خطاب (الوفاء ما تغير) عهد الأحرار باقٍ على مواجهة أنظمة الاستكبار
تاريخ النشر: 3rd, February 2024 GMT
صلاح محمد الشامي
• كإطلالة نسيم الجنة، أطل القائد المحبوب، بتوجيهاته التي تعبر عن إرادة شعب يمن الإيمان والحكمة، ليرسي دعائم البناء، ويكمل تشييدَ أركان الثبات، ويُشِيدَ بمواقف وتحركات شعب المواقف الأسطورية في زمن الضياع والشتات، ويوضح للعالم مدى عنصرية ودموية ووحشية العدو الإسرائيلي وداعميه الأمريكان والبريطانيين، عُبّادِ الصهيونية، الذين لا يعملون لشعوبهم قدر ما يعملون لدولة الكيان.
في هذا التقرير أتناول أهم محطات خطاب (الوفاء ما تغير)، وإن كنت لا أستطيع الإلمام بجميع ما أتى به سيدي ومولاي، فليعذرني هو عن تقصيري رغم الاجتهاد، وليعذرني كل من هو أكبر مني وعياً وإلماماً واستيعاباً، وليعذرني القارئ الكريم.
• بات سطوع (بدر الدين) وحبيب رب العالمين، سيدي ومولاي السيد القائد (عبدالملك بن بدرالدين الحوثي)، «حفظه الله وأيده ونصره» أسبوعياً، ففي الرابعة من عصر الخميس، الـ21 من رجب 1445 للهجرة، الموافق للواحد من فبراير 2024 للميلاد، أطل نور آل البيت بخطابه الذي يمثل -ككل خطاباته- معيناً روحياً، ومصدرَ طاقةٍ لا تنضب، للشعب اليمني، ولمحبيه في أماكن أخرى من هذا العالم..
وحشية وهمجية العدو الإسرائيلي.. ومعاناة أبناء غزة وفلسطين:
• في خطاب أمس الأول، بيّنَ السيد القائد مدى الوحشية التي وصل إليها العدوان الإسرائيلي على أبناء غزة، واستهدافه المستشفيات كدليل على مدى ابتذاله الأخلاقي، وافتقاره لأدنى معاني الإنسانية، وأوضح مدى معاناة أبناء غزة، الذين وصل بهم الحال جرّاء العدوان والحصار إلى أن يطحنوا أعلاف الحيوانات ليستخدموها كغذاء، وأوضح مدى تعاون أنظمة الغرب، وعلى رأسها النظامان الأمريكي والبريطاني، التي وصل بها الحال إلى أن توقف منظمة الأونوروا عن العمل، رغم أن ما تقدمه ليس إلا القليل من المعونات الغذائية، ومن العجيب أن يأتي هذا القرار بعد صدور قرارات المحكمة الدولية بتخفيف معاناة أبناء غزة.
كيان العار:
ونتيجة لتلك الهمجية التي كشفت الوجه الحقيقي للعدو الإسرائيلي، قال السيد القائد إن من العار أن يكون الكيان الإسرائيلي عضواً في الأمم المتحدة.
تعاطف شعوب العالم مع غزة وأبنائها:
• وأثنى السيد القائد على تعاطف الشعوب مع مظلومية أبناء غزة، موضحاً أن هذه المظلومية وتلك المعاناة من شأنها أن تحرك أي فرد في العالم يمتلك مشاعر إنسانية، داعياً أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى المزيد من التحرك بعمل التظاهرات والاحتجاجات، كل بقدر استطاعته، مهيباً بالجميع أن يتحركوا بجد.
أنظمة مِسخة.. لا تتحرك إلا بأمر الأمريكي وفي سبيله:
• وانتقد السيد القائد الأنظمة العربية المنبطحة الخانعة الذليلة، مقدماً مثالاً على من تحرك، ويتحرك، منها مع أمريكا، ولم يتحرك مع إخوانه في غزة وفلسطين، وذلك عندما دفعتهم أمريكا للقتال في أفغانستان، وكيف لم يتحركوا مع أبناء غزة وهم يشاهدون كل ما يقع عليهم من آلة الحرب الصهيونية.
