الرصافي: بين الإلحاد والطائفية
تاريخ النشر: 24th, May 2025 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
لست هنا بصدد التهجم على الذين لا دين لهم، ولا بصدد الاشتباك معهم. فالناس احرار في توجهاتهم الفكرية والعقائدية، ولا شأن لي بهم، فكل نفس بما كسبت رهينة، لكن المثير للدهشة هو وقوع أقطاب الإلحاد في فخ الولاءات الطائفية وفي فخ التطرف الديني. .
فمن غير المعقول ان يغرق الإنسان في الإلحاد ويتمادى في ازدراء الأديان والعقائد، ويقف في الوقت نفسه مع هذه الطائفة ضد طائفة اخرى، أو يقف مع هذه الديانة ضد ديانة أخرى !؟!.
ومن غير المعقول ان يتحول الملحد إلى اداة من أدوات التحريض والتكفير والفتنة الطائفية. .
لو بحثتم الآن في شرق الأرض وغربها لما وجدتم انساناً خارج العراق يجمع بين الإلحاد والتكفير، أو بين الإلحاد والطائفية. خذ على سبيل المثال معروف الرصافي (1875-1945) الذي ينحدر من أبوين غير عربيين، لكنه يشكك بعروبة ابناء الجنوب والوسط، وبات من المتعارف عليه بين العراقيين ان (معروف) اصبح معروفاً بتشدده الطائفي، وهو الذي كان يتفاخر بكفره وإلحاده، وله كتاب من تأليفه يحمل عنوان (الشخصية المحمدية) يرسم فيه حالة الوحي النبوي على شكل نوبات عصبية يتعرض لها الرسول (ص). بل انه لا يتأدب في مواضع أخرى، ولا يتورع عن تشويه صورة الإسلام والمسلمين. .
ومن قرأ كتابه الموسوم: (الرسالة العراقية في السياسة والدين والاجتماع) يجد كل العجب، فالرجل ملحد مشهور، ومع ذلك لم يستطع أن يتخلص من طائفيته. ولا ندري كيف كان يدعي الألحاد وهو غارق في أوحال الطائفية !؟. .
والغريب بالامر ان بعض المتشددين طائفيا يتداولون أفكاره ونزعاته التحريضية، من دون ان يلتفتوا إلى تطاوله على الرسالة الإسلامية. .
وعلى خطى الرصافي سار شبيهه سعدي يوسف (1934-2021) الذي ظل يتفاخر بميوله الإلحادية لكنه لم يكتم نزعاته الطائفية، ولم يتردد في الإعلان عن نعراته القومية، بل انه تمادى كثيرا وأخذ ينشر فكره الطائفي، ويزرع الفرقة بين افراد الشعب العراقي، فجاءت قصيدته: (عراق العجم) معبرة عن نفاقه، وفيها إساءات سافرة ومباشرة إلى أبناء الجنوب وابناء الشمال (ابناء الأهوار وابناء الجبال). .
وهكذا جاءت قصائده الأخيرة مكملة لمؤلفات الرصافي، ومعبرة عن مشروعهما الإلحادي الطائفي، فأصبح كل منهما متهماً بسب وشتم الرسول الأكرم من جهة، ومتهماً من جهة اخرى بالطائفية وإضرام نار الفتنة، وانفرد (سعدي) بتأييد تنظيمات الدواعش، والتهجم على أكراد العراق وعرب الأهوار. .
ختاماً: عندما نستعرض النتاجات الادبية لهذين الشاعرين نجدهما يخوضان في اوحال التناقضات بمواقفهما المنافقة وتوجهاتهما المتأرجحة. .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
ما الذي يحسم مصير خطة نزع سلاح العمال الكردستاني؟
أنقرة- تمضي تركيا في تنفيذ خريطة طريق طموحة تستهدف نزع سلاح حزب العمال الكردستاني ووضع حد نهائي لصراعه المسلح المستمر منذ ما يقارب 4 عقود.
وبينما تثمن الحكومة التركية الخطوات الجارية ميدانيا في هذا الإطار وتراقبها، تعاطت الأوساط الكردية معها بمزيج من الترحيب المشروط والحذر، معتبرة أنها ثمرة تطور داخلي تقوده "مرجعية إمرالي"، ومؤكدة في المقابل أن نجاح العملية مرهون بضمانات سياسية وقانونية تركية.
ويُقصد بـ"مرجعية إمرالي" الزعيم الكردي المعتقل في سجن بجزيرة إمرالي التركية عبد الله أوجلان مؤسس حزب العمال الكردستاني، الذي دعا الحزب إلى إلقاء سلاحه.
تنقل وسائل إعلام تركية مقرّبة من الحكومة عن مصادر أمنية تركية أن خريطة الطريق الموضوعة لتفكيك القوة العسكرية لحزب العمال الكردستاني تتكون من 4 مراحل متراتبة، جرى حتى الآن إنجاز الجزء الأكبر منها.
وتمثلت المرحلة الأولى في الانسحاب الكامل لمقاتلي الحزب من الداخل التركي إلى شمال العراق، وهو ما أعلن عنه رسميا يوم 26 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليكون أول انسحاب شامل من نوعه منذ انطلاق "التمرد المسلح" في ثمانينيات القرن الماضي، وقد اعتُبر محطة فارقة في مسار الصراع، لكونه أزال آخر تمركزات الحزب داخل الحدود التركية.
في المرحلة الثانية، ركزت الجهود على تفكيك الجيوب المتبقية للحزب في شمال العراق، لا سيما في منطقتي "زاب" و"متينا" الواقعتين ضمن نطاق العمليات التركية العسكرية المعروفة باسم "المخلب القفل".
ووفق ما نقلته صحيفة صباح التركية، فإن مقاتلي الحزب انسحبوا من 4 مغارات رئيسية في "زاب"، تاركين خلفهم كميات من الأسلحة والذخائر، جرت إزالتها وتدميرها لاحقا من قبل وحدات تركية خاصة، ويجري حاليا استكمال الانسحاب من المغارات المتبقية في "متينا"، تمهيدا لإعلان إخلاء كامل نطاق عمليات الجيش التركي من وجود الحزب.
إعلانأما المرحلة الثالثة، فتغطي معاقل الحزب التقليدية في مناطق "قنديل" و"غارا"، إضافة إلى "حفتانين" و"هاكورك"، حيث ينتظر انسحاب تدريجي منها خلال الأشهر المقبلة.
وتُختتم الخريطة في مرحلتها الرابعة بإخلاء مناطق "سنجار" و"مخمور"، التي تُعد ذات طابع رمزي وإستراتيجي خاص، لكونها شكلت على مدى سنوات خط دعم وإسناد لوجستي لفرع الحزب في سوريا.
وتشير المصادر إلى أن الاستخبارات والجيش التركي يتابعان تنفيذ الخطة ميدانيا في كل مرحلة، حيث جرت عمليات تفتيش دقيقة للمواقع المفرغة، لا سيما في "زاب"، للتأكد من خلوها من العناصر، ولتسجيل الأسلحة التي تركها الحزب، تمهيدا للتعامل معها.
ووفق تسريبات من إعلام مقرب من الحكومة، لم تُعثر القوات التركية على أسلحة ثقيلة في تلك المواقع، مما اعتبر مؤشرا على تراجع الدعم الخارجي للحزب أو نقله ترسانته الثقيلة إلى خارج نطاق العمليات.
ولا يزال مصير قادة الصف الأول في حزب العمال الكردستاني، المتحصنين منذ عقود في جبال قنديل، يشكل أحد أكثر ملفات التفاوض حساسية وتعقيدا، ووفقا لما نقلته تسريبات متطابقة من دوائر تركية وكردية، فإن التسوية المرتقبة لن تتضمن بقاء هؤلاء القادة في أي من دول المنطقة، سواء تركيا أو العراق أو سوريا.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن من بين السيناريوهات المطروحة على الطاولة، إبعاد نحو ألف عنصر من كوادر الحزب إلى دول أوروبية مستعدة لاستضافتهم ضمن اتفاقات خاصة، في إطار تسوية "منضبطة وخالية من التصعيد".
بالتوازي مع ذلك، أعدت أنقرة وبغداد قوائم أمنية مشتركة تضم أسماء عشرات القياديين والعناصر المطلوبين للعدالة في البلدين، تمهيدا لإحالة بعضهم إلى المحاكمة، في حين يرجح منح عفو محدود لمن لم يثبت تورطه في أعمال عنف أو انتهاكات جسيمة.
تهديداتويرى المحلل السياسي التركي علي أسمر أن أكبر تهديد يواجه خطة نزع سلاح حزب العمال الكردستاني لا يكمن فقط في البعد العسكري، بل في هشاشة التوازنات السياسية والأمنية المحيطة بالملف.
ويضع أسمر سيناريو "تصفية عبد الله أوجلان" في صدارة المخاوف، معتبرا أن غيابه سيحدث فراغا قياديا خطيرا داخل الحزب، ويفتح الباب أمام صراعات داخلية وتفلّت مجموعات ميدانية متشددة، مما سيفشل أي مسار نحو التسوية.
ويحذر أسمر -في حديث للجزيرة نت- من أن الانقسام داخل الحزب، رغم ما قد يبدو عليه من فائدة لأنقرة، فإنه قد يؤدي إلى ولادة فصائل مستقلة تتصرف خارج السيطرة، وربما ترتبط بجهات خارجية تسعى لإعادة إشعال الصراع. ويضيف أن ظهور قيادات ميدانية غير منضبطة قد يطيح بعملية السلام من خلال حادث واحد في توقيت حرج.
وفي السياق الإقليمي، ينبّه أسمر إلى دور القوى الدولية التي ترى في الحزب الكردستاني ورقة ضغط إستراتيجية، وقد تعمد إلى تعطيل العملية عبر تمويل مجموعات منشقة أو تسريب السلاح إليها.
كما يشير إلى أن بقاء معاقل الحزب في سوريا وسنجار وقنديل يبقي السلاح حاضرا خارج حدود تركيا، مما يضعف أي اتفاق لا يشمل إغلاق هذه الجبهات بالكامل.
وبينما تروج أنقرة لعملية نزع السلاح بوصفها إنهاء قاطعا لتنظيم "إرهابي"، تقدم المنصات الإعلامية الكردية سردا مغايرا، يصور الخطوة باعتبارها تحولا داخليا إستراتيجيا تقوده مرجعية عبد الله أوجلان.
إعلانفحسب ما نقلته وكالة "ميزوبوتاميا"، فإن أوجلان هو من صاغ الموقف الراهن ووجه قيادة الحزب إلى اتخاذ قرار إنهاء الكفاح المسلح، مشددا على أن "زمن البندقية قد انتهى، وحان وقت السياسة".
وتؤكد بيرفين بولدان، نائبة حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أن انسحاب مقاتلي الحزب من الداخل التركي جاء بتعليمات مباشرة من أوجلان لقطع الطريق على أي محاولة استفزاز أو تفجير داخلي للعملية. ونقلت عنه قوله إن "المنظمة التي أنشأها قبل 50 عاما يجب أن تحل الآن بيده".
لكن في مقابل هذه الإشارات الإيجابية، وضعت قيادة حزب العمال الكردستاني سقفا سياسيا عاليا للمضي قدما في تنفيذ ما خرج به المؤتمر الاستثنائي، ففي تصريح لوكالة الفرات، أعلن دوران كالكان، أحد أبرز أعضاء اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني، أنه "لا خطوات إضافية ممكنة دون حرية القائد أوجلان"، معتبرا أن استمرار عزله ينسف جوهر التهدئة الجارية.
وأضاف أن المؤتمر الذي أعلن فيه حل الحزب لن يكون ملزما ما لم تقم الدولة التركية بتقديم خطوات ملموسة على مستوى الإصلاحات القانونية والدستورية.
ومن بين أبرز مطالب الحزب، بحسب كالكان، صدور قوانين عفو تسمح بإعادة دمج المقاتلين السابقين ضمن المجتمع دون ملاحقات، إضافة إلى رفع القبضة الإدارية المفروضة على البلديات الكردية، التي لا يزال كثير منها يخضع لوصاية حكومية بعد عزل رؤسائها المنتخبين.
وفي هذا السياق، تداولت وسائل إعلام كردية أنباء عن نية الحكومة إعادة بعض رؤساء البلديات ضمن إجراءات بناء الثقة، رغم غياب تأكيد رسمي حتى اللحظة.