700 شهيد ومصاب فى 20 محرقة صهيونية بمراكز الإيواء فى قطاع غزة
تاريخ النشر: 22nd, January 2024 GMT
الاحتلال يعيد سيناريو مجمع الشفاء فى «ناصر» الطبى ويمطر خان يونس بالغارات
الأحزمة النارية تحاصر 30 ألف مريض ونازح من الشمال ونبش 16 مقبرة
محاولة لفصل المحافظة وتحويلها إلى منطقة معزولة.. وتصعيد بحرب مفتوحة مع لبنان
إيطاليا تحظر صادرات الأسلحة لتل أبيب وتطالب بوقف الحرب
أعاد أمس الاحتلال الصهيونى النازى سيناريو محارق مجمع الشفاء فى شمال القطاع وارتكب سلسلة مجازر ضد المرضى المحولين من المستشفيات المدمرة بينهم عشرات الآلاف من النازحين بـ5مراكز فيما فر من استطاع تحت شدة الغارات الوحشية إلى رفح جنوباً لمسافة طويلة وسط ظروف مناخية قاسية وسط مخاوف من تدمير مجمع ناصر الطبى الوحيد ودفع أهالى القطاع للجنوب المكتظ بالنازحين.
وأعلنت مصادر طبية ارتكاب الاحتلال 20 مجزرة على الأقل خلال الساعات الـ24 الماضية راح ضحيتها 250 شهيداً و440 مصاباً. بينها محرقة خان يونس بأكثر من 170 شهيداً ومصاباً ونبش القبور فى عدد من مقابر محافظة خان يونس، وكشفت «سى إن إن» عبر صور لأقمار صناعية تدنيس الاحتلال لما لا يقل عن 16 مقبرة فى هجومه البرى على غزة.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية فى غزة أن عدد الإصابات الخطيرة يفوق القدرة الاستيعابية لغرف العمليات والعناية المركزة بمجمع ناصر الطبى فيما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفى الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف الوصول إليهم.
وقالت إن مئات الشهداء والمصابين لا يزالون فى الأماكن المستهدفة والطرقات ونددت الوزارة بمنع الاحتلال تحرك سيارات الاسعاف لانتشال الضحايا غرب خان يونس وسط مخاوف من قيام قوات الاحتلال بحصار خان يونس بما تفعله فى شمال القطاع عبر قطعها طريق الرشيد عن غرب المنطقة الاحتلال.
وأكد الهلال الأحمر الفلسطينى أن الاحتلال يركز استهدافه على المنظومة الصحية فى غزة، ويحاول وقف مستشفيات خان يونس عن العمل، وتفرض قوات الاحتلال حصارا خانقا على مستشفى الأمل وتمنع طواقمه الطبية من التحرك.
وأوضح أن الاحتلال يحاول فصل المحافظة عن باقى المحافظات وتحويلها إلى منطقة معزولة، واضافت جمعية الهلال بخان يونس أن الدبابات الإسرائيلية اصبحت قرب مستشفى الامل مع فقد الاتصال بشكل كلى عن طواقمه فى خان يونس جراء الاجتياح البرى.
وأكد المكتب الإعلامى الحكومى أن الاحتلال يستهدف 30 ألف نازح فى 5 مراكز إيواء بخان يونس ادعى أنها آمنة ويرتكب مجزرة خلفت العديد من الشهداء.
وكان قد دعا اهالى القطاع للجوء إليها ثم ارتكب فيها مجزرة ضمن حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الاحتلال ضد المدنيين والأطفال والنساء فى قطاع غزة.
وأكد المكتب الإعلامى الحكومى أن الاحتلال استهدف مراكز النزوح بالقصف المباشر وطائرات الكواد كابتر وطائرات الاستطلاع والمدفعية، وأوضح أن مراكز الإيواء التى تم استهدافها هى مركز إيواء جامعة الأقصى والكلية الجامعية ومدرسة خالدية ومدرسة المواصى مركز إيواء صناعة خان يونس.
حمل المكتب الحكومى الاحتلال كامل المسئولية عن هذه الجرائم المتواصلة بحق شعبنا الفلسطينى وخاصة بين صفوف النازحين فى مراكز الإيواء والنزوح، كما نحمل المجتمع الدولى والإدارة الأمريكية والرئيس «جو بايدن» شخصيا نتيجة استمرار هذه المجازر والجرائم ضد القانون الدولى وضد القانون الدولى الإنسانى وضد كل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، فهم من منحوا الاحتلال الضوء الأخضر لارتكاب هذه المجازر، وكذلك رفضوا وقف هذه الحرب الوحشية على قطاع غزة.
وطالب لمكتب الإعلامى كل دول العالم الحر بالتدخل الفورى والعاجل من أجل وقف حرب الإبادة الجماعية، ووقف شلال الدم ووقف قتل واستهداف المدنيين والأطفال والنساء.
يأتى ذلك فيما تشهد الضفة المحتلة مواجهات واقتحامات دامية مع الاحتلال وكذلك التصعيد مع حزب الله على الجبهة الجنوبية اللبنانية.
أعلن حزب الله اللبنانى، استشهاد عنصر ثان من قواته فى المواجهات، ونعى الحزب فى بيانه على سعيد يحيى من بلدة الطيبة فى جنوب لبنان. وكانت بلدة الطيبة الجنوبية تعرضت لقصف مدفعى إسرائيلى.
وأعلن وزير الحرب الصهيونى «يوآف جالانت» أنه حتى لو توقف حزب الله عن إطلاق الصواريخ، فلن نوقف عملياتنا العسكرية ضده حتى يتغير الوضع الأمنى فى الشمال، جاء ذلك فى تصريحات له نقلتها صحيفة «يديعوت أحرونوت»، خلال لقائه مع وزير الخارجية الفرنسى ستيفان سيجورنى فى تل أبيب، مع استمرار تصاعد التوترات الأمنية على الحدود مع لبنان. وقال جالانت: «حتى لو أوقف حزب الله إطلاق النار من جانب واحد، فإن إسرائيل لن توقف إطلاق النار حتى تضمن العودة الآمنة لسكان الشمال إلى منازلهم، بعد تغير الوضع الأمنى على الحدود».
وأعلنت القناة 11 العبرية أن الجميع فى حالة استعداد للحرب فى الجبهة الشمالية.
وقالت إن جزءاً من التحضيرات يتضمن: تعزيز المستشفيات وإجلاء المصابين عبر القطارات التى ستتحول إلى سيارات إسعاف. وإخلاء وإيواء 100 ألف شخص من سكان الجبهة الشمالية مع لبنان وتوطينهم فى مناطق أخرى.
وأكد وزير الخارجية الإيطالى أنتونيو تايانى لصحيفة «كوتيديانو ناسيونالى» أنه منذ بداية الحرب على غزة توقفت إيطاليا عن إرسال أى نوع من الأسلحة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلى وقال «كل هذا محظور الآن، أوقفنا جميع عمليات تسليم أنظمة الأسلحة والمعدات العسكرية من أى نوع، وجاء ذلك بعد أن دعا البرلمان الإيطالى إلى وقف تأجيج الحرب».
تبذل مصر جهوداً شاقة لوقف حرب الإبادة الجماعية على غزة وسط تعنت حكومة الاحتلال الصهيونى اليمينية المتطرفة برئاسة «بنيامين نتنياهو».
وكشفت امس صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية عن ضغوط مصرية قطرية أمريكية باتجاه إنهاء شامل للحرب فى غزة ضمن خطة واضحة خلال ثلاثة شهور على الأقل. وأوضحت أن الشركاء يضغطون على تل أبيب للانضمام إلى عملية دبلوماسية متدرجة
وأكدت الصحيفة الأمريكية أن الخطة تتضمن فترة زمنية 90 يوماً من بدء تنفيذها وقف إطلاق النار لفترة غير محدودة وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين على ثلاث دفعات مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال والانسحاب العسكرى من قطاع غزة بشكل كامل والسماح بحرية الحركة فى القطاع، ووقف رحلات المراقبة، وإنشاء صندوق دولى لإعادة الإعمار والتعهد بعدم المساس بالقادة السياسيين لحركة حماس.
وأكد مسئولون مطلعون للصحيفة أن حماس وإسرائيل أبدتا استعداداً لاستئناف المحادثات غير المباشرة بعد أسابيع من انقطاعها، ومن المتوقع أن تستأنف فى القاهرة خلال الأيام المقبلة. الا ان رئيس حكومة الاحتلال «بنيامين نتنياهو» يرفض بشكل قاطع شروط حماس لصفقة تبادل الأسرى. قائلا «يجب أن تكون غزة منزوعة السلاح تحت السيطرة الأمنية الكاملة لإسرائيل»
وواصل «نتنياهو» عناده بقوله «لن أساوم على السيطرة الأمنية الإسرائيلية الكاملة على كامل الأراضى الواقعة غرب نهر الأردن، إصرارى هذا هو الذى منع لسنوات إقامة دولة فلسطينية كان من شأنها أن تشكل تهديداً وجودياً لإسرائيل».
وندد زعيم المعارضة «يائير لابيد» بتصرفات « نتنياهو» فى إدارة الحرب وقال «يائير» كل اجتماع للحكومة أو للمجلس الأمنى ينتهى بتسريبات ومشاجرات بين الوزراء، ليست هذه هى الطريقة التى تدار بها الحرب والدولة وأنتم عار على إسرائيل.
