«شتاء غزة».. معاناة إضافية لأهالي القطاع المنكوب
تاريخ النشر: 12th, January 2024 GMT
أحمد عاطف (غزة، القاهرة)
أخبار ذات صلةبين القصف وقذائف الطائرات والمدافع، وأصوات الرصاص التي تدوي بلا توقف، جاءت الأمطار الغزيرة لتمثل معاناة إضافية كبيرة لسكان قطاع غزة من النازحين واللاجئين ممن حاصرتهم الظروف الصعبة من كل اتجاه مع دخول فصل الشتاء بطقسه القاسي، لتزيد مأساتهم الحياتية وسط التصعيد المستمر في ظل انهيار المنظومة الصحية ووجود عشرات الآلاف من الجرحى والمرضى، ما يهدد بانتشار الأمراض المعدية والأوبئة.
ورغم التسابق الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف عن كاهل الأهالي، إلا أن الشتاء هذا العام جاء قاسياً على سكان القطاع ممن هدمت منازلهم، ويقيمون في خيام غير كافية لتقيهم البرد القارس والأمطار الغزيرة، وسط توقعات بعدم قدرتهم على الصمود أمام ظواهر الطقس الشديدة.
وقال خبراء ومسؤولون فلسطينيون من قطاع غزة لـ«الاتحاد»: إن درجات الحرارة في الشتاء تصل إلى معدلات منخفضة جداً، وأن الأمر يتطلب توفير المزيد من وسائل التدفئة والحماية من البرد، والتي تعتمد بشكل أساسي على توفير الوقود، مطالبين بضرورة التكاتف الدولي لدعم أهالي القطاع وظروفهم الصعبة مع التوقعات بانتشار أوبئة وأمراض معدية بين السكان.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، أن «فصل الشتاء كعادته صعب لما به من أمطار وعواصف وصقيع، وفي غزة الأمر أكثر صعوبة مع ظروف الحرب وتدمير المنازل وخروج مستشفيات القطاع من الخدمة».
وأضاف الرقب في تصريح لـ«الاتحاد» أن الوضع في غزة «مؤسف»، فالأمطار غمرت الخيام وجعلتها غير صالحة للإقامة، مع نقص الملابس حيث فقد سكان القطاع كل ما يملكون من أمتعة خلال الحرب، مشيراً إلى ضرورة توفير مراتب ووسائل تدفئة وأغطية ليتمكن السكان وخاصة الأطفال وكبار السن من الصمود في مواجهة الأوضاع الصعبة.
وتزايدت مخاوف الأمم المتحدة مؤخراً من انتشار الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن تزامناً مع نقص المياه النظيفة الصالحة للشرب والظروف غير الصحية.
وذكرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» أن الأزمة في القطاع تتفاقم والسكان في الشوارع وبحاجة لكل شيء.
بدوره، أكد مفوض الإعلام الفلسطيني بساحة غزة، الدكتور أحمد حسني، أنه منذ بداية الحرب في غزة سارعت دولة الإمارات لتقديم المساعدات المتنوعة لسكان القطاع وسيرت جسراً جوياً عبر عملية «الفارس الشهم 3»، قدمت من خلاله المواد الغذائية والطبية والصحية والخيام وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها الفلسطينيون في ظل حالة نزوح كبيرة إلى جنوب غزة في ظل البرد القارس.
وقال حسني في تصريح لـ«الاتحاد»: إن سكان غزة يعانون من كافة الاتجاهات، بسبب التصعيد العسكري وانتشار الجوع والمرض والبرد القارس، مطالباً بضرورة تكاتف المؤسسات الدولية لإنقاذ أهالي القطاع من كارثة محققة في هذه الظروف الصعبة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة فلسطين الشتاء
إقرأ أيضاً:
غزة بين أنياب الحرب| ماذا يحدث بين ترامب ونتنياهو؟.. خبراء يجيبون
بينما يحبس العالم أنفاسه، تتصاعد العمليات البرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة بشكل غير مسبوق، في ظل تصعيد عسكري متزامن مع صراع سياسي خفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تقسيم القطاع إلى ثلاث مناطقوعلى وقع هذا الزحف العسكري المتسارع شمالا وجنوبا، بدأت تتضح ملامح مشروع لتقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق معزولة، في محاولة لتحويله إلى جغرافيا مفككة يسهل التحكم بها لاحقا على المستويين الأمني والسياسي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه لا يوجد أي خلاف حقيقي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكل ما يتم ترويجه في هذا السياق ليس سوى خداع إعلامي ممنهج، يهدف إلى تمرير مخططات التهجير والقتل بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن في الواقع، الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة القادرة فعليا على ممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ ما تريده، أما الحديث عن مواقف دولية أخرى مؤثرة فهو مجرد وهم، ومن هنا فإن الادعاء بوجود خلاف بين واشنطن وتل أبيب ليس إلا محاولة لتضليل الشعوب الفلسطينية والعربية.
