التحديات والآفاق.. رؤية مستقبلية لتواجد الصومال في مجموعة دول شرق أفريقيا
تاريخ النشر: 18th, January 2024 GMT
انتهت سنة 2023 لتنتهي معها صفحات من الخطوات الناجحة للصومال على طريق تحقيق السيادة الوطنية والاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، كانت آخرها انضمام جمهورية الصومال الفيدرالية رسمياً إلى مجموعة دول شرق أفريقيا في الرابع والعشرين من نوفمبر العام الماضي، لتصبح العضو الثامن في ذلك التجمع الدولي الإقليمي، وذلك بعد مسيرة من المساعي الصومالية استمرت لأكثر من عقد للانضمام إلى مجموعة دول شرق أفريقيا، وقد مرت تلك المسيرات بتعرجات تراوحت بين تقدم وتراجع في المفاوضات حول آلية وشروط الانضمام، ولكن في نهاية المطاف تحقق للصومال ما أرادت، وهي خطوة إيجابية بكافة المقاييس تدرك أهميتها النخب السياسية والثقافية في الصومال، ولذلك كان الترحيب الشعبي والرسمي بتلك الخطوة واسعاً.
تتحقق الكثير من المصالح والفوائد للجانب الصومالي من هذا الانضمام، ومنها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي، حيث أن الانضمام إلى مجموعة دول شرق أفريقيا يعني الانضمام إلى سوقها الكبير والمشترك، وبالتالي إمكانية تصدير المنتجات والبضائع الصومالية من دون ضرائب إضافية، وبالمثل فإن ذلك ينطبق على البضائع المستوردة من دول المجموعة، وسيؤدي ذلك إلى تعزيز التبادل التجاري وخلق فرص جديدة للاستثمار وتحريك السوق الداخلية، وهو ما سينعكس إيجابياً على مستوى دخل الفرد وعلى الاقتصاد الوطني عموماً. كما يساهم هذا القرار بتسهيل حركة المواطنين وتنقلهم عبر وداخل الدول الأعضاء في المجموعة، دون الحاجة إلى تأشيرات دخول.
وهناك مكاسب سياسية ـ وهي الأهم ـ أيضاً خلف قبول عضوية الصومال في مجموعة دول شرق إفريقيا، وأهمها تعزيز ودعم الاستقرار السياسي الصومالي داخلياً وخارجياً، وفي الحقيقة إن الاستقرار السياسي كان الدافع الأكبر للسياسيين الصوماليين في محاولتهم الانضمامة لهذه الكتلة الإقليمية، فلطالما كان الاستقرار السياسي أبرز مشاكل وعقبات استقرار وقوة الدولة في الصومال، فإن من شأن قبول عضوية الصومال أن يسهم في تحسين العلاقات وتخفيف التوتر مع الدول المجاورة للصومال، والتي كان لها علاقات متوترة مع الصومال كإثيوبيا وكينيا، والآن يثبت قبول عضوية الصومال من قبل تلك الدول الأعضاء تحسّن علاقات مقديشو مع جاراتها، وخصوصاً جارتها كينيا التي كانت تعرقل وتعيق انضمام الصومال لسنوات عديدة، وذلك بسبب خلافات ومخاوف أمنية وسياسية ونزاعات حدودية مع الصومال، وهذا يعني تحقيق استقرار خارجي بشكل كبير بالنسبة لمقديشو التي تسعم لتعزيز العلاقات المتبادلة داخل هذه المجموعة فيما يخدم الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية الصومالية إقليمياً ودولياً.
وهذا الاستقرار الخارجي يكمل الاستقرار الداخلي الذي تبذل الحكومة الفيدرالية الصومالية جهوداً حثيثة لترسيخه، فمجموعة دول شرق أفريقيا كتكتل إقليمي، يمتلك بروتوكولا خاصا تتضمن العديد من بنوده معالجة القضايا الأمنية والعسكرية المشتركة بين الدول الأعضاء، ويحدد طرق وأشكال التعاون الأمني في العديد من المجالات، وأهمها مكافحة تهريب المخدرات وغسيل الأموال وانتشار التسلح غير القانوني، كما تتضمن إرسال مساعدات وقوات عسكرية كدعم للدول الأعضاء التي تتعرض لتهديد أمني وعسكري، وهو ما يمكن أن تستفيد منه الصومال التي تخوض حرباً لأكثر من عقدين من الزمن مع حركة "الشباب" التابعة لتنظيم القاعدة، وتحاول بسط سيطرتها العسكرية على كافة المناطق الصومالية وانتزاع المناطق الواقعة تحت سيطرة تلك الحركة، وإن انضمام الصومال لتلك المجموعة الدولية قد يضمن لها سد الفراغ الأمني الذي يمكن أن يخلفه انسحاب قوات بعثة الاتحاد الإفريقي " أتميس " المتوقع مع نهاية عام 2024 ، فيمكن أن يحل الدعم العسكري من قبل دول مجموعة شرق إفريقيا مكان بعثة أتميس، وبالتالي تستطيع الصومال تجنب الهشاشة الأمنية المفاجئة التي يمكن أن تحصل حينها.
والاستفادة من هذه العملية لا تقتصر على جانب واحد، فمجموعة دول شرق إفريقيا نفسها مستفيدة من انضمام الصومال إليها، وأول مكاسب ذلك الانضمام زيادة المساحة الجيوسياسية لتلك المجموعة الإقليمية من (4.8) إلى (5.54) مليون كم2، فانضمام الصومال سيعزز الامتداد الجغرافي والإمكانات الاقتصادية المشتركة للدول الأعضاء، وذلك بالاستفادة من موقع الصومال الاستراتيجي الذي يتمتع بسواحل طويلة على المحيط الهندي وبالقرب من مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وهو ما يمنح دول المجموعة إمكانية الاستفادة من موانئ الصومال البحرية في التبادل التجاري الدولي، خصوصاً بعد تطبيق بنود دمج السوق المحلي الصومالي مع السوق المشتركة لدول شرق إفريقيا ورفع الضرائب المفروضة على الحدود، هذا بالإضافة إلى ما توفره الصومال من موارد زراعية ومعدنية غير مستغلة يمكن أن تستثمرها الدول الأعضاء فيما يخدم المصلحة الاقتصادية المشتركة.
رغم التوقعات المتفائلة بمستقبل الصومال كعضو في هذه الكتلة الدولية، إلا أن البعض شكك بجدوى وتأثير هذا الانضمام، انطلاقاً من رؤيتهم للرابط الذي يجمع مجموعة شرق أفريقيا، فهم يرون أن الرابط والهدف الأساسي الذي يجمع أعضاء تلك الكتلة هو الاقتصاد والتجارة، ولأن أوضاع الصومال الاقتصادية حالياً سيئة للغاية، وبسبب انعدام البيئة الاقتصادية القابلة للاستثمار والتنشيط، فإن الصومال لن تقدم شيئاً للسوق المشتركة لدول شرق أفريقيا، كما أنها لن تستفيد كثيراً مادامت بيتها الداخلي يحتاج للكثير من الإصلاحات الاقتصادية والإدارية والخدمية، فالأمر لا ينطوي فقط على المكاسب، وإنما قد يحمل معه تحديات مستقبلية على المدى القريب والبعيد .
تواجه الصومال فيما يتعلق بعملية الانضمام إلى هذه الكتلة الإقليمية عدة تحديات وعلى كافة المستويات، وأغلبها مرتبط بمتطلبات الدخول في المجموعة وخصوصاً تلك المتعلقة بالجانب الاقتصادي، فهناك العديد من قرارات وشروط الكتلة الملزمة للصومال، والتي ينبغي على الصومال تنفيذها وتحقيقها في فترة زمنية محددة، وهي في مجملها مطالب وشروط متعلقة بتطوير وتنمية البنية الإدارية والاقتصادية والخدمية للدولة حتى تصبح مؤهلةً لعملية الاندماج مع الكتلة الإقليمية بشكل فعال، وأولها تعزيز النمو الاقتصادي الداخلي بحيث يتناسب مع مستوى النمو الاقتصادي للسوق المشتركة لشرق أفريقيا لكي يتيح إمكانية تنسيق السياسات التجارية بشكل متزامن ومثمر، وثانيها متعلق بالبنية القضائية حيث يشترط إنشاء سلطة قضائية مستقلة تضمن سيادة القانون ومكافحة الفساد الإداري والاقتصادي في البلاد، وأيضاً تعهد الصومال بتطوير البينة التحتية في عموم البلاد، وذلك بغرض توفير البيئة المناسبة للتنمية الاقتصادية والخدمية .
المصادر:
1 ـ جيدي، نور، "انضمام الصومال إلى مجموعة شرق أفريقيا: مكاسب سياسية وأمنية "، العربي الجديد، 1/12/2023، https://2u.pw/lEO3SZe.
2 ـ" الصومال ومجموعة “شرق أفريقيا” .. فرص وتحدّيات "، الصومال الجديد، 28/11/2023، https://2u.pw/egPJl75.
3 ـ" الصومال يتطلع إلى فتح دروب التنمية مع شرق أفريقيا "، صحيفة العرب، 27/11/2023، https://2u.pw/58zgf4Z.
4 ـ " خبراء: مكاسب أمنية بانضمام الصومال إلى «شرق أفريقيا» "، مركز الاتحاد للأخبار، 10/11/2023، https://2u.pw/yQRyiYO.
5 ـ صلاح، منة، " انضمام الصومال إلى مجموعة شرق إفريقيا: الفرص والتحديات "، مركز شاف للدراسات المستقبلية وتحليل الأزمات والصراعات، 6/12/2023، https://2u.pw/TL9VW5I.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه انضمام الصومال شرق أفريقيا الصومال رأي شرق أفريقيا انضمام مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاستقرار السیاسی الدول الأعضاء شرق إفریقیا إلى مجموعة مجموعة شرق یمکن أن
إقرأ أيضاً:
درهم عبده سعيد رئيسًا لمجلس إدارة مجموعة “هائل سعيد أنعم” التجارية
يمن مونيتور/ دبي
أعلنت مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه (إحدى أكبر الشركات في اليمن والمنطقة) عن تعيين رجل الأعمال المخضرم السيد درهم عبده سعيد أنعم رئيسًا لمجلس إدارتها، خلفًا للسيد عبد الجبار هائل سعيد أنعم الذي تولّى المنصب لأكثر من 13 عامًا.
ويمثّل هذا التعيين محطة محورية في تاريخ المجموعة الممتد منذ عام 1938، حيث تُعدّ واحدة من كبرى المجموعات العائلية متعددة الجنسيات في الشرق الأوسط، وتوظف أكثر من 35 ألف موظف في 80 سوقًا عالميًا.
يأتي تعيين السيد درهم تتويجًا لمسيرة مهنية حافلة تمتد لأكثر من أربعين عامًا، ساهم خلالها في نمو المجموعة وتوسّعها إقليميًا ودوليًا، لا سيما في الشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا، وأوروبا.
وقد شغل سابقًا منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، وكان له دور حاسم في صياغة الرؤية الاستراتيجية للمجموعة وتعزيز مكانتها في الأسواق العالمية.
وفي أول تصريح له عقب التعيين، قال السيد درهم: “يشرفني أن أتولى رئاسة مجلس إدارة مجموعة هائل سعيد أنعم، مؤسسة لطالما وضعت الإنسان في صميم رسالتها. سنواصل العمل على ترسيخ القيم التي غرسها المؤسسون — من صدق وإخلاص وابتكار — وبناء مستقبل يليق بتاريخنا، ويخدم أجيالنا القادمة.”
وبحسب بيان المجموعة، فإن السيد عبد الجبار هائل سعيد أنعم سيستمر في تقديم الإشراف الاستراتيجي من خلال رئاسة مجلس ممثلي المُلّاك، ما يضمن استقرار الحوكمة الرشيدة وتواصل الرؤية المؤسسية.
التزام بالإنسان والتنمية المستدامة
وتُعد مجموعة هائل سعيد أنعم نموذجًا فريدًا في دمج الريادة الاقتصادية بالمسؤولية الاجتماعية، حيث تضع تحسين حياة الناس، وخدمة المجتمعات، وتعزيز التنمية المستدامة، في جوهر استراتيجيتها التشغيلية.
وتعمل المجموعة في أكثر من 10 قطاعات مختلفة، من الصناعات والسلع الاستهلاكية إلى الخدمات والتجارة، عبر شبكة من 85 شركة تمتلك علامات تجارية مرموقة ومعروفة في جنوب آسيا وأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ولديها اليوم حوالي 35,000 موظف.
وتأمل المجموعة أن تواصل تحت القيادة الجديدة مسيرتها نحو مزيد من التميز والابتكار، مع الحفاظ على إرثها القائم على الشراكة المجتمعية والالتزام الأخلاقي.