الشكل الطبيعي للحمض النووي الذي يحمل المعلومات الوراثية في الكائنات الحية، يشبه مجموعة مكعبات "الليغو" القياسية التي نشتريها من المتجر وتحتوي على قطع وألوان محددة يمثل كل منها وحدة بناء.

ولكن ماذا لو صُنع الحمض النووي في المختبر عبر تحديد ترتيب وبنية وحدات البناء (النيوكليوتيدات) بطريقة تخدم وظيفة معينة؟ سيكون الأمر أشبه بمن يقوم بتصميم قطع "الليغو" في ورشة خاصة به، بحيث يمكنه اختيار اللون والشكل والحجم لكل مكعب، وإنشاء مجموعته الفريدة المختلفة عن تلك الموجودة في المتجر، وهذه هي فلسفة "الحمض النووي الاصطناعي" الذي قام علماء صينيون بتصميمه لتحقيق وظيفتي تحلية مياه البحر واستخراج معدن اليورانيوم منها.

رسم تخطيطي لمنصة تحلية واستخراج المياه واليورانيوم التي تعمل بالطاقة الشمسية (ساينس أدفانسيس) من "التصميم" إلى "استخراج المعادن"

وفي الدراسة التي نشرتها دورية "ساينس أدفانسيس"، قام الباحثون بتفصيل طريقتهم الجديدة للتحلية، مع تحقق وظيفة إضافية وهي استخلاص معدن اليورانيوم،  وذلك عبر عده خطوات:

أولا: تصميم التسلسل

يتكون الحمض النووي من "النيوكليوتيدات"، ويتكون كل "نيوكليوتيد" من جزيء سكر ومجموعة فوسفات، وواحدة من أربع قواعد نيتروجينية: الأدينين والثايمين والسيتوزين أو الجوانين، ويحمل تسلسل هذه القواعد على طول شريط الحمض النووي؛ معلومات وراثية.

وفي الحمض النووي الاصطناعي، يمكن للباحثين معالجة هذه التسلسلات وهندستها لتحقيق وظائف محددة، مثل الارتباط بمعادن معينة أو تسهيل بعض العمليات الكيميائية، لذلك فإن الخطوة الأولى في هذا العمل، كانت وصف  تسلسل الحمض النووي المحدد اللازم للوظيفة المطلوبة.

ثانيا: التخليق الكيميائي

باستخدام التفاعلات الكيميائية، قام العلماء ببناء سلاسل الحمض النووي ذرة بعد ذرة، وعن طريق آلات وكواشف متخصصة أضافوا وحدات بناء النوكليوتيدات بالترتيب الصحيح وباتباع التسلسل المصمم.

ثالثا: التنقية

حيث يُنقى الحمض النووي المركب لإزالة أي شوائب أو منتجات ثانوية غير مرغوب فيها من التركيب الكيميائي.

رابعا: التحقق

وبعد ذلك يجري التحقق من الحمض النووي المركب للتأكد من مطابقته للتسلسل المقصود، وذلك باستخدام تقنيات مختلفة مثل تسلسل الحمض النووي.

خامسا: الدمج في الهيدروجيل

فبمجرد أن أصبح الحمض النووي الاصطناعي جاهزا، يُدمج في مادة الهيدروجيل (جيل مائي)، ليصبح جزءا من نظام هيدروجيل مصمم لتبخير الماء بكفاءة عند تعرضه للطاقة الشمسية.

سادسا: التعزيز بأكسيد الغرافين

يُدخل أكسيد الغرافين (وهو مادة معروفة بخصائصها الممتازة في امتصاص الضوء) في الهيدروجيل المدعم بالحمض النووي، وتعزز هذه الإضافة قدرة الهيدروجيل على امتصاص الطاقة الشمسية، مما يجعل عملية تبخر الماء أكثر كفاءة.

سابعا: استخراج المعادن الانتقائية

فأثناء تبخر الماء، أظهر هيدروجيل الحمض النووي الذي يُزود عند التصميم  بإنزيم الحمض النووي الخاص بـ"اليورانيل"؛ قدرة عالية على استخلاص المعادن بشكل انتقائي -مثل اليورانيوم- من مياه البحر.

وإنزيم الحمض النووي لـ"اليورانيل" هو نوع من الحمض النووي التحفيزي الذي يُظهر تقاربا محددا لـ"أيونات اليورانيل"، وهي شكل من أشكال اليورانيوم الموجود بشكل شائع في مياه البحر، ويلعب هذا الإنزيم دورا حاسما في استخلاص اليورانيوم، لأنه يُصمم ليكون له خصوصية عالية لالتقاط "أيونات اليورانيل"، وهذا يعني أنه يمكن أن يرتبط بشكل انتقائي بها، حتى في وجود أيونات أخرى في مياه البحر، وهذه الخصوصية ضرورية لاستخراج اليورانيوم بكفاءة دون التقاط مواد غير مرغوب فيها.

تصميم يوضح نتائج استخراج اليورانيوم من مياه البحر أثناء الحصول على المياه العذبة (ساينس أدفانسيس) العمل تحت الإضاءة الشمسية

ويعمل النظام بأكمله تحت الإضاءة الشمسية التي تدفع عمليات تبخر الماء واستخراج المعادن. وكشفت عمليات المحاكاة والتجارب المعملية أن التدرج في درجة الحرارة الناتج عن الإضاءة الشمسية يزيد من نقل الأيونات، مما يزيد من تعزيز كفاءة تحلية المياه واستخراج المعادن بشكل عام.

واختبر الباحثون أداء النظام في مياه البحر الطبيعية، وأظهر قدرة على تبخير المياه بسرعة واستخراج المعادن بشكل انتقائي، مما يوفر حلا مستداما لتحلية مياه البحر.

وأظهر النظام قدرة التقاط عالية تبلغ 5.7 ملغ لكل غرام لليورانيوم من مياه البحر الطبيعية، بسبب النقل الأيوني السريع الناتج عن التبخر البيني الذي يعمل بالطاقة الشمسية والانتقائية العالية.

ويقول الأستاذ بكلية الكيمياء وعلوم المواد في الصين، والباحث الرئيسي بالدراسة، هانكسو ليانغ، في تقرير نشره موقع "تيك إكسبلور": إن نظامهم الجديد يمكن أن يتيح أجهزة سهلة الاستخدام مناسبة لمعالجة مياه البحر في المستقبل، وهو الحل الذي ينبغي التوسع في تنفيذه بسبب تزايد ندرة المياه العذبة، والتي تمثل تهديدا للمجتمعات بسبب النمو السكاني والاقتصادي السريع.

ولتسهيل الوصول إلى المياه العذبة، ظهرت الحاجة إلى تحلية مياه البحر والتي تمثل ما يصل إلى 97% من إجمالي محتوى الماء على الأرض.

وبينما طور باحثون تقنيات لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية كوسيلة واعدة لإنتاج مياه البحر دون استهلاك إضافي للطاقة، يؤكد ليانغ أن طريقتهم واعدة، لأنها  توفر إلى جانب تحلية مياه البحر، استخراج أحد المعادن الثمينة وهو اليورانيوم.

ضمان بقاء الطريقة الجديدة فعالة من حيث التكلفة عند تنفيذها على نطاقات أوسع أمر بالغ الأهمية (شترستوك) نتائج إيجابية ينتظرها تحدي التطبيق

ومن جانبه، يفرق أستاذ كمياء المياه بجامعة جنوب الوادي المصرية خالد عبد الظاهر، بين ما توصلت له الدراسة على المستوى الصغير، وبين تحدي التطبيق على نطاق واسع.

ويوضح في حديث هاتفي مع "الجزيرة نت"، أن الدراسة تكشف عن تجربة مبتكرة في التحلية تحقق وفق التجارب التي أجريت على النطاق الصغير مجموعة من الفوائد البيئية والاقتصادية، منها:

تقليل استهلاك الطاقة:

فهندسة هيدروجيل الحمض النووي لامتصاص الطاقة الشمسية بكفاءة في عملية تحلية المياه، تساعد على تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية، مما يقلل من التأثير البيئي المرتبط بطرق تحلية المياه التقليدية التي غالبا ما تتطلب مدخلات كبيرة من الطاقة.

الحد من التأثير البيئي:

فالطبيعة الانتقائية لهيدروجيل الحمض النووي، وخاصة في استخراج المعادن، قد تقلل من التأثير البيئي لتحلية المياه عن طريق تقليل استخراج المواد غير المرغوب فيها، ويمكن أن تؤدي هذه الانتقائية إلى عمليات أكثر صداقة للبيئة وتقليل الضرر المحتمل على النظم البيئية.

الاستخدام المستدام للموارد:

فالقدرة على استخراج المعادن الثمينة مثل اليورانيوم من مياه البحر باستخدام الحمض النووي الاصطناعي، قد تساهم في استخدام أكثر استدامة للموارد، ويمكن أن يقلل ذلك من الحاجة إلى أساليب التعدين التقليدية، والتي يمكن أن يكون لها عواقب بيئية كبيرة.

فعالية التكلفة:

إذ يمكن أن تكون تحلية المياه بالطاقة الشمسية باستخدام الحمض النووي الاصطناعي حلا فعالا من حيث التكلفة، خاصة في المناطق التي تتمتع بوفرة في ضوء الشمس.

لكن رغم اعتراف خالد عبد الظاهر بهذه الفوائد التي تبدو ظاهريا من نتائج التجارب التي شملتها الدراسة، يظل السؤال المهم الذي يطرحه هو: "هل ستظل تلك الفوائد قائمة عند التطبيق على نطاق أوسع؟".

ويشير في هذا الإطار إلى مجموعة من التحديات التي يجب حسمها للانتقال من مستوى التجارب إلى التطبيق، وهي:

أولا: قابلية التوسع، حيث يُعد ضمان بقاء الطريقة فعالة من حيث التكلفة على نطاقات أوسع أمرا بالغ الأهمية للتنفيذ العملي. ثانيا: كلفة تخليق الحمض النووي، فيمكن أن يكون تخليقه مكلفا، وبالتالي فإن معالجة الجدوى الاقتصادية لهذه العملية على نطاق واسع أمر مهم بالنسبة للجدوى التجارية لهذه التكنولوجيا. ثالثا: المتانة وإمكانية إعادة استخدام هيدروجيل الحمض النووي، فيجب دراسة طول عمره وقابلية إعادة استخدامه في عملية تحلية المياه، حيث قد يؤثر التعرض المستمر لمياه البحر وأشعة الشمس على السلامة الهيكلية وأدائه مع مرور الوقت. رابعا: اختبار العالم الحقيقي، فرغم أن الباحثين أجروا تجربة ميدانية صغيرة، فإنه يجب التحقق من الفعالية في تجارب ميدانية واسعة النطاق وتشكل مناطق مختلفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: تحلیة میاه البحر بالطاقة الشمسیة الطاقة الشمسیة الیورانیوم من من میاه البحر تحلیة المیاه یمکن أن الذی ی

إقرأ أيضاً:

الاقتصاد الأصفر.. «معلومات الوزراء» يستعرض فرص التحول نحو الطاقة الشمسية في مصر

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تقريرًا جديدًا تناول واقع الاهتمام بالطاقة الشمسية في مصر، حيث تناول الأطر الداعمة للطاقة الشمسية في مصر، وفرص ومزايا التحول نحو الطاقة الشمسية في مصر، ومؤشرات تطور حجم الاقتصاد الأصفر -قطاع الطاقة الشمسية- في مصر، والجهود المبذولة لتعزيز مساهمة الاقتصاد الأصفر للطاقة الشمسية، مع شرح لآفاق سوق الطاقة الشمسية الكهروضوئية في مصر.

أوضح المركز أن الاقتصاد الأصفر يُعد أحد الحلول المبتكرة لتحقيق التنمية المستدامة ويعتمد على استخدام التكنولوجيا والابتكار لتعزيز كفاءة الإنتاج والتعامل مع البيئة الجافة، ويُعد قطاع الطاقة الشمسية أحد النماذج البارزة في هذا السياق، إذ يُسهم في توفير مصادر طاقة نظيفة ومتجددة، مما يدعم الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي، كما أنه من أهم أنواع الطاقة المتجددة التي من المتوقع أن تحتل الصدارة في عام 2030 من بين أنواع الطاقة المتجددة المساهمة في توليد الكهرباء على مستوى العالم، حيث تتوقع الوكالة الدولية للطاقة (IEA) أن تبلغ نسبة مساهمة الطاقة الشمسية في إجمالي الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر الطاقة المتجددة نحو 16% في عام 2030 مقارنًة بنحو 5% عام 2023.

وقد لاقى هذا القطاع اهتمامًا كبيرًا في الدولة المصرية خلال السنوات الأخيرة، وذلك في إطار استهداف تنويع مصادر الطاقة، والعمل على رفع مساهمة الطاقة الجديدة لنسبة 42% من مزيج الطاقة بحلول عام 2030 وفقًا لمستهدفات الاستراتيجية الوطنية للطاقة المتكاملة والمستدامة، وكان الاعتماد على الطاقة الشمسية جزءًا من استراتيجية مصر لتنويع مصادر الطاقة.

أوضح التقرير الأطر الداعمة للطاقة الشمسية في مصر، حيث حرصت الدولة على تهيئة الأطر التنظيمية والتشريعية والمؤسسية الداعمة والمحفزة لتنمية قدرة الطاقة الشمسية من مزيج الطاقة في مصر، حيث تم الإشارة إلى استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة حيث اعتمد المجلس الأعلى للطاقة في أكتوبر 2016 الاستراتيجية المصرية للطاقة حتى عام 2035، والتي تستهدف الوصول بنسبة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 42% من إجمالي الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2030، على أن تشكل الطاقة الشمسية من مزيج الطاقة أكثر من 26% موزعة بين 21.3% خلايا شمسية و 5.52% مركزات شمسية، واستمرار العمل على تحديث تلك الاستراتيجية حتى عام 2040، على أن تصل نسبة الطاقة المتجددة من مزيج الطاقة نحو 65% بحلول عام 2040.

استعرض التقرير مؤشرات تطور حجم الاقتصاد الأصفر في الاقتصاد المصري (قطاع الطاقة الشمسية)، حيث تعد الطاقة الشمسية في مصر من أنجح مشروعات الطاقة في الوقت الحالي بفضل التطور التكنولوجي الذي يحدث في مشروعات الطاقة الشمسية في مصر، والذي عزز دورها في سوق الطاقة المصرية، ووفقًا لقاعدة بيانات وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة بلغت نسبة مساهمة الطاقة الشمسية المتولدة (البالغة نحو 4977 مليار كيلووات/ ساعة) 2.3% في إجمالي الطاقة المولدة خلال عام 2022/ 2023، مقابل مساهمة نسبتها 0.09% من إجمالي الطاقة المولدة في عام 2015/ 2016 البالغة 167.5 مليار كيلووات/ ساعة، وبلغت مساهمة الطاقة الشمسية الحرارية 5.6% من إجمالي القدرة المركبة للطاقة (البالغة 59442 ميجاوات) في العام المالي 2022/ 2023 وذلك بقدرة 3306 ميجاوات مقابل 2.2% من إجمالي القدرة (البالغة 30803 ميجاوات) في العام المالي 2012/ 2013 بقدرة 687 ميجاوات.

ووفقًا لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك وصل حجم قدرات صافي القياس أقل من 500 كيلووات قيمة 98.98 ميجاوات، ويُسهم القطاع الخاص منها بنحو 7.71 ميجاوات، أما الأعلى من 500 كيلووات فقد بلغت 56.91 ميجاوات. فيما بلغت قدرات الاستهلاك الذاتي أقل من 500 كيلووات 1.40 ميجاوات، فيما بلغت القدرات لأعلى من 500 كيلووات نحو 80.73 ميجاوات يُسهم القطاع الخاص منها بنحو 23.39 ميجاوات وذلك حتى نهاية يناير 2025.

ووفقًا للتقرير السنوي 2024 لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بلغ حجم الطاقة الإجمالية 2644 ميجاوات وذلك من ثماني محطات كبرى للطاقة الشمسية تم الانتهاء من تنفيذها منها أربع محطات تابعة للقطاع الخاص وهي (مجمع بنبان، ومشروع خلايا فوتوفولطية بنظام صافي القياس والاستهلاك الذاتي، وأكوا باور كوم أمبو، ومحطة أبيدوس1)، ويوجد ثلاث محطات بطاقة 2020 ميجاوات تحت التنفيذ منها اثنتان للقطاع الخاص وهناك ثلاث محطات أخرى للقطاع الخاص تحت التطوير بطاقة 3800 ميجاوات.

كما استعرض مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار من خلال التقرير جهود مصر لتعزيز مساهمة الاقتصاد الأصفر للطاقة الشمسية والتي جاء من أبرزها، إطلاق الأطلس الشمسي، وتوفير التمويل عبر برنامج "نوفي" "NWFE" والذي أطلقته وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي في يوليو 2022 ويستهدف تشغيل محطات طاقة شمسية وطاقة رياح بقدرة 10 جيجاوات، وقد وفر البرنامج بعد عام من إطلاقه تمويل بقيمة 2.18 مليار دولار لصالح مشروعات الطاقة الشمسية والرياح من القطاع الخاص، ومن أبرز مشروعات المنصة (مشروع توسيع نظم الري بالطاقة الشمسية وقد وصل عدد المستفيدين 1.75 مليون مواطن من صغار المزارعين والمجتمعات الريفية في المناطق النائية، ومشروع تحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية بالتعاون مع بنك التنمية الإفريقي وتم تدشين 5 محطات لتحلية المياه بالطاقة الشمسية ف 4 محافظات بإجمالي قدرات 525 ألف متر مكعب يوميًا ويُتوقع ارتفاعها إلى 1.75 مليون متر مكعب يوميًا بحلول عام 2050)، وفي إطار تقديم الدعم التمويلي أعلن جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر في نوفمبر 2024 عن إطلاق برنامج تمويلي جديد بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) يهدف إلى دعم الشركات العاملة في مجال الطاقة الشمسية في مصر.

ومن ضمن جهود الدولة المصرية لتحسين العائد على الاستثمار في الطاقة الشمسية:

1-كانت البداية لتحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في الطاقة المتجددة عبر تحديد تعريفة لشراء وحدات الطاقة من المُرخَّص له بإنتاج الطاقة الشمسية.

2-وبعد الانتهاء من مجمع بنبان، بدأت مصر في الابتعاد عن إطار تعريفة التغذية وتصويب جهودها نحو تطوير مناقصات الطاقة الشمسية التنافسية من أجل جذب المستثمرين وتعزيز الثقة في الإطار التنظيمي والتشغيلي من خلال العمل بنظام "التملك والبناء والتشغيل" عبر عطاءات مناقصات الطاقة الشمسية التنافسية.

3-مزايا جمركية على واردات تقنيات ومكونات الطاقة النظيفة بحيث تُحصل ضريبة جمركية بواقع 2% من القيمة أو ضريبة الوارد المقررة أيهما أقل على ما يستورد من معدات ومكونات الطاقة الجديدة والمتجددة وقطع الغيار الخاصة بها.

4-وقد عملت مصر على إتاحة الأراضي، حيث خصصت نحو 7650 كم2 لصالح هيئة الطاقة المتجددة لإقامة مشروعات طاقة متجددة سواء بنفسها أو عن طريق إتاحتها للقطاع الخاص).

ومن الجهود كذلك العمل على توطين صناعة الألواح الشمسية، حيث عملت الدولة المصرية على استثمار الفرص والإمكانيات المتاحة لتوطين صناعة الألواح والخلايا الشمسية، وقد تم في هذا الصدد (إطلاق مشروع "نظم الخلايا الشمسية Egypt-PV" لتصنيع الألواح والخلايا الشمسية، ومشروع مجمع إنتاج السيليكون بالعلمين الجديدة، وتوقيع مركز التحديث الصناعي التابع لوزارة الصناعة مذكرتي تفاهم مع شركتي جي إيه سولار الصينية وجلوبال ساوث يوتيليتيز الإماراتية من أجل إنشاء مصنعين أحدهما للخلايا الشمسية بقدرة إنتاجية 2 جيجاوات، والآخر لإنتاج الألواح الشمسية بقدرة إنتاجية 2 جيجاوات، ومصنع لإنتاج مادة "البوليمر" بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما تم في إطار التدريب وبناء القدرات تنفيذ برامج تدريبية لزيادة الوعي بتقنيات الطاقة الشمسية وتأهيل الكوادر الفنية، ومن ذلك على سبيل المثال مشروع "Egypt-PV" الذي قام بتدريب 201 متدرب من خلفيات مختلفة).

وفيما يتعلق بتعزيز الشراكة مع منظمات دولية استطاعت مصر الدخول في شراكات دولية متميزة في هذا المجال منها:

-شراكة مع البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية: حيث قدم خدمات بناء القدرات بشأن كيفية تصميم وتنفيذ مناقصة تنافسية لسوق الطاقة المتجددة، وقد بدأ طرح عطاءات المشروعات الجديدة بمشروع كوم أمبو للطاقة الشمسية بقدرة 200 ميجاوات بتعريفة منخفضة قياسية تبلغ 0.0247 دولار أمريكي/كيلو وات ساعة.

-منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو)، والتي تساند مصر في استخدام الطاقة الشمسية للتسخين في العمليات الصناعية بالتعاون مع وزارة الصناعة ممثلة في مركز تحديث الصناعة.

-برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تعاون مع هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في المشروع الوطني للأنظمة الكهروضوئية صغيرة الحجم المتصلة بالشبكة (Egypt-PV)، لتشجيع تصميم وتنفيذ أنظمة الطاقة الشمسية صغيرة الحجم بقدرات أقل من 500 كيلو وات.

-التحالف الهندي للطاقة الشمسية، وقَّعت مصر على الاتفاق الاطاري لإنشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية بتاريخ 10 مارس 2018، ويهدف إلى معالجة التحديات الرئيسة المتعلقة بالطاقة الشمسية وتوسيع نطاق استخدامها ودعم سبل التعاون بين أعضائه لتنفيذ برامج متسقة وأنشطة طوعية لتمويل مشروعات الطاقة الشمسية وزيادة الاهتمام بالابتكار والبحوث وبناء القدرات.

وتناول مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار خلال التقرير فرص ومزايا التحول نحو الطاقة الشمسية في مصر:

-مساهمة الطاقة الشمسية في تحقيق التنمية المحلية: حيث تم استعراض التوزيع النسبي للطاقة الكهربائية الموزعة داخل الجمهورية وفقًا لجهات التوزيع في عام 2022/ 2023 وفقًا للتقرير السنوي للشركة القابضة لكهرباء مصر 2022/ 2023، حيث كانت نسبة إنارة المنازل 37.6%، والصناعة 27.5%، والحكومة والمرافق العامة 10.7%، والزراعة والري 5.70%، والمحلات التجارية 5.3%، والإنارة العامة 3.2%، وتمت الإشارة إلى أن الطاقة الشمسية الكهروضوئية تقود نمو العمالة في مجال الطاقة النظيفة عالميًا في عام 2022، إذ أضافت نحو مليون وظيفة، وفقًا لتقرير توظيف الطاقة في العالم 2023 للوكالة الدولية للطاقة، وقد بلغت نسبة الوظائف التي تشغلها النساء من إجمالي الوظائف التي وفرتها الطاقة الشمسية الكهروضوئية 40%، والتي مثلت أكثر من ثلث إجمالي القوى العاملة في مجال الطاقة المتجددة في عام 2022 وذلك وفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، وبلغت وظائف الطاقة المتجددة العالمية 13.7 مليون وظيفة منها 4.9 مليون وظيفة وظائف الطاقة الشمسية الكهروضوئية، و2.5 مليون وظيفة وظائف مباشرة في مجال الطاقة الكهرومائية، و2.5 مليون وظيفة وظائف في مجال الوقود الحيوي، و4.4 مليون وظيفة في وظائف طاقة الرياح، و2.4 مليون وظيفة أخرى، وبناءً عليه يتشابك التوسع في الطاقة الشمسية مع العديد من أهداف التنمية المستدامة، سواء المتعلقة بأمن الطاقة أو تحسين مستوى المعيشة وكذلك المساواة.

-توافر الموارد الطبيعية والظروف المناخية المناسبة محليًا، وتمتلك مصر مساحات شاسعة من الأراضي الصحراوية غير المأهولة يمكن استغلالها لتدشين محطات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، علاوة على وقوع مصر في منتصف الحزام الشمسي العالمي، بما جعلها تتمتع بإشعاع شمسي مباشر تتراوح شدته ما بين (2000-3200) ك.و.س لكل م2 في السنة، بما يؤهلها لتكون واحدة من أكبر منتجي الطاقة الشمسية، مع إمكانية التوسع في إنشاء محطات طاقة شمسية فوق أسطح المنازل والمنشآت الصناعية من خلال محطات الطاقة الشمسية الصغيرة المرتبطة بالشبكة، فيما يعُرف بنُظمُ الخلايا الشمسية، بالإضافة إلى ذلك، تمتلك مصر ثروات تعدينية كخامات الحراريات التي تساعدها على توطين صناعة الألواح الشمسية، وذلك في ظل وفرة رمال السيلكيا الغنية بمعدن الكوارتز والمستخدمة كمادة خام في تصنيع الخلايا الشمسية، وتبلغ نسبة نقاء الاحتياطيات الضخمة من الرمال البيضاء السيليسية عالية الجودة التي تمتلكها مصر 99.95% وفقًا للهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، كما بلغ حجم الإنتاج المحلي من الكوارتز 382 ألف طن في عام 2021/ 2022 مقابل 168.6 ألف طن عام 2020/ 2021 ونحو 46 ألف طن عام 2019/ 2020، وفقًا للكتاب الإحصائي السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عام 2024، في إطار تعظيم القيمة المضافة لخام الكوارتز، المستخدم كمادة خام في تصنيع الخلايا الشمسية والشرائح الإلكترونية، تم في مايو 2023 افتتاح مجمع مصانع إنتاج الكوارتز بالعين السخنة لإنتاج مختلف المنتجات من خام الكوارتز مثل: الشيبس، والألواح، والحجارة، والمساحيق، وغيرها.

