أهل مصر .. شهد قصر ثقافة روض الفرج، اليوم الأحد، لقاء بعنوان "الحضارة المصرية القديمة" في ثالث أيام الملتقى الثقافي الرابع عشر لشباب المحافظات الحدودية، بمشروع "أهل مصر"، المقام برعاية د. نيفين الكيلاني وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة القصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، بمحافظة القاهرة تحت شعار يهمنا الإنسان" بمشاركة 120 شابا وفتاة، من 6 محافظات، ويستمر حتى 2 فبراير المقبل.

خلال اللقاء تحدث د. وسيم السيسي، عن عظمة الحضارة المصرية القديمة، ومدى تأثر الشعب المصري بأجداده سواء في العادات والتقاليد وحتى في الكلمات مثل "وحوي يا وحوي" و"إياحة" التي يتغنى بها المصريون في شهر رمضان الفضيل، مؤكدا أن الحضارة المصرية هي الأقدم على الإطلاق ومن الصعب محو أو تزييف التاريخ.

 

مفاهيم خاطئة حول الحضارة المصرية القديمة

 

وأضاف أن هناك الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى البعض حول الحضارة المصرية القديمة، ويمكننا تصحيحها من خلال مثل هذه اللقاءات التثقيفية التي تقدمها قصور الثقافة للنشء والشباب لتعريفهم بأصول التاريخ، موضحا أن القانون المصري القديم كان قائما على العدل، وهناك الكثير من القوانين في العصر الحديث أُخذت عن مصر القديمة.

كما استعرض "السيسي" المعتقدات الخاطئة بشأن الأهرام ومنها أنها مبنية بالسُخرة، مشيرا الى أن هناك برديات أثبتت منح إجازات للعاملين، بخلاف اكتشاف مقابر عمال بناة الهرم الأكبر بجوار الهرم وهو ما ينفي فكرة السخرة.

واختتم "السيسي" حديثه موجها دعوة للشباب الحضور بالقراءة والاطلاع، قائلا إن: المعرفة قوة، والذين يقرأون لا ينهزمون، فكم من دول استطاعات أن تغزو دول أخرى بالمعرفة.

جاء ذلك بحضور د. حنان موسى رئيس الإدارة المركزية للدراسات والبحوث، لاميس الشرنوبي رئيس إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد الثقافي، أحمد يسري مدير عام ثقافة الشباب والعمال والمشرف التنفيذي للملتقى، د. هالة الطلحاتي أستاذ الإعلام والعلاقات العامة وزميل كلية الدفاع الوطني.

مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة لأبناء المحافظات الحدودية، ضمن برامج العدالة الثقافية، ويهدف إلى تشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، ورعاية الموهوبين، ويستهدف ثلاث فئات وهي المرأة والشباب والأطفال.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أهل مصر الحضارة المصرية القديمة قصر ثقافة روض الفرج الحضارة المصریة القدیمة أهل مصر

إقرأ أيضاً:

عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية

كنا، ونحن صغار نتعثر على أعتاب المعرفة، نلتقط أسماء كالنجوم من صحف ومجلات ثقافية تصل إلى مدينتنا الريفية بمحافظة المنيا، كرسائل من عالم مواز، عالم أكثر رحابة وأشد وهجاً.

وكان من بين هذه الأسماء التي لم تنفصل في ذاكرتي عن صفة "المثقف الحقيقي"، اسم رفعت سلام كان يصل إلينا عبر مقالاته وترجماته كأنه صوت يأتي من عمق القاهرة، من ذلك القلب النابض الذي لم نره بعد، لكننا كنا نسمع دقاته في السطور التي تصلنا. 

لقد عرفته باكراً جداً، وعرفته كما يعرف الشجر الأصيل: من جذوره الراسخة في تربة الفكر، ومن ساقه القوية التي لا تعرف الانحناء أمام رياح الموضة العابرة، ومن أوراقه التي لا تتساقط مع كل خريف، تكتسي بلون جديد من الصبر والحكمة.

كان رفعت سلام ظاهرة ثقافية فريدة في تماسكها وانعتاقها معاً لم يكن مجرد شاعر ينساب في دروب القصيدة، ولا مترجماً ينقل بين اللغات، ولا ناقداً يحلل النصوص. 

