الروائي الأردني جلال برجس يكتب لـ “أثير” عن الزعيم الثقافي الوهمي
تاريخ النشر: 19th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة عُمان عن الروائي الأردني جلال برجس يكتب لـ “أثير” عن الزعيم الثقافي الوهمي، أثير الروائي الأردني جلال برجسمهم أن تقوم الرواية بالكشف الجريء عن الشروخ والتصدعات في جدراننا الداخلية، وفي جدراننا العامة، كشف لا .،بحسب ما نشر صحيفة أثير، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات الروائي الأردني جلال برجس يكتب لـ “أثير” عن الزعيم الثقافي الوهمي، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
أثير- الروائي الأردني جلال برجس
مهم أن تقوم الرواية بالكشف الجريء عن الشروخ والتصدعات في جدراننا الداخلية، وفي جدراننا العامة، كشف لا يتنازل عن كونه جرس إنذار يقرع تحذيرًا لما يمكن أن يحدث في المستقبل، وبالتالي يمكن أن يأخذنا إلى الانهيار بكل مستوياته. فعل يؤدي إلى أسئلة يطرحها الفن الروائي الحديث أمام واقع ملتبس، يسعى الإنسان في خضم حيرته إلى محاولة فهمه أولًا قبل أن يجترح حلولًا له؛ فما بالكم لو كان هذا الجدار هو الجدار الرئيسي في البناء الثقافي؛ إنه إماطة اللثام عن العصب الأكثر حساسية في حياتنا، والقابل لتبني فعل البناء والهدم في الآن نفسه، بعيدًا عن طروحات وأفعال ما بعد العولمة التي ما تزال تدفع بالثقافة بشتى الوسائل والسبل إلى خارج سلم الأولويات، وبالتالي ترسيخ صورة نمطية للمثقف على أنه كائن فائض عن الحاجة، لا يتوافق مع زمن التسطيح، والتسليع، والتسريع، والتشييء. وهذا ما فعله المكسيكي (هيكتور آغويلار كامين) في روايته (سرقة أدبية) التي صدرت عن دار الخان عام 2020 مترجمة إلى العربية من قبل (حسن بوتكى)، وجعل السارد فيها يعترف ليس بفعلته في السطو على روايات ليست له ومن ثم الاشتغال عليها لتأخذ شكلًا جديدًا يصعب كشفه، إنما يكشف أيضًا عن تفاصيل المطبخ الذي يُعِد الزعماء الثقافيين الوهميين، ونجوم الأدب، والمتصدرين للمنابر الإعلامية، والذين تبوأوا مناصب ليست لهم، وعاثوا من خلالها فسادًا يتبع لجهودهم السابقة في تصدير الوهم لأغراض ذاتية بحتة. تضيء هذه الرواية وبجرأة عالية منطقة لا يعرفها كثير من القراء عن عالم الكُتَّاب، وتكشف لهم عن نوع خطير من الفساد، الفساد الثقافي الذي أنتج زعماء ثقافيين اعتمدوا على الزيف والانتحال وطبخ الوهم في قدر الحقيقة. إنها رواية -برأيي- لا تقوم على براعة فنية، أو لغوية، أو أسلوبية لافتة بقدر كبير، إنما بنيت على قدرة عالية من التشريح الجريء لجسد الثقافة وبالتالي الكشف عن الخلايا الضارة فيه. إنها وباختصار حكاية شخص يشغل منصبًا مرموقًا في إحدى جامعات المكسيك. كتبَ بدافع الغيرة، وانطلاقًا من عجز إبداعي واضح؛ فقرر السطو على الروايات، وانتحلها عبر خطوات وتقنيات ذكية وينسبها لنفسه؛ إذ تعترف الشخصية: “كنت أنقل مقاطع لكتاب يبهرونني، فيتولد لدي من ذاك الضوء الذي تشعه نصوصهم، غرور باكتشاف عيوبها وغواية تغيير ما كنت أنقله. كنت أغير هنا وهناك بخجل في البداية، ثم بوقاحة فيما بعد، إلى أن أحصل على نص يكون هو الذي يبهرني. هكذا أصبحت كاتباً”. ذاع صيته كروائي، وكزعيم ثقافي، لكنه يُكشف -بعد كل ذلك الصيت، وبعد نيله جائزة (مارتين لويس غوزمان) عن رواية انتحلها عن رواية (غوزمان) (ظل الزعيم) نفسه -على يدي كاتب موهوب -يسمى في الرواية (فولتير)- بالتواطىء مع زوجة المنتحل التي تخونه مع (فولتير)؛ فيُجبر المنتحل على التخلي عن منصبه المرموق في الجامعة التي يعمل فيها، وعلى التنازل عن الجائزة التي نالها بطرق غير مشروعة. يكتشف خيانة زوجته، فتسوء حالته النفسية ويتمنى على مسمعها أن يُطعن الخائن، فيُقتل (فولتير) ويتَّهم المنتحل بقتله، لكنه يبرأ في نهاية الرواية. تبدو الحكاية التي تقوم عليها هذه الرواية بسيطة، لكن الأهم فيها هو التشخيص الدقيق للفساد الثقافي الذي ينطبق على كل الأوساط الثقافية في العالم. استخدم (كامين) في (سرقة أدبية) ضمير المتكلم في السرد، لتبدو مناسبة لطقس الاعتراف بالخطيئة الثقافية، واعتمد على لغة صريحة، مباشرة، وشيء من التشويق في البداية ليورط القارئ الذي ربما لم يعتد على هكذا شكل من أشكال الرواية. هناك لص غبي، وآخر ذكي يتمتع بعبقرية تؤهله إلى نيل العديد من المكاسب، وهذا ما ظهر على شخصية هذه الرواية التي اعتمدت طرائق غاية في البراعة لقراءة النصوص، وبالتالي اختيار الطريقة الناجحة في إعادة تدويرها لما يشعر به من عجز داخلي في القدرة على الإبداع. وهذا لم يكن هو العنصر الوحيد في عملية الصعود، إنما ارتكزت الشخصية على البراعة في نسج العلاقات التي تزداد مرابحها جراء حركتها في فلكها، والدهاء في الاغتيال المعنوي للكتّاب الذين تجدهم عقبة في طريق وصولها مبتغاها. والغوص في العلاقات النسائية سعيًا إلى طرق هن وحدهن يجدنا.
