مجزرة «المعمداني».. جريمة إبادة جماعية ووصمة عار على جبين المجتمع الدولي
تاريخ النشر: 24th, January 2024 GMT
فى ساعات الليل الأولى من السابع عشر من أكتوبر الماضى، نفذ سلاح الجو الإسرائيلى مجزرة بشعة، بحق عشرات الجرحى ومئات النازحين المدنيين فى ساحة المستشفى الأهلى العربى «المعمدانى» فى حى الزيتون جنوب مدينة غزة، كان أغلبهم من النساء والأطفال، فى كارثة إنسانية ووصمة عار على جبين المجتمع الدولى، الذى شاهد بالصوت والصورة جرائم الاحتلال، وكيف مزقت الغارة أجساد الضحايا وجعلتها أشلاء متفرِّقة ومحترقة، فيما تحوَّل المستشفى إلى بِركة من الدماء، لتكون شاهدة على وحشية الكيان الصهيونى.
ووصل عدد الشهداء جرَّاء قصف المستشفى المعمدانى إلى أكثر من 500 فلسطينى، والمئات من الجرحى، إذ كان يعتبر ملاذاً آمناً للفلسطينيين من قصف طائرات الاحتلال، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، كان المستشفى يضم عدداً من النازحين من منازلهم بعد تدميرها ووصل عددهم إلى أكثر من 5 آلاف فلسطينى، وزاد من حجم الكارثة أيضاً أن المصابين حين وصولهم للعلاج فى مستشفى الشفاء، القريب من «المعمدانى»، وجدوا الكهرباء قُطعت فى المستشفى بسبب الهجمات التى شنتها قوات الاحتلال فى محيطه، فكان محاصراً قبل جريمة «المعمدانى» لعدة أيام.
وخرجت عدة مظاهرات مناصرة للشعب الفلسطينى فى عدد من عواصم الدول بعد ساعات من الجريمة وأيضاً فى اليوم التالى لها، للتنديد بالمجزرة التى ارتكبها الاحتلال، وبدأت بعدها سلسلة من المظاهرات لم تتوقف حتى اليوم، وأكد العديد من مواطنى دول العالم أنهم عرفوا بالقضية الفلسطينية منذ قصف «المعمدانى»، وبدأوا بمتابعة الأحداث فى غزة وتاريخ الصراع الفلسطينى - الإسرائيلى.
كما خرج الآلاف فى ساحات وميادين الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، تحديداً بمصر والأردن وتركيا والكويت واليمن وقطر وموريتانيا وإيران والعراق والمغرب وغيرها، تنديداً بوحشية الاحتلال، وشهدت الميادين الغربية تعاطفاً كبيراً مع الضحايا الفلسطينيين، وبخاصة فى فرنسا واليونان وبريطانيا والولايات المتحدة، وعاد المستشفى المعمدانى للعمل مرة أخرى فى نوفمبر الماضى، بعد قصفه بأكثر من شهر، واستقبل الجرحى والمصابين، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلى واصلت انتهاكاتها ولم تكتف بالجريمة الكبرى، إذ حاصرت الدبابات المستشفى وسط هجوم عنيف، وزعمت بوجود أنفاق تابعة للفصائل الفلسطينية أسفله، وأصبح من الصعب على طواقم إسعاف الهلال الأحمر الوصول إليه.
ورغم المجزرة التى شهدها، كان المستشفى المعمدانى الوحيد فى شمال قطاع غزة الذى يستقبل الجرحى والمرضى بكامل طاقته من بين 24 مستشفى، بينما كانت تعمل 5 مستشفيات أخرى بشكل محدود، وفى ديسمبر الماضى، أعلنت وزارة الصحة فى غزة خروج المستشفى المعمدانى عن الخدمة بشكل نهائى، نتيجة الاستهداف والحصار واعتقال عدد من الكوادر الطبية والجرحى والنازحين، فلم يعد بالإمكان استقبال مرضى أو مصابين، رغم صدور بلاغات حينها بوجود عشرات الجرحى بالشوارع جرَّاء العدوان الإسرائيلى المستمر.
من جانبه، قال دكتور أيمن الرقب، القيادى بحركة فتح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن قصف المستشفى المعمدانى كان جريمة واضحة مسجلة بالصوت والصورة على مرأى ومسمع من العالم، مشيراً إلى أن المحاولات الإسرائيلية للتعتيم على الفظائع المرتكبة بحق المدنيين لن تجدى نفعاً، لافتاً إلى أنه رغم كل الجرائم التى ارتكبها الاحتلال كقصف مدرسة الفاخورة، ظل استهداف «المعمدانى» العلامة الأبرز فى سجله الوحشى.
