إيران تتهم إسرائيل باغتيال 5 مستشارين في الحرس الثوري بسوريا وتتوعد بالرد
تاريخ النشر: 20th, January 2024 GMT
#سواليف
اتهمت إيران إسرائيل باغتيال 5 من مستشاري الحرس الثوري في غارة جوية على ضاحية بالعاصمة السورية دمشق اليوم السبت، وتوعدت بالرد “في الوقت والمكان المناسبين”.
وقتل المستشارون الخمسة جراء ما وصفته وكالة الأنباء السورية الرسمية بعدوان جوي إسرائيلي استهدف مبنى سكنيا في حي المزة بدمشق.
ووقعت عملية الاغتيال الجديدة بعد 25 يوما من غارة مماثلة استهدفت مبنى في منطقة السيدة زينب بريف دمشق وأسفرت عن مقتل المستشار العسكري البارز في فيلق القدس بالحرس الثوري رضي موسوي.
وفي بيان نشره المتحدث باسمها ناصر كنعاني بعد ساعات من الضربة الجوية، قالت الخارجية الإيرانية إن هذا الاغتيال يكشف العلاقة الوثيقة بين إسرائيل وبين ما وصفتها بالجماعات الارهابية.
وندد البيان بشدة بما سماه “العمل الإجرامي الذي نفذه الكيان الصهيوني”، وقال إن الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للسيادة السورية “محاولة يائسة لنشر عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المنطقة”.
وجاء فيه أنه “بالإضافة إلى الملاحقة السياسية والقانونية والدولية لهذه الأعمال العدوانية والإجرامية، تحتفظ جمهورية إيران الإسلامية بالحق في الردّ على الإرهاب المنظم للكيان الصهيوني المزيف في الزمان والمكان المناسبَين”.
كما قالت الخارجية الإيرانية إن تصعيد ما وصفتها بالهجمات العدوانية والاستفزازية ضد أهداف مختلفة في سوريا يعكس عجز إسرائيل ويأسها في ساحة المعركة ضد قوة المقاومة في غزة والضفة الغربية خلال الأيام المئة الماضية.
ودعا البيان مجلس الأمن والدول والمؤسسات الإقليمية لاتخاذ مواقف صريحة أمام ما سماها الانتهاكات العدوانية الإسرائيلية، مشيرا إلى أن “القوات الاستشارية الإيرانية” موجودة في سوريا بدعوة من الحكومة السورية.
وبعد مقتل العميد رضي موسوي في غارة إسرائيلية على منطقة السيدة زينب قرب دمشق أواخر الشهر الماضي، لوحت طهران أيضا بالرد في الوقت والمكان المناسبين، وأقر وزير الخارجية الإسرائيلي -حينها- إيلي كوهين بمسؤولية تل أبيب عن اغتيال موسوي.
رضي موسوي أحد كبار قادة الحرس الثوري
المستشار بالحرس الثوري رضي موسوي اغتيل الشهر الماضي في غارة إسرائيلية على منطقة السيدة زينب (الجزيرة)
اغتيال المستشارين
وكان الحرس الثوري الإيراني قد أعلن في وقت سابق اليوم عن مقتل 4 من مستشاريه العسكريين في منطقة المزة بدمشق، ولاحقا أكد مقتل مستشار خامس متأثرا بجراحه.
ونشر الحرس الثوري أسماء المستشارين الأربعة الذين قتلوا على الفور وهم حجة الله أميدوار، وعلي آقازاده، وحسين محمدي، وسعيد كريمي، مشيرا إلى مقتل عسكريين سوريين في الغارة الجوية.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية أن من بين القتلى مسؤول استخبارات ساحة سوريا في فيلق القدس بالحرس الثوري ونائبه.
وقالت مصادر للجزيرة في دمشق إن المبنى المستهدف الموجود بالقرب من شعبة الأمن السياسي قد انهار بشكل كامل.
وفيما يخص ملابسات الاغتيال، قالت وكالة الأنباء السورية إن إسرائيل نفذت في الساعة العاشرة و20 دقيقة من صباح اليوم بالتوقيت المحلي عدوانا جويا على مبنى سكني في حي المزة مما أسفر عن “استشهاد عدد من الأشخاص”.