لقد ظهرت هذه الشخصية بوعي تكتيكي فوق العادة لم تستثمر الإعلام فقط بل حتى امتدت إلى السياسة، واتخاذ الخطوات المحسوبة في فضاء السياسيين. لقد استثمر (كامين) شخصية هي الانعكاس الأكثر وضوحًا لكثير من الشخصيات الوصولية والانتهازية في الأوساط الثقافية. شخصيات لديها براعة عالية في ارتداء الأقنعة، وإيهام الجميع بأن جبال العهن ثابتة لا ريح قادرة على زعزعتها. تمتد أذرعها كالأخطبوط في الإعلام، والدوائر السياسية، والجوائز الثقافية، والمروجين الأدبيين، والنقاد المأجورين، واستخدام أقذر الأساليب للوصول إلى مبتغاهم الذاتي،
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس عن الزعیم
إقرأ أيضاً:
حوارات الزعيم.. وكمائن أبواب الجحيم
"كان يعرف ما يرفضه، لكنه لم يكن يعرف ما يريده".. هكذا وصف الأستاذ هيكل رحمه الله، الرئيس الأسبق عبد الناصر (ت: 1970). هذه "الجملة المفتاح" لكثير من الألغاز، وردت في سياق حوار مسجل لمدة عشرين ساعة، مع الصحفي اللبناني المعروف فؤاد مطر (88 سنة)، كان ذلك في تشرين الأول/ أكتوبر 1974م، بعدها تم إخراج الحوار في كتاب بعنوان "بصراحة عن عبد الناصر.. حوار مع محمد حسنين هيكل)، صدر أولا في بيروت في كانون الثاني/ يناير 1975م، ثم في القاهرة في شباط/ فبراير من نفس السنة، أي بعد سنة كاملة من عزل الأستاذ هيكل من الأهرام (2 شباط/ فبراير 1974م)، وسنرى أثر ذلك واضحا في الحوار، بطبيعة الحال.
الأستاذ مطر وصف الأستاذ هيكل في مقدمة الكتاب بأنه "كبير الطهاة في مطبخ السياسة المصرية في عهد الرئيس ناصر، وكان هو الذي يعد المسرح السياسي لجمال عبد الناصر؛ البطل التراجيدي للظاهرة الناصرية".
* * *
الكتاب ليس هو موضوعنا هنا، على الرغم من أنه يعد وثيقة مهمة جدا، لفهم الكثير من أحداث أخطر فترة في التاريخ الحديث لمصر والعالم العربي (الخمسينيات والستينيات)، وإن شاء الله تكون هناك فرصة لعرض الكتاب والوقوف على أهم ما فيه، خاصة موضوع الصراع العربي الإسرائيلي، ليس فقط لأن أحد أطرافه (الدولة الصهيونية) اكتسب عنفوانه وطغيانه خلال هذه الفترة العصيبة، ولكن أيضا لأن موضوع الحوار كله كان "البطل التراجيدي" بوصف الأستاذ مطر، والذي كان مجيئه إلى الحكم في الخمسينيات، أحد أهم تفاعلات النظام الدولي وقتها (ما بعد الحرب العالمية الثانية)، بإنهاء حكم الأسرة العلوية (1805-1952م) وقيام نظام جمهوري برعاية الجيش.
* * *
موضوعان خطيران للغاية لم يتم التوصل فيهما لتفاهمات مع آخر رجال الأسرة العلوية في الحكم (الملك فاروق، ت: 1965م)..
الموضوع الأول: الاعتراف والصلح مع الدولة الصهيونية الوليدة (1948م) التي ستنعم برعاية كاملة من أمريكا التي تسلمت ملف الشرق الأوسط من بريطانيا.