وحشية يقابلها صمود.. لم يشهد التاريخ مثالاً لهما:
• وتحدث السيد القائد عن أن معركة بهذا المستوى من الوحشية لم يسبق لها مثالاً في التاريخ، في المقابل أثنى على المقاومة الفلسطينية، التي سطرت بتصديها لهذا الإجرام الصهيوني، أروع معاني البطولة والثبات، وهو ما لم يسبق له مثال أيضاً في تاريخ الصراع الفلسطيني مع دولة الكيان، مشيداً بعمليات كتائب القسام أجمعها، وخاصة العمليات الأخيرة التي استهدفت تل أبيب، والتي كشفت فشل العدو الإسرائيلي..
واجب الأنظمة العربية والإسلامية:
• وأوضح أنه لو كانت الأنظمة العربية قامت بدعم المقاومة الفلسطينية لكان الوضع في طريقه إلى التحرير الكامل لفلسطين، وأن هذا الصمود والاستبسال للمقاومة الفلسطينية، كان من المفترض أن يكون محل الإشادة والدعم من الجميع.
بين لبنان واليمن:
• وبالنسبة للمقاومة اللبنانية، والدور اليمني، قال السيد القائد إن المقاومة الإسلامية في لبنان تقوم بعمل الكثير لإيلام العدو الإسرائيلي، وهي بنظر الكثير من المراقبين، أكثر جبهة ظل يخشاها العدو الإسرائيلي منذ الثمانينيات.
• أما عن الدور اليمني، فقد أوضح السيد القائد أنه خلال الأسبوع الأخير قامت قواتنا المسلحة باستهداف عشر سفن، وأورد أن الحركة الملاحية في ميناء أم الرشراش أصبحت ضعيفة للغاية، مؤكداً أن القوات المسلحة باتت متفوقة في تنفيذ مهامها من كافة النواحي، التي من ضمنها المعلومات المتعلقة بحركة السفن، وأن الأمريكي خاب في مساعيه التضليلية الخاصة بحركة بعض السفن، والتي من المؤكد -حسب رأيي- أنه كان يسعى لإيقاعنا في فخ الغلط، لتحشيد من خذلوه في تحالفه مرة أخرى.
من يؤمن البحر ومن يهدده:
• وأوضح السيد القائد أن قواتنا المسلحة هي التي تقدم التأمين الحقيقي لحركة الملاحة في البحر الأحمر، وأن الأمريكي والبريطاني هما من يهددان أمنها، وأن الأمريكي فشل في سعيه لحماية السفن المرتبطة بالعدو الإسرائيلي، وأنه هو نفسه يعترف بفشله ذلك، وأن الأمريكان والبريطانيين لا يستطيعون أن يحموا حتى سفنهم وقطعهم البحرية الحربية.
على العدو الإسرائيلي أن ييأس:
• وقال إن على العدو الإسرائيلي أن ييأس تماماً من استمرار حركته الملاحية في البحر الأحمر، وأننا مستمرون باستهداف سفنهم، ولن نتوقف حتى ينتهي الحصار والعدوان على غزة وفلسطين. مبيناً أن الأمريكي تورط بقراره في حماية السفن الإسرائيلية، فهو الآن لا يستطيع حماية سفنه وقطعه الحربية هو والبريطاني.
العقاب الإلهي قادم:
• وأشار إلى أن أمريكا لن تفلت من العقاب الإلهي في الدنيا والآخرة، وأنه لن يكون عُبّاد اللوبي الصهيوني في منأىً عن هذا العقاب، ناصحاً الرئيس الأمريكي بحل مشكلات بلاده، بدلاً عن صنع المشاكل في بلدان العالم، مشيراً إلى المشكلة التي اندلعت في ولاية تكساس، والتي كانت على وشك الانفجار والمواجهة العسكرية.
تطور قدراتنا.. وفشل الأمريكي والبريطاني:
• وأضاف: إننا نؤكد استمرارنا في موقفنا، وأن الأمريكي يدرك تماماً تطور قدرتنا الصاروخية، وأن ضربات الأمريكي والبريطاني ضد اليمن فاشلة وليس لها أي تأثير على قواتنا المسلحة أو صواريخنا أو مسيَّراتنا.
يستعين بعدوِّه:
• واستدل على فشل الأمريكي، بدعوته للصين لتكون طرفاً في توجهه، مشيراً إلى أن الصين تعرف عداء أمريكا لها، وتَدَخُّلها بشؤونها، وخاصة فيما يتعلق بتايوان.