وأكد موقع «والا العبرى» اعتراف الأمريكيين بأن صفقة تبادل الأسرى هى الطريقة الوحيدة على ما يبدو لاستعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة.
ونقلت القناة 12 العبرى عن مصدر إسرائيلى رفيع قوله يوجد مقترحات جديد لصفقة تبادل، ولكن الفروقات لم تتقلص بعد والمعضلة هى هل يتم انتظار المقترحات المطروحة، أم التقدم بمبادرة إسرائيلية.
وأضاف المصدر أن جهات إسرائيلية قالت: سيطلب منا أيضاً الإفراج عن أسرى شاركوا فى أحداث السابع من أكتوبر. وذلك وسط رفض «نتنياهو» تحت كل الظروف الإفراج عن عناصر النخبة من حماس الذين شاركوا فى طوفان الأقصى وسط ضغط الولايات المتحدة والدول الوسيطة على حماس وإسرائيل بالدخول فى مفاوضات جديدة. وأشارت المصدر الإسرائيلى إلى ان رسالتهم تقول ان الحرب ديناميكية، ومن الممكن فى المستقبل أن تكون عمليات وقف إطلاق نار أخرى.
واقتحمت مجموعة من أقارب الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حركة حماس، اجتماعاً للبرلمان «الكنيست» بالقدس المحتلة مطالبين النواب ببذل مزيد من الجهد لمحاولة إطلاق سراح ذويهم. وسط تزايد المعارضة داخل إسرائيل فى الشهر الرابع من حرب غزة، ولا يزال نحو 130 محتجزاً فى غزة، بعد إعادة آخرين إلى منازلهم خلال هدنة تم التوصل لها فى نوفمبر الماضى.
وكان المتظاهرون قد أغلقوا مدخل الكنيست فيما تدخلت الشرطة وسحبت بعض المتظاهرين «من أيديهم وأرجلهم» من وسط الطريق بهدف تفريق التجمعات التى كانت تطالب برحيل «نتنياهو». ورفع المتظاهرون، الذين يشكل غالبيتهم كبار السن، شعار «المجرمين الذين دمروا البلاد» للشرطة، وفرضوا عليها التراجع والانسحاب خلف المتاريس التى نصبتها قوات الأمن. وتشهد عدة مستعمرات إسرائيلية بالداخل الفلسطينى المحتل مظاهرات احتجاج على الحكومة فى الفترة الأخيرة، حيث يعتبر المتظاهرون أن نتنياهو يدير هذه المرحلة الحرجة بشكل غير فعال، خاصة فى الحرب على غزة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: قطاع غزة الاحتلال الصهيونى الهلال الأحمر الفلسطيني جامعة الأقصى وزير الخارجية الإيطالي الإبادة الجماعیة أن الاحتلال حزب الله خان یونس قطاع غزة على غزة فى غزة
إقرأ أيضاً:
نتنياهو لا يعبد إلا نتنياهو.. هكذا يقامر رئيس الوزراء بمستقبل الاحتلال
في الفيلم الأميركي الشهير "ذيل الكلب" (Wag the Dog-1997) يتعاون خبير تعديل الحقائق السياسية كونراد بريان (يجسد دوره الممثل روبرت دي نيرو) مع المنتج الهوليودي ستانلي موتس (داستن هوفمان) لابتكار حرب وهمية في ألبانيا بهدف صرف انتباه الجمهور عن فضيحة أخلاقية تتعلق بالرئيس الأميركي قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات.
يمثّل الفيلم محاولة معدلة لتجسيد رواية الكاتب الأميركي لاري بينهارت بعنوان "البطل الأميركي" الصادرة عام 1993 التي افترضت أن عملية عاصفة الصحراء (التي دشنتها أميركا في أعقاب غزو صدام حسين للكويت) عام 1991 كانت مصممة في جوهرها لتأمين عملية إعادة انتخاب الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الأب. ويجسد الفيلم والرواية معا مفهوما في العلوم السياسية يدعى "المقامرة من أجل البقاء" (Gambling for resurrection) الذي يصف لجوء القادة السياسيين إلى تصرفات "غير تقليدية" لضمان بقائهم في أوقات الأزمات، بما يشمل إشعال الحروب أو إطالة زمان بقائها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"رجل الإبادة الجديد".. ماذا سيرى إيال زامير في مرآة غزة؟list 2 of 2قاتل المصلّين مثله الأعلى.. من أين جاء بن غفير بكل هذا القبح؟end of listتخيّل معنا مشهدا سياسيا مأزوما: قائد يتراجع حضوره الشعبي، تتوالى فضائحه، وتتراكم أزماته دون أفق واضح للحل، في حين يزداد الخناق السياسي عليه من خصومه الذين يستعدون لاقتناص الفرصة للإجهاز عليه.