وأوضح مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار آفاق سوق الطاقة الشمسية الكهروضوئية في مصر، حيث تكللت الجهود المصرية في التوسع بمشروعات الطاقة الشمسية، بتحسن وضع مصر في المؤشرات الدولية المتعلقة بالطاقة المتجددة بوجه عام، حيث حصلت مصر على درجة إجمالية قدرها 62.2 درجة واحتلت المركز 54 في مؤشر الطاقة العالمي لعام 2023 الصادر عن مجلس الطاقة العالمي، كما تصنف مصر ضمن أفضل 40 سوقًا في العالم من حيث جاذبية الاستثمار في الطاقة المتجددة وفرص نشرها، وذلك وفقًا لمؤشر (RECAI) الصادر عن "إرنست آند يونغ - EY"، ففي التقرير الصادر في يونيو 2024 كانت استثمارات الطاقة الشمسية بمصر هي الأفضل أداءً، حيث حصلت على 53.5 درجة في جاذبية استثمارات الطاقة الشمسية الكهروضوئية و48.1 درجة في جاذبية استثمارات الطاقة الشمسية المركزة.

ومن المتوقع أن تحقيق معدل نمو سنوي مركب قدره 9.05% خلال الفترة المتوقعة (2023- 2028)، إذ تتوقع شركة (Mordor intelligence) أن ينمو حجم سوق الطاقة الشمسية الكهروضوئية في مصر من 2300 ميجاوات في عام 2023 إلى 3546.96 ميجاوات بحلول عام 2028، وذلك في ظل الإمكانات الكبيرة التي يتمتع بها قطاع الطاقة الشمسية في مصر والسياسات الحكومية الداعمة، وزيادة الطلب على الطاقة، وكذلك انخفاض أسعار وحدات الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والتي شكَّلت عوامل جذب للاستثمارات واسعة النطاق سواء من مؤسسات التمويل الدولية، أو دول وشركات عالمية.

نتيجة لذلك، ازدادت فرص مصر لأن تصبح واحدة من الدول الرائدة في مجال الطاقة الشمسية على مستوى المنطقة والعالم، حيث زادت فرصها في: (التحول إلى مركز إقليمي لتصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا وإفريقيا، وتعزيز تصنيع مكونات الطاقة الشمسية محليًا مثل الألواح الشمسية و العواكس مما يوفر فرص عمل ويدعم الاقتصاد، والتوسع في استخدام الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء للمناطق الريفية والنائية التي لا تصلها الشبكة الكهربائية الرئيسة).

اقرأ أيضاًمعلومات الوزراء: مصر تكرّس مكانتها كقوة إقليمية في مجال الطاقة الشمسية

محطة الطاقة الشمسية بمطار القاهرة.. خطوة عملية لخلق بيئة نظيفة وآمنة للركاب

مقالات مشابهة

  • الاقتصاد الأصفر.. «معلومات الوزراء» يستعرض فرص التحول نحو الطاقة الشمسية في مصر
  • محافظ حلب المهندس عزام الغريب يفتتح محطة الصناعة في مدينة الأتارب بريف المحافظة، لضخ مياه الشرب بالطاقة الشمسية
  • أخطاء التي يقع فيها الحجاج.. تصرفات شائعة احذر منها
  • تقرير سري.. إيران رفعت تخصيب اليورانيوم بشكل كبير
  • شركة عطور تُعيد روائح نباتات منقرضة إلى الحياة.. فهل نجحت؟
  • عراقجي: شعبنا لن يخضع للإملاءات بوقف تخصيب اليورانيوم
  • عراقجي في رسالة قوية: إيران لا تمزح مع أحد في موضوع تخصيب اليورانيوم
  • كيف صارت الطاقة الشمسية أكسجين الغزيين؟
  • «مياه البحر الأحمر» ترفع درجة الاستعداد القصوى لاستقبال عيد الأضحى المبارك
  • وصول سفينة إماراتية تحمل 14 محطة لتحلية مياه البحر إلى جمهورية قبرص