بسبب تمدد الحرب.. السودانيون يستخدمون الحمير كوسيلة إسعاف
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
الخرطوم- لم تُفلح كل محاولات أحمد إبراهيم في توفير سيارة لنقل والدته المريضة من مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة وسط السودان، إلى ولاية سنار المتاخمة، وما كان أمامه مخرج سوى الاستعانة بعربة يجرها حمار -تُعرف شعبيا باسم الكارو- تقلهما إلى نقطة بعيدة للحصول على سيارة خاصة.
ومنذ اجتياح قوات الدعم السريع لود مدني المحاذية للعاصمة الخرطوم في 18 ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعطلت كل المرافق الصحية والإسعافية، وتوقفت خطوط المواصلات وحركة نقل السيارات الخاصة التي يخاف أصحابها قيادتها خشية تعرضها للنهب.
ونزح إبراهيم إلى ود مدني بعد اشتداد القتال في العاصمة حيث كان يقيم في ضاحية الكلاكلة جنوبي الخرطوم، ويقول -للجزيرة نت- إنه فشل في توفير سيارة لنقل والدته المريضة لإجراء جلسة غسيل الكلى التي تخضع لها منذ عامين.
مساع حثيثةويتحدث الشاب عن مساعيه الحثيثة لإقناع عدد من عناصر الدعم السريع المتمركزين داخل الحي السماح له بالخروج ونقل والدته للحاق بالجلسة المتأخرة أو المساعدة في نقلها، لكنهم رفضوا.
ومع تراجع حالة والدته الصحية، تلقى إبراهيم نصائح من جاره بضرورة البحث عن "كارو" لنقلها. وبالفعل، عقب رحلة بحث مضنية وبمساعدة الجيران وجد إبراهيم "كارو" ووافق صاحبه على نقلهما إلى نقطة معينة قرب حدود المدينة، ومن ثم نقلها بواسطة سيارة اتفق صاحبها مع عناصر الدعم السريع للسماح له بالوجود فيها.
اتفق إبراهيم، وفق روايته للجزيرة نت، مع مالك عربة "الكارو" على نقل والدته وبعض الأمتعة مسافة تصل إلى 13 كيلومترا مقابل 250 ألف جنيه سوداني (قرابة 250 دولارا)، ووصلوا إلى نقطة اللقاء مع سائق العربة بعد يوم كامل من السير وقضاء فترات للراحة وتناول الطعام تحت الأشجار.
يقول محمد علي -الذي يعمل في تجارة الماشية- إن أسعار الحمير سجلت ارتفاعا كبيرا خلال الأسابيع الأخيرة تراوحت بين 600 و650 ألف جنيه (600 دولار) للحمار الواحد، في حين لم يتجاوز سعرها قبل الحرب 150 ألف جنيه (150 دولارا) بعد أن تحولت إلى وسيلة مواصلات ونقل وحيدة بالمدينة.
بالمقابل، فإن أسعار الخيول -رغم قلتها- ارتفعت بشكل جنوني لما يعادل 1500 دولار للحصان الواحد.
ولفت محمد إلى أن الكثيرين يستخدمون الحمير والخيول التي تجر العربات، في الإسعاف ونقل البضائع والمواصلات حاليا مع انعدام حركة السيارات وأزمة الوقود الراهنة.
تحول جديدويفيد أحد أعضاء لجان المقاومة في ود مدني -طلب عدم ذكر اسمه- بأن السكان باتوا يعتمدون بشكل أساسي على الدواب في حركة النقل والإسعاف والمواصلات في تحول جديد لمظهر الحياة في المدينة التي تُعد إحدى أكبر مدن السودان.
وانتقد عضو اللجان بشدة التضييق الذي تمارسه قوات الدعم السريع على السكان وحركتهم، إلى جانب مصادرة السيارات ووسائل النقل الأخرى.
وأكد أحد الذين نجحوا في الفرار من ود مدني إلى ولاية سنار، للجزيرة نت، استخدامه مع أسرته عربة "كارو" عند خروجهم حيث لا تُبدي قوات الدعم السريع اهتماما كثيرا للأمر، في وقت تمنع فيه حركة السيارات، ويقوم عناصر تابعون لها في كثير من الأحيان بنهبها تحت تهديد السلاح بدعوى حاجتهم إليها في العمل.
ويعتقد عبد الرحمن الأمين صاحب عربة "كارو"، في حديث للجزيرة نت، أن تحول السكان إلى استخدام هذه الوسيلة نتج عن انعدام أي خيار آخر بعد توقف حركة المواصلات وسيارات الإسعاف ومنع مرور العربات ونصب قوات الدعم السريع نقاط تفتيش في شوارع ود مدني وتضييقها الأمني على قيادة أي سيارة.