الأنشطة الميدانية:
• وفيما يتعلق بالأنشطة الميدانية اليمنية، تكلم السيد القائد عن أهمية التعبئة العسكرية في المجال الشعبي، بالتدريب والتأهيل، وقال إن عدد من تأهلوا وصل لحد الآن إلى 165.429 متدرباً، رغم أن هذا النشاط لم يصل إلى كل المديريات، وقال إن هذا يضاف إلى عدد 600 ألف من الأنشطة التي تمت سابقاً، وأن هذه الإضافة هي فوق ما قد تم تأهيله سابقاً، وأن هناك استمراراً لهذا النشاط، مؤكداً أهميته، وحاثاً على أهمية الالتحاق بهذا النشاط، وأن هذا بكله إضافة إلى الشعب اليمني، الذي هو جيش بكله، وأن الأهم من ذلك كله إيمان هذا الشعب وتمسكه بهويته الإيمانية ورصيده الأخلاقي، وأن كل تهويلات الأمريكي لا تؤثر على هذا الشعب، الذي هو مستمر في موقفه.
نتائج عكسية:
• وقال إن من نتائج سعي الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي لكسر إرادة الشعوب، هي حركة هذه الشعوب وتحركها الصحيح الذي هو عكس ما كان يريده العدو وشركاؤه.
الخروج الجماهيري اليمني:
• وعن الخروج الجماهيري، قال إن الخروج الجماهيري في صنعاء والمحافظات هو كبير جداً، وغير مسبوق على مستوى العالم، وبالنسبة للفعاليات والوقفات فقد بلغ عدد المسيرات في صنعاء والمحافظات 1351، فضلا عن الوقفات التي بلغت عددا كبيرا جدا.
وأن هذا يدل على نخوة الشعب اليمني، وما يمتلكه من إيمان وعزة وإدراك لمسؤوليته الدينية والأخلاقية والإنسانية، موضحاً أن تحركنا شامل ومؤيد لعمليات وتحركات الجيش اليمني، وأن تحركنا هذا يعمل له العدو ألف حساب، فعندما يقوم جيشنا بقصف أي هدف بحري للعدو، يدرك العدو أن وراء هذه العمليات شعب عظيم، وأن هذا الجيش إنما يعبر عن موقف هذا الشعب وعن قراره وعن إرادته.
• وأوضح أن التحرك الحاشد في المَسيرات والتظاهرات مهم ومؤثر، يعبر عن الموقف الواضح للبراءة من أعداء الله وأعداء الإنسانية، ليدرك العدو أنه لم تعد الشعوب تلك الشعوب الخاضعة الخانعة الجامدة، التي ليس لها موقف وليس لها صوت..
• وأوضح أن موقفنا مع فلسطين يقدره الكثير من شعوب العالم، ويؤيدونه ويشيدون به.
أهمية الخروج الأسبوعي:
• وأكد على أهمية الخروج الأسبوعي لشعبنا اليمني لمساندة الشعب الفلسطيني، وأيضاً لمساندة عملياتنا العسكرية في استهداف سفن العدو الإسرائيلي، ومن يسانده.. وتأييداً لبقية الإجراءات التي يتخذها اليمن في المواجهة، محذراً كافة أفراد الشعب اليمني من التأثر ممن يقللون من أهمية هذا الموقف، وحذر أيضاً من الملل، الذي قال إنه يعبر عن ضعف الإيمان وضعف الشعور بالمسؤولية، وأن دواء الملل هو مشاهدة تلك المآسي التي يتعرض لها أبناء غزة وفلسطين.
تجديد الدعوة للخروج والتحذير من الملل:
• وتوجه في ختام كلمته بدعوته إلى الشعب اليمني للخروج يوم الجمعة، ثم أورد بيتين من أشعار الزوامل المشتهرة:
(الوفاء ما تغيّر
عهد الأحرار باقي
يا رعا الله نفساً
تعيش في العمر حرة)
مثيراً النفوس والأرواح إلى أعلى مستويات التفاعل، وهو يدرك ويمتلك أدوات ملامسة مشاعر اليمنيين، وبطريقة عذبة ولطيفة ومؤثرة.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
التصنيف الأمريكي لجماعة الإخوان.. مواجهة جديدة بأدوات رقمية
لم يكن الأمر التنفيذي الذي وقّعه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 24 نوفمبر 2025 مجرد خطوة إجرائية عابرة، بل إشارة سياسية واضحة إلى تحوّل في طريقة تعامل واشنطن مع جماعة الإخوان. فالقرار، الذي أطلق عملية دراسة تصنيف بعض فروع الجماعة في مصر ولبنان والأردن كمنظمات إرهابية أجنبية، فتح بابًا واسعًا من الأسئلة حول دوافع هذا الانتقاء وحدود آثاره، وما إذا كانت المواجهة المقبلة ستقتصر على الأدوات القانونية أم ستتمدّد إلى مساحات أكثر تعقيدًا في عصر الرقمنة.
وعلى المستوى الإجرائي، يوجّه الأمر التنفيذي وزيري الخارجية والخزانة الأمريكيين إلى إعداد تقرير حول جدوى التصنيف، تمهيدًا لاتخاذ القرار النهائي خلال 45 يومًا. واللافت أن هذا التحرك الفيدرالي جاء بعد خطوات مماثلة على مستوى الولايات، إذ سبقت تكساس بإعلان تصنيف الإخوان تنظيمًا إرهابيًا في 18 نوفمبر، وتبعتها فلوريدا في 8 ديسمبر. ورغم الطابع المحلي لهذه القرارات، فإنها تثير جدلًا دستوريًا حول تمدد صلاحيات الولايات إلى ملفات ظلت حكرًا على الحكومة الفيدرالية، بما قد يمهّد الطريق أمام ولايات أخرى للسير في الاتجاه نفسه.
وعلى المستوى التشريعي، تشير الموافقة الأولية على مشروع قانون "Muslim Brotherhood Terrorist Designation Act of 2025" في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إلى توجه جديد في مواجهة الجماعة المتوغلة في قلب المجتمع الأمريكي والغربي تحت غطاء منظمات إسلامية وجمعيات ومؤسسات خيرية.
بعد إعلان الأمر التنفيذي الذي حصر التصنيف في ثلاثة فروع هي مصر والأردن ولبنان، أطلت العديد من التساؤلات برأسها حول موقف الولايات المتحدة من فروع إخوانية أخرى لم يشملها القرار، ومنها ما يمثل رافدًا من أهم روافد تمويل الفروع الثلاثة التي شملها الأمر التنفيذي، ومنها أيضًا، كتائب مسلحة إخوانية لا تخوض حربًا في مواجهة إسرائيل، ثم تمتد التساؤلات إلى موقف السلطات الأمريكية من عناصر إخوانية حصلت على اللجوء السياسي وإقامات دائمة ومؤقتة في الولايات المتحدة.
خبراء يقولون: إن الحكومة الأمريكية تميل لاستراتيجية تصنيف الفروع الإخوانية حسب الأدلة القانونية بدلًا من تصنيف حركة بأكملها، ولكن وجهة النظر المعارضة لهذا الرأي تقول: إن الفروع الأخرى لا تقل خطورة عن فروع مصر والأردن ولبنان.
بعيدًا عن الزوايا التحليلية التقليدية التي تناولت الآثار الجيوسياسية والتبعات القانونية للقرار الأمريكي الانتقائي، تبرز زاوية جديدة تربط هذه التصنيفات بتطورات عصر الذكاء الاصطناعي والتحول نحو "الحرب الهجينة". يُنظر إلى التصنيف ليس فقط كإجراء قانوني، بل كأداة لتعزيز المراقبة الرقمية على الشبكات العنكبوتية لفروع التنظيم الثلاثة موضوع الأمر التنفيذي، حيث يتيح التصنيف الرسمي تطوير خوارزميات متخصصة قادرة على تتبع أنماط التنظيم وحلفائه ووكلائه وروافد التمويل عبر الفضاء الرقمي.
هذا التوجه يثير تساؤلات عميقة أخرى حول تداعيات المراقبة الرقمية وإمكانية رصد الخوارزميات للمحتوى الإرهابي العام، خاصة مع تجارب سابقة أظهرت فعاليات الأدوات الرقمية. كما أن دمج هذه التصنيفات ضمن استراتيجية "حرب هجينة" تجمع بين العقوبات القانونية والضغوط المالية والحملات الإعلامية، يخلق تحديًا وجوديًا للجماعات المستهدفة، التي تجد نفسها في مواجهة متعددة الأبعاد يصعب التغلب عليها بالوسائل التقليدية.