وأضافت الوكالة أن الدفاعات الجوية السورية تصدت للهجوم وأسقطت عددا من الصواريخ الإسرائيلية.
وفي ردود الفعل، أدانت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية ما سمته العدوان الإسرائيلي الذي استهدف قادة من الحرس الثوري الإيراني في دمشق.
وقالت الحركة -في بيان- إن “هذه الخطوة تعبر عن محاولة الاحتلال لتصدير فشله العسكري عبر توسيع رقعة الحرب”، على حد تعبيرها.
ومنذ عام 2015، قتل عدد من قادة وأفراد الحرس الثوري في سوريا جراء هجمات إسرائيلية، وكان أحدثهم العميد رضي موسوي. وخلال هذه الفترة نفذت إسرائيل مئات الضربات الجوية على سوريا في إطار إستراتيجية عسكرية لتقويض الوجود العسكري الإيراني هناك.
الجزيرة
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف الحرس الثوری رضی موسوی
إقرأ أيضاً:
من عملية بيت جن إلى سؤال المرحلة: ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟
بينما يسعى الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى توجيه رسائل تهدئة، تعتمد إسرائيل مقاربة تقوم على فرض حقائق ميدانية قبل تبلور ملامح السلطة الجديدة في دمشق.
أعادت عملية بيت جن اليوم، بما رافقها من اقتحام إسرائيلي وسقوط قتلى وجرحى واعتقالات، إحياء النقاش حول طبيعة الدور الذي تريد إسرائيل ترسيخه داخل سوريا في هذه المرحلة الحسّاسة، وأتت العملية لتكشف عن تحوّل أعمق في إستراتيجية تل أبيب، خصوصًا أنّه يحدث في لحظة تحاول فيها السلطة السورية الانتقالية، بقيادة أحمد الشرع، إرسال رسائل طمأنة باتجاه إسرائيل، من دون أن يبدو أنّ لهذه الرسائل أثرًا فعليًا على وتيرة العمليات.
ومع هذا الاختراق الجديد، يتعزّز الانطباع بأنّ إسرائيل تعمل وفق منطق مستقلّ عن الاعتبارات السياسية السورية، وأنّها ترى في الفراغ الذي أعقب سقوط نظام بشار الأسد فرصة لإعادة رسم قواعد الاشتباك والانتشار داخل سوريا. وهنا يبرز السؤال الأكثر إلحاحًا: ماذا تريد إسرائيل فعلًا من سوريا؟
مشهد العمليات بعد سقوط الأسدمنذ سقوط نظام بشّار الأسد في الثامن من كانون الأول/يناير 2024، دخلت إسرائيل طورًا مختلفًا من التدخّل العسكري داخل سوريا. فإطلاق عملية "سهم باشان" شكّل لحظة فاصلة، إذ توغّلت القوات الإسرائيلية للمرة الأولى منذ خمسة عقود داخل المنطقة العازلة وجزء من القنيطرة وجبل الشيخ، مستفيدة من انسحاب القوات الحكومية ومن الفوضى التي رافقت سقوط العاصمة.
وبعد الساعات الأولى، توالت الغارات الجوية بوتيرة غير مسبوقة، مستهدفة مستودعات صواريخ، منظومات دفاع جوي، مراكز أبحاث، مواقع بحرية، وقواعد عسكرية في دمشق وريفها ودرعا والسويداء واللاذقية وطرطوس وحمص وحماة. وعلى الأرض، توسّعت إسرائيل تدريجيًا نحو القرى الحدودية، وفرضت إخلاءات، ونفّذت عمليات تفتيش واسعة، وصادرت مخازن أسلحة، وأقامت نقاط مراقبة وتواجدًا دائمًا في مناطق متعدّدة.
ومع مرور الأسابيع، تحوّل التوغّل المحدود إلى حضور منهجي، وصولًا إلى تنفيذ إنزال جوي في يعفور على بُعد عشرة كيلومترات فقط من دمشق، قبل أن تواصل إسرائيل تقدّمها نحو ريف دمشق الغربي، ما جعل العمليات تبدو وكأنّها إعادة تشكيل فعلية لمشهد الحدود الجنوبية لسوريا.
