إبراهيم الخازن / الأناضول ترتبط أنقرة والرياض بعلاقات تاريخية واستراتيجية تشهد نموا وتطورا في عهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان. وتوفر زيارة الرئيس أردوغان إلى المملكة الإثنين 17 يوليو/ تموز الجاري ضمن جولة خليجية تشمل قطر والإمارات دفعة جديدة لتعزيز وتعميق العلاقات التركية السعودية في المجالات كافة.
وترصد الأناضول في هذا الإطار أبرز محطات العلاقات بين البلدين، لا سيما على المستويين السياسي والاقتصادي: زيارات متبادلة منذ عقود يرتبط البلدان بتعاون وثيق على مستوى دعم قضايا الأمة وأخرى ثنائية في كافة المجالات وخاصة الاقتصادية، ومنذ زيارة الرئيس أردوغان التاريخية إلى المملكة في 28 أبريل/ نيسان 2022، بدأت تتنامي العلاقات في مختلف المجالات. وعلى المستوى السياسي، يرتبط البلدان بعلاقات “قائمة على روابط تاريخية وثقافية راسخة”، وفقا لوزارة الخارجية التركية على موقعها الإلكتروني. ويعود تاريخ العلاقات الدبلوماسية بين أنقرة والرياض إلى عام 1929، بعد عام من توقيع اتفاقية الصداقة والتعاون بينهما، بحسب تقرير لوكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس). الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين أرست ودعمت قواعد العلاقة ودعمتها في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية كافة، وفقا للوكالة. وذكرت “واس” أن الزيارات المتبادلة بين القيادتين “سجلت دليلا ساطعا على قوة العلاقات ومتانة وشائجها منذ زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز لمدينة إسطنبول التركية عام 1966”. كما أثمرت زيارة الملك الراحل عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود إلى تركيا في أغسطس/ آب 2006، التوقيع على 6 اتفاقيات ثنائية في مجالات عديدة. وشهدت العلاقات التركية السعودية نقلة نوعية منذ أن تولي الرئيس أردوغان منصبه في 28 أغسطس/ آب 2014، والملك سلمان حكم المملكة في 23 يناير/ كانون الثاني 2015. وفي 2015 شهدت العلاقات ثلاث قمم، الأولى بالرياض في مارس/ آذار، والثانية على هامش زيارة الملك سلمان لمدينة أنطاليا التركية في نوفمبر/ تشرين الثاني، والأخيرة مع زيارة الرئيس أردوغان إلى المملكة في 29 ديسمبر/ كانون الأول من العام ذاته. وتُوجت قمتي العام الأول من حكم الملك سلمان باتفاق الدولتين على إنشاء مجلس للتعاون الاستراتيجي، خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى المملكة في 2015. وفي العام الثاني من حكم الملك سلمان بلغ التعاون المتنامي بين البلدين ذروة جديدة بتوقيعهما بإسطنبول في 14 أبريل/ نيسان 2016 محضر إنشاء مجلس التنسيق التركي السعودي، بحضور الملك سلمان والرئيس أردوغان. وعقد المجلس اجتماعه الأول في 8 فبراير/ شباط 2017 في العاصمة التركية أنقرة برئاسة وزيري خارجية البلدين. فيما شهد عام 2017 قمتين، الأولى خلال زيارة أردوغان إلى السعودية في فبراير والثانية في يوليو/ تموز، حين التقى الرئيس التركي مع الملك سلمان وولي عهده في مدينة جدة شرق المملكة. ومنذ يونيو/ حزيران 2017، كانت تركيا داعما رئيسا لعودة الوحدة الخليجية إثر خلافات بين قطر وكل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر انتهت باتفاق في القمة الخليجية بالمملكة في يناير/ كانون الثاني 2021. وأجرى ولي العهد السعودي أول زيارة رسمية لتركيا في 22 يونيو 2022، بعد أقل من شهرين من أول زيارة يجريها الرئيس أردوغان إلى السعودية منذ سنوات في 28 أبريل/ نيسان 2022. وأكد البيان الختامي لزيارة ولي العهد السعودي على “عمق العلاقات المتميزة بين البلدين”، والاتفاق على تفعيل الاتفاقيات الموقعة بينهما في مجالات التعاون الدفاعي وتعزيزه وتطويره. وخلال الزيارة، قالت “واس” إن “العلاقات الأخوية بين المملكة والجمهورية التركية تتسم بالتطور والنمو في جميع المجالات، نظرا للمكانة التي يتمتع بها البلدان الشقيقان على الأصعدة كافة”. ولتركيا والسعودية جهود مشتركة في مكافحة الإرهاب، حيث يشارك البلدان بالتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، كما أن أنقرة عضو بالتحالف العسكري الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي أعلنت الرياض عن تشكيله في ديسمبر/ كانون الأول 2015، ويضم 41 دولة. تعاون اقتصادي منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني في 1973، شهد التعاون بين البلدين في المجال الاقتصادي “تطورا ونموا مستمرا حتى وصل حجم التبادل التجاري بينهما في 2006 إلى نحو 3 مليارات دولار”، بحسب “واس”. وتشكَّلَت على ضوء تلك الاتفاقية اللجنة السعودية التركية المشتركة، لتُضاف إلى مجلس رجال الأعمال التركي السعودي، والذي أسهم منذ إنشائه في أكتوبر/ تشرين