إعلانتَعِدُ الأرقام والمؤشرات بنهاية وشيكة لحياته السياسية، وتبدو الأدوات السياسية التقليدية للتهدئة أو محاولاته لكسب الوقت غير مجدية. ساعتها، وحين يشعر القائد أن خسارته الشخصية مؤكدة في حال استمرت الأوضاع على ما هي عليه، فإنه يُغري نفسه بالذهاب نحو تصعيد غير محسوب، عبر فتح جبهة صراع جديدة أو توسيع نطاق صراع قائم بشكل يتجاوز المعقول سياسيا أو إستراتيجيا.
تظهر هذه السمات جلية في حالة بعينها على أرض الواقع حاليا، وهي قرار بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي بالاستمرار في حرب الإبادة ضد قطاع غزة لمدة ناهزت 20 شهرا. وبينما فشلت الحرب في تحقيق أهدافها السياسة باعتراف الإسرائيليين أنفسهم، يستمر نتنياهو في تغذية حلقة الدم لتفادي الخسارة الشخصية، ويقوم بتوسيع الصراع بصورة لا تتلاءم مع الأهداف العسكرية والإستراتيجية التي يمكن تحقيقها.
المقامرة من أجل البقاءظهر مصطلح "المقامرة من أجل البقاء"، أو "المقامرة من أجل البعث" كما تقول الترجمة الحرفية التي ترمز إلى عملية إحياء سياسي بعد الموت، رسميا لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي على يد عالمي السياسة جورج دبليو داونز وديفيد م. روك، اللذين لاحظا كيف يسعى القادة الذين يواجهون خسارة وشيكة لمناصبهم إلى اتخاذ تدابير صادمة ويائسة على أمل تحقيق نجاح باهر ينقذ مسيرتهم المهنية، وقدما هذه الرؤية في كتابهما "النقص الأمثل؟.. عدم اليقين الداخلي والمؤسسات في العلاقات الدولية" (Optimal Imperfection? Domestic Uncertainty and Institutions in International Relations) الصادر عام 1995.
بحسب رؤية داونز وروك، يمكن لشن مغامرة عسكرية أن يحشد الناس عن طريق توحيدهم ضد عدو خارجي وتشتيت انتباههم عن إخفاقات القائد في الداخل. وفي حالة حرب قائمة بالفعل، قد يرفض القائد تقليل الخسائر أو صنع السلام لأن ذلك يعني سقوطه الشخصي، وبدلا من ذلك، يُواصل القتال بهدف حشد الناس حول قضية ما، آملا في تغير الموازين.
إعلانيدعى ذلك الاحتشاد الجماهيري بـ"تأثير الالتفاف حول الراية" (Rally ’round the flag)، وهو يعني زيادة (عادة ما تكون قصيرة الأمد) في الدعم الشعبي لقادة أو حكومة بلدٍ ما خلال أوقات الأزمات الوطنية أو الحروب، ويتجلى هذا التأثير بشكل خاص خلال التهديدات الخارجية، مثل الصراعات العسكرية، والهجمات الإرهابية والكوارث الطبيعية واسعة النطاق.
في أوقات الأزمات، يشعر المواطنون بشعورٍ أقوى بالهوية والوحدة، مما يؤدي -في الغالب- إلى دعم القيادة الحالية بغض النظر عن كفاءتها ونزاهتها. وفي هذا السياق، يُنظر إلى انتقاد القيادة في هذه الأوقات تحديدا على أنه عمل غير وطني، مما يعزز في المُحصلة من كتم الأصوات المناوئة والمعارضة. كما أن وسائل الإعلام تُكثر من التركيز على تصرفات الحكومة الإيجابية وبطولاتها، مما يمنح القادة إطارا جذابا يصرف الأنظار عن الإخفاقات والأزمات الداخلية.
واليوم يعد "تأثير الالتفاف حول الراية" من المسلمات في علم الاجتماع السياسي التي أثبتتها التجارب والاستطلاعات في بيئات ومجتمعات وسياقات مختلفة. فمثلا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول، ارتفعت نسبة تأييد جورج بوش الابن من 51% إلى قرابة 90% خلال أيام فقط على الهجمات، وظلت تتأرجح فوق نسبة الـ80% خلال الأشهر التالية، وفقا لدراسة بعنوان "11 سبتمبر وتأثير الراية" صدرت عام 2002.
