوريا الجنوبية، اقتحم ناشطون كوريون مؤيدون لفلسطين مطعمًا كان يتناول فيه السفير الإسرائيلي في كوريا الجنوبية العشاء مع أفراد من عائلته، موجهين له تهمًا تتعلق بالإبادة الجماعية، وأنه- أي السفير- شريك في هذه الجريمة. تدخّل شرطي كوري وغادر المحتجون- الذين كان بعضهم يلبس الكوفية الفلسطينية- المكان دون أي اعتقالات.
لم تعد دعاوى مصطلح”معاداة السامية” التي تشدّق بها هذا السفير تجدي نفعًا في تحسين صورة هذا الكيان المنبوذ، وأصبح الإعلام أمام حقائق واضحة، وهي أن الفلسطينيين لن يتوقفوا في مقاومة هذا الكيان السرطاني، الذي أرسلته أوروبا إلى الأرض العربية؛ رغم أنه لا علاقة له بالأرض، أو الناس الذين يسكنون بها.
khaledalawadh @