السومرية نيوز - محليات

طالبت النائبة عالية نصيف، رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية بإصدار بيان استنكار للدعوة التي وجهتها السعودية إلى العراق للإلتزام باتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، مؤكدةً أن السعودية من خلال هذه الدعوة أعلنت رسمياً تحالفها مع الكويت على قضية "باطلة" و"مرفوضة" قانونياً من أعلى سلطة قضائية في العراق.


وقالت نصيف في بيان ورد للسومرية نيوز، إن السعودية والكويت أصدرا بياناً مشتركاً في ختام زيارة أميرهم للمملكة مؤخراً، تضمن توجيه دعوة إلى العراق للإلتزام بالإتفاقية التي تم الإعلان عن بطلانها من قبل المحكمة الاتحادية العراقية، ومن جانبنا لم نستغرب من هذا التملق السعودي للكويت والتدخل في هذه القضية التي فيها غبن كبير لحقوق الشعب العراقي، نظراً للمواقف السعودية السابقة واستعداد المملكة للاصطفاف إلى جانب أي جهة تعادي العراق، سواء كانت عربية أو غير عربية.     وبينت، إن هذا الموقف السعودي يجب أن لايمر بسهولة، وعلى رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية العراقية إصدار بيان استنكار شديد اللهجة، وتذكير الجامعة العربية بتجاوزات الكويت على أراضي ومياه العراق والتعويضات التعسفية التي حصلت عليها الكويت من العراق.     وفي وقت سابق من اليوم، دعت السعودية والكويت، العراق إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله الموقعة بين دولة الكويت وجمهورية العراق بتاريخ 29 ابريل 2012م، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 5 ديسمبر 2013م بعد مصادقتها من قبل كلا البلدين.       ودعا الجانبان في بيان مشترك، صدر في ختام زيارة أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح للسعودية، إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث.

كما أكد البيان، الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية، حرص المملكة والكويت على تعزيز التعاون الدفاعي وتطوير العلاقات والشراكات الاستراتيجية لحماية أمن واستقرار البلدين والمنطقة.

وتعرضت عدة سفن في البحر الأحمر لهجمات من قبل جماعة الحوثي باليمن، والتي تقول إن الهجمات تأتي ردا على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن البيان الذي جاء في ختام زيارة أجراها أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح للمملكة استقبله خلالها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وأجرى خلالها مباحثات رسمية مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وجاء في البيان المشترك:

"في الجانب الدفاعي والأمني، أكد الجانبان حرصهما على تعزيز التعاون الدفاعي في جميع المجالات، وتطوير العلاقات والشراكات الاستراتيجية لحماية أمن واستقرار البلدين والمنطقة، وأشادا بمستوى التعاون والتنسيق الأمني القائم بين البلدين، وأكدا رغبتهما في تعزيز التعاون في الموضوعات ذات الاهتمام المشترك ومنها: مكافحة الجرائم بكافة أشكالها، ومكافحة المخدرات، وأمن الحدود، ومحاربة التطرف والغلو، وخطاب الكراهية والإرهاب، ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح بما يحقق الأمن والاستقرار في البلدين الشقيقين".

واضاف: "ورحب الجانبان بالتعاون القائم بين الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة والهيئة العامة للصناعة بدولة الكويت في مجالات التقييس المختلفة من خلال برنامج التعاون الفني الموقع بينهما وتحت مظلة هيئة التقييس الخليجية".

"وشدد الجانبان على أهمية التزام جمهورية العراق بسيادة دولة الكويت ووحدة أراضيها واحترام التعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وكافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 (1993) الذي تم بموجبه تخطيط الحدود البرية والبحرية بين دولة الكويت وجمهورية العراق، وأهمية استكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لما بعد العلامة البحرية 162".

كما دعا الجانبان العراق إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله الموقعة بين دولة الكويت وجمهورية العراق بتاريخ 29 ابريل 2012م، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 5 ديسمبر 2013م بعد مصادقتها من قبل كلا البلدين، وتم إيداعها بشكل مشترك لدى الأمم المتحدة بتاريخ 18 ديسمبر 2013م، ورفض إلغاء الجانب العراقي وبشكل أحادي لبروتوكول المبادلة الأمني الموقع عام 2008م وخارطته المعتمدة في الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله الموقعة بين الجانبين بتاريخ 28 ديسمبر 2014م، واللتان تضمنتا آلية واضحة ومحددة للتعديل والإلغاء.

وأضاف البيان: "كما جدد الجانبان دعم قرار مجلس الامن رقم 2107 (2013) الذي يطلب من الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) تعزيز ودعم وتسهيل الجهود المتعلقة بالبحث عن المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة وتحديد مصيرهم أو إعادة رفاتهم ضمن اطار اللجنة الثلاثية واللجنة الفنية الفرعية المنبثقة عنها تحت رعاية اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وإعادة الممتلكات الكويتية، بما في ذلك الأرشيف الوطني، وأهمية استمرار متابعة مجلس الأمن للملف المتعلق بقضية المفقودين الكويتيين ورعايا الدول الثالثة وملف الممتلكات الكويتية المفقودة بما في ذلك الأرشيف الوطني، من خلال استمرار إعداد تقارير دورية يقدمها الأمين العام للأمم المتحدة حول آخر مستجدات هذين الملفين، والجهود التي تقوم بها بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (UNAMI) في هذا الشأن، عملاً بالفقرة الرابعة من قرار مجلس الأمن 2017 (2013)، ودعوة العراق والأمم المتحدة الى بذل أقصى الجهود للوصول الى حل نهائي لجميع هذه القضايا والملفات غير المنتهية".

وأكد الجانبان على ما ورد في البيان الصادر بتاريخ 15 / 1 / 1445هـ المتضمن تأكيد المملكة العربية السعودية ودولة الكويت على أن حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة، بما فيها حقل الدرة بكامله، هي ملكية مشتركة بين المملكة العربية السعودية ودولة الكويت فقط، ولهما وحدهما كامل الحقوق لاستغلال الثروات في تلك المنطقة، والتأكيد على الرفض القاطع لأي ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في هذا الحقل أو المنطقة المغمورة المقسومة، وجدد الجانبان دعواتهما السابقة والمتكررة للجمهورية الإسلامية الإيرانية للتفاوض حول الحد الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة مع المملكة العربية السعودية ودولة الكويت كطرف تفاوضي واحد، والجمهورية الإسلامية الإيرانية كطرف آخر وفقاً لأحكام القانون الدولي.

وفي الشأن الإقليمي، ناقش الجانبان تطورات الأوضاع في فلسطين، وأعربا عن بالغ قلقهما حيال الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وما يشهده القطاع من حرب وحشية راح ضحيتها الآلاف من المدنيين العزّل من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير للمنشآت الحيوية ودور العبادة والبنى التحتية، نتيجةً للاعتداءات السافرة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي، وشددا على ضرورة وقف العمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وحماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وأكدا على أهمية الدور الذي يجب أن يضطلع به المجتمع الدولي في وضع حد لانتهاكات إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، والضغط عليها لإيقاف عدوانها ومنع محاولات فرض التهجير القسري على الفلسطينيين من قطاع غزة الذي يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقوانين الدولية. وشدد الجانبان على ضرورة تمكين المنظمات الدولية الإنسانية من القيام بمهامها في تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني بما في ذلك منظمات الأمم المتحدة. وأكد الجانبان على ضرورة تكثيف الجهود للوصول إلى تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية وفقاً لمبدأ حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما يكفل للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.

وفي هذا الصدد، ثمن الجانب الكويتي استضافة المملكة للقمة العربية الإسلامية المشتركة غير العادية في الرياض، وما أثمرت من قرارات أسهمت في إيصال موقف جماعي موحد للدول العربية والإسلامية تجاه الأحداث الجارية في فلسطين، مشيداً بقيادة المملكة للجهود المبذولة في تنفيذ قرارات القمة، وترؤسها للجنة الوزارية المكلفة من القمة وما تبذله اللجنة من جهود في سبيل بلورة تحرك دولي لوقف العدوان على غزة والضغط من أجل إطلاق عملية سياسية جادة وحقيقية لتحقيق السلام الدائم والشامل، وفق المرجعيات الدولية المعتمدة. كما أعرب الجانبان عن ترحيبهما بقرار محكمة العدل الدولية الصادر بتاريخ 26 يناير 2024م الخاص بمطالبة الاحتلال الإسرائيلي باتخاذ كافة التدابير التي نصت عليها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني.

وفي الشأن اليمني، أكد الجانبان على أهمية الدعم الكامل للجهود الأممية والإقليمية للتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وأشاد الجانب الكويتي بجهود المملكة ومبادراتها العديدة الرامية إلى تشجيع الحوار والوفاق بين الأطراف اليمنية، ودور البلدين في تقديم المساعدات الإنسانية وتسهيل المملكة إيصال تلك المساعدات لمختلف مناطق اليمن.

وفيما يخص الملاحة في البحر الأحمر، أكد الجانبان على أهمية المحافظة على أمن واستقرار منطقة البحر الأحمر، واحترام حق الملاحة البحرية فيها وفقاً لأحكام القانون الدولي واتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982م حفاظاً على مصالح العالم أجمع، ودعوَا إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث.

وفي الشأن السوداني، أكد الجانبان على أهمية الحفاظ على وحدة وسيادة واستقلال السودان ورفض التدخل بشؤونه الداخلية، وأهميه التزام طرفي الصراع بالسودان بإنهاء الصراع الحالي بينهما، في ضوء ما اُتفق عليه في إعلان جدة (الالتزام بحماية المدنيين في السودان) الموقع بتاريخ 11 مايو 2023م، والاتفاق على وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية في إطار القانون الدولي الإنساني، وقانون حقوق الإنسان الموقع بتاريخ 20 مايو 2023م، ورحب الجانبان بما تم التوصل إليه بين طرفي الصراع في محادثات جدة (2) بتاريخ 7 نوفمبر 2023م، من التزام باتخاذ خطوات لتسهيل زيادة المساعدات الإنسانية وتنفيذ إجراءات بناء الثقة تمهيداً للتوصل إلى وقف دائم للعدائيات مما يسهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: الجانبان على أهمیة فی خور عبدالله دولة الکویت الکویت على من قبل بما فی

إقرأ أيضاً:

لماذا أُثيرت قضية “خور عبدالله” ومن يقف وراءها

آخر تحديث: 2 غشت 2025 - 9:47 صبقلم: سمير عادل المأساة ليست في مَن يبيع الأوهام، إنما في مَن يشتريها دون أن يدرك أنه وقع في كمين سياسة التضليل. وعند إدراك الحقيقة، لا يمكن حتى إعادتها إلى صاحبها أو إعادة بيعها للتخفيف من وجع السقوط فيها.السيادة، بالمفهوم البرجوازي للدولة القومية، غير موجودة في العراق. فهناك أكثر من خمسين نقطة وقاعدة وموقع عسكري تركي في كردستان العراق، فلا ذكر لها في الإعلام حتى من باب تسجيل موقف. أما الميليشيات المنضوية في “الحشد الشعبي”، التي أُقرت شرعيتها بقانون صادق عليه مجلس النواب عام 2016، فيعلن رئيس أركانها “أبوفدك” أنه ينتظر أوامر المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، للرد على إسرائيل إثر اغتيالها لرئيس المكتب السياسي لحماس في طهران قبل أشهر. ولا حديث ولا حتى عتابا بين “الأحبة” – حكومة السوداني ووزرائها – على هذا التصريح. وهناك مجموعات أخرى تصرّح بأن نزع سلاحها على يد الحكومة مجرّد “وهم”، بل تقوم بتهديد الحكومة العراقية إذا ما أقدمت عليه. وبين هذا وذاك موسِم المسيّرات في ضرب الحقول النفطية في دهوك والسليمانية ومطار كركوك، في بلدٍ ليس لمسؤوليه شغلٌ ولا شاغلٌ سوى العويل والبكاء على حصر السلاح بيد الدولة وقدسية السيادة. من جهة أخرى، حوّلت إيران وإسرائيل السماء العراقية خلال 12 يومًا من القتال إلى ساحة للعبة كرة المنضدة، حيث يضرب كل منهما الآخر من خلالها. كما أن إيران بين الحين والآخر تقصف مدينة أربيل بحجة استهداف “أوكار الجواسيس الإسرائيليين،” في حين أن أكبر وكر للتجسس على إيران والمنطقة بأكملها هو السفارة الأميركية في بغداد، التي تُعدّ واحدةً من أكبر سفاراتها في العالم ويبلغ عدد موظفيها أكثر من 5000 شخص، ومع ذلك فهي محروسة من قبل “الحرس الثوري” وميليشياته الولائية في العراق. ورغم كل هذا، ترتفع سخونة الاحتجاجات والمطالبات حول “خور عبدالله” والبكاء على سيادة العراق!