كان كل ذلك في كينونة واحدة متجانسة، مثل نهر كبير تتقاطع في مجراه روافد من المعرفة، كلها تصب في بحر الرؤية. كانت طاقته الإبداعية طاقة كونية، لا حد لها ولا سقف، لأنها لم تكن طاقة انفجار عشوائي، كانت طاقة نمو عضوي، تنضج ذاتها بنفسها، مع مرور الوقت وتراكم التجربة وهنا يكمن سر عظمته: فالاستمرارية عند المبدع الحقيقي ليست تكراراً، هي اكتشاف متجدد للذات والعالم.
شاعراً برؤية خاصة.

كان شاعراً بكل ما تحمله الكلمة من معنى لم يكن شاعراً يكتب الشعر فقط، كان شاعراً يرى بالشعر. كان ذا بصر حديدي يخترق سطح الكلمات ليصل إلى مضايق الشعر الخفية، تلك المناطق الوعرة التي تختبئ فيها أسرار الإبداع. وقد تجلت رؤيته الشعرية المتفردة في دواوينه التي شكلت علامات مضيئة في مسيرة الشعر العربي الحديث.

ديوان "إشراقات " كان بمثابة بيان شعري جديد، حيث مزج بين الصورة البصرية الحادة والإحساس الوجودي العميق. كان رفعت سلام في هذا الديوان يستكشف علاقة الذات بالكون، من خلال لغة شعرية مكثفة تخلق عالمها الخاص، بعيداً عن البلاغة التقليدية. ثم جاء "إنها تؤمي لي " ليوغل أكثر في تجربة الاغتراب الداخلي والبحث عن معنى في فوضى العالم. هنا، تحولت القصيدة إلى رحلة استكشافية داخل النفس البشرية بأوجاعها وأحلامها.

أما " هكذا قلت للهاوية "، فقد مثل نقلة نوعية في مشروعه الشعري، حيث تناول موضوع المقدس والمدنس في حياة الإنسان المعاصر، بنبرة تتراوح بين الجدية والسخرية العميقة. وكانت قصائده في هذا الديوان تشبه طقوساً يومية لإعادة اكتشاف العالم من جديد.

المترجم الذي صاغ جسراً بين الثقافات
لم يكن رفعت سلام مترجماً عادياً ينقل النصوص من لغة إلى أخرى، كان صانع جسور بين الثقافات. اختياراته للترجمة لم تكن عشوائية، كانت جزءاً من رؤيته الثقافية الشاملة. كان يختار النصوص التي تثير أسئلة وجودية وفنية تهم القارئ العربي، مع الحفاظ على روح النص الأصلي وأناقته اللغوية.

من أبرز إنجازاته في هذا المجال ترجمته لقصائد الشاعر اليوناني يانيس ريتسوس، التي مثلت تحدياً كبيراً بسبب خصوصية الصورة الشعرية لدى ريتسوس وارتباطها بالتاريخ اليوناني والتراجيديا الإنسانية. استطاع رفعت سلام أن ينقل هذا العالم الشعري المعقد إلى العربية بلغة شعرية مكافئة، تحافظ على غموض الصورة وعمق الدلالة.

كما كانت ترجمته لأعمال الشاعر الفرنسي بودلير علامة فارقة في تقديم تيار الحداثة الشعرية العالمية للقارئ العربي. لقد فهم رفعت سلام أن ترجمة بودلير تحتاج إلى أكثر من معرفة لغوية، تحتاج إلى فهم عميق لمشروعه الشعري الذي يجمع بين التاريخ والأسطورة واللغة. فجاءت الترجمة كعمل إبداعي مواز، يفتح آفاقاً جديدة للشعر العربي.

ولا يمكن إغفال ترجماته المهمة للأعمال الشعرية الكاملة ل (كفافيس، ورامبو)، حيث نقل ليس فقط النص، نقل روح الشعر وفلسفته. كانت ترجماته الشعرية تحمل إحساساً باللغة، وكأنه يكتب النص من جديد بلغة عربية حية تنبض على خشبة المسرح.

يرى ما وراء الكلمات
كان يرى السرد ليس كحكاية تحكى، كان يراه كنسيج من الدلالات والإشارات. وكان ينظر إلى السينما والفنون بعين الشاعر الذي يبحث عن الشعري فيها، عن ذلك الوميض الإنساني الذي يحول الصورة إلى فكرة، واللحن إلى سؤال. كان شعره ونقده وجهين لعملة واحدة: عملة الحساسية المفرطة تجاه الجمال، والوعي الحاد بمسؤولية المثقف.