كما يؤكد استغلال بعض أصحاب عربات "الكارو" للأوضاع الحالية برفع قيمة الترحيل، بينما يقدم آخرون الخدمة بأسعار معقولة، حسب تصريحه.
ويتحدث الأمين عن إسهامه في نقل أكثر من 21 أسرة منذ دخول قوات الدعم السريع للمدينة ونقل الماء والمواد الغذائية لبعض الأحياء البعيدة من مركز المدينة وسوقها الرئيسي.
وفي منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، أثارت صورة الشاعر السوداني الشهير هاشم صديق، وهو يُنقل على عربة "كارو" يجرها حصان، ردود فعل واسعة في السودان وخارجه.
واضطُرت أسرته لإجلائه في هذه العربة من منزله بحي بانت في مدينة أم درمان بالعاصمة الخرطوم، لتلقي العلاج بعد منع دخول وخروج السيارات للحي الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع للجزیرة نت ود مدنی
إقرأ أيضاً:
مقتل طالب واصابة ثلاثة آخرين في انفجار طلقة دوشكا بمدرسة شرق مدني
شهدت مدرسة جبر النموذجية شرق مدينة ودمدني، حادثة مأساوية، حيث انفجرت طلقة(دوشكا) داخل فصل دراسي، مما أدى إلى وفاة الطالب محمد جلال الأمين وإصابة ثلاثة آخرين بجروح متفاوتة.
ود مدني: التغيير
وتعتبر هذه الحادثة امتدادا الأخيرة لسلسلة حوادث متكررة تشهدها ولاية الجزيرة، حيث تتسبب مخلفات الحرب في وقوع ضحايا وإصابات بين المدنيين، خاصة الأطفال.
تفاصيل الحادثوفقًا لمنصة “أم القرى” الإعلامية، فإن الحادثة وقعت عندما عثر الطالب محمد جلال الأمين على طلقة دوشكا داخل الفصل، وحاول العبث بها، ما أدى إلى انفجارها فورًا، متسببة في وفاته وإصابة ثلاثة طلاب آخرين بجروح متفاوتة.
وتشير التقارير إلى أن الانفجار وقع داخل فصل دراسي، مما يسلط الضوء على خطورة انتشار مخلفات الحرب في المناطق التعليمية.
تكررت حوادث انفجار مخلفات الحرب في ولاية الجزيرة، حيث سجلت عدة حوادث مماثلة في الأشهر الأخيرة.
وفي مارس الماضي، لقيت امرأة مصرعها وأصيب آخرون بجروح خطيرة إثر انفجار أحد مخلفات الحرب في حي العيشاب بالجزيرة.
كما شهد شهر رمضان حادثة أخرى، حيث انفجر لغم أرضي في قرية ود بلحة شرق مدني، مما أدى إلى مقتل شخصين أثناء تجهيزهما لإفطار رمضان.
تعتبر مخلفات الحرب خطرًا كبيرًا على الأطفال، حيث يمكن أن تنفجر بسهولة وتسبب إصابات خطيرة أو حتى الوفاة.
و في فبراير الماضي، انفجرت طلقة دوشكا في حي المداح بأم القرى ايضا، مما أدى إلى إصابة 6 أطفال بعد وضعهم “مخلف الدوشكا” على النار.
وتشير التقارير إلى أن الأطفال غالبًا ما يقعون ضحايا لهذه الحوادث بسبب عدم وعيهم بخطورة هذه المخلفات.
ناشدت منصة أخبار أم القرى جهات الاختصاص للتدخل العاجل وإجراء مسح شامل للمنطقة لإزالة مخلفات الحرب. كما دعت السكان إلى توخي الحذر والابتعاد عن الأجسام الغريبة التي قد تكون خطرة. وتعتبر هذه النداءات ضرورية لوقف سلسلة الحوادث التي تتسبب في وقوع ضحايا وإصابات بين المدنيين.
وتسلط حادثة مقتل الطالب محمد جلال الأمين وإصابة ثلاثة آخرين الضوء على خطورة انتشار مخلفات الحرب في المناطق المدنية والتعليمية. ووجدت حوادث المخلفات إدانة واسعة في وسائل التواصل الاجتماعي حيث طالب السودانيون بتدخل عاجل من جهات الاختصاص لإزالة هذه المخلفات وتوعية السكان بخطورتها.
وتنامت الدعوات للفاعلين والناشطين في هذه المجتمعات بضرورة توعية المدنيين والتنسيق مع الجهات المعنية من أجل العمل سويًا لوقف سلسلة الحوادث التي تتسبب في وقوع ضحايا وإصابات بين المدنيين، خاصة الأطفال.