وقبل ذلك خلال أزمة الصواريخ الكوبية، ارتفعت نسبة تأييد الرئيس جون كينيدي إلى 74%، وبلغت ذروتها في ديسمبر 1962 عند 76%، قبل أن تنخفض تدريجيا وصولا إلى مستوى ما قبل الأزمة وهو 61% في يونيو/ حزيران 1963. وبالمثل حقق الرئيس فرانكلين روزفلت زيادة قدرها 12 نقطة مئوية في نسبة التأييد من 72% إلى 84% بعد الهجوم على بيرل هاربر في ديسمبر/ كانون الأول عام 1941.
دعونا ننوّه هنا، أن كل ما سبق قد حصل مع قادة لم يواجهوا تحديات شخصية غير تقليدية لمستقبلهم السياسي، لكنهم استفادوا وفق ما استجد من أحداث من الأزمات لتعزيز حظوظهم، فكيف الحال بقائد يواجه أصلا مشكلات سياسية ليس أقلها الفساد وسهام المحاكمات مسلّطة عليه من كل جانب؟ هنا يصبح التصعيد أكثر جاذبية من السلام، ذلك أن القائد يتعاظم لديه الشعور بأنه ليس ثمّة ما يخسره، أما إذا انسحب الآن، فقد انتهى أمره بالضرورة، في حين إذا واصل مسيرته وانتصر بطريقة ما، فلربما ينجو سياسيا.
إعلانيشبه الأمر حال لاعب بوكر يُراهن بكل شيء بعد خسارته لجولات عدة، لأن الانسحاب يعني هزيمة مؤكدة. وبالمثل، وبمجرد أن يُدرك القائد أن رحيله أو عزله شبه مؤكد، لا يبقى هناك أي خطر شخصي في المقامرة على نصر أخير.
تصف ورقة بحثية بعنوان "صراعات الإلهاء: شيطنة الأعداء أم إظهار الكفاءة؟" نُشرت في مجلة "إدارة الصراعات وعلوم السلام" (Conflict Management and Peace Science) هذا الأمر بأنه اقتراح منخفض المخاطر وعالي المكافأة من وجهة نظر القائد، فعندما تكون على وشك فقدان السلطة على أي حال، فإن "الجانب السلبي" لمغامرة فاشلة يكون ضئيلا، لكن الجانب الإيجابي للنجاح قد يكون الاحتفاظ بالمنصب رغم كل الصعاب. باختصار، اليأس يُولّد الجرأة، وضعف موقف القائد نفسه يجعله أكثر استعدادا لتبني حلول متطرفة قد يتجنبها قائد واثق راسخ الحال.
علم نفس المخاطرة تحت الضغطتؤكد الأبحاث النفسية أن البشر يتصرفون بشكل مختلف عندما تكون المخاطر عالية والنتائج المنتظرة تبدو قاتمة. والسبب في ذلك أن التوتر والأزمات يضعفان القدرة على الحكم السليم ويشجعان على خوض مخاطرة أكبر. بعبارة أخرى، عندما نشعر بالضيق أو التهديد، قد تميل أدمغتنا نحو اتخاذ إجراءات جريئة وغير محسوبة بدلا من التراجع الحذر. ولا شك أن القائد الذي يقف على حافة الفشل يتعرض لضغط شديد، مما يُضيّق تركيزه حول فكرة البقاء على الأمد القصير ويجعل خيار "النجاة الشخصية" يبدو جذابا فطريا.
تُساعد فكرة رئيسية من علم الاقتصاد السلوكي، تُعرف بـ"نظرية التوقعات" (Prospect theory)، على توضيح هذا الأمر، وتعد من أهم النظريات التي فسّرت الكيفية التي يتخذ الناس من خلالها قراراتهم في مواقف تتضمن المخاطرة أو عدم اليقين في حياتهم اليومية. وتتلخص الفكرة الأساسية للنظرية في أن الناس لا يتخذون قراراتهم بشكل منطقي تماما، بل يتأثرون بأشياء كثيرة منها مشاعر الخسارة والربح.
إعلانفمثلا، توضح النظرية أن الناس يكرهون الخسارة أكثر من حبهم للربح، بمعنى أن خسارة مبلغ معين من المال "توجع" أكثر بكثير (ربما 3 أضعاف) من فرحة ربح المبلغ نفسه، وهذا يسمى "النفور من الخسارة".
عندما يشعر الشخص أنه يخسر (أو خسر بالفعل شيئا مهما)، فإنه لا يتصرف بمنطق وعقلانية، بل يدخل فيما يُسمى "منطقة الخسارة" بحسب النظرية، حيث يصبح الخوف من الخسارة أكبر من الرغبة في المكسب، ومن ثم يكون مستعدا للمخاطرة أكثر بكثير من أي وقت مضى لتجنب الخسارة فقط، وذلك بغض النظر عن أي مكسب يمكن تحقيقه.
في الواقع، هذا التأثير واسع النطاق، ولا ينحصر في السياسة فقط، حيث إن فكرة "المقامرة من أجل البقاء" لا تقتصر على الحرب أو حتى السياسة، لكنها تجري على كل شيء. لأنها تقوم بالأساس على أمرين، الأول هو طبيعتنا النفسية والثاني هو نظرية الألعاب، التي يمكنها تفسير الكيفية التي ندير بها قرارات الربح والخسارة.
تخيل مثلا مدرب كرة قدم يعلم أنه سيُطرد إذا خسر الفريق المباراة التالية (احتمال خسارة 100%)، هنا ستجد أنه بدلا من اللعب بأمان، قد يلجأ إلى تكتيك مجنون، حتى لو كان من غير المرجح أن ينجح. مثلا، إن كانت فرص نجاح هذا التكتيك 0.001%، فإنها تظل أفضل من احتمالية خسارة موقعه بنسبة 100%
استخدم الاقتصاديون مفهوما مشابها لوصف سلوك الأفراد وحتى الكيانات خلال الأزمات المالية. على سبيل المثال، خلال حالات فشل البنوك أو شركات التأمين في الأزمات الاقتصادية الكبرى قد تُقدم البنوك أو الشركات المتعثرة على أخطار مالية متهورة أملا في تحسين أوضاعها.
خلال الأزمة المالية العالمية عام 2008 على سبيل المثال، لاحظ الباحثون أن بعض البنوك التي تواجه الانهيار تخلصت من شبكات الأمان (التحوطات) الخاصة بها لتعزيز أرباحها قصيرة الأجل، مُتحملة بذلك مخاطر أكبر. إذا نجحت هذه المقامرة، سيستفيد المساهمون، وإذا فشلت ستتحمل الحكومة أو الدائنون الخسائر، أما الانهيار فكان آتيا لا محالة في كل السيناريوهات.
إعلان من راهنوا على النجاةلكن المشكلة الرئيسية في مبدأ "المقامرة من أجل البقاء" أنه كثيرا ما يأتي بنتائج مأساوية تتجاوز تأثيراتها القائد المأزوم نفسه. من الأمثلة الكلاسيكية التي يستشهد بها الباحثون على ذلك غزو الأرجنتين لجزر فوكلاند عام 1982. في ذلك الوقت، كان المجلس العسكري الأرجنتيني، بقيادة الجنرال ليوبولدو غاليتييري، يواجه استياء داخليا شديدا، إذ كان الاقتصاد في حالة يرثى لها، وشعبية النظام متدنية. وفي أبريل/ نيسان 1982، شن غاليتييري غزوا لجزر فوكلاند الخاضعة للسيطرة البريطانية، بزعم تأكيد مطالبة الأرجنتين الإقليمية القديمة بالجزر.
نجحت الخطة لفترة وجيزة، إذ احتشد الأرجنتينيون في البداية لدعم الحرب، إلا أن هذه المغامرة باءت بالفشل، إذ شنت رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر هجوما مضادا وانتصرت في الحرب، وهُزمت القوات الأرجنتينية، وأُزيح غاليتييري من السلطة على الفور. تُبيّن حرب فوكلاند كيف يُمكن للمقامرة من أجل البقاء أن تأتي بنتائج عكسية، مُسرّعة بذلك من تحقيق النتيجة التي كان يخشاها القائد (فقدان السلطة) ومُسببة تكاليف إضافية على طول الطريق.
وعلى غرار حرب فوكلاند، هناك العديد من الأمثلة التاريخية التي يصنفها الباحثون ضمن إطار "المقامرة من أجل البقاء"، واحد منها هو الضربات العسكرية الثلاثة التي وجهتها إدارة بيل كلينتون الأميركية ضد العراق (العملية ثعلب الصحراء في يناير/ كانون الثاني عام 1998) وضد أهداف في السودان وأفغانستان (العملية إنفينيت ريتش في أغسطس/ آب 1998) وأخيرا عملية بلغراد التي قادها الناتو ضد يوغوسلافيا عام 1999، والتي رآها معارضو كلينتون وخبراء مستقلون أنها محاولة للقفز إلى الأمام وتجاوز تداعيات الفضيحة الجنسية الشهيرة للرئيس الأميركي، والمعروفة إعلاميا باسم "مونيكا غيت".
