على غرار غزة.. غلاف قلقيلية بالضفة سيناريو يرعب المستوطنين
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
قلقيلية- في خط مواز من العنف والقمع الذي يمارسه جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين بالضفة الغربية، سار المستوطنون بتنظيماتهم ومسمياتهم المختلفة أيضا، ولم تقلّ انتهاكاتهم عما يفعله الجيش.
وانتقل المستوطنون لمراحل أفظع تعدّت التحريض والهجوم وحتى القتل المباشر، ووصلوا حد "الاختلاق" ورسم (السيناريوهات) تمهيدا لتنفيذ مخططاتهم التي تصاعدت بعد "طوفان الأقصى" بهدف تهجير الفلسطينيين.
وبات "سيناريو غلاف قلقيلية" -مثلما وصفته صحيفة "إسرائيل اليوم" وتكرر مرات عدة عبر وسائل إعلام الاحتلال- أقرب إلى هذه الاختلاقات.
ادعاءاتوادّعى المستوطنون بمستوطنات "كوخاف يائير" و"تسوريغال" شمال قلقيلية (خلف الجدار داخل الخط الأخضر) أنهم متخوفون من اقتحام "مخربين" فلسطينيين من قلقيلية والقرى المجاورة لمستوطناتهم عبر أنفاق، وادعوا أنهم يسمعون أصوات "حفريات واهتزاز".
ورغم نفي جيش الاحتلال وجود أنفاق، فإن مجالس المستوطنات قالت إنها غير مقتنعة بموقف الجيش، وإنها تعمل على استجلاب شركات خاصة لفحص جيولوجي لتتجنب "سيناريو مرعب"، حسب تعبير الصحيفة.
لكن ما الذي استدعى كل هذا التحريض من المستوطنين خاصة بهذه الأوقات؟ سؤال أجاب عنه حسام أبو حمدة القائم بأعمال محافظ قلقيلية، بتأكيده أنها "افتراءات وأكاذيب يسوّقها المستوطنون لتسويغ مخطط كبير يُحاك ضد قلقيلية الأكثر هدوءا مقارنة بالمحافظات الأخرى بالضفة".
ويقول حسام أبو حمدة للجزيرة نت، إن الاحتلال استهدف -ولا يزال- قلقيلية نتيجة تماسها كونها محافظة حدودية مع الخط الأخضر بين فلسطين المحتلة في 1967 و1948، وإنه يُصادر -منذ زمن- أراضيها ويسرقها عبر الاستيطان، وإن ما يشيعه المستوطنون حول أنفاق وغيرها لا أساس له من الصحة.
ورأى أن تكثيف الاحتلال مؤخرا اقتحاماته العسكرية لقلقيلية، التي تخلّلها قتل وهدم واعتقال للمواطنين وتخريب البنية التحتية، مقدمات لمخطط كبير يعدّه للضغط على السكان وتهجيرهم قسرا، ويضيف "نحن من بات يخشى من مخططات الاحتلال ومستوطنيه لقلقيلية في المرحلة القادمة".
وبالتوازي مع مخطط التهجير القائم بقطاع غزة، يمارس الاحتلال، وفق حسام، آخر مشابها وتدريجيا بالضفة الغربية وما تعيشه قلقيلية يؤكد ذلك، وقال إنهم يعملون بكل قوتهم لإخفاق هذه المخططات بصمودهم بالميدان، ومواجهة صلف الاحتلال وعنجهيته.
ويضيف أنهم وبينما يوثّقون تجاوزات الاحتلال واعتداءاته، تواصل القيادة الفلسطينية دورها السياسي والقانوني بالدفاع عن الأرض الفلسطينية محليا وإقليميا ودوليا.
من ناحيته، دحض وليد عساف وزير هيئة شؤون الجدار والاستيطان السابق وابن مدينة قلقيلية ادعاءات المستوطنين، وكشف أسبابا كثيرة لتحريضهم على المدينة، سعيا لضمها والسيطرة الكاملة على أراضيها، "كحلم راود الاحتلال دوما".