تركزت التوغلات الإسرائيلية على القرى المحاذية للجولان داخل محافظة القنيطرة، فشهدت قرى بريقة وبئر عجم ورويحينة وزبيدة الغربية والشرقية وعين الزيوان وأبو قبيس وأم باطنة وجباتا وجودًا عسكريًا مباشرًا أو مؤقتًا خلال عامي العامين الحالي والماضي.
وفي درعا، وصلت قوات إسرائيلية إلى حوض اليرموك، وسُجلت عملية إنزال قرب خربة صيصون في آذار/مارس 2025، إضافة إلى توغل دورية إسرائيلية حتى أطراف معرية غرب المحافظة في تشرين الثاني من العام نفسه. ورغم محدودية هذا التغلغل مقارنة بالقنيطرة، إلا أنّه يعكس استعداد تل أبيب لتوسيع نشاطها نحو العمق متى رأت الظروف مناسبة.
السويداء: من الاحتجاجات إلى الاستهداف العسكريلا يمكن فصل التحركات الإسرائيلية الأخيرة عن الملف الدرزي، الذي عاد إلى الواجهة مع اندلاع اشتباكات بين مجموعات محلية وقوات تابعة للسلطة الحالية. وقد استغلّت إسرائيل هذا الوضع منذ بداياته، وظهرت في خطابها إشارات متكرّرة إلى "ضرورة حماية الدروز" أو "منع تهديدهم".
وتكرّس هذا النهج من خلال الضربات الإسرائيلية التي استهدفت أرتال عسكرية مرتبطة بالقوات المسؤولة عن الاشتباكات في السويداء، وصولًا إلى الغارات الكبيرة التي طالت مبنى وزارة الدفاع السورية ورئاسة الأركان ومواقع في محيط القصر الرئاسي في دمشق في تموز/يوليو الماضي، والتي صوّرتها إسرائيل على أنّها ردّ على "استهداف الدروز" وفق روايتها.
لم تتوقف التحركات الإسرائيلية عند التوغلات والغارات، بل شملت عمليات هدم وتهجير وتغيير عمراني في عدة قرى داخل المنطقة العازلة وخارجها. ففي قرية الحميدية، الواقعة ضمن منطقة الأمم المتحدة منزوعة السلاح، هدمت القوات الإسرائيلية في 16 حزيران/يونيو ما لا يقل عن 12 مبنى، بعد أن كانت قد طردت السكان منها في كانون الأول/يناير.
وفي جباتا الخشب، أنشأت إسرائيل منشأة عسكرية جديدة وبدأت بتجريف مساحات واسعة من الأراضي، شملت محمية غابات يزيد عمرها على قرن كامل. ومنع السكان من الوصول إلى أراضيهم الزراعية، في واحدة من أكبر عمليات اقتطاع الأراضي منذ السبعينيات.
Related الشرع يبحث مع نائب رئيس الحكومة اللبنانية سبل تطوير العلاقات الثنائية وملفات الحدود والموقوفينالشرع يُقِرّ بأحقية الكثير من المطالب الشعبية: قيام سلطة مستقلة في الساحل أمر مستحيلإسرائيل تقتحم بلدة بيت جن بريف دمشق.. الخارجية السورية: ما حصل جريمة حرب المنطقة العازلة الجديدة: نهاية خطوط 1974تتعامل إسرائيل اليوم مع اتفاق فضّ الاشتباك لعام 1974 باعتباره اتفاقًا انتهى فعليًا مع سقوط النظام السابق. فمع انسحاب القوات السورية من مواقع الجولان في ليلة سقوط دمشق، اعتبرت تل أبيب أنّ الفرصة سانحة لإعادة رسم الحدود. وبالفعل، أصبح نطاق تحرّكها يمتدّ نحو خمسة عشر كيلومترًا داخل الأراضي السورية، مع مجال نفوذ استخباراتي أوسع يصل إلى ستين كيلومترًا.