مقامرة نتنياهو بحرب غزة 2023لمعرفة كيف تتجلى المقامرة لأجل البقاء في السياسة المعاصرة، لننظر إلى حالة بنيامين نتنياهو خلال حرب غزة 2023، فقبل اندلاع الحرب، كان نتنياهو (أطول رؤساء الوزراء الإسرائيليين خدمة) يمر بأعمق أزمة في حياته السياسية، ففي عام 2023، تراجعت مكانته المحلية بشكل حاد إثر تورطه في عدد من قضايا الفساد المنظورة أمام المحاكم، في وقت أثارت فيه محاولة حكومته إضعاف القضاء احتجاجات جماهيرية غير مسبوقة، وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن حزبه الحاكم، الليكود، يواجه مأزقا خطيرا.
بحلول أواخر صيف 2023، كان عشرات الآلاف من الإسرائيليين ينزلون إلى الشوارع بانتظام احتجاجا على قيادة نتنياهو؛ وبدت سلطته أكثر هشاشة مما كانت عليه منذ سنوات. ثم في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، شنت حماس هجوما مباغتا، مثل صدمة وفشلا أمنيا ألقى الكثيرون باللوم فيه على حكومة نتنياهو، ولكنه خلق أيضا لحظة احتشاد حول الرجل، تتناغم مع "تأثير الالتفاف حول الراية".
إعلانشكّل نتنياهو على الفور حكومة وحدة وطنية طارئة، وشرع في حرب ضد غزة، لفترة من الوقت، هدأت الانتقادات الموجهة إلى أخطاء الحكومة السابقة، حيث ركز الإسرائيليون على القتال القائم بالفعل. توقفت الاحتجاجات الضخمة المناهضة لنتنياهو؛ وانضم إليه قادة المعارضة في حكومة حرب. في البداية، حظي نتنياهو بتأييد شخصي، حيث توحد الإسرائيليون ضد عدو مشترك ولكن مع استمرار الحرب وتزايد الخسائر ازداد الرأي العام الإسرائيلي انقساما.
وبحلول عام 2024، عاد العديد من الإسرائيليين للاحتجاج، مطالبين هذه المرة بوقف إطلاق النار لإنقاذ الأرواح وإعادة الأسرى المحتجزين في غزة. عادت الضغوط المحلية على نتنياهو إلى الظهور: بحلول سبتمبر/أيلول 2024، اعتقد حوالي 70% من الإسرائيليين أن نتنياهو يجب أن يستقيل بسبب تعامله مع الحرب.
مع ذلك، رفض نتنياهو التفكير في التنحي أو حتى وقف القتال لفترة طويلة. بدلا من ذلك، صعّد مطالبه مُصرا، على سبيل المثال، على شروط لوقف إطلاق النار كان يعلم أن حماس سترفضها، مما أدى فعليا إلى إطالة أمد الحرب، جاء ذلك في سياق دعم أميركي كامل للعملية العسكرية على غزة.
ويجادل المحللون بأن تعنت نتنياهو خلال حرب غزة مثال ساطع على "مقامرة البقاء" من خلال رفع الرهانات. وفي مواجهة انتقادات داخلية شديدة واحتمال انتهاء مسيرته السياسية إذا ظهر ضعيفا أو إذا انتهت الحرب بشكل سيئ، استمر نتنياهو في رفع الرهانات. وفي هذا السياق كتب غوتام موكوندا، وهو زميل باحث في مركز القيادة العامة بكلية كينيدي بجامعة هارفارد أن "السبب الوحيد لعدم وجود نتنياهو في السجن هو أنه رئيس وزراء حاليا والبلاد في حالة حرب"، مشيرا صراحة إلى أن الحرب أصبحت درعا لنتنياهو ضد المساءلة الشخصية.
في الواقع، طالما بقيت إسرائيل في حالة حرب، يمكن لنتنياهو أن يدعو إلى الوحدة الوطنية ويؤخر "يوم الحساب" حول إخفاقاته السابقة. بصفته رئيس وزراء إسرائيل الحالي، تمكن نتنياهو من تعطيل أو إبطاء الإجراءات القانونية المتعلقة بتهم الفساد الموجهة إليه. ولكن إذا ترك منصبه، فإن تلك المحاكمات (والإدانة المحتملة) ستلوح في الأفق. وبهذا المعنى، فإن البقاء في السلطة، كما وصفها موكوندا هو "أقرب ما يكون إلى بطاقة خروج من السجن" لنتنياهو.
يفسر قرار نتنياهو باستمرار الحرب أيضا من خلال كتاب "الحرب والعقاب: أسباب انتهاء الحروب والحرب العالمية الأولى" (War and Punishment: The Causes of War Termination and the First World War) وهو عمل أكاديمي من تأليف هاين غومانز، عالم السياسة المعروف بتطبيقه نظرية الألعاب على الصراعات الدولية.