وأوضح وليد، للجزيرة نت، أن موقع قلقيلية الإستراتيجي في الخاصرة الضعيفة لدولة الاحتلال، إضافة لقربها من البحر المتوسط (على مسافة 11 كيلومترا) الذي تحتله إسرائيل، وامتدادها فوق حوض المياه الغربي الذي يشكل 64% من مياه الضفة الجوفية، واتصالها بمدن قريبة -مثل سلفيت- جعلها تشكل كتلة عازلة للشمال عن الجنوب.
لكن قلقيلية، وحسب وليد عساف، تتعرض منذ زمن بعيد لمحاصرة وتضييق إسرائيلي شبه دائم حتى في "أيام الانفراج" -حسب وصفه- التي كانت تعيشها غزة ومدن أخرى بالضفة.
واستعرض ذلك قائلا:
في 1956 قصفت إسرائيل مقر المقاطعة في قلقيلية، واستشهد 156 جنديا أردنيا. في 1967 هدم الاحتلال جزءا كبيرا من أحيائها وطرد سكانها، لكنه سرعان ما أعادهم بعد تدخل دول كبرى. عند توقيع اتفاق أوسلو حاولت إسرائيل إجراء استفتاء لضم قلقيلية إليها، لكن الأهالي رفضوا. مع دخول انتفاضة الأقصى سنة 2000 شيَّد الاحتلال جداره العازل الذي التف حولها من كل الجهات، وأصبحت وكأنها داخل زجاجة، وعزلها عن أراضيها لتصبح منطقة غير قابلة للحياة.وضمن ما عُرف بتقسيمات أوسلو (مناطق أ وب وج "سي")، سُميت 3% فقط من أراضي محافظة قلقيلية المقدرة بأكثر من 170 ألف دونم (الدونم يساوي 1000 متر مربع) بمناطق "أ" و"ب"، وسُميت 97% مما تبقى مناطق "سي"، ويصعب الوصول إلى معظم تلك الأراضي.
وعند تفكيك مستوطنات سيناء بعد معاهدة السلام "كامب ديفيد"، نُقل المستوطنون إلى مدن سلفيت وقلقيلية، كما نُقل إليها مستوطنو "غوش قطيف" في غزة بعد تفكيكك مستوطناتهم وإخلائها في 2005.
الجدار عقاب آخرومنذ 1975 تعاقب إسرائيل، محافظة قلقيلية بالاستيطان، وتجثم 25 مستوطنة وبؤرة استيطانية وتسيطر على نصف أراضيها، ويقارب عدد المستوطنين فيها تعداد السكان الفلسطينيين بالمحافظة، ويقطن في مستوطنة قدوميم المستوطن المتطرف بتسلئيل سموتريتش وزير المالية في حكومة الاحتلال، حسبما يقول وليد عساف وزير هيئة شؤون الجدار والاستيطان السابق.
ويحاصر المدينة جدار عازل يمتد على طول 40 كيلومترا ويتلوى حول أراضيها ليعزلها خلفه، ويمنع أصحابها من الوصول إليها إلا عبر بوابات وبتصاريح خاصة، بينما يُبقي على مدخلها الشرقي والوحيد متنفسا لتنقل السكان، ولكنه يغلقه عسكريا متى شاء.
وبينما يرفض الاحتلال توسعة المخطط الهيكلي لمحافظة قلقيلية، أضحت معظم الأراضي خارجه، وأصبح "نصف البناء" الفلسطيني بالمحافظة -حسب وليد- يقع بمناطق "سي" الخاضعة لسيطرة إسرائيل التي تمنع البناء وتهدمه، فضلا عن مشروعات الطرق الاستيطانية التي حاصرت المحافظة وزادت في عزلها.
ميدانيا، عملت إسرائيل على كبح جماح أي مقاومة تظهر في قلقيلية، وصعَّدت استهدافها منذ بدء الحرب على غزة، حيث لاحقت مقاومين شكّلوا مؤخرا "مجموعات ليوث المجد" التابعة لكتائب شهداء الأقصى المحسوبة على حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، وفق تصريح الصحفي أحمد شاور للجزيرة نت.