لماذا هذه الضجة الآن حول “خور عبدالله”، ومن يقف وراءها؟

اتفاقية “خور عبدالله” هي حصاد هزيمة العراق في احتلاله للكويت، وصادقت عليها حكومة المالكي الثانية في 29 أبريل 2012، ووقعها وزير النقل هادي العامري. وتحولت إلى قانون مرقّم 42 عام 2013، بعد مصادقة البرلمان ثم توقيع الرئاسة عليها، ونُشرت في جريدة “الوقائع العراقية” العدد 4299 الصادر في 25 نوفمبر 2013، وأُودعت في صندوق الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية. ثلاثة مشاهد ساخرة في “الصحوة الوطنية” التي اجتاحت اليوم عقول وصدور عدد من السياسيين في الأحزاب والميليشيات الإسلامية “الولائية”: المشهد الأول، عددٌ ممن يرفعون اليوم لواء الوطنية والسيادة ويتباكون بحرقة على “خور عبدالله”، وكانوا جزءًا من حكومة نوري المالكي التي وقّعت على الاتفاقية عام 2012. أما المشهد الثاني، فهو إلغاء الاتفاقية أو إبطال قانون التصديق عليها بعد عشر سنوات من المصادقة عليها، وتحديدًا في 4 سبتمبر 2023، وهو ما يطرح تساؤلات جدّية حول التوقيت والدوافع. والمشهد الأخير، أن القاضي فائق زيدان، رئيس مجلس القضاء الأعلى، كان شاهدًا على قرار المحكمة الاتحادية بإبطال القانون، وهي محكمة تُعدّ جزءًا من مجلس القضاء الأعلى الذي يتحكم به زيدان نفسه. لكنه اليوم، وبعد سنتين من القرار، يفاجئنا بمقالٍ في صحيفة “الشرق الأوسط” (الصادرة في 25 يوليو) يقول فيه إن إلغاء قانون الاتفاقية غير قانوني! ما كان يقف خلف إبطال الاتفاقية في 2023، هو ببساطة نفوذ إيران في العراق والمنطقة. فعندما تصاعد الخلاف بينها وبين الكويت بشأن حقل الدرة النفطي والغازي الواقع في منطقة “خور عبدالله”، حركت طهران أذرعها في العراق للضغط على الكويت من خلال إبطال الاتفاقية. فما الذي تغيّر اليوم في المشهد السياسي، حتى ينقسم أهل “الإطار التنسيقي” من نواب وبرلمانيين وسلطة تنفيذية وقضائية إلى “خونة” و”وطنيين”، وإلى من يبكي بحرقة أشد من حرّ صيف العراق على السيادة و”خور عبدالله”، ومن يُتّهم ببيع العراق بـ”رخص التراب”؟ الجواب ببساطة، إنه الشرق الأوسط الجديد؛ التحولات الكبرى عصفت بالمنطقة، وفي القلب منها تراجع النفوذ الإيراني.

هذه الرياح دفعت رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ورئيس الجمهورية عبداللطيف رشيد، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، إلى “الاستيقاظ من الغفوة الوطنية” – إن صح التعبير – ومحاولة اللحاق بالركب الجديد الذي تتجه سفنه نحو الغرب. إنَّ السوداني، الذي غرق مدة سنتين في “الصحوة الوطنية” الإيرانية، يحاول اليوم الانسحاب من موقف إلغاء الاتفاقية بهدف تحسين موقعه السياسي أمام الكويت، بوصفها بوابة الخليج وبالتالي المحيط العربي، بما يمنحه فرصة لتعزيز فرص تجديد ولايته بعد انتخابات نوفمبر المقبلة، وإعادة التموضع سياسيًا بعد تراجع مكانة الجمهورية الإسلامية، من خلال خلق مسافة بينه وبين طهران، في محاولة لكسب رضا المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، وإظهار عدم خضوعه للنفوذ الإيراني – على الأقل في هذه المرحلة – بعد فشله في كبح جماح الميليشيات ومحاولة تقويض خصومه السياسيين من حلفاء إيران داخل العراق، عبر تقديم نفسه كلاعب مستقل ومتوازن. في المقابل، يحاول خصوم السوداني استخدام ورقة “خور عبدالله” للظهور بمظهر المدافع عن السيادة، ووصمه بالخيانة، واتهامه بعدم الأهلية لحماية مقدرات العراق، بهدف النيل منه انتخابيًا.

معضلة “خور عبدالله” لا تكمن في مَن باعها أو مَن اشتراها، ولا في التنازع بين التخوين والوطنية، ولا حتى في ما إذا كان التنازل عنها قانونيًا أم غير قانوني. فجميع الأطراف التي صادقت على الاتفاقية من مختلف الأطراف والأطياف في حكومة المالكي والبرلمان، بمختلف انتماءاتها، سبق أن قدمت ثروات العراق وجماهيره على طبق من ذهب للغزاة الأميركيين مقابل تنصيبهم في السلطة. المعضلة الحقيقية تكمن في غياب الحصانة السياسية لدى الجماهير، ما يجعل من السهل اللعب على عواطفها وجرّها إلى أتون الصراع السياسي، مع التعمية على ما وراء هذا الصراع من ضحك على الذقون، في موسم بات معروفًا بـ”الاصطياد في المياه العكرة.” الإعلام المأجور والمشبوه، المملوك للأحزاب والميليشيات، ومعه جوقة السياسيين، لم يفتحوا أفواههم يومًا، ولم يثيروا أيّ ضجة حول حقيقة أن الحكومات العراقية المتعاقبة دفعت أكثر من 52 مليار دولار إلى صندوق التعويضات للكويت. إن التغيير الجذري في العملية السياسية وإنهاء عمر هذه السلطة هو الطريق الوحيد لحماية مقدّرات الجماهير وثرواتها وضمان توزيعها بشكل عادل. وذلك لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حكومة غير قومية وغير دينية، أي علمانية، تقرّ دستورًا وقانونًا مدنيًا ضامنًا للمساواة المطلقة بين جميع المواطنين، دون أي تمييز على أساس القومية أو الدين أو الطائفة أو الجنس.

مقالات مشابهة

  • نزاع حدودي.. هل استسلم العراق للكويت بملف خور عبدالله؟
  • "صحفيون في قلب الأزمات" غزو الكويت بعيون صحفية
  • بالوثائق.. الساعدي يطالب بجلسة نيابية خاصة لإلغاء اتفاقية خور عبدالله
  • 35 عامًا على غزو الكويت.. من الاجتياح إلى اتفاقية خور عبد الله .. تفاصيل
  • نائب يطالب الحكومة بالطعن في إتفاقية خور عبدالله المذلة!
  • سؤال برلماني بشأن تكليف المحافظين بدعم مبادرة صحح مفاهيمك
  • لماذا أُثيرت قضية “خور عبدالله” ومن يقف وراءها
  • الهلال السعودي يصل ألمانيا لبدء معسكر الإعداد للموسم الجديد
  • تحرك برلماني بشأن تطبيق الضريبة على الهواتف المستوردة بأثر رجعي
  • مستثمر عراقي:العراق بيئة طاردة للاستثمار وانعدام الثقة بالدولة