هذا التغيّر الجغرافي ترافق مع فكرة أكبر: ضرورة أن تربط إسرائيل أمنها بعمق جغرافي يتجاوز خطوط ما بعد حرب تشرين. زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للجنوب السوري في التاسع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر جاءت لتثبّت هذا التوجّه، إذ أكّد خلالها أنّ خطوط 1974 انتهت، وأنّ إسرائيل ستبقى داخل سوريا "إلى حين التوصّل إلى ترتيبات جديدة".
بهذا المعنى، لا تتعامل إسرائيل مع توغّلاتها باعتبارها عمليات تكتيكية، بل مرحلة تأسيسية لما تصفه بحدود الأمن الجديدة، الممتدة فعليًا من جنوب دمشق حتى مشارف الجولان.
إسرائيل وتركيا: صراع نفوذ على الأرض السوريةفي موازاة التحركات العسكرية الإسرائيلية، يبرز بوضوح التنافس بين إسرائيل وتركيا على هوية سوريا الجديدة. فتركيا التي كرّست نفوذها في الشمال السوري تسعى إلى تثبيت حضور سياسي وأمني في أي تسوية مقبلة، بينما ترى إسرائيل أنّ غيابها عن الجنوب سيمنح أنقرة مجالًا أوسع للتمدّد.
ولذلك، تتحرّك إسرائيل بسرعة لفرض وجود مقابل في الجنوب والقنيطرة وامتداد جبل الشيخ، بهدف منع أي فراغ قد تملأه تركيا أو أي قوة أخرى تعتبرها تل أبيب تهديدًا مباشرًا. هذه الثنائية التركية – الإسرائيلية تشكّل خلفية لا يمكن تجاهلها عند قراءة موقع تل أبيب في الجنوب السوري بعد سقوط النظام.
لفهم الأداء الإسرائيلي في سوريا اليوم، لا بدّ من العودة إلى تجربة "الجار الصالح" التي نفّذتها إسرائيل خلال الحرب الأهلية. ففي تلك المرحلة، فتحت تل أبيب مستشفى ميدانيًا، وقدّمت دعمًا طبيًا ولوجستيًا لفصائل معارضة كانت تسيطر على القرى القريبة من الجولان، وتعاملت مع الجنوب السوري كامتداد طبيعي لأمنها المباشر.
هذه التجربة صنعت لدى إسرائيل قناعة بأنّ الجنوب ليس مجرد خط حدودي، بل مجال تأثير يجب أن يبقى خاضعًا للمراقبة والسيطرة كلما أمكن. وسقوط النظام السابق منح تل أبيب الفرصة لتوسيع هذه المقاربة وتعميقها.
ماذا تريد إسرائيل من سوريا؟بعد عملية بيت جن، وبعد أشهر طويلة من التحركات العسكرية، يبدو أن إسرائيل لا تعمل فقط على "منع تهديدات محتملة"، بل على إعادة صياغة علاقتها بسوريا من الأساس.
تريد إسرائيل قبل كل شيء إنشاء منطقة عازلة فعلية تمتدّ من جنوب دمشق إلى الجولان، وتمنع خلالها أي طرف سوري أو حليف سوري من الوصول إلى خطوط الحدود. كما تريد أن تكون لاعبًا رئيسيًا في مستقبل الجنوب السوري، بحيث لا تتمّ أي تسوية سياسية من دون أخذ مصالحها الأمنية في الاعتبار. وتسعى في الوقت نفسه إلى تثبيت خارطة نفوذ موازية لتلك التي تبنيها تركيا في الشمال، لضمان موقع متقدّم داخل سوريا الجديدة.
وبينما يحاول الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع تقديم رسائل تهدئة، تعتمد إسرائيل مقاربة تقوم على "فرض الوقائع" قبل اكتمال ملامح السلطة الجديدة في دمشق. وهكذا، يصبح السؤال اليوم ليس فقط ماذا تفعل إسرائيل داخل سوريا، بل ما الشكل النهائي الذي تريد فرضه على الجغرافيا السياسية والأمنية السورية في السنوات المقبلة؟.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة