عربي21:
2025-07-04@21:02:29 GMT

نظام عالمي حقيقي يحتاج إلى نوعية مختلفة من القيادات

تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT

ألا يستحق العالم قيادات محترمة تعفّ عن استرضاء الناس بشعارات وتصرّفات شعبوية، ظن كثيرون أن ارتفاع مستوى الوعي والثقافة في القرن الـ21 يمجّها، ويرفضها إذ اختُبرت في انتخابات حرة؟

النماذج خلال الأسابيع القليلة الماضية أكثر من أن تُحصى، فمن أين نبدأ؟

أمن الولايات المتحدة؛ حيث يبدو أن أعظم قوة في العالم سائرة وهي غافية نحو تكرار «سيناريو» انتخاباتها الرئاسية الأخيرة بين رجلين في العقد الثامن من العمر لا يحملان لها جديداً.

.. هما الرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن وسَلَفه الجمهوري دونالد ترمب؟

أم من بريطانيا؛ حيث بنَت حكومة محافظة - رئيسها وكبار وزرائها من أبناء المهاجرين والأقليات - استراتيجيتها السياسية الشعبوية على «تهجير» طالبي الهجرة؟

أم من ألمانيا، البلد الذي شوّهت حضارته العظيمة حقبة «النازية»، فتضافرت عنده «عقدة الذنب» التاريخية مع شبكة المصالح السياسية... ليتحمّس في الدفاع عن فظائع يرتكبها في غزة - خاصة - أبناء جيل ضحايا النازية؟

أم من فرنسا، التي لا تزال توهم نفسها بأنها قوة كونية تحسّ بهواجس شعوب العالم، وتتفهّم تناقض حضاراته... لكنها مع ذلك تسلّم سياستها الخارجية إلى ثنائي شاب لم تتح له خبراته أو تجاربه أو منظومة قِيَمه تطوير آلية للتحاور والتفهم والتفاهم مع الآخرين؟

بعد سقوط «جدار برلين» وانهيار الاتحاد السوفياتي، توهّم كثيرون أن المعركة الكونية حُسمت نهائياً.أم من «منبر دافوس الاقتصادي» في سويسرا؛ حيث سمعنا شعبوياً مَوتوراً حمله يأس الشعب الأرجنتيني إلى السلطة... وهو يلقي محاضرة خرقاء في السياسة والاقتصاد هاجم فيها كل أنظمة الحُكم المعروفة في العالم؟

هذه مجرد أمثلة لما شهدناه ونشهده. إنها أمثلة من واقع مؤسف يفتقر معه ساسة العالم، تدريجياً، إلى الصدقية اللازمة لبناء نظام عالمي يستحق التطبيق ويتمتع بالاحترام. وحقاً، تتهاوى اليوم من قطاع غزة إلى الأرجنتين، ومن شبه القارة الهندية إلى أوكرانيا، كل الشعارات التي أبصرت النور مع انتهاء «الحرب الباردة».

بعد سقوط «جدار برلين» وانهيار الاتحاد السوفياتي، توهّم كثيرون أن المعركة الكونية حُسمت نهائياً. وبالتالي، ما عاد ثمة مبرّر لتعطيل مسيرة التقدّم الإنساني نحو مبادئ السعادة والسلام والتعايش والرخاء والعدل الموعودة. لكن ما انكشف لاحقاً لمئات الملايين من السذّج والسليمي النيات، أن حقيقة الطبع البشري غير ما تعلموه في دور العبادة وتحت منابر الأحزاب وداخل «خنادق النضال».

ثم إن المعسكر المنتصر ليس «مبرّة» غايتها جمع القلوب، ولا هو مستشفى همه معالجة الأمراض، بل مقاتل شرس في حلبة لا تتسع لقويين...

وبالفعل، ما إن وضعت «الحرب الباردة» أوزارها مُنهية صراع الشرق والغرب، حتى تفتّحت براعم مختلف أنواع الفتن والحروب العرقية والدينية والمذهبية... الساعية إلى «تصحيح الأخطاء التاريخية».

بل لم يطُل الوقت حتى تفجّرت من البلقان حروب إعادة رسم خرائط أوروبا، ولحقت بها حروب القوقاز، وقبل اكتمال العقد وصلنا إلى أوكرانيا.

إن عودة موسكو إلى الحلبة، بحلة قومية هذه المرة، كانت إحدى محاولات «تصحيح الأخطاء التاريخية» المتسلحة بذاكرة قوية وشعور مرير بالغبن. وما أفرزه الواقع الجديد في «الفضاء السوفياتي» السابق غرباً... تكرّر جنوباً في الشرق الأوسط، بينما تجاهل الغرب المنتشي بانتصاره العوامل التي حفّزت موسكو، وأيضاً ديناميكيات النهوض الصيني، وصعود البديل الديني المسيّس على حساب القومية المتعايشة مع العلمانية في جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي الشرق الأوسط، بالتحديد، أدّى إصرار واشنطن على احتكار مبادرات السلام الإقليمي ليس فقط إلى اختلال فظيع في المقاربات المطلوبة لسلام حقيقي ودائم، بل أيضاً إلى إنهاض يمين جامح التطرّف في الجانب الإسرائيلي... مقتنع تماماً بأن من حقه «تسيير» السياسة الأميركية في المنطقة و«تسخيرها» لخدمة مشروعاته.

وكما لمسنا ونلمس، سهّل كثيراً تراجع «نوعية» القيادات الأميركية - جمهورية كانت أم ديمقراطية - خلال العقود الأخيرة، لليمين التوراتي الإسرائيلي، الإفصاح عن نياته بلا تردّد. واليوم في محنة غزة، نجد أن مَن كانوا شراذم حزبية صغيرة من اليمينيين التوراتيين في «الكنيست» يفرضون برنامجهم السياسي على حكومة إسرائيل. وهذه الأخيرة تفرض بدورها برنامجها السياسي على واشنطن... مستقوية بانطلاق «سنة انتخابات» يتسابق فيها الحزبان الجمهوري والديمقراطي على استرضاء «اللوبي الإسرائيلي» الأميركي.


حتى خارج واشنطن، استغلت «لوبيات إسرائيل» هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) في غزة لإعادة بناء «السرديّة السياسية» للصراع العربي الإسرائيلي على هواها، مستقوية بالتعريف الغربي الجديد لـ«معاداة السامية»، ومستثمرة الطموح التوسعي الإيراني، والانزلاق الأوروبي المخيف نحو الشعبوية والعداء للمهاجرين واللاجئين... والمسلمين عموماً.

وهنا، قد يفيد التنبّه إلى أن هذه «اللوبيات» ما عادت تكتفي باختراق أحزاب السلطة التقليدية يميناً ويساراً - كما هي الحال في أميركا وبريطانيا وفرنسا وغيرها - بل ها هي تخترق الآن قوى طالما عُدّت هامشية ومثالية لا تستحق عناء الاختراق، على رأسها الأحزاب البيئية مثل «الخضر»!!
التفسير المنطقي لهذه الظاهرة هو تراجع نوعية القيادات ومناقبية المؤسسات السياسية، حتى في ظل المساءلة الديمقراطية. بل إن هذه المساءلة تتعطل عندما يخترق «اللوبي» نفسه البديلين - أو الخيارين - المتنافسين عبر الخدمات والمال والنفوذ.

أوَ لم يقل السياسي البريطاني اللورد آكتون: «السلطة عرضة للإفساد، والسلطة المطلقة إفساد مطلق»؟

المصدر: الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بريطانيا فرنسا بريطانيا امريكا فرنسا روسيا مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

أكسيوس: الجيش الأمريكي غير قادر على الانسحاب من الشرق الأوسط

تناول موقع "أكسيوس" وجود الولايات المتحدة فيما أسماه بـ"دوامة الشرق الأوسط" رغم تركيزها المعلن على الصين وروسيا، بشكل ساخر، قائلة: إذا كنت تعمل في قطاع الدفاع، فربما صادفت العبارات التالية بشكل أو بآخر".

وذكر الموقع أن العبارات هي: "وُلدتُ متأخراً جداً للانتشار في الشرق الأوسط، أو وُلدتُ مبكراً جداً للانتشار في الشرق الأوسط، وأخيرا وُلدتُ تماماً في الوقت المناسب للانتشار في الشرق الأوسط".

وأوضح الموقع "قد تبدو هذه الدعابة سطحية، لكنها ذات وقع قوي، إذ يعكس انتشارها الكبير على وسائل التواصل حجم التورط الأمريكي العميق في هذه المنطقة المضطربة، حتى في وقت تؤكد فيه واشنطن أنها تعتزم التمحور بشكل أكبر نحو مواجهة التهديدين الصيني والروسي".


وقال "هذه المفارقة هي صورة مصغرة لحالة شدّ الحبل الجيوسياسي، يرافقها قدر من السخرية العامة والتشكيك الشعبي".

وأضاف "جاءت الضربات المفاجئة على منشآت إيران النووية – باستخدام قاذفات بي 2 سبيريت وأكثر من 100 طائرة أخرى – لتشكل أحدث تدخل أمريكي مباشر في الشرق الأوسط، حيث أنفقت الولايات المتحدة لعقود أرواح جنودها وأموال دافعي الضرائب. ويشمل ذلك دولاً مثل أفغانستان والعراق والأردن والكويت ولبنان وسوريا واليمن.

وذكر أنه "في الوقت نفسه، ينشغل البنتاغون بالقلق من طموحات بكين وموسكو العالمية. غير أن الموارد اللازمة لخوض هذا التنافس – بما في ذلك العتاد العسكري التقليدي الثقيل مثل حاملات الطائرات – باتت مطلوبة بإلحاح في جبهات أخرى".

ونقل عن برايان كارتر، الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد "أمريكان إنتربرايز"، قوله: "هناك فجوة واضحة بين ما نقوله في استراتيجيات الدفاع الوطني وهذه التصريحات الطموحة، وبين ما يحدث فعلياً على الأرض".

وتابع: "المشكلة أننا نمنح الشرق الأوسط أولوية على حساب الصين بشكل متقطع. لم ننجح يوماً في تخصيص جهد كافٍ لضمان ألا تنزلق الأوضاع هناك إلى الفوضى".

وأضاف: "عندما نضطر فجأة لحشد كل هذه الإمكانات، نجد أنفسنا دوماً في وضع رد الفعل".

كان مسؤولو البنتاغون وقادة الجيش يلمحون إلى هذا التناقض منذ أشهر.

ولطالما ضغط إلبرج كولبي، وكيل وزارة الدفاع للسياسات، لطالما ضغط باتجاه إعطاء الأولوية للصين على حساب أوروبا والشرق الأوسط، وخلال جلسة تثبيته في آذار/ مارس، أمام أعضاء مجلس الشيوخ قال إن الولايات المتحدة لا تملك "جيشاً قادراً على خوض حربين في آن واحد".


وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، صرّح قائد القيادة الهندية-الهادئة الأميرال صامويل بابارو أن الدعم الأمريكي المقدم لـ"إسرائيل" وأوكرانيا بدأ "يستنزف" بعضاً من أندر مخزونات الأسلحة الأمريكية. 

ثم كشف في نيسان/ إبريل أن نقل كتيبة صواريخ باتريوت واحدة من منطقة قريبة من الصين إلى القيادة المركزية تطلّب ما لا يقل عن 73 رحلة جوية.

أما أحدث التصريحات – قبل أيام فقط – فجاءت على لسان الأدميرال جيمس كيلبي، القائم بأعمال قائد العمليات البحرية، الذي أبلغ المشرعين أن البحرية الأمريكية تستهلك صواريخ ستاندرد-3 "بمعدل مقلق للغاية". 

وأشار إلى أن القوات البحرية أنفقت أكثر من مليار دولار على الذخائر لمحاربة الحوثيين قرب البحر الأحمر وخليج عدن، فيما فقدت حاملة الطائرات هاري إس. ترومان ثلاث مقاتلات سوبر هورنت، بينها واحدة بنيران صديقة.

مقالات مشابهة

  • تقرير ألماني يسلط الضوء على مخاطر حروب الشرق الأوسط وتهديدها لكنوز التاريخ
  • قائد أنصار الله: عنوان تغيير الشرق الأوسط هو لصالح العدو الإسرائيلي لفرض سيطرته على المنطقة واستباحة شعوب الأمة
  • أكسيوس: الجيش الأمريكي غير قادر على الانسحاب من الشرق الأوسط
  • قطر تتصدر مؤشر السلام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لعام 2025
  • اليونيسف: طفل يُقتل أو يُشوه كل 15 دقيقة في الشرق الأوسط
  • الخارجية الأميركية: الشرق الأوسط تغيّر جذريًا .. وترامب يضغط لوقف إطلاق النار في غزة
  • الخارجية الأمريكية: الشرق الأوسط تغير جذريا إلى الأبد قبل أسبوعين
  • وَهْم "الشرق الأوسط الجديد" بدون مقاومة
  • دولة قطر تتصدر دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤشر السلام العالمي لعام 2025
  • 6 أسباب تجعل من كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 حدثًا استثنائيًا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا