أين ذهب إرث لينين؟ ولماذا يفضل بوتين ستالين عليه؟
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
لا يزال جثمان فلاديمير لينين المحنط مسجّى في ضريحه في الساحة الحمراء وسط موسكو، غير أن بصماته داخل المجتمع الروسي أزيلت إلى حد كبير بعد 100 عام على وفاته، إذ يتهمه الرئيس فلاديمير بوتين بأنه "اخترع" أوكرانيا، مفضلا عليه جوزيف ستالين.
ولم تعلن السلطات الروسية عن أي فعاليات خاصة بمناسبة هذه الذكرى المئوية اليوم الأحد، ومن المرتقب أن يجري الحزب الشيوعي مراسم بسيطة في الضريح المحاذي للكرملين.
عندما فارق فلاديمير إليتش أوليانوف الحياة في 21 يناير/كانون الثاني 1924 عن 53 عاما، بادرت السلطات السوفياتية بأمر من ستالين إلى تحنيط جثته وإقامة ضريح له.
ويتربع النصب المشيّد بالحجر المصقول الأحمر والأسود في قلب الساحة الحمراء منذ أكتوبر/تشرين الأول 1930. وفي العام 1953، نقل إليه جثمان ستالين أيضا قبل سحبه منه في 1961 في سياق حملة اجتثاث الستالينية.
وفي الحقبة السوفياتية، كانت جموع غفيرة تزور ضريح "أب الثورة البلشفية". أما اليوم، فلم يعد هذا المعلم يجتذب سوى حفنة من الأشخاص الذين يقصدونه مدفوعين بالحنين، حاملين أعلاما وأزهار قرنفل حمراء.
وباتت جثة لينين المحنّطة معلما سياحيا في المقام الأول. ويغلق الموقع مرة كل 18 شهرا كي يتسنّى للعلماء إعادة تحنيطها وإصلاح الأضرار فيها.
وبحسب وكالة "تاس" الرسمية، لم يبق سوى 23% من جسد لينين المحفوظ في تابوت من الزجاج المصفّح بحرارة 16 درجة مئوية.
ومنذ انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991، تثير الصحف بين الحين والآخر الجدل حول دفن الجثة. غير أن السلطات لم تتطرق يوما بجدية إلى هذا الاحتمال الذي سيثير بالتأكيد سخط الشيوعيين الذين ما زالوا يشكلون قاعدة انتخابية لا يستهان بها.
نادرا ما يأتي بوتين على ذكر لينين. وهذا ما جعل انتقاده اللاذع لأب ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1917 قبيل شنّ الهجوم على أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، يثير تساؤلات.
فقبل 3 أيام من الغزو، ألقى الرئيس خطابا شديد اللهجة أنكر فيه حقيقة وجود أمة أوكرانية، متهما لينين بأنه ابتكر أوكرانيا عند إنشائه اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية.
وبحسب بوتين، أقيمت الدولة الأوكرانية على أراض روسية. كما أنه يعتبر أن لينين -بإنشائه جمهوريات سوفياتية تتمتع بنوع من الحكم الذاتي- سمح ببروز قوميات، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى تفكك الاتحاد.
وقال الرئيس الروسي وقتذاك: "بسبب السياسة البلشفية، ظهرت أوكرانيا السوفياتية. ومن الصواب تماما تسميتها أوكرانيا لينين. فهو مخترعها، هو مهندسها".
غير أن أثر لينين لم يمّحَ بالكامل. فتماثيله لا تزال تتوسط عدة مدن روسية، حتى ولو أزيل الكثير منها عند انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي موسكو، يرتفع تمثال للينين على علو 22 مترا في قلب ساحة كالوغا. وفي "أولان- أوديه" في سيبيريا الشرقية، لا يزال تمثال لرأس لينين مرفوعا على قاعدة على ارتفاع 14 مترا.
كما وُضع تمثال نصفي للينين في أنتاركتيكا وتحديدا في أبعد نقطة عن الساحل حيث أقام الاتحاد السوفياتي في الماضي قاعدة له.
ومن بين كل الزعماء السوفياتيين، يفضل "سيد الكرملين"، ستالين، الذي غالبا ما يستشهد به ليس للتنديد بحملات القمع التي شنّها بل للإشادة برجل الدولة وزعيم الحرب الذي انتصر على ألمانيا في عهد هتلر ولو بثمن باهظ.