وقتلت إسرائيل القائد المطارد علاء نزَّال ومقاوما آخر يدعى أنس داود مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد محاصرتهما داخل مركبة بأحد أحياء المدينة، كما لاحقت المقاومة التي امتدت خارجا في قرى المدينة، وقُتل 7 شبان في بلدة عزون شرقها وآخر في قرية جيوس المجاورة.
ويقول شاور إن إسرائيل تستبيح المدينة باقتحاماتها اليومية واستفزازها للمواطنين، وهو ما يفند أي ادعاءات للمستوطنين حول وجود أنفاق وغيرها.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
مستوطنون يقتحمون الأقصى وقوات الاحتلال تنفذ حملة اعتقالات بالضفة
اقتحم مستوطنون متطرفون المسجد الأقصى المبارك اليوم الأحد، في مجموعات من جهة باب المغاربة وأدوا طقوسا تلمودية، وتزامن ذلك مع حملة اعتقالات شنتها قوات الاحتلال في مناطق مختلفة من الضفة الغربية.
ونفذ المستوطنون جولات استفزازية في باحات المسجد بحراسة شرطة الاحتلال.
ويأتي ذلك في إطار عمليات دهم مستمرة للأقصى تسمح بها سلطات الاحتلال على فترتين صباحية ومسائية بهدف تقسيمه زمانيا ومكانيا.
قطعان المستوطنين يواصلون اقتحامهم للمسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال. pic.twitter.com/avztux9bnr
— القسطل الإخباري (@AlQastalps) July 6, 2025
من جانب آخر، قالت مصادر فلسطينية، إن مستوطنين مسلّحين هاجموا بلدة بيتا جنوب نابلس وأضرموا النار في 4 سيارات فلسطينية، واعتدوا على منازل في مناطق عدة من جبل بئر قوزا التابع للبلدة. واندلعت اشتباكات بين شبّان من البلدة والمستوطنين، ما أدى لإصابة شاب فلسطيني بجروح في رأسه.
واختنق فلسطينيون بالغاز المدمع منهم أطفال، واعتقل آخرون منهم أشقّاء، فجر اليوم، خلال حملة اقتحامات نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي بمناطق متفرقة من الضفة.
وفي بيت لحم جنوبي الضفة، اختنق فلسطينيون، منهم أطفال جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي قنابل الغاز المدمع، تجاه منازل المواطنين في بلدة الخضر جنوب بيت لحم، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
وفي الخليل جنوبي الضفة اعتقل جيش الاحتلال الشاب عامر ماهر الهشلمون، بعد توقيفه على حاجز قرب بلدة سعير.
كما اعتقلت قوات الاحتلال الشقيقين محمود وأحمد فرج الله، بعد الاعتداء عليهما ضربا في ضاحية ذنابة في طولكرم شمالي الضفة، إضافة إلى الشاب معاوية النجار من بلدة الشويكة المجاورة، بحسب مصادر محلية للأناضول.
وفي رام الله بالوسط، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية باعتقال جيش الاحتلال 3 شبان من بلدة المزرعة الغربية شمال المدينة، بعد دهم منازلهم وتفتيشها.
منظمة البيدر: مستوطنون يعتدون على رعاة ماشية قرب خلة خضر في الأغوار الشمالية صباح اليوم. pic.twitter.com/Iw1QquCKoE
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) July 6, 2025
إعلانوفي الأغوار الشمالية، أجبر مستوطنون رعاة ماشية فلسطينيين، على ترك المراعي وطاردوا مواشيهم، وأفاد الناشط الحقوقي عارف دراغمة، لوكالة الأنباء الفلسطينية، أن المنطقة تشهد تصعيدا كبيرا في اعتداءات المستوطنين، على المواطنين وممتلكاتهم، وسط تخوفات بإفراغها لصالح المستوطنين.
وأدى تصعيد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، تزامنا مع حرب الإبادة على غزة إلى استشهاد 989 فلسطينيا على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال ما يزيد عن 18 ألفا، وفق معطيات فلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 193 ألف فلسطيني شهداء وجرحى، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين منهم عشرات الأطفال.