إعلانيوضح الكاتب أن قرارات القادة بمواصلة الحروب أو إنهائها لا تتشكل بالنتائج العسكرية فحسب، بل بالعواقب السياسية للخسارة أيضا، وخاصة الخوف من مغادرة السلطة أو العقاب أو حتى القتل. بعبارة أخرى، لا تنتهي الحروب بالضرورة عند "خسارتها" عسكريا، بل تنتهي عندما يرى القادة نتائج سياسية مقبولة لأنفسهم، هذا يتحدى الافتراض العقلاني القائل إن الدول تتوقف عن القتال عندما تفوق تكاليف الحرب فوائدها.
تماشيا مع ذلك، وضع غومانز 3 شروط لإنهاء أي حرب، الأول هو تقارب التوقعات (يجب أن يتفق الطرفان على نتيجة استمرار القتال، إذا توقع كل طرف نتائج مختلفة، فسيواصلان القتال)، والثاني هو وجود شروط سلام مقبولة (يجب أن تكون هناك تسوية تفاوضية مُمكنة يُفضّلها الطرفان على استمرار الحرب)، والثالث هو استعداد القادة أنفسهم لقبول شروط السلام، بغض النظر عن أي أمر آخر، ويوضح جومانز أنه حتى في حال استيفاء الشرطين الأول والثاني، قد يرفض القادة السلام إذا خشوا العقاب المحلي بعد انتهاء الحرب.
طبق غومانز نظريته على ألمانيا خلال الحرب العالمية الأولى، التي واجهت معارضة داخلية وانهيارا اقتصاديا، وفي النهاية ثورة عارمة. خشيَت النخب الألمانية الانتفاضات الثورية وفقدان النظام الملكي أكثر من خوفها من الهزيمة نفسها، وأجّلت الاستسلام عام 1918 حتى عندما كان الوضع العسكري ميؤوسا منه، ومن ثم شكّل الخوف من العقاب السياسي بعد الحرب قرارات القادة الألمان.
وإلى جانب ذلك يشرح غومانز موقف الإمبراطورية النمساوية المجرية، وكانت إمبراطورية متعددة الأعراق تعاني أصلا من ضغوط، وبالتالي خشي القادة من أن يؤدي إنهاء الحرب مبكرا إلى تسريع الانهيار الداخلي والانتفاضات القومية، وبالتالي استمر القتال رغم الإرهاق العسكري. على الجانب الآخر فإن القيصر نيكولاس الثاني أجّل السلام حتى مع انهيار الجبهة الروسية، وأُطيح به في نهاية المطاف في ثورة فبراير/شباط 1917.
إعلانبيد أنه من المهم ملاحظة أنه ليس كل قائد محاصر سيبدأ حربا أو يُسبب أزمة، فالكثير من السياسيين يقبلون الهزيمة أو يجدون حلولا أخرى. تشير الدراسات إلى أن صراعات "الإلهاء" أو رهانات "البقاء" و"البعث" قليلة نسبيا، رغم حدوثها في ظروف محددة.
لكن ما هذه الظروف المحددة؟ لا توجد إجابة واضحة لهذا السؤال لكن يعتقد فريق من الباحثين أن الأمر لا يقف فقط عند حدود نظرية اللعبة ونسبة الاحتمالات، بل له جذور شخصية ونفسية بحتة، فالحاكم الذي يمتلك شعورا مبالغا فيه بأهمية الذات، وحاجة مستمرة للإعجاب، يرى الحرب فرصة لإظهار قوته وهيمنته، وإثبات أنه "القائد الذي لا يُقهر"، مما يعوض شعوره بالنقص أو الفشل الداخلي.
بعبارة أخرى، يركز الحاكم النرجسي على تحقيق "انتصارات" تخدم صورته الذاتية المنتفخة، حتى لو كانت هذه الانتصارات وهمية أو مكلفة جدا، خاصة أن القادة النرجسيين غالبا ما يكونون شديدو الدفاعية، وأي نقد قد يدفعهم إلى "المعركة" لإثبات تفوقهم وتفاهة منتقديهم.
من ناحية نفسية بحتة، تتفق هذه السمات مع بنيامين نتنياهو، حيث أفادت دراسة من جامعة تل أبيب بأنه يمتلك درجة مرتفعة من التمحور حول الذات، بل لا يتردد في استغلال الآخرين، بمن في ذلك زملاؤه، من أجل تحقيق النجاح الشخصي، ويرى رأيه فقط الصواب، ومن لا يتفقون معه جهلة بالعمليات التاريخية أو السياسية، كما أنه منكب على عالمه الخاص، ومن الصعب عليه التمييز بين الأبعاد الشخصية أو السياسية في حياته، وفق الدراسة.