كتبت قبل مدة مقالاً عن حدوته جمعية حماية المستهلك والتي لاوجود لها علي أرض الواقع سوى بمنشورات ونصائح خجولة على شبكات التواصل لم تحقِّق أي شئ للمستهلك الذي يعاني من ارتفاع مهول في أسعار المنتجات الغذائية والخدمية دون أي بادرة من الجمعية لحمايته أو (على الأقل) التخفيف من معاناته.
والعجيب والغريب أنه لا الجمعية ولا وزارة التجارة لا وجود لهما على أرض الواقع من حيث التخفيف على المواطن، وحتّى البلديات التي تهتم بزيادة دخلها من المنشآت الفردية أو الصغيرة، فإنها لا تهتم بالهايبر ماركت وتغولها في بعض الحالات، بل وحتى الضحك على الدقون بوضع حسومات خيالية لبعض المنتجات ، لكن على أرض الواقع فلا يوجد منتج وبحماية جملة تجارية (حتي نفاد الكمية!) رغم أن بحث المواطن عن المنتج كان في نفس ساعة ويوم صدور بروشور العروض.
الملفت في هذا الصدد انعدام الرقابة على الهايبر ماركت إلا في حالات نادرة مع تركيز التفتيش على المنشآت والمطاعم الصغيرة وبفرض غرامات فاحشة على تلك المنشآت بما أدي إلى خروج معظمها من السوق.
من المهم أن تعيد جمعية حماية المستهلك النظر في إجراءات الرقابة على الأسواق المحلية ، ويمكن في هذا الصدد الإستعانة بمتطوعين من المواطنين للإبلاغ عن أي مخالفات، ويبدو على أرض الواقع أن جمعية حماية المستهلك والغير مؤهلة عملياً لتوظيف مراقبين لإمكانياتها المحدودة، لا تستعين بالمتطوعين في رقابة المنشآت التجارية، ودون أي تكلفة مالية على الجمعية.
لاشك أن تطبيق هذه الخطوة مع توفير خط هاتفي ساخن للإبلاغ عن هكذا مخالفات، سيكون مفيداً للجمعية وللمتسوقين من هذه المنشآت التجارية، وبالتالي فسيؤدي مثل هذا الإجراء إلى تفعيل دور جمعية حماية المستهلك الأمر غير الملموس حالياً.
كاتب صحفي
ومستشار تحكيم دولي
mbsindi @
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: جمعیة حمایة المستهلک أرض الواقع
إقرأ أيضاً:
بين حصار لا ينتهي وموت بطيء .. الحقيقة التي يحاول العالم تجاهلها في غزة
في قطاع غزة اليوم، تتحوّل الحياة إلى اختبار يومي للبقاء، حيث يعيش السكان تحت حصار متواصل، ومعاناة متراكمة، وسياسات قاسية تمارس بشكل ممنهج، من قبل العدو الصهيوني، ما يُعانيه الفلسطينيون ليس مجرد تداعيات العدوان، ولا أضراراً جانبية للعدوان، بل خطة واضحة لإخضاع المجتمع وإبقائه في حالة إنهاك دائم، من نقص الغذاء والدواء، إلى تدمير البنية التحتية والمستشفيات، ومن المعابر المغلقة إلى التهجير القسري للمدنيين، كل عنصر من عناصر الحياة اليومية في غزة أصبح أداة ضغط، بينما الوعود الدولية بتحسين الوضع الإنساني تبقى حبراً على ورق.
يمانيون / تحليل / خاص
هذا التحليل يستعرض الواقع القاسي على الأرض من خلال رصد مباشر للتنكيل والإذلال الذي يتعرض له الفلسطينيون، وتداعيات السياسات المطبقة على المجتمع في كل من غزة والضفة الغربية، كما يوضح كيف تتحوّل هذه السياسات إلى تفكيك ممنهج للجغرافيا والمجتمع، واستنزاف للقدرة على الصمود أو المقاومة، وتحويل الفلسطيني إلى نسخة منهكة من نفسه.
الواقع يكشف خطة منظمة لتفكيك المجتمع الفلسطيني وتحويل حياته إلى صراع يومي للبقاء
غزة ليست مجرد مدينة محاصرة، ولا مجرد قطاع يتعرض لإبادة ووحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، إنها مختبر للقسوة الممنهجة على المدنيين، حيث تُدار الحياة اليومية بآليات الضغط والإرهاب النفسي والجسدي، ما يشهده السكان ليس عشوائياً، بل هو نتيجة سياسة واضحة لإبقاء الفلسطيني عاجزاً، منكسراً، ومرهقاً إلى أقصى حد ممكن.
وقفات الإنسانية الموعودة .. وعود بلا أثر
اتفاقات وقف إطلاق النار المتكررة لم تُحسّن الواقع الإنساني، بل أعادت إنتاجه بشكل أكثر إيلاماً، المعابر الإنسانية المفتوحة بشكل محدود لا تكفي لتوصيل المياه، الدواء، أو الوقود، والمستشفيات تعمل على الشظايا، والطواقم الطبية تنهار تحت ضغط مستمر، والمرضى يموتون بلا علاج متوفر، والحياة اليومية هنا تحولت إلى سلسلة من الاختبارات القاسية للبقاء، بدل أن تكون حياة.
التنكيل بالمدنيين
في رفح ومناطق أخرى، ظهرت مشاهد التحقير والإذلال التي لم تعد أحداثاً فردية، بل مؤشراً على سياسة منظمة لإخضاع المجتمع، المحتجزون يُسحلون، يُعرضون، يُهانون أمام الكاميرات، بينما يُترك المدنيون يعيشون في رعب دائم من أي تحرك أو اعتراض.
هذه السياسة أداة تحكم قصوى، جسد الفلسطيني كوسيلة لإرهاب النفس الجمعي، وفي الضفة الغربية، امتداد نفس الاستراتيجية، لا تختلف الصورة، من اغتيالات منتظمة للأسرى والمحررين، واعتقالات عشوائية مستمرة، وتوسع استيطاني يفتت الأرض والفكر، وتقسيم المجتمع إلى مناطق معزولة عن بعضها، بهدف إنتاج مجتمع عاجز عن المقاومة المنظمة أو الحياة الطبيعية، مجزأ جغرافياً ونفسياً.
تفكيك المجتمع
السياسات التي يطبقها العدو الصهيوني في غزة والضفة تعمل وفق منهجية خبيثة تهدف إلى إرهاق السكان اقتصادياً بالبطالة، ونقص الخدمات، وتوقف تام لمشاريع البنية التحتية، وتجويع نفس المجتمع المنهك الموجوع بنقص الغذاء والماء والدواء، وتفكيك الجغرافيا إلى كانتونات معزولة، وطرق مقطوعة، ومناطق مغلقة، وإبقاء أبناء غزة في إرهاق نفسي دائم، الخوف من القصف، والاعتقال، والتنكيل .
النتيجة هي مجتمع يعيش وهو غير قادر على الانفجار، حيث تحوّل كل يوم إلى اختبار للصبر على الألم، وليس لإعادة بناء حياة طبيعية.
التأثير العميق على الحياة اليومية
أطفال يموتون بسبب نقص الأدوية، نساء يقطعن أميالاً بحثاً عن ماء صالح، رجال يسهرون في انتظار المعابر، شوارع تتحوّل إلى مقابر صامتة، ومستشفيات تتكدس بالمصابين بلا علاج.
كل هذه التفاصيل تكشف حقيقة مؤلمة وواضحة، أن القسوة ليست نتيجة العدوان الصهيوني فقط، بل سياسة ممنهجة لإضعاف المجتمع وإبقائه تحت السيطرة المطلقة.
كشف الحقيقة واجب لا يمكن تأجيله
غزة اليوم ليست مجرد مشهد للمعاناة المستمرة، بل أرض تجارب للقسوة والإخضاع اليومي، والحقائق على الأرض تصرخ، من السياسات الصهيونية التي تحاول تحويل الفلسطيني إلى نسخة منهكة من نفسه، لكن الإنسانية تبقى شاهدة، وصرخة الحقيقة لا يمكن كتمها.