فقر السعادة أخطر من فقر الاقتصاد، وعندما تصبح السعادة مثل الفاكهة المحرمة فنحن أمام خطر قومى.. ليس بالضرورة أن تكون غنيًا لكى تكون سعيدا، ولكن حين تنتقل الاحتياجات الفردية من حالة الخصوصية إلى فضاء العمومية فالأمر هنا ينذر بالخطر لأن المشكلة تصبح خطرا قوميا وليست همًا شخصيًا.. الكتابة فى هذا الموضوع ليست ترفًا شخصيًا ولا «فذلكة مثقفين» ولكن عندما لا يكون فى مقدور الملايين منا إلا النكش تحت تراب الأمانى فهنا تكون المهمة قومية مادام الجرح انتقل من دواخل النفوس إلى أرصفة الشوارع.
مسألة الامتلاك انسحبت على الحياة الزوجية لمعظم المصريين الذين يقبلون على الزواج وهم فى عز الشباب بدافع ظاهره الحب وباطنه الامتلاك.. نهر الحب يفيض فى حياتنا وعاداتنا شهرًا أطلقنا عليه «شهر العسل»، وبعده تبدأ مواسم الجفاف، وتتشقق قلوبنا من العطش العاطفى والإنسانى لأن معظمنا ببساطة كان مدفوعًا للزواج ليس عشقًا وإنما قفز اضطراري من مراكب الحرمان أملا فى سباحة تطول ببحار العسل.. المفاجأة – وهى ليست بالمفاجأة – أن القفزة لم تكن فى بحر العسل وإنما فى حمام سباحة جاف، والنتيجة ارتطام بأرضية الحمام والإصابة بحالة دوران وتوهان مزمنة بقية العمر.
كنا نشم ريحة الدنيا الحلوة بالمشى فى الشوارع والتنزه بالحدائق – وفى سنوات الجفاف العاطفى، من يريد مكانا هادئا وإنسانيا فاليكن قادرا على شراء فيللا فى كومباوند ولو كان متوسط الدخل، فليشترى شقة مليونية.. نعم مليونية! ويعيش على مقاس فقره.. كنا نصيف فى رأس البر وجمصة وبلطيم، وكان كِريمة القوم يقطنون بالشاليهات أم سقف خشب وجريد على البحر مباشرة.. عام 1971 وأنا ابن فلاح فصيح من بحرى وابن الـ 15 سنة كنت فى بلطيم مع شقيقى، وكانت الرحلة بالنسبة لى نقلة حضارية فلأول مرة أنتقل من العوم فى الترعة للسباحة بالبحر الكبير- والأهم أنه كان بالقرب منا وعلى بعد خمسين مترًا شاليه «يستأجره» الدكتور حافظ بدوى رئيس مجلس الأمة وأسرته – النواب الآن – وبجواره شاليه «تستأجره» الفنانة كريمة مختار وأسرتها رحمها الله.. النهاردة لم يتبق لجموع المصريين إلا أن يصطافوا على شواطئ الأحلام والأمانى لأن الساحل الشمالى كامل العدد ومحجوز لألف سنة مما تعدون.. الحكاية أن الأمن القومى لأى بلد ليس أرقامًا اقتصادية، وحدودًا آمنة فقط، ولكنه بالأساس حالة رضا وأمان وإقبال على الحياة، لا هروبًا منها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كامل عبدالفتاح
إقرأ أيضاً:
مشروع "لها ومعها" من الخوف للقوة قصة تلخص رحلة آلاف النساء في مواجهة العنف
اختتمت "نهوض وتنمية المرأة" مشروع "لها ومعها" وسط إشادة واسعة من الشخصيات العامة والشركاء
السفارة البريطانية بالقاهرة تعلن استمرار شراكتها مع جمعية نهوض وتنمية المرأة في مواجهة العنف ضد المرأة
"أنا شخصيتي اتغيرت بعد جلسات مشروع لها ومعها… بقى عندي جرأة وكرامة. بيتي بقى هادي بعد ما جوزي بطل يضربني… ولادي بقوا يحترموا بعض واتعلمت إن البنت زي الولد… حميت بنتي من أضرار الختان… حافظت على صحتها ومجوزتهاش بدري… بقيت أمشي في الشارع من غير خوف… اتعلمت أقول لأ وأواجه اللي يتحرش بيا… بقيت قيادية في بيتي وجيراني… وخدت قرار الشغل بعد ما كان جوزي رافضه".
بهذه الكلمات المؤثرة افتتحت نور الهدى، إحدى المستفيدات من مشروع لها ومعها، المؤتمر الختامي للمشروع الذي نظمته جمعية نهوض وتنمية المرأة بالشراكة مع السفارة البريطانية بالقاهرة، بحضور ممثلين من المؤسسات الدولية والسفارات والمجالس القومية والجمعيات الأهلية ولفيف من الشخصيات العامة والإعلاميين.
و أشاد الحضور بتجارب المستفيدات، مؤكدين أن ما تحقق يعكس أثرًا حقيقيًا وملموسًا في حياة الأسر والمجتمعات، ويبرهن على أهمية استمرار هذه البرامج في دعم النساء والفتيات الأكثر احتياجًا.
ما الذي حاول «لها ومعها» تغييره؟
وقالت الدكتورة إيمان بيبرس، رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة، إن مشروع «لها ومعها» ركز على توعية السيدات والفتيات بحقوقهن، وتقديم دعم نفسي لهنّ، وإشراك الرجال، مشيرة إلى أن كثيرًا من مستفيدات المشروع أصبحن قيادات طبيعية ينقلن ما تعلمنه لغيرهن داخل مجتمعاتهن، بما يضمن استمرار أثر المشروع.
الأرقام… ترجمة حقيقية للأثر
وخلال المؤتمر، أعلنت "بيبرس" نجاح المشروع في الوصول إلى 2،538 مستفيد/ة بشكل مباشر، و17،766 مستفيد/ة بشكل غير مباشر، من خلال العمل مع 21 جمعية أهلية شريكة في 46 منطقة بثلاث محافظات: القاهرة والفيوم والأقصر.
وأكدت اعتزاز الجمعية بالشراكة مع السفارة البريطانية بالقاهرة، مشيرة إلى أن المشروع يُعد من التجارب المهمة، خاصة كونه أول تعاون للجمعية في محافظة الأقصر، بما ساهم في توسيع نطاق العمل في المناطق المهمشة.
"شراكة تتجاوز الإنجاز لاستمرار الدعم"
من جهتها، أكدت ريتشل جيل، السكرتيرة الأولى للتنمية بالسفارة البريطانية بالقاهرة، أن الجهود المبذولة في مشروع «لها ومعها» والوصول إلى عدد كبير من المستفيدات تخطى العدد المستهدف يمثل إنجازًا كبيرًا يستحق الدعم والاستمرار والتوسع، مشددةً على أن مناهضة العنف ضد المرأة تعد أولوية أساسية للسفارة البريطانية.
كما أوضحت حنين شاهين، مستشارة العنف القائم على النوع الاجتماعي ومديرة برنامج ISF بالسفارة البريطانية بالقاهرة، أن هذا ليس ختام لمشروع، بل هو انتهاء المرحلة الأولية منه، مشيرةً إلى أنه سيتم الاعتماد على جمعية نهوض وتنمية المرأة لاستكمال العمل في مواجهة العنف ضد المرأة.
ومن حانب آخر، أكد المؤتمر على أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد تقنية، بل أداة فاعلة لحماية المرأة، حيث تحدث الدكتور/ رؤوف رشدي، استشاري الصحة الإنجابية وباحث في مجال الذكاء الاصطناعي، عن أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمان للسيدات والفتيات، مشيرًا إلى اطلاقه لمبادرة تهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي في منع حوادث التحرش المرتبطة بوسائل النقل الذكي.
شهادات حية ومعرض في ختام مؤتمر «لها ومعها»
وشهد المؤتمر عدد من الشهادات الحية للمستفيدات، عكست التغيير الحقيقي الذي أحدثه المشروع في حياتهنّ وعلاقتهنّ مع أبنائهنّ وأزواجهنّ، إلى جانب تنظيم معرض لمنتجات المستفيدات، اللاتي تدربنّ عليها ضمن خدمات المشروع لتكون نواه لتمكينهنّ اقتصاديًا من خلال عمل مشروعات تدر عليهنّ وعلى أسرهن دخلًا.
وفي ختام المؤتمر، قدمت الدكتورة إيمان بيبرس درع جمعية نهوض وتنمية المرأة إلى السفارة البريطانية بالقاهرة، تقديرًا لشراكتها الفاعلة في مشروع "لها ومعها".
"نهوض وتنمية المرأة" IMG_4274 IMG_4276 IMG_4275 IMG_4277