الأول 2003، في تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ومنذ ذلك الحين، شهدت العلاقات الاقتصادية، بحسب “واس”، “تطورا سريعا وملحوظا، إذ أصبحت المملكة شريكا اقتصاديا مهما لتركيا، ومن ضمن أكبر 8 شركاء تجاريين لها على مستوى العالم”. ونجحت بيئة الأعمال الجاذبة في المملكة باستقطاب 390 شركة تركية للاستثمار في قطاعات عديدة بالسعودية أهمها الانشاءات والصناعة التحويلية وتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم، فيما يبلغ عدد الشركات ذات رأس المال السعودي المستثمرة في تركيا 1140 شركة في قطاعات متنوعة. وخلال السنوات الثلاث الماضية، بلغت قيمة صادرات المملكة إلى تركيا 37.5 مليار ريال (نحو 9.9 مليارات دولار)، وكانت أهم السلع المصدرة اللدائن ومصنوعاتها ومنتجات كيماوية عضوية ورصاص ومصنوعاته ومطاط ومصنوعاته، بحسب “واس”. فيما بلغت قيمة واردات المملكة من تركيا، خلال السنوات الثلاث الماضية، 21.7 مليار ريال (حوالي 5.7 مليارات دولار)، وكانت أهم السلع المستوردة: السجاد والأرضيات والتبغ والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزائها والآلات والأثاث والمباني المصنعة. وقبل أيام، أفاد وزير التجارة التركي عمر بولاط بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 6.5 مليارات دولار في 2022، ووصل حتى النصف الأول من 2023 إلى 3.4 مليارات دولار، متحدثا عن هدف لرفعه إلى 10 مليارات دولار على المدى القصير و30 مليارا على المدى الطويل. وأعلن الصندوق السعودي للتنمية، في 6 مارس/آذار الماضي، توقيع اتفاقية لإيداع 5 مليارات دولار لدى البنك المركزي التركي، تنفيذا لتوجيهات الملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان. وقبيل زيارة الرئيس أردوغان إلى المملكة عُقد ملتقى الأعمال التركي السعودي في إسطنبول الأسبوع الماضي، وأسفر عن توقيع 16 اتفاقية تعاون بقيمة تتجاوز 2.3 مليار ريال (حوالي 613 مليون دولار) في مجالات استثمارية بينها التطوير العقاري والإنشاءات والاستشارات الهندسية.
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
ملیارات دولار
بین البلدین
الملک سلمان
المملکة فی
إقرأ أيضاً:
قائد قسد يكشف عن اتصال مباشر مع تركيا.. ماذا عن لقاء أردوغان؟
كشف قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، مظلوم عبدي، الجمعة، عن وجود اتصال مباشر بين تركيا وقواته، التي تسيطر على مساحات في شمال شرقي سوريا.
وقال قائد قسد"، التي تعتبرها تركيا امتدادا لحزب "العمال الكردستاني" في سوريا، إنه لا يعارض لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتأتي تصريحات عبدي بعد يوم واحد من توجه الرئيس التركي اتهامات إلى "قسد" بشأن المماطلة في تنفيذ الاتفاق الموقع مع الحكومة السورية، والذي ينص على دمجها بمؤسسات الدولة.
وقال أردوغان للصحفيين على متن الطائرة خلال عودته من أذربيجان، "كنا قد أعربنا سابقا عن ترحيبنا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه، لكننا نرى أن قوات سوريا الديمقراطية لا تزال تواصل أساليب المماطلة، ويتوجب عليها أن تتوقف عن ذلك".
وأضاف الرئيس التركي أن بلاده تتابع عن كثب تنفيذ القرارات المتخذة في هذا الصدد، مؤكدا أن الأساس هو تنفيذ التعهدات بما يتناسب مع الجدول الزمني المتفق عليه، حسب وكالة الأناضول.
وتعتبر تركيا قوات سوريا الديمقراطية، بما في ذلك وحدات حماية الشعب الكردية "YPG" التي تشكل عمودها الفقري، امتدادا لحزب "العمال الكردستاني" المدرج على قوائم الإرهاب لدى أنقرة.
وفي 10 آذار /مارس الماضي، وقع الرئيس السوري أحمد الشرع مع قائد قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مظلوم عبدي، اتفاقا ينص على دمج مؤسسات الأخيرة المدنية والعسكرية في الدولة
السورية الجديدة.
وجاء الاتفاق الذي وصف بالتاريخي في إطار مساعي الحكومة السورية الجديدة بقيادة الشرع لحل كافة الفصائل المسلحة وبسط سيطرتها على كافة التراب الوطني.
ونص الاتفاق المكون من 8 بنود على "ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية".
كما نص على "دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز".
إلا أن الاتفاق الذي حدد له مدة عام لتنفيذه بشكل كامل يواجه العديد من التحديات، التي طفت إلى السطح بعد مؤتمر الحوار الكردي الذي عقد في نيسان /أبريل الماضي في مدينة القامشلي، داعيا إلى "اللا مركزية".
ودفعت مخرجات المؤتمر، الرئاسة السورية إلى تحذير قوات سوريا الديمقراطية "قسد" من السعي إلى تكريس الانفصال، أو الحكم الذاتي.
وشددت على رفض دمشق "بشكل واضح أي محاولات لفرض واقع تقسيمي أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية دون توافق وطني شامل".