أطبّاء بلا حدود: النظام الصحّي بكامله خارج الخدمة في غزة
تاريخ النشر: 27th, January 2024 GMT
سرايا - قالت منظّمة أطبّاء بلا حدود، إنّ النظام الصحّي بكامله خارج الخدمة الآن في قطاع غزة، وإنّه "عمليا، لم يعد هناك نظام صحّي بعد أن أصبحت معظم الخدمات في مستشفى ناصر معطّلةً".
وعبّرت المنظّمة في بيان، نقلته وكالة الصحافة الفرنسية اليوم السبت، عن أسفها، لأنّ القدرة الجراحيّة لمستشفى ناصر، أكبر مرفق صحّي في خانيونس بجنوب غزة، أصبحت "شبه معدومة"، مشيرة إلى أنّه ما بين 300 - 500 مصاب بجروح خطرة، لم يتسنّ إجلاؤهم بسبب الخطر ونقص سيّارات الإسعاف.
ولا تزال 8 مستشفيات مفتوحة فقط في غزة، من أصل 36 قبل الحرب، تعمل بشكل جزئي.
من جانبها، تحدّثت وزارة الصحّة في غزة، عن "انقطاع كامل للكهرباء" في المستشفى، ما أدّى إلى "توقّف كلّ المعدّات الطبّية عن العمل، بما في ذلك أجهزة التنفّس".
إقرأ أيضاً : الدويري يستبعد الحرب الأهلية في أمريكا .. وحاكم تكساس يقف نداً لإدارة بايدن إقرأ أيضاً : 113 يوما للحرب على غزة و "إسرائيل" تواصل مجازرها بحق المدنيينإقرأ أيضاً : الوقت ينفذ "بالعبرية" يتصدر منصات التواصل .. القسام تنجح في الفتك بالنسيج الصهيوني
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
علاقة الدولة بالاقتصاد وإشكالية التحول من النمطية الى التنظيم
في قلب كل دولة هنالك ثمة اقتصاد نابض، ينظم إيقاع حياتها، والعراق ليس استثناءً من هذه القاعدة. فالدولة الحديثة لم تعد مجرد كيان سياسي يحافظ على الأمن والنظام العام، بل تحولت إلى فاعل رئيس في تشكيل الاقتصاد وتحقيق توازنه واستقراره.
للأسف تتخذ هذه العلاقة أبعاداً أكثر تعقيداً، حيث يصبح الاقتصاد أحياناً ساحة للصراع السياسي، وأحياناً أخرى أداةً للهيمنة والتحكم. فمنذ تأسيس الدولة العراقية، ظل الاقتصاد رهينة للتقلبات السياسية، بدءاً من مرحلة التصنيع في منتصف القرن العشرين، ومروراً بالحصار الاقتصادي في تسعينياته، ووصولاً إلى مرحلة ما بعد 2003 التي شهدت تحولاً جذرياً في بنية الاقتصاد والسياسة معاً. فالدولة التي يفترض أن تكون راعية للتوازن الاقتصادي وتخصيص الموارد، أصبحت سبباً في اضعاف السوق وتعميق الاختلالات. ان ما تشهده الساحة الاقتصادية من الهيمنة للسياسة المالية الحكومية، وتهميش القطاعات الإنتاجية لصالح اقتصاد ريعي تسهم عائدات النفط بنسبة 95%من الناتج المحلي الإجمالي امر يثير القلق على مستوى السياسة الاقتصادية الكلية وعلاقة الدولة بالاقتصاد وما ينبغي ان تكون عليه .
لذا لا يمكن قراءة تاريخ العراق المعاصر بمعزل عن تشابك الاقتصاد مع هياكل السلطة، فهما وجهان لعملة واحدة تم نحتها بيد القوة والضعف معاً. فالدولة التي يفترض أن تكون إطاراً لتنظيم الحياة الاقتصادية، أصبحت في الحالة العراقية مزاحمة لها ومقيدة لنشاطها، اذ تتحكم بمفاصلها وتوجه مسارها خارج حدود الايراد والكلفة وفي اغلب الأحيان خارج شروط الاقتصاد.
ولعل هذه العلاقة"المرضية" ليست قدراً نهائياً، بل هي محطة في رحلة طويلة من البحث عن هوية اقتصادية تتحرر من سطوة السياسة دون أن تنفصل عنها ففي دول أخرى، غير بعيدة عنا نجحت الدولة في أن تكون أداة لتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية عبر سياسات ضريبية عادلة، واستثمارات ذكية في البنية التحتية، وتمكين القطاع الخاص دون التخلي عن دورها الرقابي. الا اننا في العراق، نشهد غياب الرؤية الاقتصادية الواضحة حول الدولة من حاضنة للتنمية إلى عامل معيق لها، حيث تتضخم البيروقراطية وتتفشى المحسوبية، بينما تتراجع الخدمات الأساسية وتنكمش فرص العمل.
وفي ظل سيادة النمطية الريعية للتشغيل في القطاع الحكومي أفرز هذا النموذج الاقتصادي ثقافة استهلاكية تستحق الدراسة، حيث تحول المواطن من منتج إلى متلقٍ للريع النفطي عبر الوظيفة العامة أو الدعم الحكومي. وأدى ذلك إلى تشوه عميق في العلاقة بين الفرد والدولة، فلم تعد الأخيرة تمثل سلطة تنظيمية بقدر ما أصبحت "معيلاً" ينتظر منه توزيع الأرزاق. وهكذا سرق المجتمع من طاقته الإنتاجية، بينما سرق الاقتصاد من حيويته التنافسية.
لا مناص من رؤية تتأطر حول تغيير دور الدولة من "تاجر" يوزع الريع النفطي إلى "مهندس" يبني اقتصاداً متنوعاً، فلو عملنا على تنمية برامج اقتصادية اجتماعية ناهضة تهدف الى تغيير نمطية الفردمن متلق للمساعدات المالية إلى فاعل في عمليات الإنتاج والتصدير، لأمكن كسر هذه الحلقة المفرغة. اذ تثبت لنا التجارب العالمية أن الدول التي تنجح في الجمع بين السوق العادلة والضمان الاجتماعي هي الأكثر استقراراً وازدهاراً.
ومع استمرار اختلال هيكله فان الاقتصاد العراقي اليوم على مفترق طرق: إما أن تستمر الدولة في دورها التقليدي كمسيطر على الثروة وموزع لها بشكل غير عادل، وهو ما يهدد باستمرار الازمات، أو أن تتحول إلى منظم للاقتصاد وحامٍ لمصالح الأغلبية عبر تنظيم وتهيئة الشروط الأساسية لنمو السوق والإنتاج والتنويع، وهو الطريق الوحيد لتحقيق الاستقرار والرخاء.
يبقى السؤال قائما: هل ان الإرادة السياسية قادرة على خوض هذه المعركة المصيرية؟ أتوقع ان التاريخ الاقتصادي وحده سيجيب .
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام