قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إنه ليس كل أمر مُحدَث في العبادات أو المعاملات منهيًّا عنه؛ بل الأمور المحدثة تعتريها الأحكام التكليفية بحسب ما تدل عليه الأصول الشرعية. 

وتابع مفتي الجمهورية : فما كان في حيز ونطاق خلاف ما أمر الله به ورسولُه صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعًا تحت عموم ما ندب إليه وحضَّ عليه اللَّه أو رسوله فهو في حيز المدح لأَن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابًا، فقال: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا»، وقال في ضدِّه: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا»، وذلك إِذا كان في خلاف ما أَمر الله به ورسوله.

جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "للفتوى حكاية" مع الإعلامي شريف فؤاد على فضائية قناة الناس في معرض حديثه عن حكم الاحتفال بالمناسبات الدينية الموسمية كالاحتفال بذكرى الإسراء والمعراج وليلة النصف من شعبان وغيرها. 

وأضاف أنَّ الاحتفال بهذه المناسبات أمرٌ جائز شرعًا لا مانع منه ولا حرج فيه، ولا يوجد نصٌّ يمنع ذلك، ومن يستشهد على عدم جواز ذلك بترك النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الاحتفال بنحو هذه المناسبات فذلك ليس دليلًا على المنع؛ لأنه لم يَرِد نص ينهى عن ذلك، بل الترك هنا فيه دليل على الإباحة.

وأشار مفتي الجمهورية إلى أن الصحابة وسائر المسلمين على مر العصور قد فعلوا كثيرًا من الأمور التي لم يكن هناك فعل لها من سيدنا رسول الله، وكان ذلك منهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؛ وهي تدل على الجواز لأن لها أصلًا في الدين، وكلها كانت ضمن المقاصد العامة للشريعة وسيرًا على نهج ومسيرة النبي الأمين والصحابة والتابعين الكرام.

واستشهد المفتي بموقف الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي مصر الأسبق وأحد العلماء الرواد في الإفتاء في العصر الحديث فيما يخص مفهوم البدعة، وذلك كما جاء في رسالته «أحسن الكلام فيما يتعلق بالسُّنة والبدعة من الأحكام». 

وأوضح أنه ليس كلُّ مُحدَث في العبادات أو المعاملات منهيًّا عنه؛ بل الأمور المحدثة تعتريها الأحكامُ التكليفيةُ الخمسة بحسب ما تدل عليه الأصول الشرعية، أمَّا الزعمُ بأنها محرمةٌ اتِّكاءً على تسميتها بدعةً عند بعض العلماء فغيرُ سديدٍ، ولو كان كل ما أُحدث بعد زمن النبي بدعة مذمومة شرعًا لما كان هناك مسوغ شرعي ولا عقلي للاجتهاد، مستدلًّا فضيلته بفتوى للشيخ المطيعي -على سبيل المثال لا الحصر- أفصح فيها عن عدم تبديع مَن يردِّد صيغة معينة للدعاء والذكر بعد الأذان.

وشدد مفتي الجمهورية على أن مفهوم البدعة المذمومة منحصر فيما يبطل الدين وما كان على خلاف الشرع الشريف، حيث إن قراءة حديث: "... وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" منعزلًا عن غيره من الأحاديث الأخرى قراءة كلية، توصل إلى فكرة التبديع والجمود خوفًا من البدعة، وهذا ليس غرض النبي صلى الله عليه وسلم الذي أراد لنا أن ننطلق في الحياة ونبدع وننجز، والصحابة فهموا هذا الأمر وانطلقوا إلى الآفاق وعمروها.

وأكد مفتي الجمهورية أن العلماء المعتبرين تحدثوا كثيرًا عن أقسام البدعة، فتحريم الأمور المبتدعة ليس على إطلاقه، وذكروا أن هناك خمسة أقسام للبدعة، وهي: البدعة المحرمة، والبدعة الواجبة، والبدعة المستحبة، والبدعة المباحة، والبدعة المكروهة، وعندما نقرأ النصوص الشرعية مجموعةً نخرج بأن البدعة المحرمة هي تلك البدعة التي تبطل أحكام الإسلام. 

أما ما تتوافق معها فتدخل في دائرة السُّنة الحسنة، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة".

وأوضح أن الغرض من الاحتفال بهذه المناسبات هو الفرح واستخلاص الدروس المستفادة التي تؤسِّس لكيفية مجاهدة النفس، والنظر للمآلات، مع الخبرة والحكمة في إدارة الأزمات، وبكل ذلك يكون التقدم والرقيُّ والدعوة إلى الله تعالى والوقوف على مقاصد الشرع من الخلق.