وأشار الرقب، إلى أنه حتى في ما يتعلق بملف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لا يوجد اختلاف في الموقف بين ترامب ونتنياهو، فكلاهما يسهم في تضليل الرأي العام العالمي بشأن حقيقة الأوضاع، ويعيش قطاع غزة حالة مجاعة حقيقية، والناس يموتون يوميا نتيجة نقص الغذاء والدواء والظروف الإنسانية القاسية.
وأطلقت إسرائيل عمليتها البرية تحت اسم "عربات جدعون"، وبدأت باجتياح شمالي نحو جباليا، بالتوازي مع توغلات عسكرية في محيط رفح جنوبا.
ووفقا لمصادر إسرائيلية، فإن الخطة تقوم على تقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق منفصلة، مفصولة بممرات أمنية خاضعة لرقابة عسكرية مشددة.
ويرى المحلل الميداني محمود عليان ، أن هذه العملية "ليست حملة ردع كما تدعي إسرائيل، بل مشروع تفكيك جغرافي وسياسي"، مشيرا إلى مساع إسرائيلية لعزل شمال غزة عن الوسط والجنوب، وخلق واقع ميداني جديد يمكن إسرائيل من المشاركة في إعادة صياغة مستقبل القطاع.
تصعيد ميداني وظلال سياسيةفي جنوب القطاع، وتحديدا في منطقة رفح المحاذية للحدود المصرية، تتزايد وتيرة القصف والتهجير وهدم المنازل، مما يعكس صورة أكثر قتامة للوضع الإنساني.
وتتزامن هذه العمليات مع مؤشرات على تصعيد محتمل يمتد تأثيره إلى القاهرة، في ظل اقتراب القوات الإسرائيلية من معبر رفح، وهو ما يثير قلقا مصريا متناميا بشأن أمنها الحدودي.
ووصف الصحفي نضال كناعنة من سكاي نيوز عربية، العملية البرية بأنها "حملة سياسية ميدانية تهدف إلى تعزيز أوراق التفاوض"، موضحا أن إسرائيل تستخدم القوة العسكرية كأداة ضغط لفرض شروطها في المفاوضات المستقبلية، سواء فيما يتعلق بالأسرى، أو بمصير حركة حماس، أو بترتيبات ما بعد الحرب.
غزة تحت الإبادةفي تناقض واضح مع الرواية الإسرائيلية الرسمية التي تؤكد أن الهدف هو تحرير الأسرى ومحاربة "حماس"، يرى كثيرون أن الواقع الميداني يعكس عملية تطهير منهجية وإعادة تشكيل ديموغرافي محتمل.
من جانبه، اعتبر إبراهيم المدهون، مدير مؤسسة "فيميد" الإعلامية، أن ما يحدث في القطاع هو "إبادة ممنهجة، لا مجرد حملة عسكرية".
وقال في تصريحات له: "إسرائيل تسعى إلى تفريغ غزة من سكانها، وتدمير نسيجها المجتمعي، مستفيدة من تواطؤ دولي وصمت عربي".
وأشار المدهون إلى أن هذه الحرب لم تعد موجهة ضد حماس فقط، بل باتت تستهدف الوجود الفلسطيني برمته، في إطار رؤية تتبناها حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة تؤمن بأن الحل لا يمر عبر التسويات، بل من خلال القوة الشاملة.
توتر خفي بين نتنياهو وترامبورغم التوقعات بتنسيق وثيق بين نتنياهو وترامب، خاصة بعد عودة الأخير إلى البيت الأبيض، إلا أن مؤشرات التوتر بدأت تظهر سريعا.
ففي حين تسعى واشنطن إلى استعادة التهدئة وتفعيل آلية دولية لإعادة إعمار غزة، يصر نتنياهو على استمرار التصعيد، غير مكترث بالضغوط الأميركية.
ويرى المدهون أن ما يحدث قد يكون بداية "تمرد دبلوماسي" من جانب نتنياهو، الذي "يسعى إلى فرض أمر واقع على الأرض، حتى لو أدى ذلك إلى خلاف مع واشنطن"، في محاولة لكسب تأييد اليمين الإسرائيلي الذي يرفض التهدئة أو التفاوض.
والجدير بالذكر، أنه مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية واقترابها من معبر رفح، تزداد المخاوف في القاهرة من تداعيات أمنية قد تدفعها إلى إعادة النظر في دورها كوسيط، وربما اتخاذ خطوات ميدانية لحماية حدودها.
في المقابل، تتصاعد الأصوات الأوروبية المطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية، وسط تخوف من موجات لجوء جديدة وانهيار البنية الإنسانية في قطاع غزة، في ظل تعثر فتح المعابر وتراجع قدرة المؤسسات الإغاثية على التدخل.