ويحرص بوتين دوما على إدراج حملته العسكرية ضد أوكرانيا في سياق موروثات الحرب العالمية الثانية، فيشبّه بانتظام السلطات الأوكرانية بالنازيين ويقدّم النزاع على أنه معركة وجودية لبقاء روسيا.
وفي نظر الكرملين، يبقى ستالين مثالا للنصر والقوة، في حين أن لينين خاسر من منظور التاريخ.
ولفت أليكسي ليفنسون، عالم الاجتماع في معهد الاستطلاعات "ليفادا"، إلى أن "السلطة الحالية بحاجة إلى ستالين لأنه بطل وشرير في آن. فهو كسب الحرب، لذا تُمحى كل فظائعه".
وتابع: "أما بالنسبة للينين، قائد الثورة العالمية، فهذا لم يحصل إطلاقا. لينين زعيم الطبقة الكادحة في العالم، لينين مؤسس الدولة الاشتراكية، كل هذا لم يعد له وجود. لم يعد أحد يريد ذلك".
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
بوتين: سنبقى سداً منيعاً في وجه النازية
الثورة / متابعات
أكَّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الشعب الروسي كله يدعم العملية العسكرية في أوكرانيا ويفخر ببطولات جنوده.
وشدد بوتين، خلال العرض العسكري في موسكو لمناسبة ذكرى النصر على النازية، على أن “روسيا تعتمد على وحدتها في الحرب والسلم للوصول إلى أهدافها الاستراتيجية باسم روسيا العظيمة ولمصلحتها”.
وأشار إلى أن “عيد النصر” هو أهم الأعياد في روسيا، وقدّر عالياً “الإسهام في النصر المشترك للشعب الصيني الصديق”، وقدّر أيضاً “عالياً إسهام حلفاء روسيا في تحقيق النصر، مشيراً إلى أن “الهزيمة الكاملة للنازية تحققت بفضل الجهود المشتركة للعديد من البلدان”.
وأكد أن “روسيا ستبقى دائماً سداً منيعاً في وجه النازية، وستواجه كل من يحاول تغيير التاريخ.. الحقيقة والعدالة في صفنا وإلى جانبنا”.
وتابع: “سنحمي بيتنا المشترك والقيم الإنسانية، وسننقل هذا الإرث العظيم إلى الأجيال المقبلة”.
وشهدت العاصمة موسكو استعراضا عسكريا ضخما شارك فيه نحو 10 آلاف جندي، بينهم قوات من 13 دولة، أبرزها الصين وفيتنام وميانمار ومصر وكوبا، بالإضافة إلى عرض معدات عسكرية ثقيلة، منها دبابات وأنظمة صواريخ دفاعية وهجومية، وتحليق لطائرات مقاتلة روسية.
وتأتي هذه الاحتفالات وسط إجراءات أمنية استثنائية، بعد تهديدات أوكرانية بتنفيذ هجمات بطائرات مسيرة.
وشارك نحو 20 من قادة الدول في مراسم الاحتفال، في تحدٍ واضح لسياسة العزلة الغربية المفروضة على موسكو منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وكان من أبرز الحاضرين الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.
كما حضر رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيتسو، رغم كونه زعيما لدولة عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما أثار انتقادات أوروبية.
ويربط الكرملين مرارا بين معركة روسيا الحالية في أوكرانيا وانتصارها على النازية عام 1945م، وحرصت السلطات على تسليط الضوء على “الدور البطولي” الذي لعبه الاتحاد السوفياتي في الحرب العالمية الثانية، التي أودت بحياة أكثر من 20 مليون سوفياتي وأصبحت جزءا محوريا من الهوية الوطنية الروسية.
يذكر أن روسيا تحتفل سنوياً في 9 مايو بعيدها الوطني “يوم النصر”، الذي يُقام إحياءً لذكرى النهاية المنتصرة للحرب الوطنية العظمى 1941- 1945م.
وقد أُعلن يوم 9 مايو يوم النصر على ألمانيا النازية في الاتحاد السوفياتي، بموجب مرسوم صادر عن رئاسة مجلس السوفيات الأعلى للاتحاد السوفياتي في 8 مايو 1945م.