واختتم حديثه بالتأكيد على ضرورة الاستفادة من المناسبات الدينية الموسمية في تعميق التكاتف الأسري والتراحم والتواد والبر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النبی صلى الله علیه وسلم مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من جمعية العلماء الهندية لبحث تعزيز التعاون المشترك

استقبل الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، اليوم الخميس، وفدًا رسميًّا من جمعية العلماء الهندية برئاسة الشيخ عبد السلام محمد الباقوري عضو جمعية العلماء بعموم كيرلا، رئيس المجلس الأكاديمي بمجلس التعليم الوطني؛ لبحث أوجه تعزيز التعاون المشترك في مجالات الإفتاء والتدريب والدعم العلمي.

عمق الصلة

وأوضح مفتي الجمهورية خلال اللقاء ما يربط بين البلدين من وشائج عميقة ضاربةٍ في جذور التاريخ، مؤكدًا عمق الصلة التي تترسّم خطًّا طويلًا من التبادل العلمي والتلاقي الحضاري، مضيفًا أن  الهند تُعْرَف بإرثها العلمي الزاخر، وبعلمائها الذين أسهموا إسهامًا وافرًا في إثراء التراث الإسلامي عبر عصور مختلفة.

حزمة من البرامج

وأشار المفتي إلى جهود مركز التدريب بدار الإفتاء المصرية الذي يضطلع بدور رائد في إعداد الباحثين والمفتين وتأهيلهم؛ إذ يقدم برامج متخصصة في مهارات الإفتاء وفنون صناعة الفتوى والتأهيل الشرعي، فضلًا عن حزمة من البرامج الموجَّهة لطلاب العلم من داخل مصر وخارجها، إضافةً إلى إدارة التعليم عن بُعد، والتي يمكن للراغبين من مختلف بلدان العالم  الالتحاق ببرامجها العلمية المتخصصة عبر منظومة إلكترونية متقدمة، مبديًا استعداد دار الإفتاء التام للتعاون مع المؤسسات الدينية والأكاديمية في الهند في مجالات التدريب وتأهيل الكوادر، من خلال البرامج المشتركة التي تخدم الرسالة الدينية الوسطية وتُسهم في ترسيخها.

دعاء تيسير الأمور الصعبة والمعقدة.. ردده يفتح الله لك الأبواب المغلقةدعاء يجبر القلب .. يشرح صدرك ويبدل الله همك إلى فرح

دور الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء

واستعرض مفتي الجمهورية، خلال اللقاء، الدور الكبير الذي تقوم به الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، التي تضم في عضويتها 111 مؤسسة إفتائية من 108 دول، مبينًا أنها تمثل منصة دولية فاعلة لتوحيد الجهود الإفتائية ومواجهة التحديات الفكرية.

تدريب المفتين

من جانبهم، أعرب أعضاء وفد جمعية العلماء الهندية عن تقديرهم البالغ لمفتي الجمهورية وللدور العلمي لدار الإفتاء المصرية، مؤكدين تطلعهم للاستفادة من خبراتها في تدريب المفتين وصناعة الفتوى.

وفي ختام اللقاء قدم أعضاء الوفد دعوة رسمية للمفتي لزيارة الهند والمشاركة في المؤتمر الاحتفالي بمناسبة مرور 100 عام على إنشاء جمعية العلماء في كيرلا، آملين أن تسهم زيارة فضيلته في توطيد جسور التعاون العلمي والفكري بين البلدين.

طباعة شارك مفتي الجمهورية جمعية العلماء الهندية مصر الهند الإفتاء

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل وفدًا من جمعية العلماء الهندية لبحث تعزيز التعاون المشترك
  • تجارة الصباح مع الله التي لا تبور .. أوصى بها النبي
  • الإفتاء: رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نورٌ بإجماع المسلمين
  • جامعة الريادة تستضيف مفتي الجمهورية في ندوة توعوية للطلاب
  • مفتي الجمهورية: الدين يمثل الركيزة الصلبة والأساس المتين الذي يقوم عليه تكوين الإنسان
  • شاهد بالفيديو.. الأخوين أصحاب “الترند” يعودان لخطف الأضواء من جديد ويطربان والدتهما بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم
  • هل يمكن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم يقظة؟
  • ما معنى الصلاة على النبي؟.. الإفتاء توضح المقصود الشرعي
  • مفتي الجمهورية يشارك دولة الإمارات احتفالها بالعيد الوطني الـ54
  • من يشرب من حوض النبي يوم القيامة؟.. انتبه لـ6 حقائق لتفوز بشربة منه