"لا شرع إلا بنص".. دار الإفتاء: هذه المقولة فاسدة ومخالفة للكتاب والسنة
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما مدى صحة عبارة: "لا شرع إلا بنص"؟ حيث إن هذه العبارة تجري على ألسنة بعض الناس وذلك في مقام الترجيح بين أقوال الفقهاء واختلافهم في مسألة من المسائل؛ فما مدى صحة هذه العبارة المشار إليها؟ خاصة في الأحكام التي تنبني على العوائد والأعراف، أرجو البيان ولكم الأجر والإحسان.
وقالت دار الإفتاء، إن هذه العبارة لم ترد عن أحد من علماء الأمة في مختلف العلوم الشرعية، ولم يرد أيضًا ما يؤدي إلى مفهومها، ولم يكن من نهج أحد من العلماء المعتبرين مناقشة الأقوال والترجيح بينها بهذه العبارة أو نحوها؛ فهي تخالف الكتاب والسنة وعمل الأمة، فهي عبارة فاسدة وغير منضبطة.
وأشارت إلى أن عبارة "لا شرع إلا بنص" لم ترد على ألسنة أو أقلام العلماء المعتبرين، بل إنها تخالف المنقول والمعقول وعمل الأمة؛ حيث إنَّ المفهوم من هذه العبارة، أنه لا حجية في الأدلة المعتبرة عند جمهور علماء الأمة غير القرآن والسنة، وقد تواترت الأدلة الشرعية وتناقلته الأمة بمذاهبها الفقهية جيلًا عن جيل على جهة القطع والتواتر عبر القرون بما يخالف المفهوم من هذه العبارة.
وأوضحت، أن أمارات فساد هذه العبارة وعدم صحتها، وخاصة في مقام الترجيح بين الأقوال ظاهرة ومتعددة، ومن جملة هذه الأمارات: أنَّها تناقض حجية الإجماع، وهذا القول لم يقل به أحدٌ لا من أهل السنة والجماعة؛ ولا من أهل الحديث، ولا من أهل الرأي، بل ولا من أي مذهب يُعتَدُّ به من المذاهب الإسلامية؛ فالمتفق عليه عند علماء المسلمين أن الإجماع حجة قاطعة لا يجوز مخالفتها؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: 115]، والأخبار التي تواترت في معنى هذه الآية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن الأمة لا تجتمع على ضلالة.
وذلك ثابت منقول بالتواتر عند جمهور علماء الأمة؛ حيث قال الإمام الرازي في "المحصول" (4/ 35، ط. مؤسسة الرسالة): [إجماع أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم حجة] اهـ.
كما أنَّها أيضًا يفهم منها عدم حجية القياس، ومن المقرر شرعًا أنَّ القياس حجةٌ من الحجج الشرعية المعتبرة؛ ودليل حجيته من القرآن الكريم قوله تعالى: ﴿فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ﴾ [الحشر: 2]؛ إذ معنى الاعتبار: العبور من الشيء إلى نظيره إذا شاركه في المعنى، والقياس عبور من حكم الأصل إلى حكم الفرع، فكان داخلًا تحت الأمر. ينظر: "المستصفى" للإمام الغزالي (ص: 293، ط. دار الكتب العلمية،) "المحصول" للإمام الرازي (5/ 27، ط. مؤسسة الرسالة).
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: دار الإفتاء الفقهاء علماء الأمة الكتاب السنة دار الإفتاء هذه العبارة
إقرأ أيضاً:
في ورشة بمعرض جدة للكتاب 2025.. القحطاني: محاولات الترجمة الآلية تعود إلى 80 عامًا
البلاد (جدة)
نظّم معرض جدة للكتاب 2025 ورشة عمل بعنوان “آليات الترجمة الذكية ومعضلاتها التقنية”، تناولت مفهوم الترجمة الذكية وتطورها التاريخي، وأهميتها في العصر الرقمي، إلى جانب آليات عملها والتحديات التي ما زالت تواجهها، خاصة في ما يتعلق باللغة العربية، وقدّمتها الدكتورة عبير القحطاني.
وأوضحت القحطاني أن الترجمة الذكية تعتمد على أنظمة حديثة تبني نماذج احتمالية واسعة، وتسعى إلى توقّع الترجمة الأنسب اعتمادًا على السياق العام للنص، مستندة إلى نماذج الذكاء الاصطناعي، ولا سيما التعلم العميق، لمحاكاة الفهم اللغوي والسياقي، وليس الاكتفاء بالنقل الحرفي للكلمات.
وأشارت إلى أن المحاولات الأولى للترجمة الآلية تعود إلى أربعينات القرن الماضي، أي ما قبل 80 عامًا، قبل أن تشهد تطورًا متسارعًا مع التقدم التقني، وتزايد الاعتماد على الحلول الذكية في مختلف المجالات.
وأكدت أن هذه التحديات تتضاعف عند التعامل مع اللغة العربية، لغياب التشكيل، وتعقيد الإعراب، وكثرة الضمائر المتصلة، وهذا قد يؤدي إلى ترجمات تبدو صحيحة شكليًا، لكنها تفتقر إلى الدقة المعنوية، مبينة عجز الترجمة الذكية أحيانًا عن نقل بعض المصطلحات والكلمات العربية بالمعنى نفسه، وهذا يجعل الاعتماد الكلي على ترجمة الآلة أمرًا غير ممكن.
واختتمت بأن الترجمة الذكية أداة مساندة تُبرز حدود الآلة من جهة، وتؤكد من جهة أخرى أهمية وعي المترجم، وحسّه الثقافي، ودوره الإنساني في اتخاذ القرار الترجمي السليم.
وتطرّقت الورشة إلى أبرز المعضلات التقنية التي تواجه أنظمة الترجمة الذكية، ومنها قضايا السرية والأمان في بعض المنصات، وارتفاع تكاليف الاشتراك، واعتمادها على الاتصال المستمر بالإنترنت، إضافة إلى صعوبتها في التعامل مع السياق، والغموض الدلالي، واللغة المجازية والاصطلاحية، فضلًا عن التحديات المرتبطة بترجمة النصوص المتخصصة.