وأكد «الرقب»، لـ«الوطن»، أن السياسيين والحقوقيين الفلسطينيين طالبوا بتشكيل لجنة تحقيق دولية لتسلم عينة من الصواريخ التى أطلقت على المستشفى، بسبب محاولة الاحتلال التضليل والقول إن الصواريخ أطلقت من جانب الفصائل بغزة، مشيراً إلى أن «واشنطن»، ومعها حلف الناتو، تبنوا الرواية الإسرائيلية، ولم يستمعوا إلى مطالب العالم بتشكيل لجنة تحقيق دولية، وأكد أن جريمة المستشفى المعمدانى جرى التكتم عليها من قبَل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية. وبحسب أستاذ العلوم السياسية، أثرت جريمة المستشفى المعمدانى على الرأى العام العالمى رغم كل محاولات التكتيم والتضليل، الذى ندد بوحشية الاحتلال بعدما رأوا أشلاء الشهداء المتناثرة فى كل مكان ولتتحول المجزرة إلى ذكرى سوداء ووصمة عار لدولة الاحتلال.
فيما أكد دكتور عبدالمهدى مطاوع، المحلل السياسى الفلسطينى، أن قصف المستشفى المعمدانى كان إنذاراً مبكراً لما ستؤول إليه أوضاع الحرب والإبادة الجماعية التى يرتكبها الاحتلال فى قطاع غزة، منوهاً بأنه بالتزامن مع قصف المستشفى كانت قوات الاحتلال قريبة من مستشفى الشفاء وتدعو لاقتحامه، لكن ذلك لم يحرك ساكناً من قبَل الأطراف الدولية.
وأضاف «مطاوع»: «المشاهد غير المسبوقة للجريمة التى جرى ارتكابها فى (المعمدانى) كانت بمثابة ناقوس خطر، وأثارت الكثير من الانتباه العالمى لما يحدث فى غزة، وجلبت لإسرائيل مزيداً من السخط الدولى والشعبى، لكن لم يحدث تحول أو تغيير كبير فى مسار الحرب ولم تخرج عن كونها مجرد إدانات».
وأوضح أن رد فعل الدول الكبرى وكيفية تبرير إسرائيل لما حدث فى المستشفى المعمدانى وإلقاء التهم على الفلسطينيين، وتعطيل تشكيل لجنة تحقيق دولية، شجع الجانب الإسرائيلى على استكمال مخططه وجرائمه، وتابع: «بعدما وافقت الدول الكبرى على تبريرات الاحتلال لقصف المستشفى، ترى إسرائيل الآن أنها من الممكن تقديم أسباب لاستهدافاتها المتكررة فى غزة أمام المحاكم الدولية، وتستطيع الخروج من هذه الجرائم حتى لا يتم اتهامها بشكل مباشر بارتكاب جرائم حرب».
وأكد المحلل السياسى أيمن الطويل أن المظاهرات كانت وسيلة لضغط الشعوب على حكوماتها من أجل التنديد بالعدوان الإسرائيلى على غزة، إذ انطلقت المظاهرات بكثافة بعد جريمة «المعمدانى»، وأبرزت العديد من الصحف والقنوات العالمية مشاهد الشهداء والجرحى الذين كان أغلبهم من النساء والأطفال.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المعمدانى إسرائيل الوطن الاحتلال المستشفى المعمدانى قصف المستشفى فى المعمدانى فى غزة
إقرأ أيضاً:
أردوغان: حان الوقت ليسدد المجتمع الدولي دينه للشعب الفلسطيني
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الوقت حان ليسدد المجتمع الدولي دينه للشعب الفلسطيني، مشددا على ضرورة تقديم دعم قوي لترسيخ وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس التركي الجمعة خلال "المنتدى الدولي للسلام والثقة" في عشق آباد عاصمة تركمانستان.
وصرح الرئيس التركي بأن العالم شهد واحدة من أبشع المجازر خلال آخر قرن في غزة.
وشدد على أن استمرار وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية للمحتاجين يمثلان أولويات أساسية.
وأضاف "وقف إطلاق النار المستمر رغم انتهاكات إسرائيل هش، لذا، فإن الدعم القوي من المجتمع الدولي لهذا المسار ضروري ويجب أن يستمر".
وأعرب أردوغان عن أمله في أن يكون قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2800 فرصة لتحقيق سلام دائم وإعادة إعمار غزة.
يذكر أنه بدعم أميركي، شنت إسرائيل حرب إبادة جماعية على غزة في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 واستمرت عامين، وأدت لسقوط أكثر من 70 ألف شهيد و171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء.
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اعتمد مجلس الأمن الدولي بالأغلبية مشروع قرار أميركي بشأن إنهاء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، ويأذن بإنشاء قوة دولية مؤقتة حتى نهاية عام 2027.
وقال أردوغان إنه حان الوقت للمجتمع الدولي لأن يسدد دينه للشعب الفلسطيني.
وأكد على ضرورة إشراك الفلسطينيين في جميع مراحل تحقيق السلام ومساهمتهم فيها، مبينًا أن الهدف النهائي هو حل الدولتين.