بناءً على تجارب منظمات مماثلة واجهت تصنيفات وعقوبات دولية، طرحت عناصر إخوانية استراتيجيات مقترحة أمام أصحاب القرار في التنظيم الإرهابي، تبدأ بالتكيف الهيكلي، باختلاق عمليات "انفصال" ظاهري للفروع المحلية عن التنظيم الأم مع الحفاظ على تنسيق غير رسمي، وإنشاء كيانات مستقلة قانونيًا (جمعيات خيرية، مؤسسات تجارية، منصات إعلامية) يصعب ربطها مباشرة بالتنظيم الأم. ومن الحلول المطروحة التحول الرقمي نحو التنظيم المشفر، باستخدام تطبيقات مراسلة متطورة وشبكات ظلامية وأدوات ذكاء اصطناعي للتواصل والتخطيط، مما يقلل الاعتماد على الاجتماعات المادية والأصول الثابتة المعرضة للمصادرة.
ويتجه التنظيم نحو إعادة هندسة التمويل بتبني أنظمة دفع غير تقليدية، مع التركيز على الحوالات الخفية والعملات المشفرة والمقايضة المباشرة، مما تظن الجماعة أنه يعقد عملية التتبع المالي التقليدي. كما تستعد الجماعة بموارد كبيرة لرفع دعاوى قضائية وشن حملات إعلامية عالمية لإبراز ما تزعم أنه "ازدواجية" أمريكية وتسويق نفسها كضحية لملاحقات سياسية، في محاولة يائسة لكسب تعاطف شعبي دولي وإضعاف الشرعية الأخلاقية للتصنيف المرتقب.
رغم التحديات التي تفرضها التقنيات المالية الجديدة في عصر الرقمنة، تبقى أدوات التتبع المتاحة للسلطات الأمريكية متطورة ومتعددة الطبقات. فالشفافية النسبية لتقنية البلوكشين، رغم ما توفره من درجات الخصوصية، تتيح للمحللين المتخصصين استخدام أدوات متقدمة لتتبع التدفقات المالية عبر تحليل أنماط الحركة بين المحافظ الرقمية، والربط بين النشاط الرقمي والعناصر الواقعية عبر مصادر المعلومات المفتوحة.
لا يفرض الأمر التنفيذي حظرًا تلقائيًا على منصات الإخوان الإعلامية، ولكنه يضعها تحت سياسات منصات التواصل الاجتماعي، التي تعتبر أن المنظمات المصنفة إرهابياً بقرارات أمريكية تُعد ضمن "المنظمات الخطرة" المحظورة، وستُضطر الجماعة إلى اللجوء لاستراتيجيات بديلة مثل إنشاء صفحات بأسماء وشعارات غير مباشرة، والاعتماد على حسابات المؤيدين، والانتقال لمنصات أقل رقابة.
في ميزان السياسة أكثر من ميزان القانون، يبدو قرار الشروع في تصنيف فروع من جماعة الإخوان خطوة ذات دلالة رمزية قبل أن تكون إجراءً تنفيذيًا حاسمًا. فمن الناحية القانونية، لا يزال المسار محكومًا بقيود إجرائية معقدة تجعل آثاره المباشرة محدودة، ولا سيما أن التصنيف - إن تم - سيطال كيانات بعينها لا الحركة بأكملها، وقد يبقى محصورًا في نطاق تجميد الأصول وتجريم الدعم المالي. لكن سياسيًا، يتجاوز القرار هذه الحدود الضيقة ليعمل كرسالة سياسية صريحة تعيد رسم خطوط التعامل الأمريكي مع جماعة الإخوان، وتمنح العديد من الدول غطاءً أوسع لمواجهة التنظيم الإخواني الإرهابي، فيما تضع العواصم الأوروبية أمام اختبار صعب.
بهذا المعنى، لا تكمن خطورة القرار أو أهميته في نصوصه القانونية بقدر ما تكمن في إشاراته السياسية، التي قد تُحدث أثرها الفعلي حتى قبل أن يكتمل مساره القانوني.
ورغم أن القرار لا يزال في مرحلته الإجرائية الأولى، بدأت آثاره تظهر تدريجيًا. فهو يشكل ضغطًا قانونيًا وسياسيًا غير مسبوق على الفروع المستهدفة من جماعة الإخوان، مستهدفًا شبكتها المالية وشرعيتها الدولية. وبينما تبحث الجماعة عن سبل للبقاء والتكيف، يمنح التصنيف الدول العربية والحلفاء الأوروبيين أدوات أقوى لمواجهة التنظيم داخليًا وخارجيًا. وفي النهاية، ستتوقف مآلات هذه المواجهة على مدى جدية تطبيق الإجراءات الأمريكية، وقدرة الجماعة على التكيف في ظل عاصفة من العزلة الدولية المتصاعدة.