ذات مرة، كنا في مهرجان الجواهري الأول الذي أقيم بمدينة أربيل بشمال العراق ، وهو أحد تلك اللقاءات الثقافية التي تشتبك فيها العقول كما تتشابك الأسياخ الحمراء في النار، وجدت نفسي في حوار معمق معه حول الشعراء في عصرنا. دار الحديث عن أصل الفعل الإبداعي: هل هو نبض فردي معزول، هل هو حصيلة تفاعل مع محيط اجتماعي وثقافي؟ وتحدثنا عن الحالة الثقافية بكل تشعباتها: حالة الفرد المبدع الذي يحمل عبء رؤيته في صحراء اللامبالاة، وحالة المؤسسة التي تترنح بين الرسمي والخاص، وحالة المجتمع الذي يتلقى الثقافة كسلعة استهلاكية في أفضل أحواله.

وفي خضم هذا النقاش، استقام أمامي رجل بحجم فكره. كان قارئاً شاسع المساحات، لا يقرأ النصوص فقط، يقرأ العالم من خلالها. كانت له رؤية واضحة، وموقف أخلاقي لا يتزحزح، وأدوات نقدية صقلها بنفسه حتى أصبحت بصمته الخاصة التي لا تخطئها العين. كان يمتلك ذلك النوع من الذكاء الذي لا يقتل الطفولة الداخلية للمبدع، يحاورها وينميها.

اليوم، وأنا أتأمل رحيل رفعت سلام الشاعر والمترجم، لا يسعني إلا أن أشعر بحزن عارم ، حزن لا علاقة لها بالألم العابر، حزن الافتقاد إلى نموذج إنساني نادر. لكنني سعيد بأنني عرفت رفعت سلام صديقاً وصحفياً ورفيقاً في رحلة التفكير. وأشعر باعتزاز عميق بتجربته الثقافية الهائلة، تلك المنحة السماوية التي تمنحنا، نحن الباقين في الساحة، الثقة والأمل.

فحينما يغيب مثل هذا العملاق بهدوء، لا يترك فراغاً خلفه، يترك إرثاً مضيئاً. إرثاً يثبت أن في مشهدنا المصري العميق، تحت ضجيج السطح وصراعاته، تبقى هناك بقية من نماذج فريدة. نماذج لا تصنعها الجامعات ولا الجوائز، يصنعها الإصرار على النقاء الفكري، والالتزام بالجمال، والإيمان بدور المثقف كحارس للضمير الجمعي. هذه النماذج هي التي تكتمل في انعتاقها، الإنسان لا يكتمل في القيود، يكتمل في انعتاقه من كل ما هو زائف وعابر. وهي التي تلهم بضوئها جيلاً كاملاً، لأن نور الحكمة الحقيقية لا ينطفئ بغياب حامله، يتحول إلى شمعة في يد كل من يبحث عن الحقيقة.

رحل رفعت سلام، بقي شاهداً. شاهداً على أن الثقافة يمكن أن تكون نقية وعميقة وجادة في زمن الاستهلاك. شاهداً على أن مصر، بترابها وتاريخها وناسها، لا تزال تنجب أولئك الذين يحملون مشاعل المعرفة، ليس ليظهروا أنفسهم، لينيروا الدرب للأجيال القادمة.

فسلام عليك أيها الصديق، وسلام على روحك التي صانت الجمال، وسلام على قلمك الذي كان دائماً نبضاً للحياة.

طباعة شارك محافظة المنيا رفعت سلام القاهرة

مقالات مشابهة

  • عبد السلام فاروق يكتب: رفعت سلام .. العاصفة الهادئة في سماء الثقافة المصرية
  • قصور الثقافة هذا الأسبوع.. انطلاق الملتقى الأول للطفل وقوافل المسرح المتنقل بسيوة
  • أحمد عبد القادر ميدو: الدولة المصرية الحديثة اتبنت في عهد الرئيس السيسي بمشاريع عملاقة
  • قصر ثقافة الطفل بجاردن سيتي يشهد غدا انطلاق ملتقى "همم للقمم"
  • أهل مصر.. فن وإبداع في ختام الملتقى الثقافي الـ22 للفتاة والمرأة الحدودية بشرم الشيخ
  • مدير عام ثقافة المرأة: ملتقى أهل مصر يمنح المرأة الحدودية أدوات الإبداع والتمكين
  • د. شعيب خلف: سيناء خط الدفاع الأول.. و"أهل مصر" يرسخ الدمج الثقافي بين أطراف الوطن
  • د. دينا هويدي: الثقافة ليست رفاهية.. و«أهل مصر» يصنع جيلًا قادرًا على إحداث الأثر
  • قصور الثقافة تفتتح معرض "تجربة شخصية" بكفر الشيخ
  • أهل مصر..ميدانية لملتقى فتيات المحافظات الحدودية لمتحف شرم الشيخ