لجريدة عمان:
2024-06-02@20:26:48 GMT

أسبوع ألماني مخزٍ

تاريخ النشر: 17th, January 2024 GMT

(1)

واحدة من أكثر العبارات التي ترددت منذ بداية العدوان على غزة هي «تبا لهراء الحضارة!» ما يُقصد من هذا القول هو استنكار التحويل المتعمّد وغير المتعمّد لأبسط البديهيات، إلى مسائل تبدو مُلتبسة ومعقدة تشوش، تحير، وتُشتت الانتباه. فمسائل لا تقبل النقاش مثل: السرقة شيء غير أخلاقي (لا سيما سرقة الأرض)، والقتل شيء غير أخلاقي (لا سيما قتل الأطفال)، تتحول إلى نقاشات حول ما إذا كان كيان ما يرتكب إبادة جماعية بالمعنى القانوني للكلمة، والذي حددته اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.

وتُصبح أعذارا من قبيل «إن ما يحدث أمر شنيع، ولكنه لا يقع ضمن اختصاصنا»، أو «هذا مؤسف لكن يصعب تحميل أحد المسؤولية قبل إجراء تحقيق عميق ومُستقل»، أقول إن أعذارا كهذه لا تُصبح مقبولة فحسب، بل ويُشاد بها، باعتبارها تمثيلا نموذجيا لضبط النفس. لا أقتبس هذا من مكان محدد، لكنها عبارات نعلم جميعا أنها تُكرر كل يوم، وستبقى تتكرر ما بقيت «الحضارة».

يخطر لنا كشعوب -تجهد في مقاومة البقايا الاستعمارية، ورصد الخطابات الفوقية- أن لغة التشويش هذه تُستخدم ضدنا فقط. وأننا وحدنا من يصعب عليه تعيين اللصوص إذا ما ارتدوا البدل الرسمية، والكعوب العالية. إلا أنك تكتشف مع الأيام أن هذه اللعبة من الإحكام بحيث إنها لا توفر أحدا، وأننا دون استثناء ضحاياها.

هُز الشارع الألماني إثر نشر كوريكتيف مقالا بعنوان «خطة سرية ضد ألمانيا» قبل أسبوع من كتابة هذا المقال. أدلى التحقيق الصحفي بتفاصيل خطة سرية لقوى اليمين المتطرف من أجل تهجير عكسي للملايين سواء من غير الألمان، أو من الألمان القادمين من خلفيات غير ألمانية. تورط في الاجتماع الذي أسفر عن الخطة أعضاء من حزب «البديل من أجل ألمانيا»، ما حفز الجمهور للنزول إلى الشارع مطالبين بحظر الحزب بدعوى تطرفه. علق رينه شبرنغر -عضو البديل في مجلس النواب- أن هذه ليست خطة سرية، وإنما هي وعد من أجل الحفاظ على الهوية، العدل، والأمان في أوروبا.

والآن لو نظرنا إلى دعوات التطهير العرقي هذه والساعية إلى تنقية سكان أوروبا من الإثنيات غير المرضي عنها، مُقابل دعوات المستشار الألماني أولاف شولتز مع بداية الحرب على غزة، والذي جاء كرد فعل لتضامن جزء من الألمان والمقيمين في ألمانيا مع القضية الفلسطينية. اللقاء جرى على النحو الآتي: سألت دير شبيغل شولتز بشكل مباشر حول واقع أن الكثيرين من المعادين لإسرائيل هم من ذوي الأصول العربية، وما إذا كان صنّاع السياسات قد تجاهلوا العداء المتأصل لإسرائيل في بعض الجماعات؟ وحين أتى رد المستشار بأنهم يبقون عينا يقظة، ردت الصحفية ليس بما يكفي كما يبدو، ثم استحثت تعليقه إن كان يُفترض بألمانيا أن تكون حريصة ممن يُسمح له بالقدوم، ومن يُسمح له بالذهاب، ليعترف أن عدد القادمين إلى ألمانيا أكثر مما يجب، وليقول لاحقا -الجملة التي صارت عنوانا للمقابلة، ولصحف أخرى حول العالم- «يتعين علينا الترحيل بشكل متكرر وبسرعة أكبر».

شولتز نفسه شارك مع مجموعة من ساسة البوندستاغ في احتجاجات الشارع ضد حزب البديل. والفارق ربما أن اليمين المتطرف -على عكس آخرين- لا يعمل كثيرا على تزويق عنصريته.

(2)

غيرتنا غزة للأبد، وكذلك تفعل جنوب إفريقيا، وهي تقف بشجاعة في وجه العالم. تُدرك جنوب إفريقيا أنها ليست مواجهة بينها وبين إسرائيل فحسب. وقفت رغم كل الضغوطات التي مرت بها أو تنبأت بقدومها، ورغم أنها لا تملك أي مصلحة -أي مصلحة يمكن أن تجنيها من الوقوف في صف أكثر السلطات المكروهة اليوم أي حماس!

كُنا نعتب على الإعلام الألماني عدم تغطيته الفعالة لجلسات الاستماع، قبل أن نتفاجأ بتدخل ألمانيا كطرف ثالث والانضمام لصف إسرائيل في الدعوى أمام محكمة العدل الدولية. ناميبيا والتي تتذكر -في التاريخ نفسه قبل مائة وعشرين سنة- تمرد شعبها ضد الاستعمار الألماني، لم تسكت.

حين اعتذرت ألمانيا في 2021 عن جرائمها فترة استعمارها ناميبيا ابتداءً من أواخر القرن التاسع عشر، حرصت أن يُصاغ الاعتذار بطريقة لا تلزم ألمانيا بتقديم تعويضات للضحايا. وافقت بالمقابل على تمويل مشروعات بأكثر من مليار يورو.

رؤية جهود دول الجنوب العالمي تتكاتف على هذا النحو يُعيد بعض الأمل. لكن لا يبدو أن الكثيرين يملكون شجاعة جنوب إفريقيا.

يُذكرنا نورمان فينكلشتاين في سلسلة لقاءاته مع معين رباني التي تمت خلال أيام جلسات الاستماع عبر جدلية، أن قرار المحكمة سيتحدد بشكل واضح بوقوف القوى الكولونيالية مقابل القوى المضادة للكولونيالية. ويُذكرنا ألا نتمادى في تفاؤلنا باستقلال القضاة، أولا: لأن مواقف الدول التي ينحدر منها القضاة محددة سلفا في هذه القضية. ثانيا: للتاريخ الطويل من النيل من الأشخاص والمؤسسات التي تُقرر الوقوف في وجه إسرائيل، والذي يعرفه كل قاضٍ من القضاة يُفكر بالمجازفة.

مع هذا، ثمة أمل بأن تُدعم جنوب إفريقيا بما يكفي.

يحيا الجنوب.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جنوب إفریقیا التی ت

إقرأ أيضاً:

فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»

بدأت الحكومة الألمانية، تطبيق المرحلة الثالثة من قانون هجرة العمال المهرة والذي يطلق عليه «بطاقة الفرص ألمانيا»، ويهدف لاستقدام عمالة مهرة مؤهلين من خارج الاتحاد الأوروبي، وبموجب هذه البطاقة يسهل على العمال الانتقال إلى ألمانيا دون اشتراط عقد توظيف مع صاحب العمل.

بطاقة الفرص ألمانيا

وبحسب موقع «دويتشه فيلة» فقد بدأ تطبيق نظام بطاقة الفرص ألمانيا منذ أمس السبت، وهو المرحلة الثالثة من تنفيذ قانون هجرة العمال المهرة الذي تم إقراره في البرلمان الألماني العام الماضي.

وقالت نانسي فيروز وزيرة الداخلية الألمانية، إن بطاقة الفرص ألمانيا تضمن استقدام عمالة ماهرة إلى الاقتصاد الألماني والذي تحتاجه البلد الأوروبي بشكل ملح منذ سنوات.

شروط الحصول على بطاقة الفرص ألمانيا

بحسب الموقع الألماني، فأن الشرط الأساسي للحصول على بطاقة الفرص ألمانيا، هي أن يكون المهاجر قد حصل على تدريب مهني لمدة عامين على الأقل في مجاله، أو أن يكون حاصل على شهادة جامعية في بلده.

بالإضافة إلى ضرورة أن يتمتع المهاجر بمهارات لغوية في اللغة الألمانية أو الإنجليزية، وهذا الشرط بالذات هو الذي يحدد إمكانية الحصول على بطاقة الفرص ألمانيا.

ويمكن لحاملي المؤهلات في المهن التي تعاني من نقص العمالة بألمانيا التقدم للحصول على بطاقة الفرص.

ماذا بعد الحصول على بطاقة الفرصة؟ 

ويمكن للحاصلين على «بطاقة الفرص ألمانيا» القدوم إلي برلين، والحصول على مهلة عام للبحث عن وظيفة ثابته.

يشار أن ألمانيا تحتاج لأكثر من 400 ألف وظيفة على رأسها وظائف في مجالات الهندسة وتكنولوجيا المعلومات والرعاية الصحية.

مقالات مشابهة

  • فرص عمل للمصريين في ألمانيا.. انطلاق برنامج «بطاقة الفرص»
  • الطيب: تقديم منح دراسيَّة لأبناء جنوب إفريقيا تقديرًا لموقفهم في دعم القضيَّة الفلسطينيَّة
  • شيخ الأزهر لسفير جنوب إفريقيا: ما صنعتموه أكثر الأسلحة إيلامًا للكيان الصهيوني
  • تشيلي تنضم لدعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية
  • جنوب إفريقيا|ماليما يحدد شروط الحكومة الائتلافية
  • دموع عجوز جزائرية تضعها ضمن أفضل 10 صور في العالم
  • للمرة الأولى.. الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يفقد الأغلبية بالبرلمان
  • جنوب إفريقيا.. الحزب الحاكم يتقدم لكنه لا يزال على بعد أميال من أغلبية 50٪
  • نوير جاهز لحراسة عرين منتخب ألمانيا ضد أوكرانيا
  • بالصور.. منتخب ألمانيا يصنع الحدث بالتحضير ليورو 2024 رفقة القوات الخاصة