الموضوع الثاني: فصل السودان عن مصر، وسيكون علينا العلم بأن هذا كان مطلبا بريطانيا قديما! وكان الإجماع الوطني في مصر في كل وقت على رفض هذا المطلب، شعبيا وسياسيا، يكاد يكون إجماعا تاريخيا نهائيا.
الموضوعان كان يمكن التفاهم حولهما مع أي أحد إلا حفيد إبراهيم باشا (ت: 1848م)، "نابليون الشرق" كما كانت أوروبا تطلق عليه.
الملك فاروق كان أيضا تلميذ عزيز المصري (ت: 1965م)، الأب الروحي للعسكرية المصرية، والمربي العسكري للملك، وهو بعدُ أمير صغير.
* * *
إذا كان التاريخ يحوي الكثير من الأفكار الحقائق، والكثير من الأبطال والفرسان، والكثير من الصعود والهبوط انتصارا وانكسارا، فهو أيضا يحوي الكثير من الولاءات والمشاعر ومكنونات النفوس.
فالشام، وفلسطين في القلب منه، والسودان، والنيل في القلب منه، كانا ميدانا كبيرا لبطولات الأجداد، بالدم والميراث، وأيضا وبما لا يقل أهمية، بالينابيع الأولى، والنشأة المبكرة، على يد المربي العسكري للأمير الطفل، و"الطفل أبو الرجل" كما يقولون.
ولأن الملك كان يحمل على ظهره قرنا ونصف قرن من التاريخ، فقد أدرك فورا، ما الذي يحدث أمامه حين جاءه السفير الأمريكي في القاهرة جيفرسون كافري (ت: 1974م)، ليطلب منه مغادرة مصر بهدوء.. وقد كان.
التاريخ لا يعيد نفسه، ولكنه يثأثئ ويفأفئ بالنظائر والمتشابهات، والنظرة الدولية لمصر سنة 1840م (معاهدة لندن) والتي كانت مليئة بالتوجس والتحفز والانقضاض، ها هي الآن تقترب من جديد وتضع بصمتها الأخيرة على أم الدنيا. وجاءت رياح الخمسينيات والستينيات، بكل ما لا يشتهيه "البلد الطيب".. مع الاعتذار لشاعر النيل حافظ إبراهيم، الذي قال يوما: ما أنت يا مصر بالبلد الطيب.
* * *
إذاعة حوارات "البطل التراجيدي" مع بعض الرؤساء، الآن وفي هذا التوقيت له علاقة قوية بكل ما ذكرناه في أول المقال، وله علاقة أقوى بما نراه الآن في غزة من المقاومة وشعب المقاومة.
* * *
العلاقة القوية والعلاقة الأقوى، وضعت لنا موقفين على قارعة التاريخ:
الموقف الأول: موقف النظام العربي الرسمي الذي دشنه "الزعيم" بامتياز، ليستمر بعده بإيقاعات متفرقة، على نفس اللحن الناصري القديم، والصمت الذي نراه الآن ليس فقط لأن "المقاومة الإسلامية" هي المبتدأ والخبر في كل ما يجرى، ولكن لأن هذا أصلا هو الخيار الاستراتيجي للنظام العربي الرسمي، من الخمسينيات.. نقطة ومن أول السطر.
ولن ننسى بالطبع أن استبعاد "الفكرة الإسلامية" من ميادين الحركة والعمل والإصلاح، كان ولا زال داخل "المكتبة الصلبة" لهذا النظام..
سنعرف أن الزعيم كان حريصا في كل وقت على تجنب الحرب تماما، وسيقول لنا إسحق رابين (ت: 1995م) في شباط/ فبراير 1968م: "عبد الناصر كان يتظاهر، وكان كلانا يعلم ذلك.. نحن وهو!!"، كما ورد في مقال السفير سيد قاسم في جريدة الشروق المصرية، في 30 تشرين/ نوفمبر 2015م.
* * *
الموقف الثاني: موقف "ملح الأرض"، الناس العاديين، أبطال الظل، والذي دشنته بطولات مدينة السويس سنة 1973م أيضا بامتياز، وقت حصار الجيش الثالث الميداني، وللمفارقة كان رمز البطولة الشعبية وقتها أحد رجال "الفكرة الإسلامية" الأشداء، الشيخ حافظ سلامة رحمه الله (ت: 2021م)..
هذا الموقف سنراه الآن مجلجلا مزلزلا في غزة، دماء وأنينا.. وصبرا ويقينا.. والأهم أنه أمام عيون العالمين صوت وصورة.
* * *
حسنا فعل من أذاع حوارات "الزعيم" الآن، وهي التي ستكون الصفحة الأخيرة في كتاب "الأوهام العتيقة" الذي طالما شنفوا أذاننا به، عن مفهومهم المريب لموضوع الصراع بين "الصهيونية" و"عالم الإسلام".. تعايشا وتطبيعا!! والذي جاء "الطوفان" ليكسحه تماما من العقول أولا، ومن الواقع ثانيا: تطهيرا، وتحريرا، وتمكينا.
x.com/helhamamy